عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-11-14, 19:59 رقم المشاركة : 1
عبدالكريم الرباطي
أستـــــاذ(ة) جديد
إحصائية العضو







عبدالكريم الرباطي غير متواجد حالياً


new1 الطفل والفرجة..؟


كثيرة هي المثيرات التي تلعب دورا أساسيا في تشكيل ذاكرة الطفل من حيث التحفيز عبر عمليات عقلية تتوخى إنتاج نوع من الذكاء، الذي يتطلبه الموقف التعليمي/التعلمي لإبراز مدى القدرات المتضمنة في مكامن خلايا عقل الطفل الصغير، وإنعاش فضولها بواسطة عمليات ديداكتيكية مبنية على منطق علمي مدروس، يتوخى منه بلوغ الأهداف المرسومة لتكملة بناء شخصية طفل / رجل المستقبل التواق إلى حياة أفضل، عبر مجموعة من الممارسات الذهنية والفكرية والرياضية والاجتماعية والقيمية ..التي تصب في معين واحد ألا وهو الشخصية المتكاملة، القادرة على تحمل المسؤولية بكل اقتدار وبكل أمانة وبكل موضوعية..
إن الطفل المغربي يعيش الحداثة بمفهوم عكسي عبر ما تقدمه له القنوات التلفزية،( القنانتين الأولى والثانية) من برامج خاصة تدخل في إطار ( برامج الصغار) ، والتي تمتح مواضيعها من برامج مستوردة لا تمت بصلة للمجتمع المغربي، مما يجعل الطفل يعيش مفارقة كبيرة بين ما يتلقاه في الوسط الأسري و المؤسسات التعليمية، وما يقدم له كبرامج تلفزية تنشيطية، بالمقارنة مع ما يشاهده عبر قنوات تلفزية أجنبية سواء كانت عربية أو غربية، مما يخلق عنده حالة انبهار لما يقدم له عبر الفضائيات سواء من حيث المواضيع أو من حيث الصور والألوان الجذابة التي تثيره، كما تثير فيه نوعا من الإدمان على متابعتها، بحيث تدق الوتر الحساس لديه، لما تتضمنه من إشباع لغوي وفكري وصوري وموسيقي/غنائي..ومن هنا يمكن طرح السؤال الإشكال. أين هم كتاب الأدب الخاص بالفئة العمرية الأولى ؟ وأين هم رواد التنشيط من الفنانين الذين أسسوا للاهتمام بالفعل المسرحي عبر بوابة المؤسسات التعليمية؟ ولم غابت الفرجة عن الحياة المدرسية؟ الكلام هنا بالمطلق وليس الفرجة المناسباتية التي تعرفها بعض المؤسسات التعليمية ولا يشارك في برامج تنشيطها إلا المقربون ذوي الزلفى.
في المستجدات التي حملها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وثمنها البرنامج الاستعجالي بوادر انتعاش الفعل المسرحي/ التنشيطي، لما له من أهمية كبرى في تشكيل شخصية الطفل، وجعلها منفتحة الأفق والآفاق، إلا أن الاهتمام بالتكوين في هذا المجال بالنسبة لأطر التنشيط لازال يزحف زحف السلحفاة، لانقطاع الصلة ما بين أطر التنشيط والسلطة الوصية، وما بينهم وبين المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، وباقي السلطات التربوية متجلية في الأكاديميات والنيابات والمؤسسات التربوية، بحيث إن تم عقد شراكات مع هذه المؤسسة الوطنية المختصة في الفن المسرحي والتنشيط .لعادت بالخير العميم والفائدة العظيمة على فلذات أكبادنا التواقين إلى كل ماهو فرجوي تنشيطي، ولخلق حالة من الرواج الاقتصادي لمجموعة من الفرق المسرحية بفعل انتشار المؤسسات عبر التراب الوطني..ولا بد أن نذكر هنا بالأنشطة التي كانت تعرفها المدارس الابتدائية في السبعينيات والثمانينيات، عبر زيارة مجموعة من الفرق للمؤسسات سواء جماعات أو ثنائيات لتقديم فرجة ممتعة ومسلية للأطفال كـ : ( ناقوس وسنيسلة)، وفرق العرائس، ومسرح الظل، وسكيتشات هزلية، و.. عبر برنامج أسبوعي تتناوب كل فرقة على تقديم عملها بمؤسسة من المؤسسات، فكان يوم السبت كنهاية للأسبوع، وخاصة ما بعد الزوال، بحق يوم ترفيهي بامتياز، يرفه المتعلمون من خلاله عن أنفسهم عناء أسبوع حافل بالجد والاجتهاد، وفي نفس الوقت شاحنين أنفسهم بطاقات داعمة لاستقبال بداية أسبوع جديد بكل حيوية ونشاط وحبور..
فهل فعلا هذه الخطوات التي يرسم معالمها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، في هذا الإطار تتخذ طابع الجدية في الاستفادة من التجارب السالفة، لجعل المؤسسات التربوية عبارة عن أوراش مفتوحة للبناء والتشييد انطلاقا من ممارسة الفعل المسرحي عبر بوابة الفرق المسرحية التي يعيش بعض أفرادها الفاقة ؟ وهل فعلا ستنفتح المؤسسات التربوية على محيطها بخلق جسور ما بينها وبين الأسرة وجمعيات المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين..؟ وهل ستتمتع المؤسسات التربوية فعلا باستقلال نسبي لترجمة برامجها على أرض الواقع ؟. وهل ستشهد المدارس مهرجانات للفرجة لمحو الصورة القاتمة، وخلق تصور جديد لها ؟..
هذا ما ستجيب عنه القليل من السنوات المقبلة. وكما قال الشاعر الكبير الطيب المتنبي:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود






    رد مع اقتباس