المشاركة 2 رمضان بين العادة والعبادة يتفرّد شهر رمضان المبارك بمنزلة خاصة في نفوس كل المسلمين وفي جميع أصقاع المعمور ، فلأجوائه الفضيلة ايقاع متميز ، ولمظاهر الإهتمام بإحيائه ممارسات وأساليب معيشية تتنوع بتنوع الفترات الزمنية و الرّقع الجغرافية . وقد أخذت تلك المظاهر و العادات الإجتماعية المنتشرة باطراد مفارقات تتراوح بين التعبد و الإقبال على الطاعات ، في مقابل العادات الخاطئة التي تزيغ أحيانا عن الانضباط المطلوب في هذا الشهر العظيم . فكيف تستطيع الذات المؤمنة ، تحقيق التوافق بين مشاهد هوى النفس و الاشتهاء ، والحرص على الإخلاص في تدبيرالطاعات؟؟ 1) المسلمون والحرص على العبادات . انطلاقا من الفهم الواسع للعبادة ، يغتنم الكثير من المسلمين الأوفياء لروح التعبد ، فرصة الشهر العظيم للإكثار من الأعمال الحسنة و القربات الجليلة ، وذلك ضمن سكينة غير معهودة و بمعنويات عالية جدا . - فخلال الشهر العظيم ، يزداد الإقبال على المساجد ، سواء للصلاة أو تلاوة القرآن ، أو حضور الدروس الدينية التوجيهية ..وهي مناسبة لرفع رصيد الحسنات المُضاعفة. - واعتبارا لكون رمضان الكريم مناسبة للتكافل الإجتماعي والإهتمام بمسألة الفقراء و المساكين و المحتاجين ، فإننا نلحظ انتشار أعمال الخير والصدقات بصورة كبيرة جدا ، وعلى رأسها موائد الإفطار المجانية ..وهي سنة حميدة و عظيمة يفرح لها الوجدان و الروح. - وبالمناسبة العظيمة أيضا ، تنشط العديد من الجمعيات المدنية والخيرية ، وتنحو نحو تقاليدها المُعتادة في تقديم العديد من الهدايا للأطفال و الآباء المحتاجين ، وخاصة خلال ليلة القدر المباركة . - وتخليدا لليالي المباركة لشهر الطاعات ، يلحظ المتتبع للمشهد الإعلامي تنظيم العديد من المسابقات الدينية ، وعلى رأسها مسابقات تحفيظ و تجويد القرآن الكريم ، مع توزيع جوائز قيمة على الفائزين . - وفي تفاعل ايجابي مع أيام شهر الصوم ، يعمد العديد من المسلمين إلى تدريب النفس على إضعاف كيد الشيطان ، وذلك بالابتعاد عن مظاهر اللهو و العبث ، ومُغالبة الشهوات التي تنساق وراء كل لهو ، وتحقيق لذة وطعم الصيام دون اختلاط بمذاقات أخرى. 2) ضد التيار . فساد الأذواق ، وخلط الأوراق ، والابتعاد عن الفهم الصحيح للعبادات .. كلها مظاهر، ظاهرة و باطنة ، تؤدي لسلوكات تُجانب صواب مقاصد الشرع في العبادات ، ومن هذه العادات الفاسدة الخاطئة : - انتشار الكسل و التهاون و الخمول المؤدي لقلة الإنتاج في جميع الوظائف و الأعمال الإنتاجية ..فهل ياترى الصوم هو البديل عن العمل و تحمل المسؤولية المُؤدى عنها ؟ - ازدياد الاستهلاك ، والإقبال على الطعام باسترسال و شهوة كبيرة ..وهي عادات غذائية خاطئة في جملتها ، تجعل الملاحظ يعتقد أن شهر رمضان أضحى موسماً للأكل و انطلاق طاحونة شهوة الطعام !!! - ترك الفرائض كصلاة الصبح مثلا ، والإقبال على صلاة التراويح ! وهي مفارقة عجيبة تدعو للإستغراب . - الإدمان على مساوئ الأخلاق ، وارتكاب المحرمات دون رادع من صيام أو خشية من خالق ، ومن بين تلك الأخلاق الفاسدة ، انتشار الرشوة ، و الكذب ، والغيبة ، و السخرية ، والتبرج ........ - تنظيم حفلات اللهو و المجون سواء عبر ربوع الأوطان العربية و الإسلامية ، أو عبر إعلامنا الذي يسهر على تقديم أشهر الاختيارات الفاسدة ، سواء خلال نهارات شهر الصوم أو لياليه ! مع الترويج لذلك في فترة سابقة. - ممارسة بعض الرياضات البدنية خلال شهر الصوم ، دون غيره من شهور السنة ! ** رمضان زادٌ ينفعنا : أخيرا ، لنحاول أن نكون أكثر قربا من الله وفي سائر الشهور و الأيام ، فسبحانه و تعالى يحبّ أن يُعبَد و يُطاع في كل لحظة و أوان ، كما يحب الأعمال الصالحة الدائمة رغم قلتها . ويكره عز و جل أن نخلط عملا صالحا بآخر فاسد ، فذلك يؤدي إلى الوهم و ضياع حياة الدنيا و الآخرة . فاللهم تقبل منا و منكم صالح الأعمال.