الموضوع: رَجُل من قَشّ
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-11-20, 18:28 رقم المشاركة : 1
فاطمة الزهراء
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية فاطمة الزهراء

 

إحصائية العضو








فاطمة الزهراء غير متواجد حالياً


مسابقة الصحابة والصحابيات 1

وسام المشاركة

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

وسام المرتبة الاولى لصناعة النجاح عن ورشة التفوق ه

وسام المراقبة المتميزة

وسام المركز السادس في دورة التقنيات الأسرية

c3 رَجُل من قَشّ


رَجُل من قَشّ


في قريتنا كَرْمٌ فسيح ، يملكه " سحلول " البخيل ..‏

حلَّ فصلُ الصيف، وأينعتْ عناقيدُ العنب ..‏

فرحتِ العصافيرُ كثيراً، وطارتْ مسرعةً إلى الكرم ،

وعندما صارتْ قربه.... قال عصفورٌ مُحذِّراً‏

- ها هوذا رجلٌ يقفُ وسطَ الكرم!‏

قال آخر :‏

- في يده بندقية!‏

قال ثالث :‏

- يجب ُ ألاّ نعرّضَ أنفسنا للخطر ..‏

خافتِ العصافيرُ، وولَّتْ هاربةً..‏

في اليوم الثاني ..‏

استفاقتِ العصافيرُ باكراً، وهرعَتْ إلى الكرم،‏

آملةً أنْ تصله، قبلَ الرجل المخيف ..‏

وهناك.. فوجئَتْ برؤيةِ الرجلِ واقفاً، لم يبرحْ مكانه!‏

رمقَتْ بندقيته خائفةً وانصرفتْ حزينةً ..غابَتْ أيّاماً.. ملَّتِ الصبرَ والانتظار،

ازداد شوقها إلى الكرم، قصدَتهُ من جديد..‏

وكم كانتْ دهشتها عظيمةً ، وحينما شاهدَتِ الرجلَ منتصباً،

في مكانه نفسِهْ، كأنَّهُ تمثال!‏

لم تجرؤ العصافيرُ على دخولِ الكرمِ..‏

لبثتْ ترقبُ الرجلَ عن بُعد..‏

مرَّ وقتٌ طويل..‏

لم ينتقل الرجلُ من مكانه ..‏

قال عصفورٌ ذكيّ :‏

- هذا ليس رجلاً !‏

قال آخر :‏

- أجل ... إنَّهُ لا يتحرَّك!‏

قالتْ عصفورة:‏

- عدَّةُ أيامْ مضتْ، وهو جامدٌ مكانه !‏

قال عصفورٌ جريء:‏

- سأمضي نحوه ،لاكشفَ أمره‏

وقالتْ له أمُّهُ :‏

- أتُلقي بنفسك إلى التهلكة ؟!‏

قال العصفور الجريء:‏

- في سبيل قومي العصافير، تهونُ كلُّ تضحية ...‏

ثم اندفعَ بشجاعةٍ تجاه الرجل ..‏

نزلَ قريباً منه ..تقدَّم نحوه حذِراً.. لم يتحرَّكِ‏

الرجل ... تفرَّسَ في بندقيته.. ضحكَ من أعماقه ..‏

إنَّها عودٌ يابس!‏

حدَّقَ إلى وجههِ، لم يرَ له عينين ... اطمأنَّ قلبه ..‏

خاطبه ساخراً :‏

- مرحباً يا صاحب البندقية!‏

لم يردَّ الرجل..‏

كلَّمهُ ثانيةً ..‏

لم يردَّ أيضاً ..‏

قال العصفورُ هازئاً :‏

- الرجلُ الحقيقيّ، له فمٌ يُفتّحُ، وصوتٌ يُسمع!‏

طارَ العصفور.. حطَّ على قبعةِ الرجلِ.. لم يتحرَّك.. نقرَهُ بقوّةٍ ...

لم يتحرَّك.. شدَّ قبعته، فارتمت أرضاً ...‏

شاهدتْ ذلك العصافيرُ، فضحكتْ مسرورةً، وطارتْ صَوْبَ رفيقها،

ثم هبطتْ جميعها فوق الرجل ...‏

شرعتْ تتجاذبه بالمخالبِ والمناقير.. انطرحَ أرضاً..

اعتلَتً صدره، تنقره وتهبشه ...‏

انحسرَ رداؤهُ ,... تكشَّفَ عن قشِّ يابس !!‏

قالت العصافيرُ ساخرة :‏

- إنَّهُ محشوُّ بالقَشّ ...‏

قالتْ عصفورة :‏

- كم خفنا من شخصٍ لا يُخيف!‏

قال آخر :‏

- لولا إقدامُ رفيقنا، لظللنا نعيشُ في خوف .‏

قال عصفورٌ صغير :‏

- ياللعجب.. كان مظهره يدلُّ على أنَّهُ رجل!‏

قال له أبوه :‏

- لن تخدعنا بعدَ اليومِ المظاهر ..‏

غرَّدت العصافيرُ، مبتهجةً بهذا الانتصار، ثم دخلَتْ بينَ الدوالي ،

فاحتضنتها الأغصان بحبٍّ وحنان ..‏





التوقيع

الوفاء أن تراعي وداد لحظة ولا تنس جميل من أفادك لفظة"

    رد مع اقتباس