رد: عرض المبحث الرابع من الفصل الثاني. | مما لا شك فيه ان كل العميات التي يقوم بها المدرس داخل فصله هي انشطة تربوية تتخذ طابع التعليم و التعلم ، و لكن الطابع التعليمي يجعلها انشطة الزامية بهدف تحقيق اهداف معينة ، اذن هناك فرق بين الانشطة التربوية الالزامية و الانشطة التربوية الاخرى ، و التي تتخذ في غالب الاحيان من التطوع صفة ملازمة لممارسها ، بل حتى المواد الدراسية التي تشبه الانشطة التربوية بمفهومها العام ، كالتربية الفنية و التشكيلية و التربية البدنية ... ، تفقد صفة النشاط التربوي المرتبط بالتطوع ، لتلبس صفة النشاط الالزامي ، و كمثال على ذلك درس التربية الفنية او التشكيلية ، التي يحدد الاطار المنهجي للتعلم ، و لاكتساب مفاهيم تشكيلية ، تتخذ طابع التعلم و الالزامية ، لأنها حصص ضرورية داخل الزمن المدرسي ، لكن خارج هذا الزمن ، نجد نفس المؤطر و بعض التلاميذ يمارسون انشطة فنية شبيهة بما هو موجود في الحصص الالزامية ، لكن بحرية أكبر و هامش تحرك مؤطر لكنه غير محدود . يتضح من خلال المثال السابق ان الفعل الالزامي يقيد الحرية ، و فعل التطوع يتيح حرية اكبر ، و طبعا ابداعا اكبر ، لأن الحرية تساوي الابداع ، و لكن هل هذا النشاط التطوعي المرتبط بالحرية هو نشاط فوضوي غير مؤطر و لا تحكمه ضوابط تربوية ؟ حتما ستكون الاجابة بالنفي لأن كل نشاط تربوي هو نشاط مفكر فيه ، و في غاياته و مراميه ، و بالتالي فهو نتاج مخطط تربوي مدروس يهدف الى تحقيق تغييرات ايجابية في الحياة المدرسية للمؤسسة و لدى روادها. إن التخطيط الجيد لأي نشاط تربوي ، لابد ان تراعى فيه مجموعة من الشروط ، أولها دراسة حاجيات المؤسسة و روادها و تحديدها بدقة ، و تحديد امكانيات المؤسسة و ما تتوفر عليه ، و طبعا تحديد الشركاء و الفاعلين ، و الاهم تحديد الفئة المستهدفة من النشاط ، و يمكن خلق اطار يؤطر هذا النشاط و الذي يتخذ في غالب الاحيان صفة اندية تربوية ، تتوفر على قانون داخلي لها ، و على خطة عمل بمثابة برنامج سنوي يتضمن مخططات النادي عبر مراحل ، هكذا يمكن ان نقول ان النشاط التربوي هو فعل مقصود تتم ممارسته عن وعي ، و عن تخطيط محكم ، بعد دراسة الحاجيات و تحديد ميولات و قدرات كل فرد منتسب اليه ، و طبعا تحديد الامكانيات التي يتوفر عليها النادي. التوجيه و التحفيز هما الدافعان الاساسيان لنجاح النادي و بالتالي انشطته التربوية ، فكون النشاط يمارس خارج و قت العمل ، و يتم الالتزام بتوقيت المحدد، فهي احدى مكتسبات النادي ، و الاستمرار في الممارسة تخلق نوع من التميز لدى الممارس لنشاط تربوي معين ، و التميز يظهر من خلال تنمية مهارات الممارس و تطويرها ، و تقدير المحيطين به لمهاراته ، مما يجعل شخصيته متميزة عن الاخرين، نتيجة تميز عمل النادي ككل . و لكن هل هذه النتيجة كافية للقول ان المدرس او المؤطر شخصية متميزة و نشاطها التربوي ناجح بامتياز ؟ يمكن قياس نجاح النادي بعدد الجوائز التي يحققها او يحققها مؤطره ، لكنها ليست دليلا على على نجاح النشاط ، إلا اذا قمنا بدراسة تطبيقية عملية محددة لقياس نجاح النادي و رواده ، لكن تميز المؤطر او المدرس يظهر من خلال تمكنه من آليات و ميكنيزمات النشاط و اكتسابه لمهارات احترافية لا تقل عن محترفي المجال الذي ينشط فيه ، و ان يستطيع نقل تلك المهارات للجميع زملاء كانوا او ممارسين عاديين ، لأنه بإمكان اي شخص ان يكتسب المهارات الاولية ، لكن التميز هو اكتساب و تطوير تلك المهارات ، و تقديمها بشكل مبسط للعموم. من هنا يتضح ان الانشطة التربوية قد تكون مجالا للتميز ، إذا توفرت فيها مقومات الاحترافية لدى المؤطر ، و توفر شرط الحرية المقرون بالابداع. بقلم الرقم 11 | آخر تعديل بوشتى المشروح يوم 2010-05-30 في 01:15. |