الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات التواصل العام > منتدى النقاش والحوار الهادف > القضايا الساخنة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2012-05-24, 19:27 رقم المشاركة : 6
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: القول بفناء النار كفر


المصنفون في دحض القول بفناء النار:

وقد اعتنى بعض العلماء ببحث هذا الرأي القائل بفناء النار ومناقشة أدلته، وبيان الصحيح في المسألة، ومن هؤلاء الإمام شيخ الإسلام تقي الدين السبكي وهو معاصر لابن تيمية والذي ألف رسالته: ((الاعتبار ببقاء الجنة والنار)) (6). كما ألف الشيخ الصنعاني رسالته: ((رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار))(7).

واعتقاد المسلمين بأن الجنة والنار لا تفنيان – كما يقول شيخ الإسلام تقي الدين السبكي - من المعلوم من الدين بالضرورة، وقد تواردت الأدلة من نصوص القرآن والسنة على إثبات بقاء الجنة والنار، وعدم فنائهما، أو فناء أحدهما.
وسوف نبيِّن أدلة الجماهير المجمهرة من علماء الأمة على إثبات بقاء النار وخلود أهلها من الكفار خلودا أبديًّا لا نهاية له، ومناقشتهم شبه المخالفين بما يدحضها ويبيِّن وهنها.

التنبيه على قواعد مهمة تضبط البحث في المسألة:

ولكن نحب أولا أن نؤكد على بعض قواعد مهمة في موضوع البحث ذكرها شيخ الإسلام تقي الدين السبكي أثناء رده على من قال بفناء النار، وسيأتي نص كلامه بحروفه، ولكن أردنا التمهيد بها تنويها بأهميتهما لخطورة المسألة موضوع البحث:
1) كثرة الأدلة في مسألة ما يمنع من احتمال التأويل، ويوجب القطع بها، كالآيات الدالة على البعث الجسماني لكثرتها يمتنع تأويلها، ومن أولها حكمنا بكفره بمقتضى العلم جملة.

2) لا يقبل من أي شخص كائنًا ما كان رد ما أجمع المسلمون على اعتقاده، وتلقوه خلفا عن سلف عن نبيهم صلى الله عليه وسلم، وكان مركوزا في فطرة المسلمين، معلومًا من الدين بالضرورة.

3) أن مراد بعض العلماء المتقدمين بتكفير القائل بذلك تكفيره بمقتضى العلم، بغض النظر عن تكفير شخص معين، بل مرادهم أن من اعتقد ذلك فقد اعتقد ما يقتضى الكفر والخروج عن الإسلام، دون أن يكون ذلك حكما منهم على شخص بعينه سواء من السابقين أو اللاحقين أو من الأموات أو الأحياء بالكفر، وغاية الأمر أنهم يحكمون بالخروج عن الإسلام بمقتضى العلم إجمالا، ولا ينبغي أن نكفر أحدا معينا من أهل القبلة باللسان، ولا بالقلب، ولا بالقلم، إلا أن يعتقد مشاققة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا ضابط التكفير. وهى قاعدة مهمة غفل عنها كثير من المتعرضين لمسائل العقائد فيبادرون إلى تكفير المخالفين بأعينهم وأسمائهم وهذا غلط بالغ.

4) أن الإجماع لا يعترض عليه بأنه غير معلوم، بل يعترض بنقل خلاف صريح، ولهذا فمسلك القائل بفناء النار بإنكاره الإجماع في المسألة هو خطأ علمي محض، لا يعذره في خرق الإجماع.

5) أن الكلمات المشكلات التي تَرِدُ تُتَأَوَّلُ، وتحمل على غير ظاهرها، فكما أن الآيات والأحاديث يقع فيها ما يجب تأويله، كذلك كلام العلماء يقع فيه ما يجب تأوله، ومن جاء إلى كلمات ترد عن السلف في ترغيب أو ترهيب أو غير ذلك، فأخذ بظاهرها وأثبتها أقوالا ضل وأضل، وليس ذلك من دأب العلماء، ودأب العلماء التنقير عن معنى الكلام والمراد به، وما انتهى إلينا عن قائله، فإذا تحققنا أن ذلك مذهبه واعتقاده نسبناه إليه، وأما بدون ذلك فلا، ولاسيما في مثل هذه العقائد التي المسلمون مطبقون فيها على شيء كيف يعمد إلى خلاف ما هم عليه، ينسبه إلى جلة المسلمين، وقدوة المؤمنين، ويجعلها مسألة خلاف كمسألة في باب الوضوء، ما أبعد من صنع هذا عن العلم والهدى، وهذه بدعة من أنحس البدع وأقبحها.





التوقيع






    رد مع اقتباس
قديم 2012-05-24, 19:27 رقم المشاركة : 7
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: القول بفناء النار كفر


الأدلة على بقاء النار وبطلان القول بفنائها:

1- كثرة الآيات القرآنية الكريمة التي تثبت صراحة خلود النار أو خلود أهلها فيها، والتي تبلغ (37) آية من القرآن الكريم؛ كقوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا} [الأحزاب: 65]، وقوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: 23]. وهذا بخلاف الآيات التي في معنى الخلود أو تفيده كقوله تعالى {فلا يخفف عنهم العذاب} وغيرها من الآيات الكريمة كثير في هذا المعنى جدا، كما أن الآيات الدالة على خلود أهل الجنة بلغت نحو أربعين آية. وهذا الحد البالغ من الكثرة من الآيات المثبتة لبقاء النار وخلود أهلها فيها – كما يقول شيخ الإسلام التقي السبكي – ((يمنع من احتمال التأويل، ويوجب القطع بذلك، كما أن الآيات الدالة على البعث الجسماني لكثرتها يمتنع تأويلها، ومن أولها حكمنا بكفره بمقتضى العلم جملة، وإن كنت لا أطلق لساني بتكفير أحد معين...))(8).

2- كثرة الأحاديث الصحيحة المصرحة ببقاء النار ودوامها، ودوام الكفار فيها؛ كحديث أنس الذي روي في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه قال صلى الله عليه وسلم: "فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ فَأُدْخِلُهُمْ الجَنَّةَ فَمَا يَبْقَى فِي النَّارِ إِلا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ"، وكان قتادة يقول عند هذا "أَي: وَجَبَ عَلَيْهِ الخُلُودُ"(9)، وما رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يُدْخِلُ اللهُ أهْلَ الجَنَّةِ الجَنَّةَ وَيُدْخِلُ أهْلَ النَّارِ النَّارَ ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ فَيَقُولُ: يَا أهْلَ الجَنَّةِ لا مَوْتَ وَيَا أهْلَ النَّارِ لا مَوْتَ كُلٌّ خَالِدٌ فِيمَا هُوَ فِيهِ"(10).
قال القرطبي: "وفي هذه الأحاديث التصريح بأن خلود أهل النار فيها لا إلى غاية أمد, وإقامتهم فيها على الدوام بلا موت ولا حياة نافعة ولا راحة, كما قال تعالى: {لا يُقْضَى عَلَيهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [فاطر: 36]، وقال تعالى: {كُلَّمَا أرَادُوا أنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} [السجدة: 20]، قال: فمَنْ زَعَمَ أنهم يخرجون منها، وأنها تبقى خالية، أو أنها تفنَى وتزول فهو خارج عن مقتضى ما جاء به الرسولُ وأجمع عليه أهلُ السنة"(11).

3- نقل غير واحد من العلماء الإجماع على بقاء النار كابن حزم(12)، وابن تيمية نفسه في بعض كتبه(13)، والتقي السبكي(14)، والسعد التفتازاني(15)، والحافظ ابن حجر(16)، والسفاريني الحنبلي(17)، وغيرهم.

4- استدل القائلون بفناء النار ببعض أحاديث مرفوعة وآثار موقوفة، وعزوا إلى من رويت عنهم القول بفناء النار، مع كون هذه الآثار ليست بصريحة فيما نسبوه إليهم من القول بفنائها بل لا دلالة في بعضها على فناء النار الذي هو محل النزاع بوجه من الوجوه كما يقول الصنعاني، فالآثار الواردة في فناء النار عن بعض الصحابة، يتعين – كما يقول الشيخ الشنقيطي(18) - حملها على الطبقة التي كانت فيها عصاة المسلمين كما جزم به البغوي في تفسيره؛ لأنه يحصل به الجمع بين الأدلة، وإعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما، وقد أطبق العلماء على وجوب الجمع إذا أمكن، أما ما نقل عن كثير من العلماء من الصحابة ومن بعدهم من أن النار تفنى وينقطع العذاب عن أهلها، فالآيات القرآنية تقتضي عدم صحته. فأهل السنة قد حملوا هذه الآثار على خروج الموحدين من النار، قال البغوي: "معناه عند أهل السنة - إن ثبت - ألا يبقى فيها أحدٌ من أهل الإيمان، وأما مواضع الكفار فممتلئة أبدًا".

5- وخلاصة القول في الإجابة عن الآثار التي وردت عن الصحابة هو ما قاله الشيخ الصنعاني بعد أن أوردها جميعا وناقش وجه الدلالة فيها، وبين المراد الصحيح منها، ثم قال: ((وبهذا تعرف أنه لا يصح نسبة القول بفناء النار وذهابها إلى ابن مسعود وأبي هريرة كما نسب هذا القول الذي نقل عنهما إلى عمر، بل هو الدليل على بقاء النار بعد خروج من يخرج منها من أهل التوحيد، فكيف يقول شيخ الإسلام في صدر المسألة إن القول بفناء النار نقل عن ابن مسعود وأبي هريرة وإنما مستنده في نسبة ذلك إليهما هذان الأثران اللذان هما بمراحل عن الدلالة على فناء النار وذهابها بعد صحتهما، فعرفت بطلان نسبة هذا القول إلى ابن مسعود وأبي هريرة كما عرفت بطلان نسبته إلى عمر... وبعد تحقيقك لما أسلفناه وإحاطتك علما بما سقناه تعلم أن هؤلاء الأربعة من الصحابة الذين هم عمر وابن مسعود وأبو هريرة وأبو سعيد الذين عين شيخ الإسلام أسماءهم من الصحابة في صدر المسألة وذكر أنه نقل عنهم القول بفناء النار وذهابها وتلاشيها هم بريئون من هذا القول ومن نسبته فناء النار إليهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب، واستدل لهم بما ادعاه منسوبا إليهم بما لا مساس له بالدعوى كما عرفت وحينئذ يعلم أنه ليس معه في دعواه فناء النار أحد من الصحابة الذين عَيَّنهم))(19). وقال شيخ الإسلام السبكي - محقا - : ((معاذ الله، وأنا أبرئ السلف من ذلك، ولا أعتقد أن أحدا منهم قاله، وإنما روى عن بعضه كلمات تُتَأَوَّلُ كما تُتَأَوَّلُ المشكلات التي ترد، وتحمل على غير ظاهرها، فكما أن الآيات والأحاديث يقع فيها ما يجب تأويله، كذلك كلام العلماء يقع فيه ما يجب تأوله، ومن جاء إلى كلمات ترد عن السلف في ترغيب أو ترهيب أو غير ذلك، فأخذ بظاهرها وأثبتها أقوالا ضل وأضل، وليس ذلك من دأب العلماء، ودأب العلماء التنقير عن معنى الكلام والمراد به، وما انتهى إلينا عن قائله، فإذا تحققنا أن ذلك مذهبه واعتقاده نسبناه إليه، وأما بدون ذلك فلا، ولاسيما في مثل هذه العقائد التي المسلمون مطبقون فيها على شيء كيف يعمد إلى خلاف ما هم عليه، ينسبه إلى جلة المسلمين، وقدوة المؤمنين، ويجعلها مسألة خلاف كمسألة في باب الوضوء، ما أبعد من صنع هذا عن العلم والهدى، وهذه بدعة من أنحس البدع وأقبحها أضل الله من قالها على علم))(20). 6- وفى ضوء ما تقدم من تحرير مذهب الإمام ابن تيمية فى المسألة ، وأنه قائل بدوام خلود عذاب الكفار ما دامت النار ، وأن ذلك لا يقتضى دوام النار فى نفسها ، واختياره أن كل الآيات الواردة إنما هو فى إثبات خلود عذابهم ، لا فى بقاء النار ، ويترتب على هذا أن ما استدل به الجمهور تفصيلا على بقاء النار ، يصير خارج محل النزاع على مذهب ابن تيمية ، لاتفاق الكل - الجمهور ومن خالفهم - على دوام عذاب الكفار وخلودهم فى النار ، ويصير محل النزاع هو : أن هذه الآيات لا يلزم منها بقاء النار على رأى ابن تيمية ، ويلزم منها بقائها عند الجمهور ، وهو الصواب لأن الشارع بَيَّنَ فى نحو قوله تعالى {وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: 23] أن محل عذابهم فى جهنم ، وأن عذابهم دائم لا يفنى ، فيلزم من دوام العذاب دوام محله ، والقاعدة المقررة التى يتفق عليها الجميع بما فيهم الشيخ ابن تيمية نفسه أنه ((يلزم من وجود الملزوم وجود اللازم ، ومن نفى اللازم نفى الملزوم)) (21) ، وخبر المولى عز وجل لا يجوز تخلفه ، فيصير التلازم الشرعى الذى أخبر به المولى تعالى مثله مثل التلازم العقلى لا ينفك ، ولا يجوز تخلفه عن الحصول والوقوع ، فالأصل فى السمعيات – كما يقول الإمام البيضاوى والأصفهانى – أنها أمور ممكنة أخبر الصادق عن وقوعها فيكون حقا ، مفيدا للعلم بوجودها(22) . وأيضا فإن المعنى الذى استنبطه ابن تيمية من هذه النصوص ، وهو أنها تفيد دوام العذاب ولا تفيد دوام النار ، وجعلها قاصرة على هذا يكر على معناها المتفق عليه – وهو خلود الكافرين ودوام عذابهم – بالبطلان ، والقاعدة أنه ((يجوز أن يستنبط من النص معنى يزيد على ما دل عليه وهذا هو القياس المعروف ، ويجوز أن يستنبط منه معنى يساويه وهو العلة القاصرة ومعنى يخصصه ، ولا يجوز أن يستنبط منه معنى يكر على أصله بالبطلان))(23) ، وما استنبطه من قصر المعنى على ما ذهب إليه يؤدى إلى عدم دوام عذابهم وعدم خلوده فَكَرَّ بذلك على معنى الآيات بالبطلان ، فدل على فساد هذا الرأى .

أدلة القائلين بأن للنار أمدًا تنتهي إليه، ثم يُفْنِيها الله تعالَى، والجواب عليها(24):

أولا: أدلتهم من القرآن الكريم:

وقد استدلوا بثلاث آيات:
1- قول الله تعالى في سورة الأنعام: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللهُ} [128].

2- وقوله تعالى في سورة هود: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [106- 107].
والجواب على استدلالهم بهاتين الآيتين: أنه ليس المراد بالاستثناء في الآيتين الإخراج، وإنما هو استثناء معلَّق بالمشيئة، فكأن الله سبحانه وتعالى يقول: "خالدين فيها خلودًا أبديًّا إن شاء ربُّك ذلك"؛ إذ كل شيء خاضع لمشيئة الله وإرادته، وكان من الجائز العقلي في مشيئته ألا يعذبهم، ولو عذبهم لا يخلدهم.
فالمقصود من هذا الاستثناء في الآيتين إرشاد العباد إلى وجوب تفويض الأمور إليه سبحانه، وكذلك إعلامهم بأن كل شيء خاضع لإرادته ومشيئته، فهو الفاعل المختار الذي لا يجب عليه شيء ولا حق لأحد عليه، فليس هناك أمر واجب عليه وإنما هو مقتضى مشيئته وإرادته عز وجل.
وليس المراد من هذا الاستثناء وأمثاله نفي خلودهم في النار؛ فإنه قد أخبرنا سبحانه في كتابه بخلود الكافرين خلودًا أبديًّا في النار.
والاستثناء المعلَّق بالمشيئة قد استعمله الله في القرآن للدلالة على الثبوت والاستمرار، كقوله تعالى: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللهُ} [الأعراف: 188]، والنكتة من استعماله الاستثناء إنما هو لبيان أن هذه الأمور الثابتة الدائمة كانت كذلك بمشيئة الله تعالى لا بطبيعتها في نفسها، ولو شاء الله تعالى أن يغيِّرها لفَعَل(25).
والمراد من قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ} التأبيد ونفي الانقطاع على منهاج قول العرب "لا أفعل كذا ما لاح كوكب" أو "وما أضاء الفجر" أو "وما اختلف الليل والنهار" إلى غير ذلك من كلمات التأبيد عندهم، فإن العرب إذا أرادت أن تصف الشيء بالدوام أبدًا قالت: "هذا دائم دوام السموات والأرض"، فخاطبهم سبحانه وتعالى بما يتعارفون به بينهم، وليس المقصود منه تعليق قرارهم فيها بدوام هذه السموات والأرض، فإن النصوص القاطعة دالة على تأبيد قرارهم فيها.
ويجوز أن يحمل قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ} على التعليق، والمراد بالسموات والأرض سموات الآخرة وأرضها، وهي دائمة للأبد، والدليل على أن للآخرة سمواتٍ وأرضًا قوله سبحانه: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ والسَّمَاوَاتِ} [إبراهيم: 48]، وقوله سبحانه: {وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ} [الزمر: 74]؛ ولأنه لابُدَّ لأهل الآخرة مما يقلهم ويظلهم، إما سماء يخلقها الله تعالى أو يظلهم العرش، وكل ما أظلك فهو سماء(26).
وليس في قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لـمَا يُرِيدُ} دلالة على شيء من دعواهم، وإنما المراد من الآية: أنه إن شاء غير ذلك فَعَلَه، وإن شاء ذلك فَعَلَه، فما شاء من الأفعال كان، وما لم يشأ لم يكن.
وجاء سبحانه بصيغة المبالغة "فعَّال" للإِشارة إلى أنه سبحانه لا يعجزه فِعْلُ أي فِعْل من الأفعال بأي وجهٍ من الوجوه.
- وأما ما روي عن بعض الصحابة والسلف(27) في قوله تعالى:{إلا مَا شَاءَ رَبُّكَ} بأن الاستثناء في الآية جاء على كل وعيد في القرآن أتى بلفظ {خَالِدِينَ فِيهَا}، فأُخْرِج من الخلود كل مَن شاء لهم اللهُ عز وجل عدم البقاء في النار.
فجوابه ما قاله العلامة السبكي: "قلت: إنْ صحَّت هذه الآثار حُمِلت على العصاة؛ لأن القرآن لم يرد فيه خروج العصاة من النار صريحًا، إنما ورد في السنة بالشفاعة، فالمراد بهذه الآثار موافقة القرآن للسنة في ذلك، فإن السلف كانوا شديدي الخوف ولم يجدوا في القرآن خروجَ الموحدين من النار، وكانوا يخافون الخلود كما تقوله المعتزلة". 3- وقوله تعالى في سورة النبأ: {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} [23].
- قوله "الأحقاب" يدل على أنه لا خلود فيها؛ إذ الأبدي وهو ما لا نهاية له لا يُقَدَّر بزمان، ولا يقال فيه "هو باق أحقابًا"، وقد قيل: إن الحقب ثمانون سنة، والسنة ثلاثمائة وستون يوما، واليوم كألف سنة مما تعدون. فيرى ابن تيمية – على ما نقل عنه ابن القيم والصنعانى - أفاد مفهوم الأحقاب أنه لا خلود فيها إذ الأبدي لا يقدر بزمان وأما دلالتها على أن المخبر عنهم باللبث أحقابا هم الكفار فلقوله فيهم إنهم كانوا لا يرجون حسابا وكذبوا بآياتنا كذابا وهذه صفات الكفار(28).
وقالوا إن المخبَر عنهم باللبث "أحقابا" هم الكفار بقوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا} [النبأ: 27- 28]، وهذه صفات الكفار(29).
- والجواب: إن قوله "لابثين فيها أحقابا" متعلِّق بما بعده وهو قوله تعالى: {لا يَذُوقُونَ فِيْهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا إِلا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا} [النبأ: 24- 25]، أي: لابثين فيها أحقابا في حال كونهم لا يذوقون فيها بردًا ولا شرابًا إلا حميمًا وغساقًا، فإذا انقضت تلك الأحقابُ عذِّبوا بأنواع أخَر من أنواع العذاب غير الحميم والغساق؛ ويدل لهذا تصريحه تعالى بأنهم يعذبون بأنواع أخر من أنواع العذاب غير الحميم والغساق في سورة ص: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} [57- 58](30).
- وقد نقل الإمام تقي الدين السبكي عن أكثر العلماء قولهم إن هذه الأحقاب لا تنقضي أبدًا، فأنه كلما مضى حقب جاء بعده حقب آخر(31).
ويقول العلامة الطاهر بن عاشور: "فجاءت هذه الآية على المعروف الشائع في الكلام كناية به عن الدوام دون انتهاء، وليس فيه دلالة على أن لهذا اللبث نهايةً حتى يحتاج إلى دعوى نسخ ذلك بآيات الخلود وهو وَهْمٌ؛ لأن الأخبار لا تنسخ، أو يحتاج إلى جعل الآية لعصاة المؤمنين، فإن ذلك ليس من شأن القرآن المكي الأول؛ إذ قد كان المؤمنون أيامئذ صالحين مخلصين مجدين في أعمالهم"(32).
وأجاب الصنعانى على كلام ابن تيمية السابق بقوله: ((والعجب من استدلاله بصدر الآية، وذهوله عما عقب به من قوله {فلن نزيدكم إلا عذابا}، فإن المراد لن نزيدكم بعد لبثكم أحقابا إلا عذابا، ضرورة أنهم معذبون حين لبثهم فيها أحقابا لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا، فزيادة العذاب بعد الأحقاب بل خص تعالى الزيادة على العذاب، وأنه تعالى لا يزيدهم بعد لبث الأحقاب إلا عذابا، فانتفى مفهوم العذاب الذي أفاده الجمع الذي جعله ابن تيمية دليلا على فناء النار وعدم أبديتها، مع أنه استدلال بمفهوم العدد وهو من أضعف المفاهيم على هذه المسألة المعظَّمة الذى لا يعتمد عليه محقق، وكيف يُجْعَلُ أقوى من التأبيد المصرح به في عدة آيات من آيات وعيد أهل النار، فلو عارض مفهوم العدد منطوق التأبيد لكان الحكم للمنطوق اتفاقا))(33).





التوقيع






    رد مع اقتباس
قديم 2012-05-24, 19:28 رقم المشاركة : 8
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: القول بفناء النار كفر


ثانيا: أدلتهم من الأخبار:

استدل القائلون بفناء النار ببعض أحاديث مرفوعة وآثار موقوفة، وعزوا إلى من رويت عنهم القول بفناء النار، مع كون هذه الآثار ليست بصريحة فيما نسبوه إليهم من القول بفنائها بل لا دلالة فى بعضها على فناء النار الذي هو محل النزاع بوجه من الوجوه كما يقول الصنعانى(34)، ومن هنا تعلم ما فى قول ابن القيم ((قال شيخ الإسلام يريد به شيخه أبا العباس ابن تيمية وقد نقل هذا القول عن عمر وابن مسعود وأبي هريرة وأبي سعيد وغيرهم)) (35) من مجانبة للصواب على ما سيأتى تفصيله.
فمن الآثار التى استدلوا بها:
1- روي جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيَأتِيَنَّ عَلَى جَهَنَّمَ يَوْمٌ كَأنَّها زَرْعٌ هَاجَ وَاحْمَرَّ، تَخْفِقُ أبْوَابُهَا"(36).
- ويجاب عليهم بأن الحديث موضوع فلا يصح الاستدلال به، قال ابن الجوزي في كتابه "الموضوعات": "هذا حديث موضوع محال، و"جعفر" هو "ابن الزبير"، قال شعبة: كان يكذب، وقال يحيى: ليس بثقة، وقال السعدي: نبذوا حديثه، وقال البخاري والنسائي والدارقطني: متروك"(37).
وقال الإمام الذهبي في ترجمة "جعفر بن الزبير: "و يُرْوى بإسناد مظلم عنه حديث متنه: (يأتي على جهنم يوم ما فيها أحد من بني آدم تخفق أبوابها)"(38).

2- روى عبد بن حميد في تفسيره عن الحسن قال: قال عمر: "لَو لَبِثَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ كَقَدْرِ رَمْلِ عَالِجٍ لَكَانَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ يَوْمٌ يَخْرُجُونَ فِيهِ"(39).
- والمراد بأهل النار الكفار؛ لأن عصاة المؤمنين الذين أصيبوا بذنوبهم معلوم للسامعين أنهم يخرجون منها ولا يلبثون قدر رمل عالج ولا قريبا منه، وعلى إرادة عصاة المؤمنين في حديث عمر لا يكون في الكلام زيادة علم للسامع ولا فائدة تُرْجى.
ويجاب عليهم: بأن كون السامعين قد علموا ما قاله عمر لا يستلزم عدم الفائدة في الكلام، فإنه قد عُلِم في فن البيان أن الإخبار يكون بفائدة الخبر، أو لازم الفائدة، فَعِلْمُ السامعين بالحكم لا يمنع من التكلُّم به وإلقائه إليهم، فقد يكون مراد عمر أن يؤدوه لـمَن لا يعلمه ويُخْبِرُوا أنه اعتقادهم(40).
وأما الأثر من حيث الرواية فإنه منقطع؛ لأنه لم يسمعه الحسن من عمر، والمنقطع عند أهل الحديث من قبيل الحديث الضعيف، والضعيف لا يحتج به في هذه المسائل، وكذلك فإن الحسن البصري لا يؤخذ بمراسيله، يقول السيوطي:"ليس في المرسلات أضعفُ من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح فإنهما كانا يأخذان عن كل واحد"(41)، وهذا الأثر المنقطع أرسله الحسن عن عمر، فحكمه حكم مراسيل الحسن عامة.
وأما قول ابن القيم بأنه "لو لم يصح للحسن عن عمر لَـمَا جَزَمَ به"- يلزم أن يجري في كل مقطوع يَجْزِم به راويه، ولا يقول هذا أئمَّة الحديث كما عُرِف في قواعد أصول الحديث، بل الانقطاع عندهم علة، والجزم معه تدليس، وهو علة أخرى، ولا يقوم بمثل ذلك الاستدلال في مسألة فرعية فكيف في مسألة قال عنها ابن القيم: إنها أكبر من الدنيا بأضعاف مضاعفة(42).
وأما قول ابن القيم بتداول الأئمَّة له غير مقابلين له بالإنكار والرد، مع إنكارهم الدائم على كل مخالف لكتاب الله وسنة رسوله وإجماع المسلمين.
فجوابه: بأنه لا حاجة للإنكار والرد؛ لأن كلام عمر كغيره من الأقوال الدالة على خروج الموحدين من النار، وهو قول عليه جماهير الأئمة(43).
- ولو ثبت صحة الأثر عن عمر فإنه لم يدل على المدعى فإن أصل المدعى هو "فناء النار وأن لها مدة تنتهي إليها"، وليس في أثر عمر هذا إلا أنه يخرج أهل النار من النار، والخروج لا يكون إلا وهي باقية فإنك لو قلت: "لو لبث زيد في الدار كذا وكذا، ثم خرج منها" لم يدل هذا على فناء الدار لا مطابقةً ولا تضمنًا ولا التزامًا. 3- ذكر ابن جرير والبغوي في تفسيرهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "لَيَأتِينَ عَلَى جَهَنَّمَ زَمَانٌ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، وَذَلِكَ بَعْدَمَا يَلْبَثُونَ فِيهَا أَحْقَابًا"(44)، وقد روى البزار هذا الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما(45).
- ويجاب عنه بأن هذا الأثر لا يخلو سنده في كل طرقه من مقال وضعف، ولا دلالة فيها على فناء النار الذي هو محل النزاع بوجه من الوجوه فإن قوله " لَيسَ فيها أحدٌ" دال على بقائها، فإنك إذا قلت "لَيسَ في الدار أحدٌ" فإنه دال على بقاء الدار لا على فنائها(46).
وكذلك فإن أهل السنة قد حملوا هذه الآثار على خروج الموحدين من النار، قال البغوي: "معناه عند أهل السنة - إن ثبت - ألا يبقى فيها أحدٌ من أهل الإيمان، وأما مواضع الكفار فممتلئة أبدًا"(47).
وقال الشيخ الشنقيطى: ((الذي يظهر لي والله تعالى أعلم أن هذه النار التي لا يبقى فيها أحد يتعين حملها على الطبقة التي كان فيها عصاة المسلمين كما جزم به البغوي في تفسيره؛ لأنه يحصل به الجمع بين الأدلة، وإعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما، وقد أطبق العلماء على وجوب الجمع إذا أمكن، أما ما ينقل عن كثير من العلماء من الصحابة ومن بعدهم من أن النار تفنى وينقطع العذاب عن أهلها، فالآيات القرآنية تقتضي عدم صحته))(48). 4- وذكر ابن القيم في "حادي الأرواح" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "مَا أَنَا بِالَّذِي لا أَقُولُ أنَّهُ سَيأتِي عَلَى جَهَنَّمَ يَوْمٌ لا يَبْقَى فِيهَا أَحَدٌ"، وقرأ قوله: { فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود: 106]، قال عبيد الله: كان أصحابنا يقولون يعني به الموحدين(49).
ويجاب عليه: بأن الحديث ليس فيه دلالة على فناء النار، بل هو محمول على الموحدين للجمع بينه وبين الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم على عدم فناء النار؛ ولذلك قال عبيد الله: كان أصحابنا يقولون يعني به الموحدين، فحمل هذا الأثر على الطبقة التي فيها عصاة المسلمين متعيِّن؛ لأنه به يحصل الجمع بين الأدلة. 5- عن أبي نضرة عن جابر بن عبد الله وأبي سعيد أو رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم {إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد} قال: ((هذه الآية قاضية على القرآن كله يقول حيث كان في القرآن خالدين فيها تأتي عليه)) (50).
ولا يخفى – كما يقول الشيخ الصنعانى - أولا أنه شك أبو نضرة في قائل هذا القول وردده بين ثلاثة معلومين ومجهول وهذا الشك وإن كان انتقالا من ثقة إلى ثقة على رأي من يقول كل الصحابة عدول غير ضائر في الرواية، إلا أنه لا يصح معه الجزم بنسبة القول بفناء النار إلى أبي سعيد حيث إن مستند القول به هو هذا الأثر لأن هذا أثر لم يتم الجزم به في رواية أنه لأبي سعيد فكيف يجزم بنسبة هذا المدلول أعني القول بفناء النار وذهابها إلى أبي سعيد كما فعله شيخ الإسلام، ولم يثبت عنه الدليل، وثانيا وهو على تقدير ثبوته عنه فإنه لا دلالة فيه على مدعاه وهو فناء النار ولا رائحة دلالة، بل غاية ما فيه أن كل وعيد في القرآن ذكر فيه الخلود لأهل النار فإن آية الاستثناء حاكمة عليه وهي عبارة مجملة لا تدل على المدَّعَى بنوع من الدلالات الثلاث بل يحتمل أنه أراد أنها فسرت بآيات الخلود التي وردت في القرآن في خلود أهل النار، قال الصنعانى: ((وإذا عرفت هذا فيا لله العجب كيف ينسب شيخ الإسلام إلى أبي سعيد القول بفناء النار بلفظ لم يتحقق صدوره عنه، ولو تحقق صدوره عنه لم يدل على مدعاه فما هذا إلا مجازفة، ولا يليق ممن دون ابن تيمية تحقيقا وورعا في نسبة الأقوال وتحرير الاستدلال هذا))(51). - وخلاصة القول في الإجابة عن الآثار التي وردت عن الصحابة هو ما قاله الشيخ الصنعانى بعد أن أوردها جميعا وناقش وجه الدلالة فيها، وبين المراد الصحيح منها، ثم قال: ((وبهذا تعرف أنه لا يصح نسبة القول بفناء النار وذهابها إلى ابن مسعود وأبي هريرة كما نسب هذا القول الذي نقل عنهما إلى عمر، بل هو الدليل على بقاء النار بعد خروج من يخرج منها من أهل التوحيد، فكيف يقول شيخ الإسلام في صدر المسألة إن القول بفناء النار نقل عن ابن مسعود وأبي هريرة وإنما مستنده في نسبة ذلك إليهما هذان الأثران اللذان هما بمراحل عن الدلالة على فناء النار وذهابها بعد صحتهما، فعرفت بطلان نسبة هذا القول إلى ابن مسعود وأبي هريرة كما عرفت بطلان نسبته إلى عمر... وبعد تحقيقك لما أسلفناه وإحاطتك علما بما سقناه تعلم أن هؤلاء الأربعة من الصحابة الذين هم عمر وابن مسعود وأبو هريرة وأبو سعيد الذين عين شيخ الإسلام أسماءهم من الصحابة في صدر المسألة وذكر أنه نقل عنهم القول بفناء النار وذهابها وتلاشيها هم برئيون من هذا القول ومن نسبته فناء النار إليهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب، واستدل لهم بما ادعاه منسوبا إليهم بما لا مساس له بالدعوى كما عرفت وحينئذ يعلم أنه ليس معه في دعواه فناء النار أحد من الصحابة الذين عَيَّنهم))(52).
ويقول العلامة ابن حجر الهيتمي: "والظاهر أن هؤلاء الذين ذَكَرَهم لم يصح عنهم من ذلك شيءٌ، وعلى التنـزُّل فمعنى كلامهم كما قاله العلماء: ليس فيها أحد من عصاة المؤمنين، أما مواضع الكفار فهي ممتلئة بهم لا يخرجون عنها أبدًا كما ذكره الله في آيات كثيرة"(53).
وقد أجاب شيخ الإسلام تقى الدين السبكى عما استدل به القائل بفناء النار من آثار حتى تجرأ بها وعزا القول بذلك للسلف، فتعقبه شيخ الإسلام السبكى محقا بقوله: ((معاذ الله، وأنا أبرئ السلف من ذلك، ولا أعتقد أن أحدا منهم قاله، وإنما روى عن بعضه كلمات تُتَأَوَّلُ كما تُتَأَوَّلُ المشكلات التى ترد، وتحمل على غير ظاهرها، فكما أن الآيات والأحاديث يقع فيها ما يجب تأويله، كذلك كلام العلماء يقع فيه ما يجب تأوله، ومن جاء إلى كلمات ترد عن السلف فى ترغيب أو ترهيب أو غير ذلك، فأخذ بظاهرها وأثبتها أقوالا ضل وأضل، وليس ذلك من دأب العلماء، ودأب العلماء التنقير عن معنى الكلام والمراد به، وما انتهى إلينا عن قائله، فإذا تحققنا أن ذلك مذهبه واعتقاده نسبناه إليه، وأما بدون ذلك فلا، ولا سيما فى مثل هذه العقائد التى المسلمون مطبقون فيها على شىء كيف يعمد إلى خلاف ما هم عليه، ينسبه إلى جلة المسلمين، وقدوة المؤمنين، ويجعلها مسألة خلاف كمسألة فى باب الوضوء، ما أبعد من صنع هذا عن العلم والهدى، وهذه بدعة من أنحس البدع وأقبحها أضل الله من قالها على علم))(54).
وإلى هذا المنحى جرى الشيخ الصنعانى عند كلامه على أثر سيدنا عمر الذى استدل به ابن القيم فقال الصنعانى: ((كلام عمر كغيره من الأقوال الدالة على خروج الموحدين من النار وهو قول عليه جماهير الأئمة منهم ابن تيمية، وستعرف أنه لا يصح أثر عمر إلا على تقدير أنه أراد به الموحدين وأنه يتعين حمله على ذلك عند شيخ الإسلام نفسه وعند غيره... ومما سمعت تعين حمل أثر عمر على عصاة الموحدين عند شيخ الإسلام وعند جميع علماء الأنام وإذا عرفت هذا طال تعجبك من نسبة ابن تيمية القول بفناء النار إلى عمر واستدلاله لذلك بهذا الأثر المنقطع رواية))(55)، وقد تابع الشيخ الصنعانى هذا النهج عند مناقشته لاستدلال ابن القيم بالآثار فى الباب، وبين أنه يجب حملها على ما يوافق صرائح الكتاب والسنة وما أجمع المسلمين عليه من الاعتقاد، وإلا لترتب على ذلك مقتضيات لم يقل بها أحد.





التوقيع






    رد مع اقتباس
قديم 2012-05-24, 19:29 رقم المشاركة : 9
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: القول بفناء النار كفر



ثانيا: أدلتهم من الأخبار:

استدل القائلون بفناء النار ببعض أحاديث مرفوعة وآثار موقوفة، وعزوا إلى من رويت عنهم القول بفناء النار، مع كون هذه الآثار ليست بصريحة فيما نسبوه إليهم من القول بفنائها بل لا دلالة فى بعضها على فناء النار الذي هو محل النزاع بوجه من الوجوه كما يقول الصنعانى(34)، ومن هنا تعلم ما فى قول ابن القيم ((قال شيخ الإسلام يريد به شيخه أبا العباس ابن تيمية وقد نقل هذا القول عن عمر وابن مسعود وأبي هريرة وأبي سعيد وغيرهم)) (35) من مجانبة للصواب على ما سيأتى تفصيله.
فمن الآثار التى استدلوا بها:
1- روي جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيَأتِيَنَّ عَلَى جَهَنَّمَ يَوْمٌ كَأنَّها زَرْعٌ هَاجَ وَاحْمَرَّ، تَخْفِقُ أبْوَابُهَا"(36).
- ويجاب عليهم بأن الحديث موضوع فلا يصح الاستدلال به، قال ابن الجوزي في كتابه "الموضوعات": "هذا حديث موضوع محال، و"جعفر" هو "ابن الزبير"، قال شعبة: كان يكذب، وقال يحيى: ليس بثقة، وقال السعدي: نبذوا حديثه، وقال البخاري والنسائي والدارقطني: متروك"(37).
وقال الإمام الذهبي في ترجمة "جعفر بن الزبير: "و يُرْوى بإسناد مظلم عنه حديث متنه: (يأتي على جهنم يوم ما فيها أحد من بني آدم تخفق أبوابها)"(38).

2- روى عبد بن حميد في تفسيره عن الحسن قال: قال عمر: "لَو لَبِثَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ كَقَدْرِ رَمْلِ عَالِجٍ لَكَانَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ يَوْمٌ يَخْرُجُونَ فِيهِ"(39).
- والمراد بأهل النار الكفار؛ لأن عصاة المؤمنين الذين أصيبوا بذنوبهم معلوم للسامعين أنهم يخرجون منها ولا يلبثون قدر رمل عالج ولا قريبا منه، وعلى إرادة عصاة المؤمنين في حديث عمر لا يكون في الكلام زيادة علم للسامع ولا فائدة تُرْجى.
ويجاب عليهم: بأن كون السامعين قد علموا ما قاله عمر لا يستلزم عدم الفائدة في الكلام، فإنه قد عُلِم في فن البيان أن الإخبار يكون بفائدة الخبر، أو لازم الفائدة، فَعِلْمُ السامعين بالحكم لا يمنع من التكلُّم به وإلقائه إليهم، فقد يكون مراد عمر أن يؤدوه لـمَن لا يعلمه ويُخْبِرُوا أنه اعتقادهم(40).
وأما الأثر من حيث الرواية فإنه منقطع؛ لأنه لم يسمعه الحسن من عمر، والمنقطع عند أهل الحديث من قبيل الحديث الضعيف، والضعيف لا يحتج به في هذه المسائل، وكذلك فإن الحسن البصري لا يؤخذ بمراسيله، يقول السيوطي:"ليس في المرسلات أضعفُ من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح فإنهما كانا يأخذان عن كل واحد"(41)، وهذا الأثر المنقطع أرسله الحسن عن عمر، فحكمه حكم مراسيل الحسن عامة.
وأما قول ابن القيم بأنه "لو لم يصح للحسن عن عمر لَـمَا جَزَمَ به"- يلزم أن يجري في كل مقطوع يَجْزِم به راويه، ولا يقول هذا أئمَّة الحديث كما عُرِف في قواعد أصول الحديث، بل الانقطاع عندهم علة، والجزم معه تدليس، وهو علة أخرى، ولا يقوم بمثل ذلك الاستدلال في مسألة فرعية فكيف في مسألة قال عنها ابن القيم: إنها أكبر من الدنيا بأضعاف مضاعفة(42).
وأما قول ابن القيم بتداول الأئمَّة له غير مقابلين له بالإنكار والرد، مع إنكارهم الدائم على كل مخالف لكتاب الله وسنة رسوله وإجماع المسلمين.
فجوابه: بأنه لا حاجة للإنكار والرد؛ لأن كلام عمر كغيره من الأقوال الدالة على خروج الموحدين من النار، وهو قول عليه جماهير الأئمة(43).
- ولو ثبت صحة الأثر عن عمر فإنه لم يدل على المدعى فإن أصل المدعى هو "فناء النار وأن لها مدة تنتهي إليها"، وليس في أثر عمر هذا إلا أنه يخرج أهل النار من النار، والخروج لا يكون إلا وهي باقية فإنك لو قلت: "لو لبث زيد في الدار كذا وكذا، ثم خرج منها" لم يدل هذا على فناء الدار لا مطابقةً ولا تضمنًا ولا التزامًا. 3- ذكر ابن جرير والبغوي في تفسيرهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "لَيَأتِينَ عَلَى جَهَنَّمَ زَمَانٌ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، وَذَلِكَ بَعْدَمَا يَلْبَثُونَ فِيهَا أَحْقَابًا"(44)، وقد روى البزار هذا الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما(45).
- ويجاب عنه بأن هذا الأثر لا يخلو سنده في كل طرقه من مقال وضعف، ولا دلالة فيها على فناء النار الذي هو محل النزاع بوجه من الوجوه فإن قوله " لَيسَ فيها أحدٌ" دال على بقائها، فإنك إذا قلت "لَيسَ في الدار أحدٌ" فإنه دال على بقاء الدار لا على فنائها(46).
وكذلك فإن أهل السنة قد حملوا هذه الآثار على خروج الموحدين من النار، قال البغوي: "معناه عند أهل السنة - إن ثبت - ألا يبقى فيها أحدٌ من أهل الإيمان، وأما مواضع الكفار فممتلئة أبدًا"(47).
وقال الشيخ الشنقيطى: ((الذي يظهر لي والله تعالى أعلم أن هذه النار التي لا يبقى فيها أحد يتعين حملها على الطبقة التي كان فيها عصاة المسلمين كما جزم به البغوي في تفسيره؛ لأنه يحصل به الجمع بين الأدلة، وإعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما، وقد أطبق العلماء على وجوب الجمع إذا أمكن، أما ما ينقل عن كثير من العلماء من الصحابة ومن بعدهم من أن النار تفنى وينقطع العذاب عن أهلها، فالآيات القرآنية تقتضي عدم صحته))(48). 4- وذكر ابن القيم في "حادي الأرواح" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "مَا أَنَا بِالَّذِي لا أَقُولُ أنَّهُ سَيأتِي عَلَى جَهَنَّمَ يَوْمٌ لا يَبْقَى فِيهَا أَحَدٌ"، وقرأ قوله: { فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود: 106]، قال عبيد الله: كان أصحابنا يقولون يعني به الموحدين(49).
ويجاب عليه: بأن الحديث ليس فيه دلالة على فناء النار، بل هو محمول على الموحدين للجمع بينه وبين الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم على عدم فناء النار؛ ولذلك قال عبيد الله: كان أصحابنا يقولون يعني به الموحدين، فحمل هذا الأثر على الطبقة التي فيها عصاة المسلمين متعيِّن؛ لأنه به يحصل الجمع بين الأدلة. 5- عن أبي نضرة عن جابر بن عبد الله وأبي سعيد أو رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم {إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد} قال: ((هذه الآية قاضية على القرآن كله يقول حيث كان في القرآن خالدين فيها تأتي عليه)) (50).
ولا يخفى – كما يقول الشيخ الصنعانى - أولا أنه شك أبو نضرة في قائل هذا القول وردده بين ثلاثة معلومين ومجهول وهذا الشك وإن كان انتقالا من ثقة إلى ثقة على رأي من يقول كل الصحابة عدول غير ضائر في الرواية، إلا أنه لا يصح معه الجزم بنسبة القول بفناء النار إلى أبي سعيد حيث إن مستند القول به هو هذا الأثر لأن هذا أثر لم يتم الجزم به في رواية أنه لأبي سعيد فكيف يجزم بنسبة هذا المدلول أعني القول بفناء النار وذهابها إلى أبي سعيد كما فعله شيخ الإسلام، ولم يثبت عنه الدليل، وثانيا وهو على تقدير ثبوته عنه فإنه لا دلالة فيه على مدعاه وهو فناء النار ولا رائحة دلالة، بل غاية ما فيه أن كل وعيد في القرآن ذكر فيه الخلود لأهل النار فإن آية الاستثناء حاكمة عليه وهي عبارة مجملة لا تدل على المدَّعَى بنوع من الدلالات الثلاث بل يحتمل أنه أراد أنها فسرت بآيات الخلود التي وردت في القرآن في خلود أهل النار، قال الصنعانى: ((وإذا عرفت هذا فيا لله العجب كيف ينسب شيخ الإسلام إلى أبي سعيد القول بفناء النار بلفظ لم يتحقق صدوره عنه، ولو تحقق صدوره عنه لم يدل على مدعاه فما هذا إلا مجازفة، ولا يليق ممن دون ابن تيمية تحقيقا وورعا في نسبة الأقوال وتحرير الاستدلال هذا))(51). - وخلاصة القول في الإجابة عن الآثار التي وردت عن الصحابة هو ما قاله الشيخ الصنعانى بعد أن أوردها جميعا وناقش وجه الدلالة فيها، وبين المراد الصحيح منها، ثم قال: ((وبهذا تعرف أنه لا يصح نسبة القول بفناء النار وذهابها إلى ابن مسعود وأبي هريرة كما نسب هذا القول الذي نقل عنهما إلى عمر، بل هو الدليل على بقاء النار بعد خروج من يخرج منها من أهل التوحيد، فكيف يقول شيخ الإسلام في صدر المسألة إن القول بفناء النار نقل عن ابن مسعود وأبي هريرة وإنما مستنده في نسبة ذلك إليهما هذان الأثران اللذان هما بمراحل عن الدلالة على فناء النار وذهابها بعد صحتهما، فعرفت بطلان نسبة هذا القول إلى ابن مسعود وأبي هريرة كما عرفت بطلان نسبته إلى عمر... وبعد تحقيقك لما أسلفناه وإحاطتك علما بما سقناه تعلم أن هؤلاء الأربعة من الصحابة الذين هم عمر وابن مسعود وأبو هريرة وأبو سعيد الذين عين شيخ الإسلام أسماءهم من الصحابة في صدر المسألة وذكر أنه نقل عنهم القول بفناء النار وذهابها وتلاشيها هم برئيون من هذا القول ومن نسبته فناء النار إليهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب، واستدل لهم بما ادعاه منسوبا إليهم بما لا مساس له بالدعوى كما عرفت وحينئذ يعلم أنه ليس معه في دعواه فناء النار أحد من الصحابة الذين عَيَّنهم))(52).
ويقول العلامة ابن حجر الهيتمي: "والظاهر أن هؤلاء الذين ذَكَرَهم لم يصح عنهم من ذلك شيءٌ، وعلى التنـزُّل فمعنى كلامهم كما قاله العلماء: ليس فيها أحد من عصاة المؤمنين، أما مواضع الكفار فهي ممتلئة بهم لا يخرجون عنها أبدًا كما ذكره الله في آيات كثيرة"(53).
وقد أجاب شيخ الإسلام تقى الدين السبكى عما استدل به القائل بفناء النار من آثار حتى تجرأ بها وعزا القول بذلك للسلف، فتعقبه شيخ الإسلام السبكى محقا بقوله: ((معاذ الله، وأنا أبرئ السلف من ذلك، ولا أعتقد أن أحدا منهم قاله، وإنما روى عن بعضه كلمات تُتَأَوَّلُ كما تُتَأَوَّلُ المشكلات التى ترد، وتحمل على غير ظاهرها، فكما أن الآيات والأحاديث يقع فيها ما يجب تأويله، كذلك كلام العلماء يقع فيه ما يجب تأوله، ومن جاء إلى كلمات ترد عن السلف فى ترغيب أو ترهيب أو غير ذلك، فأخذ بظاهرها وأثبتها أقوالا ضل وأضل، وليس ذلك من دأب العلماء، ودأب العلماء التنقير عن معنى الكلام والمراد به، وما انتهى إلينا عن قائله، فإذا تحققنا أن ذلك مذهبه واعتقاده نسبناه إليه، وأما بدون ذلك فلا، ولا سيما فى مثل هذه العقائد التى المسلمون مطبقون فيها على شىء كيف يعمد إلى خلاف ما هم عليه، ينسبه إلى جلة المسلمين، وقدوة المؤمنين، ويجعلها مسألة خلاف كمسألة فى باب الوضوء، ما أبعد من صنع هذا عن العلم والهدى، وهذه بدعة من أنحس البدع وأقبحها أضل الله من قالها على علم))(54).
وإلى هذا المنحى جرى الشيخ الصنعانى عند كلامه على أثر سيدنا عمر الذى استدل به ابن القيم فقال الصنعانى: ((كلام عمر كغيره من الأقوال الدالة على خروج الموحدين من النار وهو قول عليه جماهير الأئمة منهم ابن تيمية، وستعرف أنه لا يصح أثر عمر إلا على تقدير أنه أراد به الموحدين وأنه يتعين حمله على ذلك عند شيخ الإسلام نفسه وعند غيره... ومما سمعت تعين حمل أثر عمر على عصاة الموحدين عند شيخ الإسلام وعند جميع علماء الأنام وإذا عرفت هذا طال تعجبك من نسبة ابن تيمية القول بفناء النار إلى عمر واستدلاله لذلك بهذا الأثر المنقطع رواية))(55)، وقد تابع الشيخ الصنعانى هذا النهج عند مناقشته لاستدلال ابن القيم بالآثار فى الباب، وبين أنه يجب حملها على ما يوافق صرائح الكتاب والسنة وما أجمع المسلمين عليه من الاعتقاد، وإلا لترتب على ذلك مقتضيات لم يقل بها أحد.

ثالثا: استدلوا بسعة الرحمة:

- ثم استدلوا على دعواهم بفناء النار بسعة رحمة الله تعالى، فإنها أدركت أقوامًا ما فعلوا خيرًا.
ومن الأحاديث التي ذكروها قصة الرجل الذي أمر أهله أن يحرقوه ويذروه في الرياح في البر والبحر خشيةَ أن يعذبه الله (56).
وأيضا بما أخرجه أحمد من حديث الأسود بن سريع مرفوعا: "يَأتِي أرْبَعةٌ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَصَمُّ لا يَسْمَعُ شَيْئًا، وَرَجُلٌ أَحْمَقٌ، ورَجُلٌ هَرِمٌ، وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ.
أمَّا الأَصَمُّ فَيَقُولُ: "رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الإِسْلامُ وَمَا أسْمَعُ شَيْئًا"، وأمَّا الأحْمَقُ فَيَقُولُ: "رَبِّ جَاءَ الإِسْلامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونِي بِالبَعْر"، وأمَّا الهَرِمُ فَيَقُولُ: "رَبِّي لَقَدَ جَاءَ الإِسْلامُ وَمَا أعْقِلُ شَيْئًا"، وأمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الفَتْرَةِ فَيَقُولُ: "رَبِّ مَا أتَانِي لَكَ رَسُولٌ"، فيَأخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ ليُطِيعنَّهُ، فَيُرْسِلُ إِلَيهِمْ أَنِ ادخُلُوا النَّارَ، قَالَ: "فوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتَ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وسَلامًا"(57).
وكذلك بما رواه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنَّ رَجُلَينِ دَخَلا النَّارَ واشْتَدَّ صِيَاحُهُمَا فَقَالَ الرَّبُّ عَزَّ وجَلَّ: "أَخْرِجُوهُمَا" فَقَالَ: "لأَيِّ شَيْءٍ اشْتَدَّ صِيَاحُكُمَا" فَقَالا: "فَعَلْنَا ذَلِكَ لِتَرْحَمَنَا" فَقَالَ: "رَحْمَتِي لَكُمَا أَنْ تَنْطَلِقَا فَتُلْقِيَا أنْفُسَكُمَا حَيْثُ كُنْتُمَا مِن النَّارِ فَيَنْطَلِقَانِ فَيُلْقِي أَحَدُهُمَا نَفْسَهُ فَيَجْعَلُهَا عَلَيهِ بَرْدًا وسَلامًا وَيَقُومُ الآخَرُ فَلا يُلْقِي نَفْسَهُ، فَيَقُولُ لَهُ الرَّبُ عَزَّ وَجَلَّ: "مَا مَنَعَكَ أَنْ تُلْقِيَ نَفْسَكَ كَمَا أَلْقَى صَاحِبُكَ فَيَقُولُ: "يَا رَبِّ إِنِّي لأَرْجُو أنْ لا تُعِيدَنِي فِيهَا بَعْدَ مَا أخْرَجْتَنِي فَيَقُولُ لَهُ الرَّبُّ لَكَ رَجَاؤُكَ فَيَدْخُلانِ جَمِيعًا الجَنَّةَ بِرَحْمَةِ اللهِ"(58). قال أبو عيسى الترمذي: إسناد هذا الحديث ضعيف.
فدخول الجنة من موجب رحمته والنار من غضبه وسخطه، ورحمته سبحانه وتعالى تغلب غضبه وتسبقه كما جاء في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لـمَّا قَضَى اللهُ الخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ عِنْدَهُ إنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي"(59). فإذا قدِّر عذاب لا آخر له لم يكن هناك رحمة البتة.
وكذلك فإن النعيم من موجب أسمائه التي هي من لوازم ذاته، فيجب دوامها بدوام معاني أسمائه وصفاته، والعذاب من مخلوقاته والمخلوق قد يكون له انتهاء، لاسيما مخلوق خُلِق لحكمة تتعلق بغيره.
- والجواب بأن هذا الرجل الذي وصَّى بحرقه مؤمن بالله، عالم بأن الله يُعذِّب مَن عصاه، وقد أمر بتحريقه لِـمَا وَقَعَ له من خوف وخشية، ففي قلبه خير وإن لم يعمل خيرًا قط، ولذلك الخير أدركته رحمة الله.
وأما الأربعة الذين ذكرهم في الحديث الثاني فالثلاثة الأولون ليسوا بمشركين فإنهم كانوا في دار الدنيا غير مكلفين فلم يتحقق منهم أنهم كانوا مشركين، فهم مستحقون للرحمة بخلاف الكفار المعاندين، أم أن الرحمة عندهم لا تتحقق إلا بشمولها للكفار المعاندين الطاغين، وأما الرابع الذي مات في الفترة ولم تبلغه الدعوة، فالتحقيق عند أهل السنة أن مَن لم تبلغه الدعوة لا يُعَذَّب ويدخل الجنة؛ لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُوَلا} [الإسراء: 15](60)، فهو مستحق للرحمة أيضًا.
والمعنى في الحديث الثالث أنهما لـمَّا فرَّطَا في جنب الله وقصَّرَا في العاجلة في امتثال أمره أُمِرَا هنالك بالامتثال في إلقاء أنفسهما في النار؛ إيذانا بأن الرحمة إنما هي مترتبة على امتثال أمر الله عز وجل، فالحديث في خروج العصاة من الموحدين، ولا يدخل الكفار في المراد من الحديث بدلالة قوله تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام: 28](61)، فإنهم لو ردوا إلى الدنيا بمتعها وشهواتها وأهوائها لعادوا لما نهوا عنه من التكذيب بالآيات، والسخرية من المؤمنين، فهم كاذبون في كل ما يدعون، فالآية الكريمة تصور ما طُبِع عليه هؤلاء الجاحدون من فجور وعناد وافتراء؛ لأنهم حتى لو أجيبوا إلى طلبهم على سبيل الفرض والتقدير لما تخلوا عن كفرهم ومحاربتهم للأنبياء وللمصلحين وفعل القبائح التي رأسها الشرك، فهم كاذبون متصفون بهذه الصفة لا ينفكون عنها بحال من الأحوال، ولهذا لا ينفعهم مشاهدة ما شاهدوه(62)، وكذلك قال الله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا} [الإسراء: 72] فأخبر الله أن ضلالهم عن الهدى دائم لا يزول مع معاينتهم الحقائق التي أخبرت بها الرسل، وإذا كان العمى والضلال لا يفارقهم فإن موجبه وأثره ومقتضاه لا يفارقهم، وأيضا قال الله تعالى: {لَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [الأنفال: 23] وهذا يدلك على أنه ليس فيهم خير يقتضي الرحمة، ولو كان فيهم خير لما ضيع عليهم أثره، ويدل على أنه لا خير فيهم هنالك أيضًا قوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه يوم القيامة: "ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ فَأخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا، ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا خَيْرًا"(63)، فلو كان عند هؤلاء أدنى مثقال ذرة من خير لخرجوا منها مع الخارجين(64).
- ولا ظلم في تعذيب الكافر وبقاءه دائما في النار؛ لأن الكافر كان عازما على الكفر ما دام حيًّا، فعُوقِب دائمًا، فهو لم يعاقب بالدائم إلا على دائم، فلم يكن عذابه إلا جزاء وفاقا(65)، فالأحاديث في إخراج أقوام من النار مع بقاءها وعدم فنائها.
- ودعواهم أن رحمة الله وسعت كل شيء وسبقت غضبه، فإذا قدِّر عذاب لا آخر له لم يكن هناك رحمة البتة.
فجوابه أن الله في الدنيا جعل الرحمة والعذاب مختلطتين في معاملة العباد، أما الآخرة فلها أحكام أخرى، فالآخرة داران: دار لا يشوبها شيء من العذاب، وهي الجنة، ودار عذاب لا يشوبها شيء من الرحمة، وهي النار، فقولهم "فإذا قدِّر عذاب لا آخر له لم يكن هناك رحمة البتة" إن أرادوا به نفي الرحمة مطلقا فليس بصحيح؛ لأن هناك كمال الرحمة في الجنة، وإن أرادوا لم يكن في النار رحمة، فلا اعتراض يصح الرد عليه(66).
- وأما دعواهم بأن النعيم من موجب أسمائه التي هي من لوازم ذاته، فيجب دوامها بدوام معاني أسمائه وصفاته، والعذاب من مخلوقاته والمخلوق قد يكون له انتهاء، لاسيما مخلوق خُلِق لحكمة تتعلق بغيره.
فالجواب هو قاله العلامة السبكي: "قلت: ومن أسمائه تعالى "شديد العقاب" و"الجبار" و"القهار" و"المذل" و"المنتقم" فيجب دوامه بدوام ذاته وأسمائه أيضا.
فنقول لهذا الرجل: إن كانت هذه الأسماء والصفات تقتضي دوام ما يقتضيه من الأفعال فيلزم قِدَم العالم، وإن كانت لا تقتضي فلا يلزم دوام الجنة، فأحد الأمرين لازم لكلام هذا الرجل، وكل من الأمرين باطل، فكلام هذا الرجل باطل"(67).
وبعد أن يفرغ الصنعانى من مناقشة ما استدل به ابن تيمية وابن القيم – على ما أوردنا كثيرا منه فيما سبق – يختم كلامه قائلا: ((وإذا عرفت ما ألقينا عليك عرفت أنه لم يتم ما ادعاه ابن تيمية في الآية – يعنى قوله تعالى {إلا ما شاء ربك} - فإنه قول في الآية بلا دليل، ولا قال به من السلف أحد ولا من الخلف، وأنه ليس في يد شيخ الإسلام شىء لا من كتاب ولا من سنة ولا من صحابي كما قررناه، فليس في يديه إلا دعوى بغير برهان))(68).
ومن جهة أخرى فإن القول بفناء النار يقتضى – كما يقول التقى السبكى ((أن إبليس وفرعون وهامان وسائر الكفار يصيرون إلى النعيم المقيم واللذة الدائمة، وهذا ما قال به مسلم ولا نصرانى ولا يهودى ولا مشرك ولا فليسوف، أما المسلمون فيعتقدون دوام الجنة والنار، وأما المشرك فيعتقد عدم البعث، وأما الفليسوف فيعتقد أن النفوس الشريرة فى ألم)).
ثم يؤكد شيخ الإسلام السبكى على حكم قائل المسألة بأننا لا نكفره بعينه، ولا نطلق القول فيه بألسنتنا فقال: ((فهذا القول الذى قاله ما نعرف أحدا قاله، وهو خروج عن الإسلام بمقتضى العلم إجمالا، ولا أكفر أحدا معينا من أهل القبلة بلسانى، ولا بقلبى، ولا بقلمى، إلا أن يعتقد مشاققة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا ضابط التكفير عندى))(69).

والله تعالى أعلم.





التوقيع






    رد مع اقتباس
قديم 2012-05-24, 19:29 رقم المشاركة : 10
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: القول بفناء النار كفر


المصادر والمراجع:
1) الاعتبار ببقاء الجنة والنار، تقي الدين السبكي، تحقيق وتعليق: د. طه الدسوقي حبيش، القاهرة: نشر المحقق، 1987م.
2) البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها، الشيخ: عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني، دمشق: دار القلم، بيروت: الدار الشامية، ط1، 1416هـ- 1996م.
3) بيان تلبيس الجهمية، لابن تيمية، بتحقيق محمد بن عبد الرحمن القاسم، مكة: مط الحكومة، ط1، 1392 هـ.
4) التحرير والتنوير، للإمام العلامة محمد الطاهر بن عاشور، الدار التونسية للنشر.
5) تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري، بيروت: دار الكتب العلمية.
6) تحفة المريد على جوهرة التوحيد المسمى بـ(حاشية البيجوري على جوهرة التوحيد)، تحقيق: د. علي جمعة محمد الشافعي، القاهرة: دار السلام، ط1، 1422هـ- 2002م.
7) تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، الرياض: مكتبة الرياض الحديثة.
8) التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة، أبو عبد الله القرطبي، تحقيق ودراسة: د. الصادق بن محمد بن إبراهيم، الرياض: مكتبة دار المنهاج، ط1، 1425هـ.
9) تفسير القاسمي، المسمى "محاسن التأويل"، محمد جمال الدين القاسمي، تحقيق وتعليق: محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة: دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي وشركاه، ط1، 1376هـ- 1957م.
10) تفسير القرآن العظيم، عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي، تحقيق: مصطفى السيد محمد، محمد السيد رشاد، محمد فضل العجماوي، علي أحمد عبد الباقي، حسن عباس قطب، مصر: مؤسسة قرطبة، ومكتبة أولاد الشيخ للتراث، ط1، 1421هـ- 2000م.
11) التمهيد فى تخريج الفروع على الأصول ، للإمام الإسنوى ، تحقيق د . محمد حسن هيتو ، بيروت : مؤسسة الرسالة ، ط 1 ، 1400 هـ .
12) جامع البيان في تأويل القرآن (تفسير الطبري)، محمد بن جرير أبو جعفر الطبري، المحقق: أحمد محمد شاكر، بيروت: مؤسسة الرسالة، ط1، 1420 هـ - 2000 م.
13) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، ابن قيم الجوزية، القاهرة: المتنبي.
14) دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب، محمد الأمين الشنقيطي.
15) دفع شبه من شبه وتمرد ونسب ذلك إلى السيد الجليل الإمام أحمد، للإمام تقى الدين الحصنى، تحقيق محمد زاهد الكوثرى، القاهرة: المكتبة الأزهرية للتراث، د ت.
16) الرد على من قال بفناء الجنة والنار، للإمام ابن تيمية، تحقيق د. محمد بن عبد الله السمهرى، الرياض: دار بلنسيه، ط 1، 1415 هـ.
17) رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار، محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، بيروت: المكتب الإسلامي، ط1، 1405هـ.
18) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، للعلامة الآلوسي البغدادي، بيروت: دار إحياء التراث العربي.
19) الزواجر عن اقتراف الكبائر، أحمد بن حجر الهيتمي، بيروت: دار الفكر.
20) سنن ابن ماجه، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي ، بيروت : دار الفكر .
21) سنن الترمذي، بيروت: دار إحياء التراث العربي.
22) شرح العقيدة الطحاوية، عبد الغني الغنيمي الميداني الحنفي الدمشقي، تحقيق وتعليق: محمد مطيع الحافظ، ومحمد رياض المالح، قدم له: محمد صالح الفرفور، الناشر: دار الفكر المعاصر (بيروت)، ودار الفكر (دمشق)، ط3، 1995م.
23) شرح العقيدة الطحاوية، لابن أبى العز الحنفى (ت 792 هـ)، تحقيق أحمد شاكر، الرياض: مكتبة الرياض الحديثة، بعد 1373 هـ.
24) صحيح ابن حبان، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، بيروت: مؤسسة الرسالة، 1414هـ- 1993م.
25) صحيح البخاري، تحقيق الدكتور/ مصطفى ديب البغا، بيروت: دار ابن كثير، اليمامة ، الطبعة الثالثة 1407 هـ - 1987م.
26) صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت: دار إحياء التراث العربي.
27) الطوالع للبيضاوى ، مع شرح الأصفهانى ، القاهرة : مط الخيرية ، ط 1 ، 1323 هـ .
28) فتح الباري في شرح صحيح البخاري، الحافظ أحمد ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، ومحب الدين الخطيب، بيروت: دار المعرفة، 1379هـ.
29) فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، محمد بن علي بن محمد الشوكاني، بيروت: دار الفكر.
30) الفصل في الملل والأهواء والنحل، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، القاهرة: مكتبة الخانجي.
31) لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية، محمد بن أحمد السفاريني الأثري الحنبلي، دمشق: منشورات مؤسسة الخافقين ومكتبتها محمد مفيد الخيمي، ط2، 1402هـ- 1982م.
32) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، بيروت: دار الفكر ، 1412 هـ/ 1992م.
33) مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات، الحافظ ابن حزم الظاهري، بعناية: حسن أحمد إسبر، بيروت: دار ابن حزم، ط1، 1419هـ- 1998م.
34) مسند البزار، أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار، تحقيق: د. محفوظ الرحمن زين الله، بيروت: مؤسسة علوم القرآن، والمدينة المنورة: مكتبة العلوم والحكم، ط1، 1409هـ.
35) المسند، الإمام أحمد بن حنبل، مصر: مؤسسة قرطبة.
36) مصنف ابن أبي شيبة، بيروت: دار الفكر.
37) معالم التنزيل (تفسير البغوي)، أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي، حققه وخرج أحاديثه: محمد عبد الله النمر، عثمان جمعة ضميرية، سليمان مسلم الحرش، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط4، 1417 هـ - 1997 م.
38) المعجم الكبير، لأبي القاسم الطبراني، الناشر: مكتبة العلوم والحكم (الموصل)، الطبعة الثانية، 1404هـ – 1983م، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي.
39) المواقف للعضد ، مع شرح الشريف الجرجانى ، مع حواشى الفنارى والسيالكوتى وغيرهما ، القاهرة : دار الطباعة العامرة (= مط بولاق) ، 1311 هـ .
40) الموضوعات، أبو الفرج ابن الجوزي، ضبط وتقديم وتحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان، المدينة المنورة: محمد عبد المحسن، ط1، 1386هـ- 1966م.
41) ميزان الاعتدال في نقد الرجال، شمس الدين الذهبي، تحقيق: عادل عبد الموجود، وعلي محمد معوض، بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1995م.

الهوامش:
----------------
(1 ) انظر كلام الإمام ابن تيمية في المسألة: الرد على من قال بفناء الجنة والنار للإمام ابن تيمية، بتحقيق د. محمد بن عبد الله السمهري، (مع ملاحظة أن العنوان من صنع المحقق، والمقصود الرد على من قال بفنائهما معا، وهو أحد الأقوال في المسألة، والقول الثاني: دوامهما وهو إجماع الأمة، والثالث: دوام الجنة وفناء النار وهو اختيار ابن تيمية ومن قلده)، وحادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم، (ص 246 - 271).
(2 ) انظر: الرد على من قال بفناء الجنة والنار، لابن تيمية، (ص 67).
(3 ) الرد على من قال بفناء الجنة والنار (ص 71 - 79).
(4 ) الرد على من قال بفناء الجنة والنار (ص 80)، باختصار، وما بين القوسين زيادة منا للإيضاح.
( 5) انظر: بيان تلبيس الجهمية، لابن تيمية، (1/581)، ومجموع الفتاوى (18/307).
(6 ) الاعتبار ببقاء الجنة والنار، تقي الدين السبكي، تحقيق وتعليق: د. طه الدسوقي حبيش، القاهرة: نشر المحقق، 1987م.
( 7) رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار، محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، بيروت: المكتب الإسلامي، ط1، 1405هـ. (8 ) الاعتبار ببقاء الجنة والنار، (ص 46 – 47، 56 - ).
( 9) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب «التوحيد» باب «قول الله تعالى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا}» حديث (6886)، ومسلم في كتاب «الإيمان» باب «أدنى أهل الجنة منزلة فيها» حديث (284).
( 10) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب «الرقاق» باب «يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب» حديث (6062)، ومسلم في كتاب «الجنة وصفة نعيمها وأهلها» باب «النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء» حديث (5088).
(11 ) نَقَلَهُ عنه ابنُ حجر العسقلاني في فتح الباري، (11/421).
(12 ) الفصل في الملل والنحل (4/69- 70).
( 13) انظر: بيان تلبيس الجهمية، لابن تيمية، (1/581)، ومجموع الفتاوى (18/307).
( 14) الاعتبار ببقاء الجنة والنار، ص (57- 58).
(15 ) شرح المقاصد، (5/131، 133).
(16 ) فتح الباري، (11/421).
( 17) لوامع الأنوار، (2/234).
( 18) دفع إيهام الاضطراب، (ص 36-38).
(19 ) رفع الأستار (ص 77).
( 20) الاعتبار ببقاء الجنة والنار، (ص 58 - 60).
(21 ) انظر : درء تعارض العقل والنقل (3/235) .
( 22) انظر : الطوالع للبيضاوى ، مع شرح الأصفهانى (ص 328) .
( 23) التمهيد للإسنوى (ص 373) .
(24 ) اعتمدنا فى هذا غالبا على كلام شيخ الإسلام تقى الدين السبكى، والشيخ الصنعانى، ولمزيد من التوسع راجع أيضا: شرح المقاصد، (5/131 – 140)، دفع شبه من شبه وتمرد للحصنى (ص 58 – 60).
(25 ) انظر: تفسير القاسمي، (9/3486).
(26 ) انظر: تفسير الطبري، (15/481)، وتفسير الألوسي، (12/141) بتصرف.
(27) انظر: الاعتبار ببقاء الجنة والنار، ص (76).
(28) رفع الأستار (ص 88)، وانظر أصل الكلام مطولا فى حادي الأرواح (ص 247 – 250).
(29 ) انظر: حادي الأرواح، ص (249)، ورفع الأستار ص (88).
(30 ) انظر: تفسير الطبري (24/163).
(31) انظر: الاعتبار ببقاء الجنة والنار، ص (67)، وتفسير البغوي، (8/315).
(32) التحرير والتنوير، (3/33).
(33) رفع الأستار (ص 88).
(34) رفع الأستار، (ص 76).
(35) رفع الأستار (ص 64).
(36) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (8/295)، وقال الهيثمي: "رواه الطبراني، وفيه جعفر بن الزبير، وهو ضعيف" (10/360).
(37) (3/268).
(38) ميزان الاعتدال في نقد الرجال (2/133).
(39) انظر: حادي الأرواح، ص (247)، والاعتبار ببقاء الجنة والنار، ص (75).
( 40) انظر: البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها، الشيخ: عبد الرحمن حبنكة، (1/173)، ورفع الأستار، ص (69).
(41) تدريب الراوي (1/204)، وانظر: رفع الأستار، ص (66).
(42) انظر: رفع الأستار، ص (65).
( 43) انظر: رفع الأستار، ص (67).
(44) انظر: تفسير الطبري، (15/484)، وتفسير البغوي، (4/202).
(45) أخرجه البزار في مسنده (6/442) حديث (2478)، وانظر: ورفع الأستار، ص (81).
(46) انظر: رفع الأستار، ص (76).
(47) تفسير البغوي، (4/202).
(48) دفع إيهام الاضطراب (ص 36) بتصرف يسير.
(49) حادي الأرواح، ص (250).
(50) نسبه الحافظ السيوطي في الدر المنثور (؟؟؟) إلى تخريج عبد الرزاق وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات.
(51) رفع الأستار (ص 78 – 80) باختصار.
(52) رفع الأستار (ص 77).
(53) الزواجر عن اقتراف الكبائر، (1/60- 61).
(54) الاعتبار ببقاء الجنة والنار، (ص 58 - 60).
(55) رفع الأستار (ص 67 - 70) باختصار.
(56) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب «أحاديث الأنبياء» باب «حديث الغار» حديث (3222)، ومسلم في كتاب «التوبة» باب «في سعة رحمة الله وأنها سبقت غضبه» حديث (4949).
(57) أخرجه أحمد في مسنده (4/24).
(58) أخرجه الترمذي في كتاب «صفة الجنة» باب «منه (آخر أهل النار خروجا منها)» حديث (2524).
(59) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب «التوحيد» باب «قوا الله تعالى {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ}» حديث (6855)، ومسلم في كتاب «التوبة» باب «في سعة رحمة الله وأنها سبقت غضبه» حديث (4941).
(60) حاشية البيجوري على جوهرة التوحيد، ص (68).
(61) انظر: تحفة الأحوذي (7/274).
(62) انظر: فتح القدير (2/157).
(63) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب «التوحيد» باب «قول الله تعالى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا}» حديث (6956)، ومسلم في كتاب «الإيمان» باب «معرفة طريق الرؤية» حديث (269).
(64) انظر: حادي الأرواح، ص (257).
(65) انظر: الزواجر عن اقتراف الكبائر، (1/60).
(66) انظر: الاعتبار ببقاء الجنة والنار، ص (82).
(67) الاعتبار ببقاء الجنة والنار، ص (81).
(68) رفع الأستار (ص 110 - 111).
(69 ) الاعتبار ببقاء الجنة والنار (ص 85).





التوقيع






    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 15:07 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd