2011-06-30, 23:28
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | تعيينات وتعيينات | المساء : 30 - 06 - 2011 من الناحية الإدارية البحتة، تعد عملية تعيين الأساتذة الجدد مسألة حسابية يحكمها منطق «ملأ الفراغ»، حيث يتم رصد الخصاص الناجم عن الحركة الانتقالية أو الإدارية وتحديد التخصصات التي تحتاج إليها كل «الأماكن الفارغة» ليتم ملؤها ب«أشخاص»، لكن بالنسبة إلى هؤلاء التعيين مسألة مصيرية، ونقول مصيرية لأن مكان التعيين الأول بالنسبة إلى أي مُدرّسة أو مُدرّس يصبح، غالبا، مرجعا يغطي المستقبل المهني، فكم من مدرس شكّل مقر العمل الأول بالنسبة إليه منطلقا للنجاح وتحقيق مكتسبات عائلية ومهنية ودراسية جعلته يُغيّر إطاره ليلتحق بإطارات أرقى، والعكس صحيح، إذ كم من مدرّس أصابه الإحباط من مقر عمله الأول، فبدل أن يعالج الداء بالدواء المناسب، سارع إلى علاجه بداء آخر، فمن المدرسين من يسارعون إلى الزواج دون تفكير، ومنذ السنة الأولى، ومنهم من يطرقون أبواب «المتع» الأخرى ليدخل «الكريدي» من أوسع أبوابه.. وبعد سنوات، يتحول ما كان مصدر سعادة وأحلام إلى مصدر تعاسة وإحباط، ونفس الأمر بالنسبة إلى المُدرّسات، فكم من مُدرّسة ساعدها الحظ في تعيين مكّنها من أن تلتقي بزوج وأسسا معا أسرة وأنجبا أبناء، وكم من مُدرّسة مكّنها التعيين الجيد من إتمام دراستها ومن الحصول على شهادات عليا، ومن ثمة تغيير إطارها القديم نحو إطارات أرقى، والعكس صحيح أيضا، فكم من مُدرّسة كان مقر عملها سببا في عنوستها أو سببا في زواج فاشل من طينة المدرّسين المدمنين على «الكريدي» وعلى كل الموبقات.. ومن بين هؤلاء المدرّسين والمدرّسات من يرتبون، بعفوية، أمور زواجهم قبل التعيينات، ليبدؤوا «ملاحم» من المعاناة بسبب البعد والإحباط الناجم عن سنوات من انتظار الالتحاق.. إنها التعيينات، كما يعيشها المدرس الجديد وكما لا يراها «المتفرغون» في اللجن الثنائية. عندما تتاح لك فرصة زيارة مدرسة أو مركز لتكوين المدرسين، تتاح لك فرصة أن ترى الأحلام تبنى، أحلام شابات وشباب في عمر الزهور اعتبروا ولوج المركز أو المدرسة للتكوين في سلك التدريس نهاية المشكلة الكبرى، مشكلة البطالة، دون أن ينسوا الاعتقاد أن ما يقال عن قسوة التعيينات ما هو إلا كلام «فاشلين»، ومن هؤلاء الشباب والشابات من يذهب بهم الحلم بعيدا إلى حد اتخاذ قرار «الالتزام» والتخرج من مركز التكوين نحو «قفص الزوجية» مباشرة.ولأن فترة التكوين هي الفترة الوحيدة والأخيرة للحلم لدى هؤلاء الشباب والشابات، فإنهم يغتنمون المناسبة «الطيبة» للذهاب بالخيال إلى حدوده القصوى، مثلا «هندسة» بيت الأحلام واختيار الألوان والديكورات المناسبة له.. وبعد أن يستغرق هذا الحديث الحالم منهما ردحاً من الزمن ويستعرض كل منهما ثقافته الإستيطيقية، ينتقلان إلى موضوع آخر وهو اختيار أسماء أبنائهما، أبناء المستقبل.. وبعد أخد ورد، حيث يستعرض كل منهما ثقافته في دلالات الأسماء.. يستقر أمرهما، أخيرا، على أن يسمي هو الذكور وتسمي هي الإناث!.. وبعد أن «يُصدّقا» أحلامهما السابقة كلَّها، يشرعان في «حساب» تكاليف الخطوبة والزواج والعرس، دون أن تنسى الشابة -مُدرسة المستقبل، الحديث المطول والمستفيض عن عادات أهلها في مناسبات كهذه.. أما الشاب -مدرس المستقبل، فيختلي، بنفسه، كل ليلة، لحساب مقدار المال الذي سيصبح مدينا به للدولة في شهر كذا.. وكم يشعر بالتفاؤل وهو يُجري عملياته الحسابية البسيطة وكله يقين أنه سيصبح «غنيا» بالأجرة الشهرية التي يحصل عليها، لذلك فهو يستغرب جدا مَن يطالبون، ممن سبقوه، بالزيادة، فحسب «ورقة الدفتر»، التي دوّن عليها «حساباته» فهو قادر، في السنة الأولى، على توفير مصاريف الزواج من صديقته الشابة -مدرسة المستقبل. وحسب هذه الورقة دائما، ورقة الدفتر، فهو قادر على شراء سيارة «رونو 19»، الشهيرة ب«المعلمة» في السنة الثانية.. وقادر على بناء منزل أو شرائه -«لا فرق»- في بضع سنوات... وتنتهي السنة ويتخرج الشابان وقد أصبحا مدرسين وخطيبين... ولأن ما تم «اقترافه» من أحلام إبان التكوين انتهى مع التكوين بواقع التعيين، فإن صدمتهما الأولى تكون عند سماعهما التعيينات عندما يجدان أنفسهما متباعدين بمئات الكيلومترات.. أما الصدمة الثانية فتبدأ عندما يحل كل منهما بالبلدة التي تحتضن مقر عمله(ها) الأول، فتجد المُدرسة الشابة مديرا «مخزز» وحارسا عاما «يتفاءل» بقدوم المدرسات الشابات.. وزملاء يعرضون، كل حسب «أسلوبه»، المساعدة على المُدرسة الشابة.. أما المدرس الشاب، فإلى جانب «مدير ينتظر تقاعده»، فإنه تكون في استقباله أيضا «عوانس» يتفاءلن، هن أيضا، بالخريجين الشباب.. «لعل وعسى»! أما الصدمة الثالثة فستكون مع المفتشين، إذ منهم «المتعالم»، القادر على الإفتاء في كل شيء، ومنهم «البوليسي»، ومنهم المتصابي، ومنهم «الغائب» دائما... وبعد أشهر من العمل، يتذكر المدرس الشاب «ورقة الدفتر»، التي «اقترف» فيها أحلامه المتفائلة، فيبدأ في «إعادة جدولة» أحلامه من جديد، لأنه انتبه إلى أن ديونه التي راكمها في حياته الجديدة، وهو «حساب» لم يدونه عليها، هي أكبر من أحلامه ويكتشف أن طريق «الوفاء» بتعهداته لخطيبته -المدرسة الشابة يتحقق عبْر «كْريدي» من البنك، فيضحي من أجل ليلة فرح بسنوات من الغم أو يقرر نهج طريق «الواقعية»، فيعلن لخطيبته أسفه عن كل أحلامه، ما ظهر منها وما بطن، فالحلم في التكوين ليس هو الواقع في التعيين... | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=393047 آخر تعديل ابن خلدون يوم 2011-07-01 في 00:16. |
| |