2012-03-03, 21:42
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | واقع المتعلم ... | واقع المتعلم ... التعليم كما عرف سابقا مهنة شريفة و سامية ، إنها صناعة الأرواح و إعادة بعثها ، خلق آخر للحياة و بعث لانتعاشها .إنه فن إنساني من الدرجة الأولى لا يطالب صاحبه بضرورة التمكن من مادة التدريس فحسب و إنما امتلاك مهارات و ملكات عديدة تكون أسلحة لمواجهة الصعوبات و تحدي التغيرات و القدرة على مسايرة كافة الأوضاع أي أن يكون مزيجا مكونا من أديم كل العلوم و المعارف بمختلف مشاربها و أذواقها . أعتقد أن التدريس ليس بالأمر السهل إنه مسؤولية جسيمة و أمانة لا يطيق حملها إلا العقلاء ، أو ما يمكن إدراجه في ضروب السهل الممتنع ، ذاك السهل الذي يولج و يطرق بابه في ترقب لحظة تحقيق مكتسبات عديدة ، لكن سرعان ما ينكشف النقاب و يبدو المستور جليا للعيان قالبا الحقائق رأسا على عقب ، و تأتي لحظة الاصطدام بالواقع المرير الذي يكشف أن الفصل ليس فضاء تدريس و تلقين علوم ، و إنما ساحة وغى تحتاج إلى عداد و عدة ، و أحيانا إلى أسلحة فتاكة تختلف باختلاف نوعية المحاربين ، و قد يخرج المدرس منتصرا أو منهزما حسب صنف السلاح الذي يمتلك . و شتان بين الهزيمة و الانتصار الأولى نقطة سوداء تحول الحياة إلى جحيم لا يطاق ، و الثانية دافع قوي إلى شق درب التفوق و الامتياز و يا له من امتياز لا يستطيع ناكر إنكاره . العملية التعليمية محور يدور حول طرفين أساسيين لا غنى لهما عن بعضهما البعض :المدرس و المتعلم و كما ينشد الطرف الأول متعلم من درجة الامتياز أو على الأقل المتوسط بشرط توفر شحنات سلوكية في المستوى المطلوب ، كذلك يترقب المتعلم أن يمن حظه عليه بمدرس بمستوى الجودة التي تترقبها وزارة التربية و التعليم رغم ما لا يعد و لا يحصى من الترقيعات التي تبدو بجلاء بين دون حاجة إلى استخدام مجهر في الزي التعليمي . إن الطريق بين الوزارة و المؤسسة التعليمية ببلادنا طريق محفوف بالمخاطر التي تهدد المستقبل ، و تودي بفلذات أكبادنا في مهاوي سحيقة من المجهول ، إنه سبيل مكتظ بمساحات فارغة ، بل فراغات غائرة لا نملك تجاهها إلا طرح تساؤلات عديدة لا نجد لها من إجابات سوى الانتظار و لكن إلى متى ؟؟؟ المدرس داخل الفصل محارب و بأسلحة - مهما كانت قوية و جبارة – فهي بدائية و هزيلة المفعول في حرب ضد الاكتظاظ الهائل الذي يجعل من فضاء الفصل حافلة مكتظة الى آخرها ، في حاجة ماسة إلى سائق مفتول العضلات، و مساعد ذو طاقة جبارة ، يجهل المدرس فيها هل المطلوب منه تلقين العلم أم القيام بدور الحراسة ، و في هذه الحالة رغم ما قد يقوم به المسكين من دور فعال في محاولة خلق تكافؤ الفرص و دمقرطة الاستفادة و القضاء على التعثرات فيبقى في موضع اللاحول و لا قوة منتظرا فرج الله القريب . إن الاكتظاظ سرطان يهدد كيان الفصل الدراسي و يفتك بأعضائه عضوا عضوا دون رحمة موصلا اياه الى الهلاك . الاكتظاظ هو الدرب الموصل الى الشغب ، و عوض التركيز و الانشغال بموضوع الدرس يعطي الضوء الأخضر لفتح أبواب الشغب على مصراعيه و الانشغال بسفاسف الأمور ، و لا غرابة في ذلك و المتعلم في مقتبل العمر ضائع تائه في عالم العولمة مأخوذ بسرعة التكنولوجيات غارق حتى أذنيه في عالم جديد غريب لا هدف فيه مرسوم أمام عينيه ، و لا موجه مرشد الى الطريق المستقيم . إنه ضحية التنشئة كمرتبة أولى و أشياء أخرى عديدة ... و كل هذا يؤدي الى نتيجة واحدة تكمن في عدم القدرة على الاستيعاب و التحصيل الجيد ، و بالتالي الفشل الذريع مما يساهم في الهدر المدرسي . و هذه النتيجة المهولة تجعل الآباء ينظرون إلى حقيقة الأمر من زاوية واحدة دون الإحاطة بكل جوانب القضية ملقين اللوم على المدرس باعتباره القنطرة الوحيدة التي تخفي الوزارة وراءها سياستها التعليمية مما يجعل التعليم العمومي ينسلخ انسلاخا عن مصداقيته مرتديا زي النقص و الاتهام ليصبح عارا ما بعده عار، و هنا يكون التعليم الخصوصي البديل الأكيد ، و المنقذ من غياهب الجهل و ظلمات البدائية إلى المستقبل المشرق الزاهر .و تضيع الحقيقة باختلاف الآراء و تعدد وجهات النظر ، و تغذو المدرسة العمومية ضربا من الجهل و الضياع حيث ضبابية المستقبل و عتمة ألوانه ... بقلم : د. إيمان بوغلاد | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=524760 |
| |