الشوق والخوف حلاّ في ربـا أدبـي
والشعر خاف من التقصير عن أربـي
لما وقفـتُ ببـاب الشعـر ممتدحـاً
خيرَ البريـةِ لاذ الحـرفُ بالهـربِ
البحـرُ مضطـربٌ خوفـاً لرفعتـهِ
والوزنُ يرهبُ والأفكـار فـي تعـبِ
النحوُ والصرفُ خافـا مـن بلاغتـهِ
وحين أيقنتُ بالإخفـاقِ فـي عجـبِ
صلّى عليـه لسـانُ الحـالِ مفتتِحـاً
فسال شعـريَ إجـلالاً لخيـرِ نبـي
يا خاتمَ الرسْلِ يا مـن نهـجُ دعوتـهِ
نورٌ من الحـق للأعجـامِ والعـربِ
شادتْ خطاك على وجهِ الثرى سننـاً
تهدي الدعاةَ إلى التقـوى بـلا ريـبِ
دعوتَ للديـن فـي سـرٍّ تخـطُ لـه
في كلِّ قلبٍ حروفَ الفـوزٍ فـي دأبِ
وحين قيل لكَ (اصدعْ ) قمتَ في عجلٍ
تدعو العتاةَ بـلا خـوفٍ ولا رهَـبِ
كم ذقتَ منهم صنوفَ الغدر مصطبراً
لم ييأس القلبُ رغم الكـربِ والنـوَبِ
كم حاولوا عبثـاً إغـراءَ شخصكـمُ
بالملْكِ حينـاً وحينـاً كـان بالذهـبِ
أقبح بعقلهمُ .. مَـنْ يرتضـي بـدلاً
عن جنةٍ قد خلتْ من جملة النصبِ ؟!
كررتَ دعوتهـم والقلـب فـي ثقـةٍ
بوعد ربِّـك فـي القـرآنِ والكتُـبِ
وددتَ لو تغمـرُ التقـوى أبـا لهـبٍ
أو آمنـتْ بالهـدى حمالـةُ الحطـبِ
لكنّ ربَّـك يهـدي مـن يشـاء لـه
لو شاء صار الورى في زمرةِ النُجُبِ
الحِلمُ كـان أساسـاً فوقـه ارتفعـتْ
دعائمُ الدينِ فـي عـزٍّ وفـي غلـبِ
فملـةُ الحـقِ لا إرهـابَ يفرضُهـا
كلا وليس له في الديـن مـن سبـبِ
لكـنْ بإقناعهـم ضـم الهـدى دولاً
في كلِّ قلبٍ نجا مِـنْ سـوءِ منقلـبِ
ضربـتَ بالفعـلِ للأزمـانِ أمثـلـةً
ظلّتْ بلا شبهٍ .. في مجمـعِ الحقـبِ
كـأنّ مشيتَـك القـرآنُ مـن ألــقٍ
أو أنَّ جِلسَتَـك الأنوار ُ للحـجـبِ
وجهٌ بشـوشٌ وهـمُ الدِيـنِ يحملـهُ
للهِ بسمـتُـه أو نـظـرةُ الغـضـبِ
تواضـعٌ عِفّـةٌ حِلـمٌ تقـىً كــرمٌ
شجاعةٌ في الوغى قـولٌ بـلا كـذبِ
أقمـتَ ليلَـك بالـقـرآنِ مبتـهـلاً
لمْ تشكُ من ليلـةٍ طالـتْ ولا تعـبِ
( عبداً شكوراً) وعفـو اللهِ يغمركـمْ
صلى عليـك الـذي حـلاكَ بـالأدبِ
هذا محمدُ مشكـاةُ الدجـى .. رجـلٌ
أنوارُ سيرتهِ فـي الأرضِ لـم تغـبِ
تبّتْ يـدٌ خطّـت رسمـاً يسـئُ لـهُ
سهامُها لم تنـلْ منـه ولـم تصـبِ
لـم يعرفـوه فظنـوا أنهـم وضعـوا
من قَدْرِهِ فانتشوا في سكـرةِ الطـربِ
الكفـرُ ران علـى عقـلٍ وأفـئـدةٍ
أصابها صـدأٌ مـن فكرِهـا العطـبِ
الكفـرُ ملّتُـهُ فـي الأرضِ واحــدةٌ
كلابُهـا كلُّهـا مقطـوعـةُ الـذنـبِ
لن يطفؤا الشمس لو في وجهها وقفـوا
أو يمنعوا النورَ لو زادوا من الحُجُـبِ
لكنّـه الحقـد أعمـاهـم وحرّكـهـم
خابوا بكبرهـمُ والحـقُ لـم يخـبِ
عذراً نبيَّ الهدى لم ننتفـض غضبـاً
من ضعفنا حربُنا بالشعـر والخطـبِ
حربُ الضعافِ دخولٌ فـي مقاطعـةٍ
لو نستطيـعُ لكانـت بالـدم السـرِبِ
يا سيدي كلُّنـا ممـا جـرى أسِـفٌ
والسعْدُ من يومها للقلـب لـم يـؤبِ
ذاب الفـؤادُ صـلاةً كــلّ ثانـيـةٍ
لولا هوى المصطفى يا قلبُ لم تـذبِ
يا مصطفى مدحتي في شخصكم شرفٌ
لذات شعريَ فـوق النظـمِ والنسـبِ
فاقبلْ إذا وُفِّقَتْ في وصـف دعوتِكـم
واغفر إذا قَصَرَتْ بالشعر عن أرَبـي
إكرامي قورة