رغم ان مقولات انطونيو غرامشي لم تعد مصدر إلهام لجيل كامل من مثقفي المغرب الذين يوجدون اليوم في خندق اخر، فإنها ما زالت تتمتع بجاذبيتها بالنسبة للباحثين عن دور ما للمثقفين، فهذا الرجل الذي كتب" دفاتر السجن" استطاع أن يقترح خلاصات وتصنيفات عن وظيفة ودور المثقفين،وأن يحدد طبيعة تدخلاتهم داخل مجتمعاتهم، ومازالت أفكاره إلى اليوم، رغم مثاليتها واختزاليتها، تجد مكانا لها في بحر من التحليلات والدراسات والتعليقات حول دور المثقفين. وعلاقتهم بالسلطة، اقتصادية كانت أم سياسية أم إعلامية..

من الممكن تبسيط أفكار غرامشي الذي يعتبر "كل الناس مثققفون، لكن ليس عليهم كلهم أن يؤدوا وظيفة المثقفين في المجتمع.." كما يمكن اليوم تبسيط فكرته عن " المثقف التقليدي" واعتبارهما مفهومين أساسيين وبمثابة مفتاح لفهم تحليله العميق لعملية تغيير المجتمع، لكن لا يمكن استعادة تلك الحيوية ولا وصف ذلك الحماس اللذيم قوبلت بهما أفكاره من طرف شرائح من المثقفين المغاربة منذ أواخر الخمسينات من القرن الماضي، وإلا حدود نهاية القرن بعد أن دخل المغرب عهدها الجديد وتم تدشين ما يسمى بـ"التناوب".