الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات التكوين المستمر > منتدى منهجيات وطرائق التدريس


منتدى منهجيات وطرائق التدريس هنا تجد كل ما يفيدك في مجال الديداكتيك وطرائق التدريس ومنهجيات تدريس المواد بمختلف الأسلاك والمستويات

شجرة الشكر1الشكر
  • 1 Post By ابن خلدون

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2010-12-14, 23:00 رقم المشاركة : 1
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

افتراضي التاريخ المغربي من خلال الكتاب المدرسي.



التاريخ المغربي من خلال الكتاب المدرسي.
بقلم: اليماني قسوح (آيت عبد الله، الحسيمة)

تقديم: ان الموضوع الذي نحن بصدده قيد الدراسة والتحليل، يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة لكل غيور على هوية شعبنا ومستقبل بلادنا، موضوع يطرح عدة صعوبات، وهو يحاول مقاربة عدد من القضايا/ الإشكالية المؤرقة والمقلقة والكفيلة بالمناقشة والتحليل والتدقيق، من خلال رصد وتتبع الأهمية والمكانة التي يحتلها التاريخ المغربي، مقارنة مع تاريخ المناطق والشعوب الأخرى، في كتاب التاريخ المدرسي، وأيضا تحليل جوانب من طبيعة خطاب هذا التاريخ، عن طريق الوقوف عند مجموعة من المفاهيم والمصطلحات، والتحقيب الزمني المتبع، واستخلاص التناقضات والثغرات التي تعج بها المعرفة التاريخية المدرسية عند مقارنتها بغايات واهداف تدريس التاريخ، مع اثارة جوانب من النتائج السلبية المترتبة عن هذا الواقع.
وقبل الدخول في صلب الموضوع، نرى من الضروري، وفي اطار منهجي، الوقوف عند العناصر / المفاهم المهيكلة لعنوانه، فليس من وظائف المقدمة التفصيل في تحديد المفاهيم، بقدر ما نتوخى من ذلك رفع أي ليس قد يعتري الفهم، من ذلك:
مفهوم التاريخ المغربي، الذي يتشكل من كلمتين: التاريخ الذي يحيل على علم يهتم بدراسة الإنسان عبر الزمان، دراسة اجتماعية اقتصادية سياسية وثقافية، دراسة للماضي وأثره في الإنسان حاضرا ومستقبلا.(1)
والملاحظ ان كلمة "التاريخ" جاءت مقرونة بصفة "المغربي"، اشارة الى حيز/ مجال جغرافي وبشري، تتسع وتضيق حدوده من فترة لأخرى، حسب الظرفية السياسية، إنه المغرب العميق بتعبير محمد أركون الذي لم يستمد مشروعية تشكله من عنصر الجغرافيا وحسب، بل أيضا واساسا. من انتمائه الى بنية اجتماعية، ثقافية، وإثنية متماثلة ترمز اليها طريقة عيش الناس، وكسوتهم ولغتهم ودينهم وأنماط تفكيرهم، وذاكرتهم الجماعية(2). هذا، وقد شعر المغاربة بكنيانهم منذ فجر التاريخ، مما يجعلنا نقر بوجود تاريخ للمغرب يعكس تطور شخصية مجتمعه.
أما مفهوم الكتاب المدرسي: بصيغة المفرد، فيراد به الكتب المدرسية المخصصة لمادة التاريخ، التي وضعتها وزارة التربية الوطنية رهن اشارة التلميذ المغربي.
وسأقتصر في هذا المقال على الكتب الحالية للتعليم الأساسي بسلكيه، على اعتبار أنه لا يمكن الإحاطة والإلمام بكل الكتب تحليلا واستنتاجا نظرا للتعديلات والتنقيحات العديدة التي عرفتها هذه الكتب منذ 1956 الى 1992 .
تدريس التاريخ: الغايات والاهداف.
التاريخ مرتبط بمنظومة القيم التي تكون فلسفة المجتمع ككل، فهو غير مجرد من طبيعة القيم والثقافة(3)، وهو يعتبر القناة الأساسية التي من خلالها تتم عملية بناء نظرة التلميذ الى ذاته وماضيه، ومن ثم حاضره ومستقبله، ولذلك فان برامج هذه المادة ومضامين محتوياتها يجب ان تهيأ بكل عناية ليتعرف التلميذ على هويته من خلال المساهمة في استمراريتها وديمومتها. هذا من جهة، ومن جهة اخرى، فمعرفة ارثنا الحضاري وفهم تراثنا الثقافي، واكتشاف تنوع وغنى عادات شعبنا وأرضنا، هي ضرورة لتكوين الإنسان المغربي، لذلك فان الإنسان الذي تريده التربية أن تحققه فينا ليس هو الإنسان الفطري، ولكن ما يريد المجتمع أن يكون عليه هذا الإنسان، يعني كائنا اجتماعيا، وهذه النظرة الى التربية هي نظرة اجتماعية في تكوين الإنسان كما اكد ذلك اميل دوركايم(4).
ولقد كان هدف التاريخ الأول الإسهام في خلق الروح القومية وتدعيمها، واشاعة حب الوطن، ببيان ظروف ولادته وتطوره، وبيان الصعوبات التي واجهها في الدفاع عن كيانه واستقلاله، والتعريف بمراحل مقاومته وبهزائمه وانتصارته، والمكان الذي يحتله في مجموعة الأمم، ويرجى أن يتطور تعليم التاريخ أكثر فأكثر من التاريخ الوطني الى تاريخ شعوب العالم، ومن التاريخ السياسي والعسكري الى تاريخ الحضارة(5).
وفي هذا الصدد، يجد المتصفح لكتيب /" كراسة البرامج والتوجيهات التربوية لتدريس الإجتماعيات بالسلك الثاني من التعليم الأساسي" الصادر سنة 1992 مجموعة من الأهداف "النوعية" التي حددتها الإدارة التربوية الرسمية من تدريس مادة التاريخ ، والمتمثل في(6) :
* ادراك المتعلم لمفهوم الزمان ادراكا واضحا بشكل تدريجي، وتمثله لمختلف الفترات التاريخية بأبعادها الزمانية الشاسعة بشكل ملموس يساعد على الإرتقاء الى مستوى التجريد .
* تعريف المتعلم بتراث أجداده وامجاد بلاده حتى ينشأ محبا لوطنه مخلصا له، مسهما في خدمته وتقدمه متمسكا بمقدساته.
* ترتيب الأحداث ترتيبا سببيا بادراك العلاقة بين العناصر المحركة للتاريخ، والربط بين الحقب والفترات التاريخية، مع التركيز على استخلاص المظاهر والمراحل والنتائج ، والوعي بأهم القضايا الإنسانية المعاصرة.. * توعية المتعلم بأهمية الماضي في فهم الحاضر والتطلع الى المستقبل قصد تأهيله لحل المشاكل التي تواجهه، وبذلك يصبح الماضي حاضرا، والتاريخ فاعلا
هكذا ، يبدو تقارب وتشابه هذه الأهداف التي حددتها الإدارة التربوية الرسمية مع أهداف تدريس التاريخ المذكورة سلفا. لكن، يظل السؤال الذي يطرح نفسه بالحاح هو: الى أي حد تم الإلتزام بهذه الأهداف عند وضع برامج مادة التاريخ ؟ وما مدى خدمة واستجابة مضامين ومحتويات هذه البرامج للأهداف المذكورة؟
ان مقاربة هذه الأسئلة مقاربة موضوعية، تتطلب ممارسة نقدية ايبستيمولوجية مزدوجة لبرامج التاريخ المدرسي، سواء على المستوى الشكلي/الخارجي ، او على المستوى الداخلي ( تحليل الخطاب والمضمون)، وهو ما سنحاول القيام به ريثما نقدم الجداول الإحصائية التالية:
الجدول رقم 1

الرقم عناوين الدروس طبيعة الموضوع
الترتيبي المتعلقة بتاريخ
للدرس المغرب

الحامسة 17 الإمارات الإسلامية بالمغرب الأقصى اجتماعي/سياسي
أساسي
السادسة
أساسي 1 قيام الدولة الإدريسية سياسي
1 2 التجارة المغربية في
عهد الأدارسة اقتصادي
3 فاس في عهد الدارسة حضاري
9 قيام الدولة المرابطية وامتدادها سياسي
9 الطرق التجارية المارة
بالدولة المرابطية اقتصادي
10 تأسيس مراكش حضاري
11 ابن تومرت ودعوته سياسي
12 قيام الدولة الموحدية وامتدادها سياسي
13 الطرق التجارية
المارة بالدولة الموحدية اقتصادي
14 مدينة الرباط وقصبة الوداية حصاري

السابعة
أساسي 8 انقسام الغرب الإسلامي
بعد سقوط الدولة الموحدية سياسي/اقتصادي
9 الدولة المغربية: قيام حكم المرينيين
ومحاولات توحيد الغرب الإسلامي سياسي/عسكري

الحضارة المرينية: المجتمع والحياة الاقتصادية
10 الحصارة المرينية: العمران والفكر حضاري
11 الدولة المغربية: قيام السعديين ورد
الأخطار الخارجية حضاري
14 الدولة المغربية: في أوج عهد السعديين سياسي
15 الحصارة المغربية:في عهد السعديين:
المظاهر الاجتماعية والاقتصادية سياسي/اجتماعي
16 الحصارة المغربية في عهد السعديين:
المظاهر الفكرية والعمرانية حضاري
17 الدولة المغربية: تدهور
السعديين وتفكك المغرب حضاري

الثامنة
أساسي 10 قيام الدولة العلوية سياسي
11 الدولة العلوية: مرحلة توطيد
السلطة المركزية وتوحيد البلاد سياسي/عسكري
12 الدولة العلوية: الاستقرارالسياسي
والانفتاح التجاري والديبلوماسي في
عهد سيدي محمد بن عبد الله سياسي
الدولة العلوية: سياسة الاحتراز في عهد المولى إسماعيل
13 الحضارة المغربية في القرنين 17 و 18 سياسي
14 التدخل الأوروبي بالمغرب في القرن 19 حضاري
15 عواقب التدخل الأوروبي بالمغرب سياسي
16 محاولات الإصلاح بالمغرب
خلال القرن 19 سياسي/اجتماعي
17 التهافت الامبريالي على المغرب
والسير نحو الحماية سياسي/اجتماعي

التاسعة
أساسي 11 الاحتلال العسكري للمغرب
والمقاومة المسلحة سياسي/عسكري
12 نظام الحماية بالمغرب
وأجهزته الإدارية سياسي

13 الاستغلال الاستعماري
ونتائجه على المجتمع المغربي سياسي/اجتماعي
14 الحركة الوطنية المغربية
والمطالبة بالإصلاحات سياسي
15 الحركة الوطنية المغربية
والمطالبة بالاستقلال سياسي
16 ثورة الملك والشعب
وتحقيق الاستقلال سياسي/اجتماعي
{المصدر: برامج كتب التاريخ المدرسي (الخامسة + السادسة + السابعة + الثامنة + التاسعة أساسي)}

الجدول رقم 2
المستوى مجموع دروس عدد الدروس النسبة المئوية
البرنامج المتعلقة بالمغرب التي تمثلها
الخامسة
أساسي 19 1 5
السادسة.أ 19 10 50
السابعة. أ 19 9 47
الثامنة. أ 20 9 45
التاسعة.أ 20 6 30
المجموع 97 35 36
(المصدر: من إنجاز شخصي اعتمادا على معلومات الجدول رقم 1)

بعد قراءة متأنية للمعلومات والإحصائيات التي أوردناها في الجدولين، يمكن أن نسجل مجموعة من الملاحظات بصدد مكانة تاريخ المغرب في الكتاب المدرسي، من ذلك:
أولا: من حيث الكم : يظهر أن هن مجموع 97 درسا من الدروس المقررة في التعليم الأساسي بسلكيه، نجد فقط 35 درسا من الدروس التي تهم التاريخ المغربي، بنسبة 36، والباقي مخصص لتاريخ الشرق وتاريخ اوربا.
ثانيا: من حيث التحقيب: فقط غطت دروس تاريخ المغرب جميع حقب التاريخ العام بشكل متدرج من السنة الخامسة الى السنة التاسعة أساسي باستثاء التاريخ القديم، اي تاريخ المرحلة الما قبل اسلامية الذي تعرض للإقصاء.
ثالثا: من حيث الترتيب: اذا أستثنينا السنة السادسة أساسي حيث نجد دروس تاريخ المغرب في الصدارة، فان ترتيب هذه الدروس في باقي برامج السنوات الأخرى، يأتي في الأخير والوسط، مما يعني أن تدريسها يتزامن مع الحصص الأخيرة من الموسم الدراسي بعد ان يكون التلميذ قد أرهق وأشحن بتاريخ الغير، وترسخت لديه النظرة التمييزية الخاطئة: تمجيد تاريخ الآخر في مقابل احتقار الأنا/الذات.
رابعا: من طبيعة المواضيع: وقع التركيز على الأحداث السياسية وتاريخ الأفراد، من حيث تم التقليل من الجوانب الحضارية والاجتماعية التي تعكس تاريخ المجتمع.
* ومن خلال ما سبق، يمكننا الجواب عن جوانب من السؤال الذي طرحناه في بداية المطاف بخصوص مكانة التاريخ المغربي في الكتاب المدرسي، ومدى استجابة هذا التاريخ للأهداف المتوخاة من تدريسه، حيث يتضح أن كل المعطيات تؤكد ضعف وهزالة حضور التاريخ المغربي ضمن البرامج مقابل هيمنة تاريخ الغير، وخاصة الأوربي والمشرقي. والأدهى من ذلك، اسبقية وأولوية هذا الأخير على الأول من حيث الترتيب، وهذا يعكس النظرة الدونية والتحقيرية تجاه الذات (تاريخيا)، من طرف واضعي هذه البرامج ، في مقابل تمجيد الآخر. والقول بهذا لا يعني انني أدعو الى التمركز حول الذات، بل لأؤكد أن الحرص على الخصوصية التاريخية والثقافية أمر ضروري، خصوصا اذا علمنا أن غاية المجتمع هي حماية الإرث الثقافي المتراكم عبر الحقب التاريخية دون استثناء او إقصاء،" ولأن التاريخ المغربي هو أولا وفي حد ذاته تاريخ يتسم بالخصوصية بما فيه الكفاية ليكون جديرا بأن يماط علنه اللثام ويفهم في مجموع مراحله وفي مختلف جوانبه" (7)
* وهذه الحيثيات هي التي جعلت البرنامج المقرر الى حد ما في شكله الحالي لا يتجاوب ومتطلبات مجتمع مغربي أصيل ينشأ أفراده، وخاصة متعلموه على معرفة تراث أجدادهم وأمجاد بلادهمن ، محبين لوطنهم(8) . فالتاريخ لا يمكن تدريسه دون التفكير العميق في الغاية من هذا التدريسن ، ذلك ان التاريخ مرتبط بمنظومة القيم التي تكون فلسفة المجتمع ككل، فهو غير مجرد عن طبيعة القيم والثقافة، كما اشرنا سابقا، لذلك كان من الأنسب أن يراعى في تكوين المتعلم جانب الخصوصية الثقافية. فالخصوصية بحث في الهوية وتفاعل المتعلم مع محيطه الإجتماعي، مع العلم أن التعددية هي تفتح على تاريخ العالم، بقدر يتيح فهم التاريخ الوطني، لكن لا يجب ان يتم هذا التفتح على حساب تاريخنا، كما هو الشأن بالنسبة للبرامج الحالية..
* واذا كان التاريخ يفترض احترام التدرج الزماني والتحقيب التاريخي، والتوزيع الى وحدات زمنية متعاقبة او متزامنة، فان واضعي البرامج لم يحترموا هذا المعطى، والهدف المصرح به، عندما تم الغاء واقصاء تاريخ المغرب القديم، والإستعاضة به بدروس الأخرين من مشارقة وأوربيين.
* وعليه، تظل المقومات الحضارية للشخصية المغربية المتميزة حاضرة في كراسة البرامج والتوجيهات، غائبة على مستوى الكتب المدرسية. وهذا يشكل مظهرا من مظاهر الإختلال والتناقض الذي يسم سلوك السياسة التعليمية بالمغرب، كما يعكس بوضوح الموقف السلبي لواضعي البرامج تجاه حقبة تاريخ المغرب القديم، واستخفافهم بمساهمتها في تكوين الشخصية المغربية.
* واذا كان على التاريخ ان يهتم بدراسة المقومات الحضارية والتنظيمية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والعمرانية، دون إغفال التطورات السياسية وتسلسلها والعلاقات الجدلية بينها، وهو ما تركز عليه المدرسة التاريخية المعروفة بمدرسة الحوليات، فالملاحظ ان التاريخ المدرسي، كما يتضح انطلاقا من العناوين، وبالخصوص من تحليل المضامين، انه ركز وأعطى اهمية للأحداث السياسية وتاريخ الأفراد، في عملية التحليل، وهذا التوجه يتماشى مع منظور المدرسة التاريخية المعروفة بالمدرسة الوضعية.
المفاهيم الموظفة: لقد تخللت برامج التاريخ المغربي المدرسي العديد من المفاهيم والمصطلحات، التي نقر بأنها لم تخل من الجدل والإختلاف حول استعمالها وتوظيفها، كما لم تحظ داخل مدارس البحث وتياراته بالاجماع حول صلاحية اعتمادها وصحة نقلها من اطار تاريخي محدد الى مجال تاريخي مغاير، او من حقل معرفي الى اخر مختلف عنه ومتباين معه، مفاهيم قلما تحكمت الأوضاع الداخلية للمجتمع المغربي في ظهورها وتأصيل العمل بها، وقد تم اللجوء اليها واعتمادها في متون المقررات المدرسية لمادة التاريخ دون الوعي بتعقدها المنهجي ودقتها النظرية، وبمدى اصالتها. من ذلك مفاهيم: الوطنية ، الدولة،"البربر"، الظهير "البربري "، السياسة" البربرية " ، الإستقلال ، الشعب...
ـ فبخصوص مفهوم الوطنية، يبدو من خلال الدرس رقم 14 من مقرر السنة التاسعة اساسي والمعنون ب"الحركة الوطنية والمطالبة بالإصلاحات" ، انها عبارة عن "حركة انتقادية واحتجاجية ضد تصرفات سلطات الحماية الجائرة، وكانت بداية ظهورها سنة 1927 ، الا ان صدور ما يسمونه" بالظهير البربري" يشكل شهادة ميلادها "(9). وهذا التعريف يجانب الحقيقة والصواب، وجانب الخطأ فيه يكمن في الإيهام بان مثل هذا الإنتقاد والاحتجاج الوطني كان منعدما فيما مضى، وهذا هو الإنطباع الذي يتأكد عندما نجد مصطلحات أخرى من قبيل: "المقاومة الأولية" و"المقاومة الثانوية" و"المقاومة السياسية" للتمييز بين ردود الفعل العسكرية التي شهدتها الأراضي المغربية ( ثورات محمد بن عبد الكريم الخطابي، موحا أوحمو الزياني، عسو أوبسلام، أحمد الهيبة...) والعمل السياسي المنظم ( ظهور احزاب ومنظمات وجمعيات سياسية)(10) .
ـ ويبدو أن توظيف هذا المفهوم بهذا الشكل، القصد منه شرعنة العمل السياسي للحركة الوطنية الكلامية بتعبير محمد شفيق، والتي تحكمت نخبتها في زمام أمور البلاد والعباد غداة الإستقلال، وهذا إن دل على شيء فانما يدل على طبيعة الإنتماء الإديولوجي للمعرفة التاريخية المدرسية المقدمة للتلاميذ، ولواضعي هذه المعرفة، الذين تجهل أسماؤهم بعد ان اختفت لتبقى وزارة التربية الوطنية لوحدها على غلاف الكتاب، ولعل هذا يطرح أكثر من تساؤل واستفسار حول هذا الغياب أو التغييب المقصود منه بالذات أبعاد وطمس حقائق تاريخية، قد لا تنسجم مع الأمانة العلمية الموكولة لهذا المؤلف او ذاك(11) .
- ومهما يكن، أعتقد ان الوطنية نزوع ومبدأ قديم لدى الإنسان المغربي، ينمو وفق ايقاع تطور المجتمع المغربي، ويتجدد بحسب القضايا والتحديات التي تواجه المغرب في كينونته ووجوده.
- وبالنسبة لمفهوم الدولة، يتضح من خلال كتاب التاريخ المدرسي، الدرس الأول من السنة السادسة اساسي، ان وجودها وظهورها كان مع مجئ ادريس الأول، ولا امتداد لها في تاريخ المغرب قبل الحقبة الاسلامية، علما ان المؤرخ الإستعماري سبق وان اكد على ان الرومان هم الذين ادخلوا مفهوم الدولة الى المنطقة. واذا كان الرأي الاخير تؤطره الإديلوجية الاستعمارية الاستعلائية، فماذا يمكن القول عن الرأي الأول؟ الا يبدوا انه يشبه الثاني؟ ، اولا في التسرع في طمس الحقيقة، وثانيا في الإيديولوجية المؤطرة لها، وهي ايديولوجية تؤمن بالإستعلاء وبأنها مصدر الحضارة في مقابل النظرة التحقيرية والإقصائية للأخر المهمش، وكلا الرأيين يجانبان الصواب عندما يحاولان القيام باستيراد واسقاط المفاهيم دون مراعاة الخصوصيات المحلية(12).
- وفيما يخص كلمة "البربر" ، فقد وظفت في متن البرامج والنصوص التاريخية المدرسية، بشكل لا يترك للمتعلم فرصة لاستيعاب معناها، وفي الغالب هذا التوظيف يجعل المتعلم في حيرة ويتخذ مواقف اجتماعية وسيكولوجية سلبية تجاه هذه الكلمة، التي لم يتكلف واضعو البرامج عناء شرح حقيقة مدلولها واطارها التاريخي، قد يقال للأستاذ امكانية التصرف ةالإجتهاد، لكن، هيهات، لأن حقيقة الواقع تعاكس ذلك، حيث أغلبية المدرسين يلجأون الى نسخ محتويات الكتاب المدرسي بنوع من التلخيص فقط، كما لا ننسى أن دروس التاريخ من المدرسة الإبتدائية الى الجامعة، هي رواية شفوية، والأستاذ لا يعرف بالوثائق، اذا عرف فالنزر القليل مما هو مكلف بتلقينه(13)، وهذه عادة سيئة بطبيعة الحال .
- وفي هذا الصدد، تستوقفنا قضية ظهير 16 ماي 1930 ، هذا الظهير تقدمه لنا الكتب التاريخية المدرسية تحت اسم "الظهير البربري" وتصوره لنا على انه يتضمن احكاما "عنصرية" ترمي الى احداث التفرقة بين " العرب " و" البربر" بهدف تفتيت وحدتهم واضعافهم، وقيل انه يحول دون تطبيق التشريعات الإسلامية على القبائل التي تصنف بأنها بربرية(14) .
- وحتى يتم توجيه فكر التلميذ في هذا الإتجاه، وشحنه بهذا التأويل الأسطوري، وتجنبا لكل ما من شأنه ان يكشف ويعري حقيقة هذا الأمر، تجنب واضعو هذه الكتب الإشارة الى التسمية الأصلية لهذا الظهير التي هي : " الظهير المنظم لسير العدالة بالقبائل ذات العوائد البربرية التي لا توجد فيها محاكم لتطبيق الشريعة "(15) .
- هذا من جهة ، ومن جهة أخرى تم تجنب ذكر وايراد النص الأصلي للظهير، الذي يتكون من ثمانية فصول. ولعل هذا العمل الموجه والمقصود يجانب الموضوعية والأمانة العلمية ويدخل في خانة المغالطة التاريخية.
- بالنسبة للإستقلال، فالكتب المدرسية لا تترك الفرصة للمتعلم لإستعاب معناه، والى أي حد يمكن اعتباره نقطة تحول في المغرب المعاصر(16) .
- وفي ما يخص مفهوم الشعب، فقد تم توظيفه على مستوى الخطاب التعليمي والسياسي بشكل لا يخلو من المغالطة، ويكفي ان اشير الى مقرر السنة التاسعة اساسي، الدرس رقم 14 ، والمعنون ب" الحركة الوطنية والمطالبة بالإصلاحات" وردت فيه وثيقة مقتطفة من كتيب " مطالب الشعب المغربي" لعشرة مؤلفين، ذكرت أسماؤهم وصورهم في الكتاب المدرسي (17)، هذه الوثيقة في أصلها تضمنت مجموعة من المطالب، لم تكن تعبر فعلا عن مطالب كل المغاربة، بل عن نخبة مدينية معروفة بتوجهاتها الشرقانية، فمن المطالب التي قدمتها هذه النخبة، نجد المطلب الخامس :" احترام اللغة العربية لغة البلاد الدينية والرسمية في الإدارات كلها بالإيالة الشريفة وكذلك في سائر المحاكم، وعدم اعطاء أي لهجة من اللهجات البربرية اية صفة رسمية ومن ذلك عدم كتابتها بالحروف اللاتينية "(18) .
- ولعل هذا المطلب تم جرده والتغاضي عنه في الوثيقة الموجودة بالكتاب المدرسي حتى لا يتم اكتشاف حقيقة المفهوم المغيب من المفهوم المغلوط الذي يراد ان يكون للشعب .
جوانب من الأثار المترتبة عن ضعف وهزالة حضور التاريخ المغربي في الكتاب المدرسي.
لا جدال في ان التلميذ المغربي في ضل الحالة المذكورة، ستكون معلوماته ومعارفه حول تاريخ بلاده هزيلة وناقصة كما وكيفا، بل غامضة ومبعثرة وغير مفهومة في مجموع مراحله وفي مختلف جوانبه، بالمقارنة مع ما سيتلقاه ويستقيه من معارف وقيم تخص البلاد والشعوب الاخرى المشرقية والغربية، التي يظل تاريخها اكثر حضورا، مما يجعله في غالب الاحيان يشعر بالحرج والغبن حينما يقرأ عن تاريخ اجداده(19) ويعرف مثلا عن قضية القدس أكثر مما يعرف عن قضية سبتة ومليلية والجزر المغتصبة، ومن الطبيعي ايضا ان نجد اطفالنا وتلاميدتنا الذين يترقبهم وينفق عليهم المجتمع، لتحمل مسؤوليات تسيير وخدمة البلاد بعقلية وغيرة وطنية، يتعاطفون وجدانيا مع الآخر اكثر من تعاطفهم مع الذات. لان القيم والمعلومات التي استقوها منذ الطفولة المدرسية لاتشكل فيها القيم الوطنية إلا حيزا هامشيا، ولعل من يسعى الى تقوية غيره يحكم على نفسه بالخراب والدمار، كما تقول القاعدة(20) .
- لقد ساهمت هذه البرامج في جعل المتمدرس المغربي إنسانا حاقدا على انتمائه الوطني، إنسانا مفصولا عن ارضه وتربته السوسيولوجية، لا تربط ه به سوى البطاقة الوطنية، على حد تعبير عبد السلام خلفي، ومعوقات الفيزا للهروب الى شرق روحاني او الى غرب يشكل جنة الفردوس اليه.
على سبيل الختم: ـ ان انعدام التوازن الذي تعرفه المعرفة المدرسية المتعلقة بتاريخ المغرب، والنتائج المترتبة عن ذلك ترجع فيه المسؤولية لأصحاب القرار الذين تحركهم وتؤطرهم انتماءات ايديولوجية لا تخدم ماضي وحاضر ومستقبل بلادنا، ايديولوجية مستوحاة من عقلية لا تؤمن ولا تعترف بالآخر ككيان وحضارة وهوية...، ومن وسائل عملها طمس وتزوير الحقائق التاريخية وتهجير الجغرافيا.
- والجدير بالملاحضة ايضا، ان اصحاب القرار، إما أنهم غير واعين أو غير ممتلكين لذاكرتهم، وإما أنهم اصيبوا بمرض نفسي جعلهم يشعرون بالدونية او الحاجة الى المال والجاه والسلطة والمكانة الاجتماعية، فتنصلوا من ارومتهم وتنكروا لثقافتهم وتاريخهم ولغتهم، وهذا يشكل اعلى وأخطر مراتب الاستلاب.
- وأخيرا، وليس آخرا، اذا كانت هذه الدراسة، على تواضعها، قد جاءت في ظرفية تتميز على المستوى الرسمي التربوي بالانكباب على تغيير البرامج التعليمية انطلاقا من الموسم الدراسي القادم، فان ما نتمناه هو أن لا تتكرر الأخطاء، وأن يستوعب القائمون والساهرون على وضع البرامج ، الملاحظات والإنتقادات الموجهة الى البرامج الحالية، ويأخذوا بعين الاعتبار مطالب واقتراحات المجتمع المدني، والتي عبرت عنها العديد من الفعاليات والجمعيات الثقافية والتربوية.
الهوامش والإحالات:
1- عبد اللطيف اوبلا، "تدريس الإجتماعيات بالسلك الأول من التعليم الأساسي"، سلسلة التكوين التربوي، عدد 9 ، ط: 99 ، 98 ، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، ص:9
2- امحمد مالكي، "الحركات الوطنية والإستعمار في المغرب العربي"، مركز دراسات الوحدة العربيةط ، ط 1 ، بيروت 1993 ، صط : 21 .
3- عبد اللطيف اوبلطا ، مرجع سابق ، ص:19
4-4 - E.DURKHEIM. “Education et sociologie” . Paris . P.U.F.1966.COLLECTION .le sociologue . page: 90
5- لمزيد من المعلومات في هذا الاطار، انظر كتاب: "التربية والعلم" ، تأليف روبير موكراش بالاشتراك مع غاستون ميالاريه وأخرون ، ص : 200 .
6- انظر كراسة البرامج والتوجيهات التربوية لتدريس الإجتماعيات بالسلك الثاني من التعليم الأساسيط ، نشر وزارة التربية الوطنيةط ، 1992 ، صص: 13 و14 .
7- جيرمان عياشط : "دراسات في تاريخ المغرب"، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى ، 1986، ص: 323 .
8- انظر كراسة البرامج، مرجع سابق ، ص:13 .
* استعمالي لكلمة الإقصاء لم يكن اعتباطيا، بل تعبيرا عن الحقيقة، سيما اذا علمنا ان الكتاب المدرسي للسة الأولى اعدادي، السادسة حاليا، كان يتضمن بعض الدروس المتعلقة بالتاريخ القديم للمغرب، هذا وسنعود لتناول تاريخ المغرب القديم في الكتاب المدرسيللسنة الأولى ثانوي في حلقة اخرى.
9- انظر الكتاب المدرسي لمادة التاريخ ، التاسعة اساسي ، ط :1 ، 1993 ، صص:109 و110 .
10- لمزيد من المعلومات في هذا الصدد انظر : Laroui.les origines sociales et culturelles du nationalisme
marocin . 1830 1912.pت: 421
- جيرمان عياش ، مرجع سابق ، ص : 8 .
- -امحمد مالكي ، المرجع السابق ص : 25
11- بلكبير علي: "الشخصية المغربية الأمازيغية في الخطاب التاريخي المدرسي: ملاحظات وتساؤلات" ، جريدة تامازيغت ، ع : 19 ، 1999 .
12- حسن اوريد، "لمحة من تاريخ شمال افريقيا" ، مجلة تيفاوت ، ع 11 ص، 60
13- عبد الله العروي: "مفهوم التاريخ "، ج 1 ، الألفاظ والمذاهب، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء 1992 ، ص:23 .
14- انظر كتاب التاريخ، السنة التاسعة اساسي ،ط: 1 ، 1993، ص 110
- - وايضا كتاب التربية الوطنية ، الثامنة اساسي ، هامش المصطلحات ،ط : 5 1996 ، ص :21 .
15- لمزيد من المعلومات حول هذا الظهير يمكن الرجوع الى كل من :
- * المهدي ءيعزي : " الظهير البربري" اسطورة ام واقع؟ ، ترجم عن الفرنسية افولاي ، جريدة الهوية ، ع : 9 ، يونيو 1996 ، ص: 2
- * محمد بودهان ، " الظهير البربري" حقيقة ام اسطورة؟ ، جريدة تامونت، ع13 ، نونبر 1997 ، 2947 ، ص : 7
- * " الظهير البربري" اكبر اكذوبة سياسية في تاريخ المغرب السياسي، حوار مع الأستاذ محمد منيب مع جريدة اكراو امازيغ ، ع 21 ، 1998 ،ص:17
16- للمزيد من المعلومات انظر: بلكبير علي مرجع سابق .
17- كتاب التاريخ ، التاسعة اساسي ،ص : 113
18- الحاج الحسن بوعياد، "الحركة الوطنية والظهير البربري" ، ط : 1 ، دار الطباعة الحديثة، الدار البيضاء 1399 و1979 ، ص 154 .
19- جامع جغايمي، "ديداكتيك اللغة الأمازيغية"، ص : 78 .
20- نيقولا ميكيا فللي، "الأمير" ، تعريب خير حماد ، ط :12 ، منشورات دار الأفاق الجديدة ، بيروت ، لبنان ، 1405/1985 ص :70

N






: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=307274
    رد مع اقتباس
قديم 2018-02-02, 17:48 رقم المشاركة : 2
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: التاريخ المغربي من خلال الكتاب المدرسي.


-**************************-
شكرا جزيلا لك..بارك الله فيك..
-**********************************-





    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من , المدرسي. , المغربي , التاريخ , الكتاب , خلال

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 17:12 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd