اختلالات تحبط طموحات الحقوقيين في طنجة

الخميس, 17 مايو 2012 10:27


الدعوة إلى تخصيص مادة مستقلة لتعليم ثقافة حقوق الإنسان والتربية عليها
اعتبرت أطر تعليمية وفعاليات حقوقية بطنجة، أن نشر ثقافة حقوق الإنسان بالوسط المدرسي لم تصل إلى ما هو مأمول منها وتبقى جزئية، نظرا لوجود اختلالات ونواقص كثيرة تتعلق بضعف حضور القيم الحقوقية الواردة بالدليل المرجعي الرسمي بالمناهج والمقررات التعليمية، وترتبط كذلك بعدم تضمين قيمها ومبادئها في الوسائط التعليمية والكتب الدراسية المعتمدة، بالإضافة إلى اضطراب في المرجعية تعانيه مضامين التربية على حقوق الإنسان في بعض المواد الحاملة. وذكر عدد من الفاعلين التربويين بالمدينة، أن مكتسبات المغرب في مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان في المدارس والتربية عليها، لا ترقى إلى طموحات الحركة الحقوقية، واقتصرت، بشكل مضطرب، على إدماج بعض المفاهيم الحقوقية في ظل غياب خطة وطنية تستند على معرفة صحيحة بواقع حقوق الإنسان، وعدم إلزام كل المؤسسات التعليمية، سواء العمومية أو الخاصة، بتطبيقها ودمجها في الأنشطة الثقافية الموازية للدروس النظامية حتى يتم تثبيتها وترسيخها لدى الطلاب، وتصبح سلوكات وتصرفات منتشرة بين أفراد المجتمع.
وفي هذا السياق، ذكر مصطفى أقبيب، مفتش التعليم الثانوي في مادة الفلسفة، أن الأسباب التي تقف وراء تعثر المنظومة التربوية في مجال التربية على حقوق الإنسان عديدة ومتنوعة، وأوضح أن بعضها يتعلق بالمنهاج الدراسي ومرجعية بعض المواد الحاملة، وكذا عدم أجرأة المذكرات التنظيمية وتفعيل الشركات المبرمة بين المؤسسات التعليمية والجمعيات الحقوقية.
وقال أقبيب لـ "الصباح"، إن "الوزارة لم تخصص مادة مستقلة للتربية على حقوق الإنسان، واكتفت بتبني "المدخل الاندماجي" القائم على إدراج مفاهيم حقوق الإنسان في بعض المواد الدراسية، غير أن هذا المدخل، رغم بساطته وعدم فعاليته، اقتصر فقط على ما يسمى بـ "المواد الحاملة"، في حين تجاهلت الوزارة "المدخل المستقل"، الذي يعتبر أنجع مدخل للتربية على حقوق الإنسان، لأنه يقوم على أساس تخصيص مادة مستقلة كما هو الشأن بالنسبة إلى التربية الإسلامية، وبذلك لم يتسن للمتمدرسين اكتساب الكفايات في مجال التربية على حقوق الإنسان والتشبع بمبادئها وقيمها المؤدية إلى سلوكات حقوقية".
كما أضاف أقبيب، وهو فاعل حقوقي، أن مضامين التربية على حقوق الإنسان في بعض المواد الحاملة تعاني اضطرابا في المرجعية، موضحا أن مواد التربية الإسلامية والتاريخ والفلسفة مثلا تطرح حقوق الإنسان من خلال خصوصيتها ومنظورها العام، وهو ما يتناقض مع أهداف عقد الأمم المتحدة الذي يدعو إلى العمل على تكوين فهم مشترك للمبادئ والمنهجيات الخاصة بالتثقيف في مجال حقوق الإنسان.
ودعا أقبيب في ختام حديثه إلى مراجعة البرامج والمناهج التربوية وتضمينها بمواد دراسية تنسجم مع مستلزمات التربية على حقوق الإنسان، وإعادة الاعتبار للمذكرات الوزارية وإصدار أخرى تجرم العنف في الوسط المدرسي، مشددا على ضرورة تعبئة الفاعلين التربويين للانخراط في العملية وتوقيع اتفاقيات الشراكة مع جميعات حقوقية وأخرى تدخل ضمن مكونات المجتمع المدني.
ولم يخرج محمد العسري، أستاذ متقاعد وعضو في اللجة الجهوية لحقوق الإنسان، عن السياق نفسه عندما قال، إن "النهوض بالمنظومة التربوية يعد مدخلا أساسيا وحاسما لأي طموح تنموي، لأن الرهان الذي تطرحه المنظومة التربوية في هذا الظرف بالذات، هو الربط الممكن بين التكوين والمعرفة من ناحية، وبين ترسيخ قيم المواطنة وحقوق الإنسان من ناحية أخرى".
ولتحقيق ذلك، أوصى الناشط الحقوقي باعتماد مقاربة تشاركية مندمجة، تتلخص في إنشاء لجنة وطنية موسعة، تتكون من القطاعات الحكومية المعنية وممثلي المجتمع المدني المهتم بنشر ثقافة حقوق الإنسان، بالإضافة إلى خبراء في التربية وممثلين عن المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، تتكفل بوضع وتنفيذ وتقييم إستراتيجية لإشاعة ثقافة حقوق الإنسان في المؤسسات التعليمية والتربية عليها.
ودعا العسري الحركات الحقوقية بالمغرب إلى تحيين توصياتها التي تدعو إلى السمو بالمواثيق الدولية ذات الصلة بالتربية على حقوق الإنسان، وإعطاء مقاربة النوع أهمية خاصة وتصحيح الاختلالات التي عرفتها الكتب القديمة والجديدة منها، بالإضافة إلى ضرورة العمل على تخصيص مادة مستقلة لتعليم ثقافة حقوق الإنسان والتربية عليها.
المختار الرمشي (طنجة)