الموضوع: شتلة الليمون
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-04-06, 14:22 رقم المشاركة : 1
سعيدة سعد
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية سعيدة سعد

 

إحصائية العضو







سعيدة سعد غير متواجد حالياً


وسام المنسق

وسام المركز الثالث مسابقة الإبداع الأدبي

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثاني بأكاديمية الأستاذ

وسام المشرفة المتميزة

افتراضي شتلة الليمون


تعودت أمي على الرمي بالمياه التي تغسل فيها الخضر والفواكه ، فوق الأغراس بالحافة اليمنى من الممر المؤدي إلى حظيرة المواشي .
نبتت في المكان عينه أنواع مختلفة من شتلات الخضر ، غير أن شتلة تختلف عن الأخريات ، أثارت انتباهي . فهي مشتدة العود ولونها الأخضر لا يشبه باقي تدرجات الأخضر في باقي النبتات .
كنت أعمد إلى إلقاء نظرة عليها كل صباح قبل التوجه إلى المدرسة وبعد العودة منها .وفي كل مرة تبدو لي قد ازدادت ارتفاعاً ، وكثر بها عدد الوريقات .
ذات زوال ، وأنا ألقي النظرة المعتادة على النبتة الخضراء ، اكتشفت أن ماعزتي المتهورة قد داست بحافرها جزءاً من التربة المحيطة بها ، وتسبب في تقشير جزء من ساقها .غضبت كثيراً لما أصاب النتبة ، وودت لو جررت الماعزة من أذنيها جراً ، لترى ما أقدمت عليها جراء رعونتها.
لم أجد غير الصراخ و الدموع ، أفرج بها عن غيظي وحنقي . ركضت نحو البيت ، أشكو مابي لأمي .سمعتْ أختي شكواي ،خلصتني من محفظتي الثقيلة ورغبة منها في مواساتي والتخفيف من غضبي ،أمسكتْ بمعصمي وقالت : " تعال ، لنر ما يمكننا فعله ، فالماعزة لن تصلح ما أفسده حافرها ."
جرتني خلفها وأنا أمسح دموعي وسيول أنفي ، وهي تسألني : " أرني أين هي نبتتك يا إبراهيم ؟ "
-" إنها هناك يبن شتلات الطماطم . هاهي ذي ."
- " يالجمالها ! إنها شتلة الليمون .وهي
لا تبدو في حال سيئة.لا تقلق ،سنتعاون على حمايتها ومعالجة ما لحقها من إتلاف.
انبسطت أسارير وجهي ، ومسحت دمعي بسرعة ، ثم سألت أختي : " هل حقاً ما تقولين يا شيماء ؟ هل نستطيع تضميد جرحها ؟؟"
ضحكت شيماء وأجابتني :" نعم سنضمد جراحها ، وسنعتني بها كما نعتني بجروحنا . لكن علينا أولاً أن نجد لها مكاناً مناسباً ، فمكانها هنا ضيق وسيعرضها مرات ومرات لدهس حوافرالدواب والماشية . "
-" حقا ؟؟ أيمكننا تغير مكانها ؟؟"
- "بكل تأكيد . تعال فقط نختر لها مكاناً مناسباً وآمناً . "
مارأيك أن نضعها هناك قرب البئر ؟؟ هكذا يسهل علينا ريها ، وتكون بعيدة عن الممر ."
- " ألن تتأذى بالمياه التي تملأ جوانب البئر عندما نجلب الماء منها ؟"
- " وهل تظننا سنغرسها على حافة البئر ؟؟؟"
ضحكتُ من جواب أختي ، وأجبت : " طبعاً لا ، معك حق فلنبادر إذن بنقلها إلى هناك ."
انحنيت على النبتة لأقتلعها ، فصرخت أختي : " ماذا تفعل يا إبراهيم ؟؟؟ "
- " مابك ياشيماء تصرخين ؟ أقتلع النبتة لننقلها إلى مكانها الجديد ."
- " وهل هكذا نقوم بنقل الشتلات إلى مكان آخر " أجابتني أختي والغضب يتطاير من عينيها .
- " كيف ذلك إذن ؟"
- " أحضر المعول والمجرفة !! سأجلب دلو ماء من البئر ."
- حسناً ، سنقوم الآن بحفر حفرة لنضع فيها جذور الشتلة . ثم باستعمال المجرفة بحذر ، نقتلع الشتلة دون الإضرار بها .هيا خذ المعول واحفر ، وإياك أن تؤذي نفسك!"
- وقفت أختي تراقب ضرباتي الخرقاء بالمعول على سطح التربة . ضحكتْ من جهلي ، فأمسكتِ المعول ثم قالت : " تنح جانباً وانظر كيف أفعل !!"
ذهلت من إتقان أختي لاستعمالها للمعول ، وقررت أن أتعلم وأتقن الحفر به أنا أيضاً منذ اليوم .
-" أرجوك يا شيماء ، دعي المعول لي سأتقن العمل به هذه المرة !"
حاولت جاهداً ، وفي كل مرة تكون الضربة أحسن من سابقتها . انتهينا من حفر المكان الجديد لشتلتي ، قمنا بنقلها من مكانها السابق ، لفننا حول ساقها خيطاً وقطعة خشب . رويناها ، ثم وضعنا حولها بعض أغصان الشوك كي لا تصل إليها مناقير الدجاج أو ألسنة الخراف النهمة ولا حوافر الماعزات المتهورة .
- " متى ستثمر يا شيماء شجرتنا هاته ؟ "
- " بعد أربع سنوات من الآن ، مع طلائع الربيع . آه ما أعطر رائحة ياسمينها ، وما أجمل براعمها وهي تتفتح !!"
سعدت بما قمنا به أنا وأختي ، ودهشت من كم المعلومات التي تمتلكها أختي رغم أنها لا تكبرني إلا بسنتين !لم أتوان في سؤالها : كيف تعرفين كل هذا يا شيماء ؟؟ "
- " أستفيد من الأوقات التي أقضيها أمام شاشة الحاسوب ، ولا أضيع كل الوقت في الألعاب الالكترونية !!!"
خجلت من جواب أختي ووعدت نفسي ألا أضيع كل الوقت بعد الآن في غير الأشياء المفيدة .





التوقيع











آخر تعديل سعيدة سعد يوم 2010-04-19 في 10:14.
    رد مع اقتباس