كيف أنظر الى: الفقر - منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

2009-07-21, 23:27

رقم المشاركة : 1

mustapham

بروفســــــــور

إحصائية العضو

mustapham غير متواجد حالياً

كيف أنظر الى: الفقر

ظل الفقر منذ القدم ظاهرة ملازمة لحياة الإنسان – وخصوصا بعد اتضاح التمايزات في امتلاك وسائل الإنتاج أو عدمه - . وقد اهتم العديد من الباحثين عبر التاريخ،ومن مختلف التخصصات بدراسة هذه الظاهرة،من حيث أسبابها ، تجلياتها ، المؤشرات الدالة عليها ، آثارها ... والثقافة المرافقة لها لدى الفئات الفقيرة .
فمنذ القدم إذن،عرف الإنسان خطورة هذه الظاهرة على الأفراد والجماعات،فأرسطو – على سبيل المثال – أطلق مقولته الشهيرة :<< الفقر هو مولد الثورات والجريمة >> للدلالة بشكل واضح على نوعية القيم والثقافة التي يمكن أن ينتجها الفقر بشقيها :الإيجابي أو السلبي ... وفي نقس السياق، أطلق علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قولته الشهيرة أيضا :<< لو كان الفقر رجلا لقتلته >> ،وفي هذه القولة ما فيها من دلالات واضحة على خطورة ظاهرة الفقر على المجتمعات ...
إن خطورة ظاهرة الفقر – في رأينا – لا تأتي فقط مما يرافقها من حرمان وإقصاء اجتماعي واقتصادي...بل مما يرافق كل ذلك من قيم وسلوكات ممارسات ... و- بشكل عام – ثقافة موازية أو مرافقة أو منتجة كتعبير أو كرد أو كتفاعل وانفعال بواقع الفقر وإكراهاته . من هنا تأتي أهمية اختيارنا للحديث عن موضوع : ثقافة الفقر.
إن مصطلح : ثقافة الفقر ليس جديدا ،بل هو من أهم المصطلحات التي استعملها بعض الأنطروبولوجيين وعلى رأسهم : أوسكار لويس الذي اهتم بالدراسات المقارنة لظاهرة الفقر بكل من قارتي :أمريكا اللاتينية وآسيا ... وسنعود لبعض أفكاره في الموضوع في محاور البحث لاحقا ...
إن اختيارنا البحث في ثقافة الفقر ،نابع بالأساس مما نعيشه اليوم على مستوى مجتمعنا المغربي من ظواهر مرضية ،وشيوع لقيم غريبة،وممارسات مخيفة وسلوكيات مقززة ... تدفع كلا منا إلى التخوف على مستقبل أجيالنا .
إن بحثنا في ثقافة الفقر – ربما – يساعدنا جميعا في فهم كل هذه الظواهر الغريبة التي جعلت مجتمعنا فاقدا للمناعة ،سهل الاختراق ،مائلا نحو الاستسلام والتسليم،بعيدا عن الإنتاج الإيجابي ومتمسكا تمسك الأعمى باستهلاك غير مشروط لكل ما يرد عليه من هنا وهناك من عادات وتقاليد وأفكار ...
لعلنا أيضا،بفهمنا الصحيح – إلى حد ما –لهذه الثقافة ،نتمكن من إيجاد تفسيرات موضوعية لهروبنا المستميت نحو الهجرة جسدا وفكرا وروحا وحواسا ومظهرا ... والارتماء في أحضان لن تكون أبدا أرحم بنا من فهم واقعنا والفعل فيه من أجل غد أفضل.