عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-07-15, 10:37 رقم المشاركة : 2
رشيد زايزون
مشرف منتدى التعليم العالي ومنتدى التفتيش التربوي
 
الصورة الرمزية رشيد زايزون

 

إحصائية العضو









رشيد زايزون غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

افتراضي رد: التنازع الصوتي في التراكيب العربية


المبحث الثاني

الخفة


اذا اجتمعت الكسرة مع الفتحة في موضع غلبتها لقوتها، ودليل قوتها انها من مقتضيات الامالة وبدونها لاتكون امالة اصلاً، لانهم انما يميلون لاجلها، وذلك ان اللسان يرتفع بالفتح، وينحدر بالامالة فكان الانحدار اخف عليهم من ان يصعدوا من حال التسفل، وكلما كثرت الكسرات كان ادعى للامالة لقوة سببها، وكل ماكانت له الكسرة الزم كان اقوى في امالة الالف([40]) الذي بعد الفتحة، لانها تمنع امالته وجنوحه الى الياء،لان الامالة انما هي ان تنحو بالفتحة نحو الكسرة فتميل الالف الذي بعدها نحو الياء للكسرة التي بعدها([41]) ، لانهم ارادوا ان يغلبوها على الفتحة التي تمنع العدول بالالف عن استوائه وتقريبه من الياء يجعل مخرجه بين مخرج الالف المفخمة وبين مخرج الياء([42]) التماساً للخفة، وهي تغلب الفتحة وان كانت محذوفة لانها موجبة للامالة، كما كانت توجيهاً قبل الحذف، لانها وان كانت محذوفة فهي من الكلمة.


حكى سيبويه ان قوماً يميلون الالف في (مادّ) و (جادّ) للكسرة المنوية في عين فاعل المدغمة شبهوها بمالك، لان الكسرة في مالك كسرة اعراب لاتثبت ولايعتد بها، وقد اميل الالف من اجلها، فكذلك كسرة مادّ وجادّ المقدرة، تمال من اجلها، وان ذهبت في اللفظ. ومنهم من يقول هذا ماشْ في الوقف فيميل الالف في الوقف، وان لم يكن في لفظ الكلمة كسرة([43]) ، فامالوا لاجل الكسرة المقدرة كما امالوا للجر. ومنه قوله تعالى: (قالوا انا لله-البقرة156) قرئ([44]) (إنا) بالامالة اظهاراً لكسرة اللام التي في (لله) وان كان (نا) مما عُدّ مشبهاً للحرف الذي لا امالة فيه، لانها غير مشتقة ولامتصرفة فلايعرف لها اصل غير هذا الذي عليه([45]) .


فكثرة الاستعمال جعلت (نا لله) كالكلمة الواحدة فوقعت الالف في (نا) قبل الكسرة، والالف تمال اذا كان بعدها حرف مكسور بان يجعل صوته بين بين، وتنحية الفتحة قبله نحو الكسرة لغلبة الكسرة عليها بدليل كسر الكاف من كافر لكسرة الالف المخرج بين بين، لانهم لما قربوا الالف من الكسرة اجتمعت الفتحة الملازمة له مع الكسرة، لان الالف ساكن، والساكن حاجز غير حصين، فغلبت الكسرة لقوتها ونحيت الفتحة، لانها من الالف لاملازمتها لها، ولم يغلبوها، لان الانحدار اخف عليهم من الاستعلاء وقد حسن ذلك كثرة الاستعمال، لانه سبب الخفة، وان قام على اظهار الاضعف على الاقوى كقراءة([46]) (الحمد لله-الفاتحة1)، لان الضمة اقوى الحركات لانها اولها([47]) ، ولان الاعراب اقوى من البناء وضمة الدال في (الحمدُ) اعراب وكسر اللام في (لله) بناء قال ابن جني: (فاذا قلت (الحمدُ لُله) فقريب ان يغلب الاقوى الاضعف، واذا قلت (الحمدِ لِله) جنى البناء الاضعف على الاعراب الاقوى)([48]) بتغليب كسرة الاتباع على ضمة الاعراب كقراءة([49]) قوله تعالى: (فلأِمِّه الثلث… فلأُمِّه السدس-النساء11) بكسر همزة (فلأِمِّه) اتباعاً حيث كسرت همزة (أمه) لانكسار ماقبلها فاتبع الكسر الكسر باظهار كسرة الاتباع على ضمة الاعراب واذا كانت الكسرة قد غلبت الضمة وهي اقوى منها في الاتباع). فمن باب اولى ان تغلب الحروف المستعلية التي تمنع الامالة وانما منعتها، لانها يستعلي اللسان بها عند النطق الى الحنك الاعلى، والالف اذا خرجت من موضعها استعلت الى الحنك الاعلى، فلما كانت مع احد هذه الحروف وهي: الصاد، والضاد ، والطاء، والظاء، والغين، والقاف، والخاء غلبت على الامالة، كما غلبت الكسرة عليها في مساجد ونحوها، فلما كانت الحروف مستعلية وكانت الالف تستعلي والامالة انخفاض كره الجمع بين الاستعلاء والانخفاض، وكان العمل من وجه واحد اخف عليهم، كما ان الحرفين اذا تقارب موضعهما كان رفع اللسان من وضع واحد اخف عليهم فيدغمونه([50]) فاذا كان حرف من هذه الحروف مكسوراً، فانه لايقوى على منع الفتحة من الامالة، لغلبة الكسرة عليها، وذلك في قولهم: الضِّعاف والصعاب والطناب والقباب والغلاف ونحوها([51])، ومنه قراءة([52]) قوله تعالى: (ذرية ضعافا-النساء9) بامالة فتحة العين في قوله: (ضعافا) لغلبة كسرة المستعلى عليها، لان الكسرة توهي استعلاء المستعلي، لدنوها منه، وبذلك تقوى على الفتحة فتغلبها وتنحو بها نحو الياء طلباً للخفة واذا كان المستعلي مفتوحاً وجاءت الراء مكسورة بعد الالف غلبت كسرة الراء فتحة المستعلي، لان الراء المكسورة كأنها حرفان مكسوران([53]) . تقوى على الفتحة وتميلها.


وقرئ([54]) (القيام) واصله القَّيْوام غلبت الياء، وقرئ([55]) (القيم) واصله القَّيْوِم، فغلبت الياء ايضاً كقوله تعالى: (هيّن-مريم9)، واصله هّيْون، لانه من هان يهون هَوْنا وقيام كديار في قوله تعالى: (ديارا-نوح26) ، لان اصله دّيْوار فيعال من الدور([56]) ففعل به ماعل باصل سيد وميت.


وقال الفراء: (واهل الحجاز اكثر شيء قولاً الفيعال من ذوات الثلاثة فيقولون للصواغ الصياغ)([57]) .


ففي القيوم ثلاث لغات وجميعها جاءت على اظهار الياء لاجتماعها مع الواو طلباً للخفة.


قال تعالى: (يوم نطوي السماء كطي السجل-الانبياء104) واصل (طيّ) طوْي، لانه مصدر طويته، يقال: طويت الصحيفة اطويها طياً. فالطيّ المصدر([58]) ونحوه فعول (ولم اك بغيا-مريم20) واصله بَغُوْي، وهو فعول من البغي قلبت واوه ياء، وادغمت ثم كسرت الغين اتباعا، ولذلك لم تلحقه التاء او فعيل بمعنى فاعل ولم تلحقه التاء، لانه للمبالغة او للنسبة كطالق([59]) . ومنه قوله تعالى: (العلي-البقرة255)، وهو فعيل واصله عّلّيْوْ([60]) ، لانه من العلو، فلامه واو اجتمعت مع الياء فغلبتها ومثله قوله تعالى: (القوي-هود66) واصله قَيَوْيوَّ([61]) ، فقلبت الواو التي بعد الياء ياء، وادغمت الاولى في الثانية، فقيل قوي، وهو فعيل من القوة، غلبت الياء فيه، كما غلبت في فعول ومفعول. ونحو ذلك قوله تعالى: (لَيّا-النساء46)، والاصل لَوْي، وهو مصدر لويته ألويه([62]) مثل شويته شيَّا.







التوقيع




    رد مع اقتباس