عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-11-10, 19:57 رقم المشاركة : 1
المصطفى كووار
أستـــــاذ(ة) جديد
 
الصورة الرمزية المصطفى كووار

 

إحصائية العضو







المصطفى كووار غير متواجد حالياً


افتراضي قصة قصيرة/شاطر في السوق


شاطر في السوق
** قبل العيد كثر اللغط . وامتلأت الأسواق ن بالبشر ، الذين تقف على رؤوسهم الأكباش ..كانت الأخيرة مزهوة ،قدافية الرقبة ، ترى في أعينها خليطا من التحدي ، والسخرية وربما التشفي.
نزلت إلى السوق ،_ بعد أن ارتديت جلبابا ووضعت على رأسي طاقية مراكشية دلالة على أني من أهل السوق _. وفي ذهني تعليمات بتوخي مواصفات معينة في الكبش الموعود .
تعليمات زوجتي : هاه عنداك يضحكو عليك بحال العام اللي فات . هاذ العام جيب لينا حولي كامل. مكمول فالشريعة مقبول باش غدا يوم القيامة متركبش على حولي اعرج.
تعليمات ابنتي: بابا عنداك يبيعو ليك حولي شارف بحال ول عام لول. دي معاك عزيز راه كيعرف يشري لحوالا.
تعليمات الحفيد: با سيدي بغايت معزة اصغيورة ، أو بيمو والشكلاط.
كانت الأكباش كثيرة ، وكان الناس أكثر، اختلط الثغاء بالصراخ ، بالشتائم ... بالغبار المتصاعد برائحة الأكباش المميزة.
ههه سرت بين الأكباش رافعا هامتي ، متقمصا شخصية معلم ، وفاهم ، وخبير ، وكبش من الطراز الأول _ عفوا كبشي _ فرحت أرفع هذا ، وأذيل ذاك ، وأفحص عيني آخر ، وأسنانه . وأنا أبدي رأيي في كل خروف ههه هذا ثني هذا ارباعي هذا وذنو قصيرة لاخور هذا وذنو مشقوقة.. ، مبينا للباعة مواصفات خاصة بناء على التعليمات التي تلقيتها ، ومناسبة لما في جيبي من وسخ الدنيا القليل.
قضيت ساعات طوال في البحث والفحص والتنقيب، ولم أجد كبشا بالمواصفات التي أريدها وبثمن لايزيد على ماعندي من نقود وقد تخلل كل ذلك شجارات ، وخصام كاد أن يصل إلى الأخذ بالتلابيب مع بعض الشناقة والسماسرة واللصوص المنتشرين كالذباب .
أثناء تجوالي لم أنتبه _ رغم "قفوزيتي " لشخص يتعقبني منذ دخولي إلى السوق . اطمئنوا لم يكن لصا هدفه سرقة مالي ، لكن كان له هدف آخر ، بعد أن فهم بأن ما أظهره من ذكاء ، وخبرة ، ومهارة في فحص الخرفان ماهو إلا تظاهر وخداع في محاولة لتجنب مقلب مؤلم أنا في غنى عنه. وإخفاء لبلادة متأصلة وجهل مطبق بالأكباش وأسواقها.
أحسست بالإعياء فيممت شطر مقهى موسمي شعبي ، و طلبت برادا منعنعا ... جاء الرجل وسألني : الحاج ،الكرسي فارغ أومأت له برأسي دون أن أنطق ، وأنا أتلذذ بجرعة الشاي اللذيذة. جلس شاكرا مبسملا ، وما عتم أن راح يشكو من السوق وأهله ، والغلاء ، والجشع ، وخبث الشناقة ، ولؤم اللصوص .. وما لبثنا أن اشتركنا في البراد ، وفي شجون الحديث الذي لم يتجاوز محوره الكبش.
أفضيت له بمكنون نفسي ، وبما أبحث عنه ، والكبش الذي أريد.. أدخل يده تحت عمامته حك صلعته ،تشجأ ثم قال : إلا مخفت نكذب اضحيتك كاينة . ولم ينتظر ، جرني من يدي ليخترق بي السوق نحو وجهة معينة ... وقفنا على قطيع من الأكباش ، ""تبارك الله"" ، هالصردي ، ها البركي ، ها تمحضيت ها هها.
أجلت عيني بين الخرفان فوقع نظري على كبش _ ظننت أن فيه جل المواصفات _ يحدق في وكأنه يرجوني أن أنقذه من هذا الجحيم...
بسرعة البرق أحاط بي " العربجيون "" ولفهايمية وغيرهم من مخلوقات السوق العجيبة ، لكن الرجل كان حاسما فطردهم جميعا.
كانت عربة " الكارو" تشق طريقها في الشوارع المزدحمة ، وأنا أشعر بارتياح ( هاد المسمار طرقناه ، شرينا حولي مزيان ، وشيطنا لفلوس) ..
استقبل أهل الدار الكبش بأعين فاحصة ، بعد لحظات حزت الرضا أنا والكبش .
كانت الليلة ليلة العيد. وفي الصباح وبعد عودتي من المصلى ،استقبلني أهل الدار بنظرات فهمت منها أن هناك أمرا ما خطيرا _ يتعلق بالكبش_ .. أخذتني ابنتي من يدي وجرتني نحو مربطه ، لأجده لا أملح ولا أقرن فقد تحول إلى خرقة من صوف بعد أن انتهى مفعول الخميرة والملح والشعير. نظرت إليه مليا فعاد إلي البصر خاسئا.. وما عتمت أن فررت من النظرات الغاضبة الساخرة هههه .

7/11/2011





    رد مع اقتباس