2010-04-07, 14:51
|
رقم المشاركة : 2 |
إحصائية
العضو | | | رد: التواصل اللفظي وغير اللفظي في المجال البيداغوجي والديداكتيكي | 3- مستويات خطابية لابد منها: هناك مجموعة من الآليات والمفاهيم الإجرائية التي ينبغي الاعتماد عليها في تحليل أنظمة التواصل وهي: 1. العلامة: وهي في اللغة العلاقة بين الدال ( صورة صوتية) والمدلول( مفهوم ذهني)، فكل خطاب منطوق أو مكتوب هو نسق من العلاقات اللغوية. أما العلامات غير اللغوية فهي نظام الإشارات غير المنطوقة كعلامات المرور أو المؤشرات والرموز المرئية والملصقات والإشهار والصورة وغيرها. 2. الأيقونة: وهي تمثيل محسوس لشيء قصد تبيان خصائصه وسماته مثل: صورة شخص أو خريطة بلد. 3. المؤشر Indice: وهو ما يخبر عن شيء مستتر كالدخان فهو مؤشر على النار إذا لم تكن مرئية، وعلامات الوجه قد تكون مؤشرا على فرح أو غضب أو حزن. 4. الرمزSymbole: وهو كل علامة تشير إلى هوية شيء مثل: الحمامة رمز للسلام، و الميزان رمز للعدالة. ولقد حظي التواصل غير اللفظي مؤخرا باهتمام كثير من الدارسين مع تطور اللسانيات والسميوطيقا وعلم النفس الاجتماعي حيث:” تزايد اهتمام المجتمع العلمي في السنوات الماضية بموضوع التواصل الإشاري أو التواصل غير الكلامي الذي أضحى ميدانا خصبا للحلقات والأبحاث والمؤلفات، فبالإضافة إلى آلاف المقالات وعشرات الكتب التي صدرت…، فقد نظمت مئات الحلقات الدراسية التي خصصت لاستجلاء معالم هذا العلم المستجد ولإبراز مجالاته التطبيقية العملية”16. إذاً، فالتواصل غير اللفظي هو تواصل بدون استخدام للغة الإنسانية أي بدون تحقق سمعي وصوتي. ومن ثم، فالحقبة المعاصرة” هي التي شهدت توسع مفهوم التواصل المتعدد القنوات من خلال أعمال وتأملات علماء العادات وعلماء الإنسان وعلماء الاجتماع إضافة إلى علماء النفس وأطباء الأمراض العقلية، وكان قد سبق لبعض علماء الإنسان أن أكدوا على تعدد قنوات الاتصال في بداية القرن”17. وعليه، فإن التواصل غير اللفظي مهم في تمتين العلاقات الإنسانية والبشرية ، ويساهم في كشف رضى الأفراد وانفعالاتهم داخل جماعات معينة، واستخلاص مميزاتهم الثقافية والحضارية وتبيان مقوماتهم السلوكية والحركية في التعامل مع الأشياء والمواقف داخل سياقات معينة. بيد أن الخطاب الإشاري أو الحركي غير كاف لتأدية كل الرسائل بوضوح وشفافية، فلابد أن يعزز بالتفاعلات اللفظية التي تزيل كل إبهام وتشويش عن كل إرسالية غير لفظية في مجال التواصل. ومن ثم، فالمعرفة الضمنية” بالدلالات الاجتماعية كنسق إشاري ما ضرورية وأساسية لنجاح أية عملية تواصل إنساني، وبالرغم من ذلك، فإن التواصل الإشاري يبقى عرضة لسوء التفسير أو اللبس، وصولا إلى سوء التقدير، حتى أيضا، لأفراد البيئة اللغوية الواحدة، وما يمكن استخلاصه كملاحظة أولية في هذا المجال هو أنه لا يمكن للتواصل الإشاري أن يعتمد كقناة وحيدة وأساسية للتخاطب، بل يجب أن تكون الأولوية للغة المنطوقة التي تؤدي في أغلب الحالات والظروف إلى اتصال أوضح، وأكثر دقة وأسرع دلالة، وبالتالي، إلى تفاهم أفضل”18. ولقد ركز الباحثون في دراساتهم وأبحاثهم كثيرا على التواصل اللفظي مهملين السلوكات غير اللفظية وشبه اللغوية:” وإذا كان التواصل اللفظي وغير الكلامي يشكلان إحدى سمات السلوك البشري فمن باب أولى أن نعيد إلى الأذهان أن الباحثين ركزوا جهودهم سابقا على الاعتناء بشكل أساسي بالجوانب الكلامية لهذا التواصل متجاهلين، وحسب التقليد، الرموز غير الكلامية التي كانوا ينسبونها عادة للتنوع الصوتي( كيفية صوتية، تنغيم، وقفة) أو لغير الصوتي( نظرة، تعبير وجهي، إشارات، وصفة الجسم وحركته)، بالرغم من تزايد الاهتمام الموجه إلى التحليل التحادثي(Indicatives) إما للقواعد الاجتماعية وإما للحالات النفسية للمرسل”19. ومن هنا، فإن المقاربة الوظيفية لدور هذه الرموز غير الكلامية في التفاعل الاجتماعي هو ” ما ينبغي التركيز عليه والسعي لإبرازه في أية دراسة مستقبلية من هذا النوع، وإذا كان الكلام يشكل النشاط المركزي لنمط التفاعل الإنساني الذي نسميه عادة بالتحادث، فإن الأهمية تكمن في اعتبار هذا التحادث ورؤيته كظاهرة للاتصال المتعدد القنوات، والذي يشتمل على علائق متبنية جدا للرموز كلامية كانت أم غير كلامية. إن ما يجب أن نخلص إليه في هذه المقاربة التي سعينا من خلالها أن أية دراسة للرموز غير الكلامية يجب أن لا يتم بشكل منعزل، كعزل القناة البصرية عن القناة السمعية، بل بالأحرى ينبغي إيلاء وظائف الأشكال العام (Configurations) المتعددة القنوات للرموز أهمية كبرى نظرا لدورها المميز في هذا المجال”20. وعليه، يمكن للتواصل أن يتحقق” أيضا بواسطة أشكال تخاطبية ليست بالضرورة كلامية تحل أحيانا محل التواصل الكلامي، لا بل وتصاحبه أحيانا كثيرة. وهذه الأشكال الأخيرة التي تعرف بالتواصل غير الكلامي أو باسم اللغة اللامنطوقة أو غير اللفظية ليست حكرا على الإنسان، بل هي معروفة أيضا لدى الفصائل الحيوانية التي يتصل بعضها ببعض عن طريق الأصوات والحركات والإشارات”21. ويسمح التواصل غير اللفظي بفهم التحفيزات والتفاعلات الإنسانية. وقد كان هذا التواصل غير السلوكي وراء عدة بحوث مهمة تعتمد على تقنيات الفيديو وماكينوطوسكوب والحاسوب في مختلف التخصصات مثل: علم النفس وعلم النفس الاجتماعي واللسانيات والسميوطيقا والأنتروبولوجيا والإثنولوجيا (علم العادات). وقد وقع تقدم ملحوظ ومعتبر في هذه المجالات على عكس البيداغوجيا التي هي بعيدة عن هذا المجال، ولم تخض غمار هذا البحث إلا مؤخرا. ولقد قدم علماء الإثنولوجيا أبحاثا مهمة في هذا الصدد، فحضور التواصل غير اللفظي يتجلى بشكل واضح في المسرح والميم والموضة والرقص والرسم والنقش والنحت، غير أن السلوكات غير اللفظية لم تثر انتباه المفكرين والباحثين قديما وحديثا على الرغم من استعمالهم لها. وإذا كانت الأنساق الدلالية تنقسم إلى قسمين كبيرين: أنساق دلالية طبيعية وأنساق دلالية اجتماعية، فإن الأنساق الدلالية الاجتماعية تنقسم إلى أنساق دلالية اجتماعية لفظية وأنساق دلالية اجتماعية غير لفظية، فالأنساق الدلالية الطبيعية هي تلك الأنساق التي توجد في حضن الطبيعة. ومن سمات هذه الأنساق أنها غير مؤسسية، فالإنسان هو الذي وظفها داخل مجال الدلائل وأسند إليها دلالات معينة، أما الأنساق الدلالية الاجتماعية فهي:” في نفس الآن الأنسنة وكل ما نتج عنها، أي إنها ما قبل التاريخ الإنساني والتاريخ الإنساني منظورا إليه من زاوية السيميوطيقا العامة”22. أما الأنساق الدلالية الاجتماعية، فهي تلك الأنساق التي تتميز بكونها مؤسسية وأنها أيضا من نتاج عمل الإنسان، وهي تتفرع إلى أنساق لفظية وغير لفظية. فاللفظية هي” تلك الأنساق التي لها لغات ولها خصوصياتها المتنوعة وإعدادات مثل: الأنواع السننية. وتقوم هذه الأنواع السننية على التمايزات التي يحدثها الإنسان في مادة الصوت”23. ومن الواضح أن روسي لاندي” يقصي من هذا النوع من الأنساق اللغة الشعرية واللغات التقنية واللغة الطقوسية واللغات الإيديولوجية المختلفة ولغة الرياضيات. وعلاوة على ذلك، فإن مفهوم الأنساق اللفظية عنده لا يأخذ بعين الاعتبار تمايز بين ماهو منطوق وماهو مكتوب، فهذا المفهوم يشملهما معا”24. أما الأنساق الدلالية الاجتماعية غير اللفظية فهي تلك التي ” لا تستعمل أنواعا سننية قائمة على أصوات بها، ولكنها تستعمل أنواعا سننية قائمة على أنماط أخرى من الأشياء، هاته الأشياء الأخرى التي يسميها بالأجسام هي إما أشياء توجد قبليا في الطبيعة وإما أن الإنسان أنتجها لغايات أخرى، وإما أنها أنتجت لغرض أن تستعمل بوصفها دلائل، أو أنها استعملت باعتبارها دلائل في نفس الفعل الذي نتجت فيه”25. وتتكون الأنساق غير اللفظية التي لها وظيفة تواصلية مما يلي: 1. حركات الأجسام Kinesic وأوضاع الجسد Postural: مثل التواصل بالإشارات وتعابير الوجه وتعابير أخرى وأوضاع الجسد…. 2. الإشارات الدالة على القرب Proxémique: يتعلق باستعمال الإنسان للمجال المكاني؛ 3. التواصل اللمسي والشمي والذوقي والبصري والسمعي إلى درجة نستطيع فيها إبعاد أنساق دلالية غير لفظية أخرى قائمة أيضا على السمع والبصر؛ 4. التواصل الشيئي: هي الأنساق القائمة على أشياء يروضها الإنسان وينتجها ويستعملها: ثياب وحلي وزخارف وأدوات مختلفة وآلات بناء من كل نوع وموسيقا وفنون رمزية؛ 5. التواصل المؤسساتي: المقصود به كل أنواع التنظيمات الاجتماعية وبالتحديد كل الأنساق المتصلة بروابط القرابة والطقوس والأعراف والعادات والنظم القضائية والديانات والسوق الاقتصادي.26 ويمكن تقسيم هذه الأنساق إلى قسمين: القسم الأول: عبارة عن أنساق دلالية عضوية تحيل على جسم الإنسان أي العضوية الإنسانية ‹ حركات الأجسام والموضعية والحواس الخمس›، أما القسم الثاني فيحتوي على أنساق دلالية أداتية، أي إن الإنسان يقوم بسلوك بواسطة شيء، وهذه الأشياء خارجة عن العضوية الإنسانية. وفي المقابل، يقسم السيميوطيقي الإيطالي أومبرطو إيكو Umberto Eco الأنساق الدلالية إلى ثمانية عشر نسقا. وينطلق في هذا التصنيف من الأنساق التواصلية التي تبدو في الظاهر أكثر طبيعية وعفوية، أي أقل من خاصيتها الثقافية وصولا إلى العمليات الثقافية الأكثر تعقيدا. وهذه الأنساق هي: 1. سيميوطيقا الحيوان: ويخص الأمر بالسلوكات المتصلة بالتواصل داخل الجماعات غير الإنسانية، وبالتالي، الجماعات غير الثقافية؛ 2. العلاقات الشمية: كالعطور مثلا؛ 3. التواصل اللمسي: كالقبلة والصفعة؛ 4. سنن الذوق: ويتعلق الأمر بممارسة الطبخ؛ 5. العلامات المصاحبة لما هو لساني Paralinguistique: كأنماط الأصوات في ارتباطها مع الجنس والسن والحالة الصحية… ومثل العلامات المصاحبة للغة كالكيفيات الصوتية ( علو الصوت ومراقبة العملية النطقية…) وكالصوتيات ( الأمزجة الصوتية: الضحك والبكاء والتنهدات)؛ 6. السيميوطيقا الطبية: وهي تبين لنا علاقة الأعراض بالمرض؛ 7. حركات الأجسام والإشارات الدالة على القرب: ويتعلق الأمر باللغات االإشارية الحركيةGestuels ؛ 8. الأنواع السننية الموسيقية؛ 9. اللغات الرمزية أو المشكلنة Formalisis: مثل الجبر والكيمياء وسنن الشفرةMorse؛ 10. اللغات المكتوبة والأبجديات المجهولة والأنواع السننية السرية؛ 11. اللغات الطبيعية: مثل اللغة العربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية؛ 12. التواصل المرئي: مثل الأنساق الخطية واللباس والإشهار؛ 13. نسق الأشياء: مثل المعمار وعامة الأشياء؛ 14. بنيات الحكي والسرد؛ 15. الأنواع السننية الثقافية: مثل آداب السلوك والتراتبات والأساطير والمعتقدات الدينية القديمة؛ 16. الأنواع السننية والرسائل الجمالية: مثل علم النفس والإبداع الفني والعلاقات بين الأشكال الفنية والأشكال الطبيعية؛ 17. التواصل الجماهيري: مثل: علم النفس وعلم الاجتماع والبيداغوجيا ومفعول الرواية البوليسية والأغنية؛ 18. الخطابة La rhéthorique.27 تلكم هي أهم الآليات التواصلية التي تتعلق بلسانيات التواصل اللفظي وغير اللفظي ، وهي أساسية في تفكيك الخطابات كيفما كانت وتركيبها من جديد. 9. التواصل البيداغوجي والديداكتيكي: 1. التواصل اللفظي: تستند العملية الديداكتيكية الناجحة داخل الفصل الدراسي إلى تفعيل الحوار وتنشيط الدرس من خلال صياغة أسئلة ووضعيات متدرجة من البساطة نحو الصعوبة من أجل التحقق من الكفايات المسطرة والأهداف المرسومة من قبل المدرس والمنهاج المدرسي. وتتم عملية التواصل داخل الفصل الدراسي المغلق بين مرسل وهو المدرس ومتلق وهو التلميذ المتعلم، فيقوم المدرس بتقديم المادة الدراسية وفق أهداف وكفايات محددة بدقة، وهذه الأهداف والكفايات قد تكون عامة أو نوعية أو خاصة أو إجرائية. ويقسم المدرس المادة الدراسية التي تعتبر في النموذج التواصلي عبارة عن رسالة تربوية إلى مراحل ووحدات دراسية وأنشطة تربوية مع احترام وحدة التمهيد ووحدة العرض ووحدة الخاتمة، ويكون تقطيع المادة في انسجام كلي مع التقويم القبلي والتقويم التكويني والتقويم التشخيصي. هذا، ويوجه المدرس المادة الدراسية التي تكون جزءا من المقرر الدراسي أو المنهاج التعليمي إلى متعلم قد يكون صفحة بيضاء أو وارثا لمجموعة من القدرات الفطرية الذهنية التي تؤهله للتعلم والاكتساب عبر مجموعة من الوسائل الديداكتيكية المادية والمعنوية كاستخدام الكتب والوثائق والوسائط السمعية البصرية والشروح المستفيضة والمذكرات الوزارية الخ. ولا ينجح الدرس الديداكتيكي إلا إذا أخضع للتشخيص والتقويم والتغذية الراجعة Feed Back من أجل دعم العملية التعليمية التعلمية، وتصحيح الأخطاء المنهجية وذلك بملء الفراغ الذي أثر سلبا على مستوى العملية الدراسية. ويستهدف التواصل البيداغوجي الديداكتيكي فهم آليات نقل الخبرات والتعلمات والقيم والأنشطة الحركية من المدرس إلى المتعلم والعمل على تفسيرها وضبط طرائق التفاعل والتبادل والحوار. ويتخذ التواصل البيداغوجي تمظهرات ثلاثة: 1. التواصل المعرفي: التواصل المعرفي هو الذي يهدف إلى نقل واستقبال المعلومات، وهو تواصل يركز على الجوانب المعرفية ومراقيها، أو بتعبير آخر إنه يركز على الإنتاجية والمردودية. ويهدف هذا التواصل إلى نقل الخبرات والتجارب إلى المتلقي وتعليمه طرائق التركيب والتطبيق والفهم والتحليل والتقويم بصفة عامة. إنه يهدف إلى تزويد المتلقي بالمعرفة والمعلومات الهادفة. ومن ثم، يقوم هذا التواصل على تبادل الآراء ونقل المعارف وتجارب السلف إلى الخلف. ويساهم السلوك اللفظي وغير اللفظي في التواصل المعرفي إذا تم احترام شروط السيكولوجيا التي تحيط بالمتلقي أو يعيشها. فالرفع من الإنتاجية المعرفية لايتم إلا عبر سلوكات لفظية ديمقراطية تعتمد على روح المشاركة واللاتوجيهية والتسيير الذاتي والتفاعل الديناميكي البناء، وعبر سلوكات لفظية وغير لفظية مثل: حركات التنظيم والحركات الديداكتيكية وحركات التقويم والتمجيد. وهكذا لايمكن عزل التواصل المعرفي عن التواصل الوجداني إلا من باب المنهجية ليس إلا. وثمة صنافات بيداغوجية في مجال التواصل المعرفي كصنافة بلوم Bloom التي تتمثل في المراقي التالية: 2. المعرفة 3. الفهم 4. التطبيق 5. التحليل 6. التركيب 7. التقييم. 2. التواصل الوجداني: إن من بين وظائف التواصل التأثير على المتلقي سلبا أو إيجابا” فهناك تواصل كلما أمكن لجهاز معين وبالأخص جهاز حي أن يؤثر على جهاز آخر بتغيير فعله انطلاقا من تبليغ إرسالية”28. وبهذا المفهوم، يفيد التواصل كل التأثيرات التي يمارسها نظام على آخر مثل: تلك العلاقة التي تنبني على تطبيق أوامر وتعليمات أو ترديد إحداث تغيير في سلوك الآخر. وتعتبر السلوكية من أهم التيارات السيكولسانية التي ركزت على الوظيفة التأثيرية؛ لأن التواصل حسب المنظور السلوكي يرتكز على مفهومي المثير والاستجابة. لذلك، يترك السلوك اللفظي أو غير اللفظي في وجدان المتلقي تأثيرات شعورية تكون لها انعكاسات إيجابية مثل: التعاون والتماثل والاندماج، وانعكاسات سلبية مثل: التعارض والصراع والتنافس. ومن ثم، فالعمليات الإيجابية” أقوى أثرا وأبقى من العمليات السلبية، وإلا لما بقيت المجتمعات الإنسانية أو تقدمت نحو الرقي والنهوض، فالصراع والعمليات السالبة عموما مجالها محدود، وكذلك أسلوبها؛ ذلك لأن الحياة تضطر الأفراد بمختلف مصالحهم أو مواقفهم إلى أن يوافقوا أنفسهم بالآخرين وأن يتخلصوا من الصراع إلى الاندماج أو التكيف مع البيئة”29. ويقصد بالتواصل الوجداني في مجال البيداغوجيا اكتساب الميول والاتجاهات والقيم وتقدير جهود الآخرين، وذلك من خلال تفاعله مع المادة المدروسة واكتسابه الخبرات بأنواعها المباشرة وغير المباشرة. ولقد خصص للمجال الوجداني صنافات بيداغوجية، ومن بين المهتمين بهذا المجال ” كراتهول Krathwol الذي خصص صنافة تتكون من خمسة مستويات ذات صلة وثيقة بالمواقف والقيم والاهتمامات والانفعالات والأحاسيس والتوافق والمعتقدات والاتجاهات: فكرية كانت أو خلقية. وهذه المستويات هي: 1. التقبل 2. الاستجابة 3. الحكم القيمي 4. التنظيم 5. التمييز بواسطة قيمة أو بواسطة منظومة من القيم. 3 – الجانب الحسي – الحركي: يمكن الحديث عن التواصل الحركي والحسي الذي يتناول ماهو غير معرفي ووجداني. ويتمظهر هذا التواصل في إطار السبرينطيقا والآلية والمسرح الميمي والرياضة الحركية… ويتضمن هذا التواصل في المجال التربوي” مجموعة متسلسلة من الأهداف تعمل على تنمية المهارات الحركية، واستعمال العضلات والحركات الجسمية.”30. ومن أهم صنافات هذا التواصل الحركي نجد صنافة هارو Harrow التي وضعها صاحبها سنة 1972 م. وتتكون هذه الصنافة من ست مراق أساسية، وهي: 1. الحركات الارتكاسية 2. الحركات الطبيعية الأساسية 3. الاستعدادات الإدراكية 4. الصفات البدنية 5. المهارات الحركية لليد 6. التواصل غير اللفظي. وعليه، ينبني المنهاج الدراسي على تجميع مجموعة من الوحدات الدلالية والخبرات التعلمية في شكل معارف وميولات وجدانية وتداريب حركية وأنشطة تطبيقية وأسئلة تكوينية في شكل وضعيات كفائية ينبغي أن يترجمها المدرس ميدانيا داخل قاعة الدرس بواسطة حوارات في شكل أسئلة وأجوبة وتفاعلات لفظية كلامية مندمجة في وحدات صوتية ومقطعية وكلمات وجمل تتسم بالاتساق والانسجام الدلالي والتركيبي. وقد يكون التواصل في المدرسة التقليدية تواصلا خطيا أحدادي الجانب يتجه من المدرس نحو المتلقي، باعتبار أن المدرس يملك المعلومات الجاهزة، وأن التلميذ صفحة بيضاء يجب أن تنقش ذاكرته بالمعلومات التي يزود بها المدرس التلميذ. وهنا يكون التلميذ مستمعا سلبيا لايحق له الحوار والنقاش والنقد والتفاعل مع المدرس، بل عليه أن يحفظ ويجتر المعلومات المخزنة في الذاكرة. وكل متعلم أخل بواجبه يتعرض للعقاب والرسوب. ومن ثم، يبدو هذا المدرس الذي يستخدم هذه الطريقة التقليدية مدرسا مستبدا يحتكر سلطة الكلام والعقاب والتأنيب وقتل كل فرص الحوار والتفاعل التشاركي. وفي المقابل، يمكن الحديث عن التواصل الفعال الذي يكون إما تواصلا عموديا وإما أفقيا وإما تواصلا دائريا وإما تواصلا شبه دائري. ويتكئ هذا التواصل الديمقراطي على الحوار بين التلاميذ فيما بينهم في إطار بيداغوجيا اللاتوجيهية أو البيداغوجيا المؤسساتية أو البيداغوجيا الفارقية أو بيداغوجيا الكفايات والمجزوءات أو البيداغوجيا الإبداعية. ويتخلى المدرس في هذا التواصل الفعال عن سلطة التلقين والتعليم واحتكار الكلام ليأخذ صفة المرشد والموجه، إذ يعتمد التلاميذ على أنفسهم في إعداد الدروس في إطار التعلم الذاتي من أجل إيجاد الحلول الناجعة للإجابة عن كل الوضعيات السياقية التي يواجهونها في الواقع وسوق الشغل . ويقوم التواصل في الطرق الفعالة على التعلم الذاتي و اللعب والحرية وتعلم الحياة من خلال الحياة، فضلا عن مبدإ الانسجام ومبدإ التبادل المستمر، ومبدإ الإدراك الشامل.31 ومن هنا ، فالتواصل البيداغوجي الفعال هو الذي بتسم بالحرية والتعبير والتبادل والفعالية.32 ومن جهة أخرى، لن يكون التواصل اللفظي فعالا وناجحا على مستوى الكلام والكتابة إلا من خلال اعتماد أسلوب واضح ومتين ومتسق، واستعمال أسلوب حي مشوق ومثير يستفز المتعلم ويحركه ذهنيا ووجدانيا وحركيا من أجل الإجابة عن الأسئلة المطروحة داخل الفصل الدراسي، واحترام البناء المنطقي في التواصل الحواري عبر تقسيم المادة الدراسية بشكل متسلسل ومترابط زمنيا وسببيا مع اختيار القناة المناسبة لتوصيل المعارف والقيم ،وتنمية الأفكار بواسطة الخضوع لمجموعة من المتواليات والخطوات المتعاقبة والمتسلسلة في شكل وحدات وأنشطة متراكبة متسقة ومنسجمة. وينبغي أن يتفادى التواصل اللفظي كل الصعوبات والعوائق الباتولوجية ( المرضية) التي تحول دون تحقيق تواصل فعال قد تؤثر سلبا على عملية التراسل بين المدرس والتلميذ. ونذكر من هذه الصعوبات: الضجيج والتشويش والتمركز على الذات وعدم الانفتاح على الغير، والصعوبات الدلالية الناتجة عن الرسالة المفعمة بالانزياح والدلالات التضمينية التي تحمل دلالات شعرية موحية متعددة، وتشييء المتعلم وتحويله إلى كائن سلبي مستلب، وإغفال تمثلات التلاميذ ؛ مما يجعل التواصل داخل الفصل مستحيلا، دون أن ننسى عوائق أخرى كانفصال التلميذ عن عالمه الداخلي والخارجي، وارتكان المدرس إلى الوثوقية والاستغلال، حيث يلتجئ المعلم إلى تقديم معلومات خاطئة للمتمدرس على أنها صحيحة ، يستغل بواسطتها سذاجة التلاميذ وعفويتهم البريئة باعتباره شخصا لايخطىء، ناهيك عن مجموعة من الأخطاء التي يرتكبها المدرس كاللحن والتلعثم وارتكاب الأخطاء النحوية والصرفية، والمساهمة في خلق ضعف الثقة في النفس لدى المتمدرسين بسبب تسلطنه واستبداده داخل الفصل، ومنعه للحوار والمناقشات النقدية البناءة.33 وإذا كان التواصل البيداغوجي يعتمد على ثلاث مرتكزات: المدرس والمقرر والمتعلم، فلا ينبغي للمدرس أن يركز على نفسه على حساب المقرر والتلميذ ، أو يركز على المقرر على حساب التلميذ والمدرس، أو يركز على التلميذ مع التضحية بالمقرر وبوجوده الهام داخل العملية الديداكتيكية. ومن الذين اهتموا كثيرا بالتواصل التربوي اللفظي نستحضر كلا من: بازل برنشتاين، ولابوف، وپيير بورديو، وپاسرون، وصوفي مواران، وأوليفيي روبول، وكوكولا، وباير، وطيط. وعلى العموم، يستدعي التواصل التربوي اللفظي ” قيام علاقة ثنائية أو جماعية. والتعلم الناجح هو المبني على التفاعل والتبادل. ولذلك لايمكن أن نتصور عملية تعليمية- تعلمية ناجحة، ليس فيها تواصل وتفاعل. كما يمكن القول بأن التواصل التربوي داخل فصولنا الدراسية، يكون إما نازلا خطيا أحادي الاتجاه، يقوم على نقل المعلومات والمعارف من الأستاذ إلى التلاميذ؛ الشيء الذي يتنافى مع التفاعل والتشارك والحوار؛ وإما تشاركيا يقوم على حوارات أفقية وعمودية بين الأستاذ والتلاميذ، وبين التلاميذ أنفسهم. وقد تأثر أصحاب التواصل الأحادي، بمنظري الإعلام وبعض النماذج الديداكتيكية التي ترى أن عقل التلميذ عبارة عن صفحة بيضاء تنطبع بالإحساس والتجربة…؛ أما أصحاب التواصل التشاركي، فإنهم يستندون إلى نظرية العقل الماقبلي ؛ بمعنى أن التلميذ يتوفر على أفكار قبلية سابقة على الإحساس والتجربة”.34 وعلى أي حال، فالبيداغوجيا الإبداعية لابد أن تستند إلى الحوار المتكافئ والتواصل المتعدد الاتجاهات من أجل خلق روح التعاون والشراكة والتشاركية والاندماج داخل فريق تربوي، وتعويد التلميذ على تقبل الآخر في إطار فلسفة التعايش والتسامح. ولايمكن أن نخلق مجتمعا سويا يؤمن بالتعارف والانفتاح وضرورة التواصل إلا إذا طبقنا أسلوب الحوار في مدارسنا التربوية وفصولنا الدراسية. 2. التواصل غير اللفظي: لقد حظي السلوك اللفظي باهتمام الباحثين العرب بصفة عامة والمغاربة بصفة خاصة في المجال التربوي والديداكتيكي وأهملوا السلوكات غير اللفظية، وآن الأوان لإعادة النظر في السلوكات غير اللفظية في علوم التربية لفهم التواصل في إطار العملية الديداكتيكية من جميع جوانبها ولاسيما الجانب السيكواجتماعي، أي الآثار المعرفية والوجدانية التي تحدثهما السلوكات غير اللفظية لدى التلاميذ بالمدرسة العربية بصفة عامة والمغربية بصفة خاصة. لذا على المؤطرين والمفتشين والأساتذة أن يعيروا انتباههم للحركات الوظيفية والسلوكات غير اللفظية نظرا لأهميتها التربوية والتكميلية والتوضيحية للسلوكات اللفظية، لأن الحركات المعبرة لم تعد قاصرة على تعويض اللغة الطبيعية، بل هي تكمل مهمتها وتوضحها عن طريق التشخيص والتجسيد. وقد تستقل بنفسها في كثير من الأحيان، ولكن من الأفضل ينبغي أن ينظر إلى هذه السلوكات غير اللفظية بمنظار بنيوي كلي، أي كنسق متفاعل مع جميع السلوكات الأخرى. وعليه، يستخدم كثير من المدرسين سلوكات غير لفظية بطريقة قصدية أو غير قصدية دون إعارة أي اعتبار لها على الرغم من أهميتها ووظيفتها الكبرى في أداء الخطاب التعليمي. هذا، وللسلوكات غير اللفظية تأثيرات سلبية وإيجابية على مستوى التواصل المعرفي والوجداني. ولمعرفة هذه السلوكات، لابد للمدرس من الاطلاع على أحدث النظريات في علم التواصل واللسانيات والسيميوطيقا وعلم النفس وعلم الاجتماع ،وكذلك ضرورة الاستمرار في التكوين وإعادة التكوين مع تجريب الآليات الحديثة في الملاحظة ومشاهدة السلوكات غير اللفظية كاستخدامه للڤيديو والحاسوب والماكينوطوسكوب الخ… و يلاحظ أن المدرس يوظف في قسمه أنواعا من الحركات، وكل حركة لها دلالتها ولها تأثيرها في عملية التواصل، وفي التأثير على المتلقي معرفيا ووجدانيا وحركيا. ومن بين هذه الحركات نستحضر: الحركات التعبيرية و الحركات الإشارية والحركات العلائقية المتمثلة في حركات التقويم وحركات التلويح باليدين واستخدام خطاب العيون في التأديب أو التعبير أو التشخيص علاوة على الحركات التي تخص تنظيم القسم دون أن نغفل الحركات التي تتعلق بتنقلات المدرس داخل الفصل الدراسي، وكذلك الحركات الجانبية الزائدة وغير الوظيفية كالنظر إلى ثيابه ولمس لحيته واللعب بشواربه. ويبدو أن المدرس الناجح هو الذي يلقي درسه مستعينا بالسلوكات اللفظية وغير اللفظية بشكل متكامل دون فصلها عن بعضها البعض. ويشترط أن تكون هذه السلوكات وظيفية جدا ليكون لها تأثير فعال وإيجابي لدى التلاميذ على المستوى المعرفي ( الإنتاجية والمردودية)، وعلى المستوى الوجداني ( تمثل السلوكات الإيجابية: كالسلوك الهادئ والإحساس بالرضى والارتياح أو بالفرح والسرور). وعلى هذا الأساس لابد أن يكون للسلوكات غير اللفظية دور معتبر جدا في المجال التربوي داخل الفصل الدراسي، وينبغي للمتخصصين في علوم التربية أن يولوها أهمية كبرى للأخذ بها والعمل بمقتضاها نظرا لجوانبها المهمة ولفعاليتها الكبيرة في تحقيق الأهداف الإجرائية المسطرة وتفعيل الكفايات البيداغوجية المرسومة في بداية السنة الدراسية أو في بداية كل حصة أو مجزوءة دراسية، وعليهم أن يخصصوا لهذا التواصل المعرفي والوجداني المؤدى بواسطة السلوك غير اللفظي حلقات وأبحاثا وندوات جادة لمدارسة هذا الموضوع والخروج بتوصيات وحلول موضوعية قد تخدم المدرس والتلميذ على حد سواء. وبناء على ماسبق، فإن البحث في التواصل غير اللفظي يثير الانتباه على حد قول هنري ديوزيد Henri Dieuzeid إلى الأثر الذي تمارسه الوسائل السمعية البصرية على التأثيرية والتي لاتسعى فقط إلى تطوير الاستقبالية لدى التلاميذ ، بل تسعى أيضا إلى إيجاد وضعيات إدراكية جديدة”.35 ومن المعلوم أن المرء يتعلم: * 1% بواسطة الذوق؛ * 3.5 % بواسطة الشم؛ * 1.5 % بواسطة اللمس؛ * 11% بواسطة السمع؛ * 83 % بواسطة البصر. ومن جهة أخرى فإنه يتذكر: * 10% مما يقرؤه؛ * 20% مما يسمعه؛ * 30% مما يراه؛ * 50% مما يراه ويسمعه؛ * 20% مما يقوله وهو يفعل شيئا.36 وبناء على هذه المعطيات، فكل النسب المائوية تفرض على الباحث والمهتم إعادة النظر في العملية الديداكتيكية بمدارسنا العربية بصفة عامة والمغربية بصفة خاصة بعد تطور علوم التربية واستعانتها بمناهج العلوم الأخرى، ناهيك عن تطور اللسانيات والسيميائيات اللتين اهتمتا بالعلامات البصرية والحركية و بالتواصل الذي يستند إلى الشفرة الحركية الجسدية كانت أو البصرية، وهذا ما يحتم علينا أن ندرج التواصل غير اللفظي في شبكاتنا لمراقبة دروس التأطير والتكوين، وكذا الاستعانة به لتكملة نجاعة التواصل اللفظي؛ لإغناء العملية التربوية داخل المؤسسات التعليمية وإثارة انتباه الأساتذة والمشرفين على التسيير التربوي ومراقبته إلى أهمية السلوكات غير اللفظية في المؤسسات التربوية التعليمية ، وأثرها وجدانيا ومعرفيا في نجاح العملية الديداكتيكية بعدما أن أشبع السلوك اللفظي درسا وتمحيصا من قبل كثير من الباحثين أمثال: فلاندرس Flanders ، وليپيت Lippit ، ووايت White الخ… ولقد أجريت عدة تجارب في الغرب من أجل معرفة آثار التواصل غير اللفظي والأدوار التي يقوم بها، والوسائل التي يمكن أن تقننه، وكانت هذه التجارب تجري خارج الميدان البيداغوجي ، أي في البيولوجيا والإثنولوجيا وعلم النفس وعلم الاجتماع، وتم أخيرا نقله إلى البيداغوجيا من أجل دراسة التفاعلات الإنسانية داخل القسم. ومن أهم الباحثين الذين خصصوا للتواصل غير اللفظي مكانة مهمة في أبحاثهم الباحثان: جيلبير دولاندشير Gilbert de Landsheere ، وأندري ديلشامبر André DEL Chambre المدرسان بجامعة لييج ببلجيكا في كتابهما القيم( السلوكات غير اللفظية للمدرس/ Les comportements non verbaux de l’enseignant)37. هذا، ويتمظهر التواصل غير اللفظي داخل الفصل الدراسي في توظيف الحركات المعبرة وتحويل القسم إلى محترف مسرحي يشخص فيه الأستاذ المادة الدراسية ويشاركه في ذلك التلميذ من أجل إثراء العملية الديداكتيكية. ويلاحظ أن المدرس داخل الفصل الدراسي يزاوج بين التواصل اللفظي والتواصل غير اللفظي من خلال تشغيل حركات تعبيرية وحركات إيقاعية وحركات علائقية ( حركات التنظيم، وحركات التقويم، وحركات الجسم العامة)، والحركات الزائدة، والحركات الخارجية( التنقلات ،) ، والحركات الديداكتيكية، ويستعين المدرس أيضا بالميم والبانتوميم في تشخيص المادة الدراسية وتمثيل المواقف الدرامية . وبالإضافة إلى الحركات، يستغل المدرس المكان والزمان في عملية التدريس، أي يشغل التموضعية Proxémic في كل إمكانياتها العلائقية ، ويتحكم في المسافة التواصلية بينه وبين التلميذ قربا وبعدا. وقد تكون هذه المسافة التواصلية مسافة ود وحب وتقريب أو مسافة نفور وإقصاء وتغريب. زد على ذلك أن المدرس عليه أن يستغل جيدا حركات النظر والجسد أو ما يسمى باللغة الكينيسية لأداء درسه في أحسن أداء تربوي وديداكتيكي من خلال الجمع بين التلفظ اللغوي والتشخيص الكوليغرافي الجسدي. خاتمــــــة: إذا كان التواصل اللغوي اللفظي هو المهيمن داخل مؤسساتنا التعليمية خاصة في المناهج التربوية التلقينية التي تتمركز حول المدرس باعتباره صاحب السلطة والمعرفة في الحقل الديداكتيكي، فقد أصبح للتواصل غير اللفظي أهمية كبرى في الطرائق التربوية الفعالة وفي البيداغوجيا الإبداعية بعد تطور العلوم اللسانية والسيميائية والنفسية والاجتماعية والإثنولوجية. ومن هنا، صار الخطاب البيداغوجي المعاصر يهتم بالسلوكات غير اللفظية لكونها ذات أهمية كبرى لايمكن الانتقاص من قيمتها في المسار التواصلي معرفيا ووجدانيا ، وهي تساعد السلوكات اللفظية على أداء أدوارها كاملة، وتوضح إرسالياتها الشفوية، حيث تخدمها مباشرة، وذلك عن طريق تجسيدها وتفسيرها وتنغيمها والتركيز عليها. لذا، فأثرها في كثير من الأحيان يساعد على فهم جيد في إطار العملية الديداكتيكية، وهذا الأثر يختلف حسب الخصائص المعرفية والوجدانية للأفراد، وفي كثير من الأحيان نجد السلوكات غير اللفظية دوالا مستقلة، وخصوصا أنها تمثل بطريقة مباشرة أو عبر اصطلاح ثقافي الأشكال والحركات والأفعال والخصائص والحالات. هذا، وتنظم السلوكات غير اللفظية داخل الفصل الدراسي كثيرا من الأوامر والممنوعات والنفي والرفض والحث والإغراء والاكتساب، وتعبر أيضا عن الانفعالات والهيئات. وينبغي في الأخير أن تكون السلوكات غير اللفظية سلوكات بيداغوجية وظيفية تخدم العملية الديداكتيكية بمدارسنا التربوية معرفيا ووجدانيا مثل: حركات التنظيم وحركات التحفيز وحركات التجسيد، والحركات الديداكتيكية المصاحبة للشرح والتفسير. انتهى | التوقيع | " أن تنتظر مجرد الثناء على فعلك التطوعي، فتلك بداية الحس الإنتهازي '' محمد الحيحي | |
| |