الموضوع: نهــاية حصــان
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-02-21, 00:42 رقم المشاركة : 1
فاطمة الزهراء
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية فاطمة الزهراء

 

إحصائية العضو








فاطمة الزهراء غير متواجد حالياً


مسابقة الصحابة والصحابيات 1

وسام المشاركة

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

وسام المرتبة الاولى لصناعة النجاح عن ورشة التفوق ه

وسام المراقبة المتميزة

وسام المركز السادس في دورة التقنيات الأسرية

افتراضي نهــاية حصــان


نهــاية حصــان

بقلم فوزية حجبي


السادسة والنصف صباحا..

الخيوط الأولى للشروق تخترق ببطيء شقوق النافذة ...
مرة أخرى تقطع فرحة نوح الصغير إذ ينهي صلاته ويتوق إلى رؤية الصباح العائد، تلك الخطوات البطيئة لذلك الحصان العجوز وهو يحمل صندوقا خشبيا ضخما شبيها بغرفة خربة متنقلة و بداخله حزمات الخشب و النخالة .
كل فجر يقف نوح أمام النافذة دامع العينين مخنوق الأنفاس وهو يرى صاحب العربة يهب واقفا بمقعده الأمامي..
و يطلق العنان لسوطه القاسي، ليجلد الحصان العجوز إذ يبطئ لتعبه ، صارخا به (إي إي) ...
فيستجمع هذا المسكين كل ما تبقى من فتات قوته و يواصل المسير المتقطع..
و الحنحنة الحزينة المفجوعة حتى ينحرف إلى الزقاق الأخر عن اليمين و يختفي..
حينها يعود نوح ليطلب نعاسا متقطعا مشوشا لا يأتي ...
آه لو كان يملك بعضا من القوة لأمسك السوط من هذا الرجل، و أشبعه ضربا ليجرب طعم الألم قليلا كهذا الحصان .
قال له أبوه في درس البارحة الصباحي أن عليه أن لا يركن للظلم كيفما كان مصدره.. و لا يخاف إلا من الله ...
غدا يقف إذن بالنافذة ، فإذا ما أبصر ذلك الرجل الضخم ،الفظ ، فلن يخاف منه ...
إن كان ظالما جبارا فالحق لا يخاف أحدا وإن كان فقيرا مغلوبا لا حيلة له ، ولقمة العيش صعبة فسيصرخ به أن لا عذر له ، وأن عليه أن يرحم من في الأرض ليرحمه من في السماء
و اطمأن نوح للفكرة التي أشعلت حماسه و استسلم حينها لنوم لذيذ هادئ
فجر جديد آخر يطل ...
و خيوط صباح غائم تسرع إلى جدران الغرفة ...
يركض نوح على صوت خطوات جد بطيئة لا تكاد تسمع، إلى النافذة ... يكاد يغمى عليه من بشاعة ما يرى ... فعلى ظهر الزقاق البارد كانت أرجل الحصان العجوز تنتني إلى الأرض، مستسلمة..
يتبعها إلى السقوط جسده الهزيل ..
وانقلبت العربة اثر ذلك بصخب على الإسفلت..
آنئذ ركض صاحبها صوب الحصان.. ووقف جامدا أمام الرغوة البيضاء تخرج من فمه .. في حين كانت عيناه المتعبتان تنغلقان إلى الأبد ...
مات الحصان ..غمغم نوح...و إذ استرجع أنفاسه بدأ يصرخ...
وتعالى صراخه بوثوق، وهو يرى أناسا آخرين يصرخون بالرجل القاسي ، وهذا الأخير يرفع يديه متمتما باعتذاره وتبريراته، ويسقط فجأة منهارا على أقرب حزمة من النخالة باكيا ...
و في حين كان احتجاج المارة يعلو حوله:
ـ ألا تخجل يا رجل ، ألا تخاف الله ، كانت بسمة انتصار ترفرف في عيني نوح الصغير، وهو يرى تلك الجموع الساخطة تتحلق حول الرجل ...
بسمة انتصار مغلف بالحزن لأنه لن يسمع بعد اليوم، وقع تلك الحوافر المتعبة..
وتلك الحنحنة الحزينة المفجوعة .





التوقيع

الوفاء أن تراعي وداد لحظة ولا تنس جميل من أفادك لفظة"

    رد مع اقتباس