الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات التواصل العام > - منتدى الإستقبال و التعارف - > { منتدى الخيمة الرمضانية }


{ منتدى الخيمة الرمضانية } رمضان فرصة ذهبية للتوبة والمغفرة والعتق من النار فلنغتنمها قبل ان يُقال مات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2017-06-02, 10:17 رقم المشاركة : 6
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: الخشوع في الصيام






قال ابن القيم فى كتابه مدارج السالكين(الجزء الأول صــ 429،430)


( قيل لبعض العارفين: أيسجد القلب قال: نعم يسجد سجدة لا يرفع رأسه منهاإلى يوم اللقاء فهذا سجود القلب.
فقلب لا تباشره هذه الكسرة فهو غير ساجد

السجود المراد منه
إذا سجد القلب لله هذه السجدة العظمى سجدت معه جميع الجوارح وعنا الوجه حينئذ للحي القيوم وخشع الصوت والجوارح كلها وذل العبد وخضع واستكان ووضع خده على عتبة العبودية ناظرا بقلبه إلى ربه ووليه نظر الذليل إلى العزيز الرحيم فلا يرى إلا متملقا لربه خاضعا له ذليلا مستعطفا له يسأله عطفه ورحمته فهو يترضى ربه كما يترضى المحب الكامل
المحبة محبوبه المالك له الذي لا غنى له عنه
ولا بد له منه فليس له هم غير استرضائه واستعطافه لأنه لا حياة له ولا فلاح إلا في قربه ورضاه عنه ومحبته له )







التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
قديم 2017-06-02, 10:18 رقم المشاركة : 7
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: الخشوع في الصيام



أسال الله بمنه وكرمه أن يرزقنا الخشوع
في عباداتنا كلها
وأن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا
وأن يجعل الصلاة قرة أعيننا

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
قديم 2017-06-02, 11:05 رقم المشاركة : 8
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: الخشوع في الصيام


كيف تخشع في الصلاة


أبو بكر

مقدمة
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه..
الحمد لله الذي فرض الصلاة وجعلها قرة عين العابدين ، وحلية المتقين ، وملاذ المؤمنين ،تستريح فيها نفوسهم ،وتطمئن بها قلوبهم ، وتزداد خشوعهم وخضوعهم لله رب العالمين.

معني الخشوع

الخشوع في اللغة :هو الخضوع والسكون . قال :{ وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً}
[طه : 108] أي سكنت.
والخشوع في الاصطلاح:هو قيان القلب بين يدي الرب بالخضوع والذل.قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: "أصل الخشوع لين القلب ورقنه وسكونه وخضوعه وانكساره وحرقته،فإذا خشع القلب تبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء،لأنها تابعة له " [الخشوع لابن رجب،ص17] فالخشوع محله القلب ولسانه المعبر هو الجوارح . فمتى اجتمع في قلبك أخي في الله – صدق محبتك لله وأنسك به واستشعار قربك منه، ويقينك في ألوهيته وربوبيته ،وحاجتك وفقرك إليه.متى اجتمع في قلبك ذلك ورثك الله الخشوع وأذاقك لذته ونعيمه تثبيتاً لك على الهدى ،قال تعالى :{ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}[محمد: 17] وقال تعالى :{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت :69].
فاعلم أخي الكريم – أن الخشوع في الصلاة،هو توفيق من الله جل وعلا،يوفق إليه الصادقين في عبادته ،المخلصين المخبتين له ،العاملين بأمره والمنتهين بنهيه. فمن لم يخشع قلبه بالخضوع لأوامر الله خارج الصلاة،لا يتذوق لذة الخشوع ولا تذرف عيناه الدموع لقسوة قلبه وبعده عن الله .قال تعالى :{ ِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} [العنكبوت:45] ،فالذي لن تنهه صلاته عن المنكر لا يعرف إلى الخشوع سبيلاُ،ومن كان حاله كذلك ،فإنه وإن صلى لا يقيم الصلاة كما أمر الله جل وعلا ، قال تعالى:{ َاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة : 45].
واعلم أخي المسلم بأن الخشوع واجب على كل مصل .قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ويدل على وجوب الخشوع قول الله جل وعلا،قال تعالى:{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ }[المؤمنون:1-2] .
[الفتاوى 22/254].

فضل الخشوع في الصلاة

لو لم يكن للخشوع في الصلاة إلا فضل الانكسار بين يدي الله،وإظهار الذل والمسكنة له ,لكفى بذلك فضلاً ،وذلك لأن الله جل جلاله إنما خلقنا للعبادة {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات : 56] وأفضل العبادات ما كان فيها الانكسار والذل الذي هو سرها ولبها.ولا يتحقق ذلك إلا بالخشوع .وذلك فقد امتداح الله جل وعلا الخاشعين في آيات كثيرة:قال تعالى : {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً } [الإسراء:109].
وقال سبحانه :{ َإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ } [البقرة:45].
وجعل سبحانه وتعالى الخشوع من صفه أهل الفلاح من المؤمنين فقال:{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ }[المؤمنون:1-2].
وقال{وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء : 90].
ولما كان الخشوع صفه يمتدح الله بها عبادة المؤمنين ،دل على فضله ومكانته عبدالله ،ودل على حب الله الأهل الخشوع والخضوع ،لأن الله سبحانه لا يمدح أحداً بشيء إلا وهو يحبه ويحب من يتعبده به . ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سبعة يظلهم الله في ظله ،يوم لا ظل إلا ظله-وذكر منهم- ورجل ذكر الله خالياُ ففاضت عيناه"[متفق عليه].
ووجه الدلالة من الحديث:أن الخاشع في صلاته يغلب على حاله البكاء في الخلوة أكثر من غيرها,فكان بذلك ممن يظلهم الله في ظله يوم القيامة.

أهم أسباب الخشوع

أخي الكريم-أعلن حفظك الله- أن الخشوع ما هو إلا ثمرة لصلاح القلب واستقامة الجوارح ولا يحصل ذلك إلا بمعرفة الله جل وعلا،والإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره،ومعرفة أمره والعمل به ،ومعرفة نهيه واجتنابه ،والإيمان برسول الله صلى الله وسلم واتباعه.ثم اقتران ذلك كله بالإخلاص.لذلك فإن مرد أسباب الخشوع كلها إلى هذه الأمور.

1) معرفة الله: وهي أهم الأسباب وأعظمها ،وبها ينور القلب ويتقد الفكر وتستقيم الجوارح ،فمعرفة أسماء الله وصفاته تولد في النفس استحضار عظمة الله ودوام مراقبته ومعيته.ولذلك قال الله جل وعلا:"فاعلم أنه لا إله إلا الله".
فالعلم اليقين بلا إله إلا الله ،يثمر في القلب طاعة الله وتوقيره والذل والانكسار له في كل اللحظات،ويعلم المؤمن الحياء من الله لإيقانه بوجوده ومعيته وقربه وسمعه وبصره.قال تعالى: { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }[الحديد:4].
فاعلم-أخي الكريم- أنك متى ما عودت نفسك مراقبة الله في أحوالك كلها أورثك الله خشيته ووهبك الخشوع في الصلاة,وذلك لأنك حينما تستحضر معية الله في أقوالك وأفعالك فإنما تعبد الله بالإحسان،إذ الإحسان هو:"أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه براك"كما في حديث جبريل [رواه مسلم].

2) تعظيم قدر الصلاة : وإنما يحصل تعظيم قدرها ،إذا عظم المسلم قدر ربه وجلال وجهه وعظيم سلطانه واستحضر في قلبه وفكره إقبال الله عليه وهو في الصلاة، فعلم بذلك أنه واقف بين يدي الله وأن وجه الله منصوب لوجهه ،ويا له من مشهد رهيب ، حق للجوارح فيه أن تخشع وللقلب فيه أن يخضع، وللعين فيه أن تدمع .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا صليتم فلا تتلفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في الصلاة ما لم يلتفت" [رواه مسلم]. ولذلك كان السلف رضي الله عنهم يتغير حالهم إذا أوشكوا على الدخول في الصلاة، فقد كان على بن الحسين ‘ إذا توضأ صفر لونه فيقول له أهله:ما هذا الذي يعتريك عند الوضوء ؟فيقول : أتدرون بين يدي من أقوام؟ [رواه الترمذي وأحمد].
وهذا مسلم بن يسار تسقط أسطوانة في ناحية المسجد ويجتمع الناس لذلك ،وهو قائم يصلي ولم يشعر بذلك كله حتى انصرف من الصلاة.

3) الاستعداد للصلاة: واعلم – أخي الكريم – أن استعدادك للصلاة هو علامة حبك لله جل وعلا ،وأن حرصك على أدائها في وقتها في وقتها مع الجماعة ، هو علامة على حب الله لك ،قال تعالى في الحديث القدسي:"وما تقرب إلي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه " [رواه البخاري].
ولذلك فإقامة الصلاة على الوجه المطلوب هو أول سبب يوجب محبه الله ورضوانه ،وإنما يكون استعدادك – أخي الكريم – بالتفرغ للصولة تفرغاً كاملا، بحيث لا يكون في بالك شاغل يشغلك عنها ،وها لا يتحقق إلا إذا عرفت حقيقة الدنيا،وعلمت أنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة،وأنك فيها غريب عابر سبيل سوف ترحل عنها في الغد القريب.قال صلى الله عليه وسلم: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل".
وكان عبدالله بن عمر يقول :"إذا أصبحت فلا تنتظر المساء . إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ،وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك " [رواه البخاري].
فإذا تفرغ قلبك من شواغل الدنيا،فأصبع الوضوء كما أمرك الله متحرياً واجباته وشروطه سننه لتكون على أكمل طهارة،ثم انطلق إلى بيت الله سبحانه بخطى ملؤها السكينة والوقار واحرص على الصق الأول يمين الإمام.عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟"قلنا:بلى يا رسول الله .قال :"إسباغ الوضوء على المكاره،وكثرة الخطى إلى المساجد ،وانتظار الصلاة بعد الصلاة،فذلكم الرباط.فذلكم الرباط"[رواه مسلم والترمذي]
وقال صلى الله عليه وسلم :"لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ،ينتظر الصلاة ،والملائكة تقول:اللهم اغفر له.اللهم ارحمه.حتى ينصرف أو يحدث"قيل وما يحدث؟قال:"يفسو أو يضرط"[رواه مسلم].
وقد كان السلف رحمهم الله يستعدون للصلاة أيما استعداد سواء كانت فرضاُ أم نفلاً .روي عن حاتم الأصم أنه سئل عن صلاته،فقال:إذا حانت الصلاة،أسبغت الوضوء ، وأتيت الموضع الذي أريد الصلاة فيه،فأقعد فيه حتى تجتمع جوارحي،ثم أقوام ‘لي صلاتي ،وأجعل الكعبة بين حاجبي ،والصراط تحت قدمي ،والجنة عن يميني،والنار عن شمالي ،وملك الموت ورائي ،وأظنها آخر صلاتي ،ثم أقوم يسن يدي الرجاء والخوف ,أكبر تكبيراُ بتحقيق ,وأقرأ بترتيل ،وأركع وكوعاً بتواضع وأسجد سجوداً بتخشع..وأتبعها الإخلاص ،ثم لا أدري أقبلت أم لا؟.
*ومن الاستعداد للصلاة أن تقول المؤذن غير أنه إذا قال:"حي على الصلاة حي على الفلاح"فقل:"لا حول ولا قوة إلا بالله "ثم ذلك بما صح عن رسول صلى الله عليه وسلم من الأدعية المأثورة ومن ذلك :"اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ,آت محمد الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته"[رواه البخاري] واعلم – أخي الكريم – أن أداء النوافل والرواتب تزيد من خشوع المؤمن في الصلاة ،لأنها السبب الثاني الموجب لمحبة الله .كما قال جل وعلا في الحديث القدسي :"ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه"[رواه البخاري ].

4) فقه الصلاة : وإنما جعل فقه الصلاة من أسباب الخشوع ،لأن الجهل بأحكامها ينافي أداءها كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم ،ولأن خشوع المسيء صلاته ،لا يفيده شيئاً في إحسانها ولا يكون له كبير ثمرة حتى يقيم صلاته كما أمر الله.
ولقد صلى رجل أمام رسول الله عليه وسلم فأساء صلاته،فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "ارجع فصل فإنك لم تصل"[رواه البخاري ومسلم وأبو داود].
فيجب عليك – أخي الكريم – أن تعلم أركان الصلاة وواجباتها ، وسنن الصلاة ومبطلاتها ،حتى تعبد الله بكل حركة أو دعاء تقوم به في الصلاة.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"صلوا كما رأيتموني أصلي".

5) اتخاذ السترة : وذلك حتى لا يشغلك شاغل ولا يمر يديك مار سواء من الإنس أو الجن ،فيقطع عليك صلاتك ويكون سبباً في حرمانك من الخشوع.
عن سهل بن حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته"[رواه النسائي وأبو داود].
وأعلم أخي الكريم أن اتخاذ السترة في الصلاة ,قد تهاون فيه كثير من الناس،وذلك لجهلهم بما يوقعه من السكينة والهدوء في قلب المصلي ولجهلهم بحكمه في الصلاة.

6) تكبيرة الإحرام: أخي الكريم – أما وقد عرفت ربك والتزمت بأمره واتبعت سبيله ،فلبيت نداءه وتركت ما سوى ذلك من حطام الدنيا وراء ظهرك ,وأقبلت على ملاك أحسن إقبال بصدق وصفاء وإخلاص ،- أما وقد حصل لك ذلك الاستعداد كله – فاعلم أن تكبيرة الإحرام هي أول شجرة تقطف مها ثمرة الخشوع والذل والانكسار،تقطفها وتتذوق حلاوتها حينما تتصور وقوفك بين يدي الله ، وحينما تغرق تفكيرك في معاني "التكبير" فتتصور قدر عظمة الله في هذا الكون ،وتتأمل – و أنت تكبر – في قول الله جل وعلا { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} [البقرة : 255] ثم تتأمل قول ابن عباس رضي الله عنه أن الكرسي موضع القدم،فحينئذ تدرك حقيقة الله أكبر".تدركها وهي تلامس قلبك الغافل عن الله فتوقظه,.وتذكره بهزل الموقف وعظم الأمانة التي تحملها الإنسان ولم يؤديها عرضت عليها .تدرك أخي الكريم – حقيقة التكبير وأسراره وتنظر إلى حالك مع الله وما فرطت في جنبه سبحانك ثم تتيقن أنه سبحانه قد نصب وجهه لوجهك في لحظه التكبير لتقيم الصلاة له راجياً رحمته وخائفاً من عذابه ،إنه لموقف ترتعش له الجوارح وتذهل فيه العقول .كان عامر بن عبد الله من خاشعي المصلين وكان إذا صلى ضربت ابنته بالدف ،وتحدث النساء بما يردن في البيت ولم يكن يسمع ذلك ولا يعقله .وقيل له ذات يوم:هل تحدثك نفسك في الصلاة بشيء؟قال:نعم ,بوقوفي بين يدي الله عز وجل ,و منصرفي إلى إحدى الدارين ،قيل فهل تجد شيئاً من أمور الدنيا؟ فقال:لأن تختلف الأسنة في أحب إلي من أن أجد في صلاتي ما تجدون.
فهكذا كان السلف إذا دخلوا في الصلاة فكأنما رحلت قلوبهم عن أجسادهم من حلاوة ما يجدون من الخشوع والخضوع.

7) التأمل في دعاء الاستفتاح: وأدعيه الاستفتاح كثيرة،وكلها تشمل معاني التوحيد والإنابة وعظم الله وقدرته وجلال وجهه ،لذلك فالتأمل فيها يورث أخي الحبيب هذه المعاني العظيمة التي تهز القلب وتحرك الشوق وتقوي الأنس بالله جل وعلا.ومن الأدعية المأثورة:"وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين ،إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ،لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين "[رواه مسلم].
قال القرطبي :"أي قصدت بعبادتي وتوحيدي له عز وجل وحده "[تفسير القرطبي 7/28].

8) تدبر القرآن في الصلاة: وأعلم – أخي الكريم – أن تدبر القرآن من أعظم أسباب الخشوع في الصلاة ,وذلك لما تشتمل عليه الآيات من الوعد والوعيد وأحوال الموت ويوم القيامة وأحوال أهل الجنة والنار وأخبار الأنبياء الرسل وما ابتلوا به من قومهم من الطرد والتنكيل والتعذيب والقتل وأخبار المكذبين بالرسل وما أصابهم من العذاب والنكال،وكل هذه القضايا تسبح بخلدك أخي الكريم فتهيج في قلبك نور الإيمان وصدق التوكل وتزيدك خشوعاً على خشوع وكيف لا وقد قال الله جل وعلا: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }[الحشر : 21] .ولذلك استنكر الله جل علا على الغافلين عن التدبر غفلتهم فقال: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد : 24] وقال تعالي أيضاً:{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} [النساء : 82].
ويتعين التدبر في سورة الفاتحة لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تعالى :قسمت الصلاة بيني عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ،فإذا قال العبد {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }[الفاتحة : 2] قال تعالى :حمدني عبدي .وإذا قال {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة : 4] قال مجدني عبدي .وإذا قال {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة : 5] قال:هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل .فإذا قال:{ اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ [الفاتحة : 7,6] قال :هذا لعبدي ولعبد ما سأل "[رواه مسلم].

9) التذيل لله في الركوع
: أما الركوع لله فهو حالة يظهر فيها التذلل لله جل وعلا بانحناء الظهر والجبهة لله سبحانه ،فينبغي لك أخي الكريم أن تحسن فيه التفكر في عظمة الله وكبريائه وسلطانه وملكوته،وأن تستحضر فيه ذنبك وتقصيرك وعيبك،وتتفكر في قدر الله وجلاله وغناه ،فتظهر حاجتك وفقرك وتذللك لله وحده قائلاً:"اللهم لك ركعت ،وبك آمنت ،ولك أسلمت ،خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي"[رواه مسلم]، ثم عند قيامك من الركوع فقل سمع الله لمن حمده،ومعناها:سمع الله حمد من حمده واستجاب له ،ثم احمد الله بعد ذلك بقولك :"ربنا لك الحمد حمداً طيباً مباركاً فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينها وملء ما شئت من شيء بعد" وتذكر أنك مهما حمدت الله على نعمه فإنك لا تؤدي شكرها.قال تعالى:{ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا َّ }[النحل : 18].وهذا التأمل يزيدك إيماناً بتقصيرها في جنب الله ويعمق في نفسك معاني الانكسار والذل وطلب الرحمة من الله وكل هذه الأشياء محفزات لخشوعك في الصلاة.

10) استحضار لقرب من الله في السجود:
لئن كان القيام والركوع والتشهد في الصلاة،من أسباب الخشوع و الاستكانة والتذلل لله ،فإن السجود هو أعلى درجات الاستكانة وأظهر حالات الخضوع لله لعلي القدير.
فاعلم أخي الكريم :أنك إذا سجدت تكون أقرب إلى الله ،ومتى استحضر قلبك معني القرب من خالق ومبدع الكون،متى تصور ذلك كذلك خضع وخشع.وتصور حالك وأنت أقرب إلى ملك عظيم من ملوك الدنيا تود الحديث إليه،ألا يصيبك من الارتباك والسكون ما يغير حالك ويخفق قلبك،فكيف وأنت أقرب في حالة سجودك إلى الله ذي الملك والملكوت والعز و الجبروت. ولله المثل الأعلى .واعلم أن السجود أقرب موضع لإجابة الدعاء،ومغفرة الذنوب ورفع الدرجات.قال الله تعالى: {َاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ }[العلق : 19]. وقال صلى الله عليه وسلم :"أقرب ما يكون العبد من ربه هو ساجد،فأكثروا الدعاء فيه"[رواه مسلم] وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده:"سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة"[رواه أبو داود والنسائي] ويقول أيضاً:"اللهم اغفر لي ذنبي كله ،دقه وجله ،وأوله وآخره،وعلانيته وسره"[رواه مسلم] والأدعية الواردة في السجود كثيرة ليس هذا محل بسطها.

11) استحضار معاني التشهد: وذلك لأن التشهد اشتمل على معاني عظيمة جليلة،فإذا تأملت فيها – أخي الكريم – أخذت بمجامع قلبك وألقت عليك من ظلال السكينة والرحمة ما يلبسك ثوب الخشوع الاستكانة.إذا أنك في التشهد تلقي التحيات لله سبحانه،وهذا – والله – مشهد يستعذبه القلب ويخفق له ،ثم تسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيرد عليك السلام كما صح ذلك في الحديث ،ثم تستشعر معاني الأخوة في المجتمع الإسلامي حينما تسلم على نفسك وعلى عباد اله الصالحين،ثم تستعيذ من عذاب النار والقبر ومن فتنة المسيح الدجال وفتنة المحيا والممات ، وكلها تغمر القلب بمعاني اللجوء والفرار إلى الله والتقرب إليه بما يحب.

أسباب أخرى معينة على الخشوع

إذا تتبعنا أسباب الخشوع بالتفصيل ،فسنجدها هي كل قربة من الله ، إذا أن أصل الخشوع هو خشية الله تعالى ،وإليك أخي الكريم بعض الأسباب المعينة على الخشوع:
12) عدم الالتفات في الصلاة: عن مجاهد قال :كان الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود ،وحدث أن أبا بكر قال كذلك .قال :وكان يقال :ذاك الخشوع في الصلاة[رواه البيهقي في سننه بإسناد صحيح].
13) التأني في الصلاة والطمأنينة فيها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود"[رواه النسائي وأبو داود وابن ماجه].
14) اختيار الأماكن المناسب : لأن الأماكن الني يكثر فيها التشويش أو غيره من موانع الخشوع تفقد المصلي صوابه فضلاُ عن خشوعه.
15) اختيار الملبس المناسب : قال الله تعالى:{ يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[الأعراف : 31] .
16) الاستعاذة من الشيطان: لم يزل يوسوس للإنسان في صلاته فيقول :"اذكر كذا ،لم لم يكن يذكر من قبل ،حتى يضل الرجل ما يدري كم صلى " [البخاري ومسلم].
17) ملازمة التوبة والاستغفار والاجتهاد في قيام الليل.
18) الإكثار من النوافل فإنها أسباب لمحبة الله.
19) الإخلاص والصدق مع الله.

خاتمة

وأخيراً...... اعلم أن أساب الخشوع أكثر مما ذكرت لك ،وإن كان ما ذكرت يتدرج تحته بالإلزام ما لم أذكر ،فاجتهد وفقك الله لكل خير،واصدق مع الله في أمور كلها و لا سيما الصلاة ،لأنها عمود الدين،واعلم أن الخاشعين على مراتب وأحوال ،فليس كل باك خاشع وليس كل خاشع مطمئن ،وإنما مرد ذلك كله إلى علام الغيوب والمطلع على ما في الصدور ،وفقنا الله وإياك إلى الإخلاص في العمل ،والبعد عن الخطايا والزلل.وصلى الله وسلم محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،و الحمد لله رب العالمين ....والله تعالى أعلم.
-*************************************************-





    رد مع اقتباس
قديم 2017-06-02, 11:13 رقم المشاركة : 9
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: الخشوع في الصيام



الصيام حالة روحانية من الخشوع وصفاء القلب


هذا السؤال موجه من أجنبى غير مسلم

ما مزايا وفوائد الصيام فى الإسلام ؟

الإجابة :

مزايا وفوائد الصيام كثيرة ، منها :

1. مزايا صحية :
تمتلأ بها كتب الأطباء بأن الإمتناع عن الطعام
والشراب نهاراً لمدة شهر في العام ينقي المعدة ، ويصفي القلب ،
ويجدد نشاطهما ، ويخفض نسب المواد الغذائية التى إذا تركت
فإن زيادتها تسبب الأمراض كالسكر والضغط والكليسترول
وغيرها ، ويخفض التوترات فيتجمل الصائم بالسكينة والحلم
وسعة الصدر

2. مزايا اجتماعية :
تجتمع الأسر حتماً على الطعام في الفطور والسحور ويشعر الغني
بألم الجوع فيعطف على الفقير فينمي الصيام الإحساس
بالآخرين ويزيد التكافل الاجتماعي


3. مزايا أخلاقية :
لأن الصائم الحقيقي يصوم عن لغو الكلام ، وعن الذنوب والآثام ،
وعن الشر كله ودوافعه ونوازعه دفعة واحدة ، وينمو عنده
الرغبة في الخير لنفسه ولجميع من حوله

4. مزايا إيمانية :
لأن الصائم يُقْبِل على العبادات بطهارة نفس ، وخشوع
وصفاء قلب، فتنتعش روحه ، ويزيد شوقه إلى العالم الأعلى ،
ويتطلع دوماً إلى القرب من الله عز وجل ، وهذا ما يجعله
يسمو بإنسانيته وروحانيته على كل من حوله
-*******************************************-






آخر تعديل خادم المنتدى يوم 2017-06-02 في 11:22.
    رد مع اقتباس
قديم 2017-06-02, 11:23 رقم المشاركة : 10
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: الخشوع في الصيام


حياة القلوب في رمضان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
إن شهر رمضان شهر التوبة والغفران، شهر تحيى فيه القلوب، وتسموا فيه الأرواح؛ وذلك من كثرة القربات، والطاعات، من صيام، وقيام، وصدقة وجهاد، وتلاوة قرآن، وغيرها من أعمال البر والإحسان.

صيام العارفين له حنين إلى الرحمن رب العالمينا


تصوم قلوبهم في كل وقت وبالأسحار هم يستغفرون

فما أعظمها من أعمال تحيى معها القلوب، وتسمو معها النفوس، فمن هذا الأعمال ما يلي:
1- تقوى الله: إن الغاية الحقيقة, والهدف من صيام رمضان، هو تقوى الله- سبحانه وتعالى-ومراقبته في السر والعلن، قال الله-تعالى-:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة:183). فالصوم وسيلة عظمى لتقواه-سبحانه-، وهي جماع خير الدنيا والآخرة، يقول-صلى الله عليه وسلم-: (كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف) قال الله-تعالى-: (إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)(1).
1-يقول الرازي-رحمه الله-: "إن الصوم يورث التقوى لما فيه من انكسار الشهوة وانقماع الهوى؛ فإنه يردع عن الأشر, والبطر, والفواحش، ويهون لذات الدنيا, ورياستها، وذلك؛ لأن الصوم يكسر شهوة البطن والفرج، فمن أكثر منه هان عليه أمر هذين، وخفت عليه مؤونتهما، فكان ذلك رادعاً له عن ارتكاب المحارم والفواحش، ومهوناً عليه أمر الرياسة في الدنيا، وذلك جامع لأسباب التقوى...)(2).فالصيام هو طريق التقوى الموصل إلى رحمة الله ورضوانه, وهو سُلم الارتقاء نحو سمو النفس وعفتها وطهارتها متحررة من كل رغبات الحياة المباحة, ومن شهوات الدنيا المحللة لتلجأ إلى الله وحده مستعينةٌ بصبر جميل, وقلب مطمئن صادق الإيمان. فهي نفسٌ عائشةُ لله مستعينةٌ بالله متوجهةٌ إلى الله..فأي منزلة عظمى يبلغها الصائم بصدق عند الله-تعالى-. فالصوم ليس إلا تعويدُ النفس على الصبر وتحمل المكاره اختياراً ورغبة في تقوى الله -تعالى- ورجاء عفوه ورضاه، فكيف لا يكون القلب حياً وقد تحررت النفس عن رغبات الحياة، إنها التقوى حياة القلوب.
2- الصيام: إن المسلم الصائم يجد من الحلاوة، والخشوع، والبكاء ما يحيى به قلبه، ويتمنى لو طال شهر رمضان, وذلك لما يحيى قلبه بالصيام الذي يخلو معه البال، ويُضيّقُ فيه على الشيطان، فيتفرغ القلب لمناجاة ربه-سبحانه وتعالى-، فيجد رقة في قلبه، ودموعاً في عينيه، رجاء رحمة الله، وخوفاً من عقابه، ومراقبة له -تبارك وتعالى-. وقد اختص الله هذه العبادة له فقال: (كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحدٌ أو قاتله فليقل إني صائم، والذي نفسُ محمدٍ بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه)(3). وفي رواية : (يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصوم لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها)(4).ففرحة الصائم عند فطره تتأتى من أمله ورجائه في أن يتقبل الله-تعالى-صومه معاهداً ربه بالاستمرار على درب التوبة الصادقة والنصوح، وفرحته يوم لقاء ربه حينما يحَضرُ صيامه وقيامه بهيئة طيبة يشفعان له، وإذا نظرت لرسول الله-صلى الله عليه وسلم-وهو يبشرك ويهنئك بقوله الكريم: (ما من عبد يصوم في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجههُ عن النار سبعين خريفا)(5) لأدركت بأن الفرصة الرمضانية المواتية هي من فرص العمر الفريدة، ولو أثلج صدرك قول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-ببشارة أخرى مباركة: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)(6) لعلمت أنك أمام فرصة إسقاط العقوبات والجزاءات, ونجوت بجسدك وروحك من نار لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها ملائكة غلاظ شداد، ولعلمت أن رحمة الله أوسع من غضبه, فهلم هلم إلى الصيام. فرضاً وطوعاً(7).
3- تلاوة القرآن: عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أجود الناس, وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن" فالرسول الله-صلى الله عليه وسلم- حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة"(8). فالمسلم الحريص جديرٌ به أن يتعهد القرآن بالمدارسة والمذاكرة والتلاوة؛ لأن ذلك كله من الوسائل الفعالة في تهذيب النفس وتزكيتها، وتلاوة القُرآن إذا لازمها الخشوع والتدبّر في ألفاظه ومعانيه, فكانت وسيلة لتنوير القلب وإحيائه, فحضور القلب والفكر, والخشوع أمور هامة عند قراءة القرآن, وليحصر المسلم فكره في أنه يتلوا كلام الله-عز وجل-وأنه جالسٌ بين يدي ربه, فعليه أن يكون في غاية التوقير والتعظيم لربه, ولا بد أن يعلم المسلم أن هذا القرآن إنما أنزل ليكون هو المقصود به, وأن جميع ما فيه من أوامر ونواه إنما هو المأمور بها وهو المقصود بالانتهاء عنها, وإذا مرت به بعض عبر الأنبياء والرسل فليعلم أنها ليست قصص تسلية وإنما هي درس وعبر تشد طريقه في درب الدعوة ويستخلص منها ما يعينه على تقوية دينه, والصبر على المكاره, وتثبيت القلب {وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}(هود:120).
3- كان الزهري-رحمه الله-يقول-إذا دخل رمضان-: "إنما هو تلاوة القرآن، وإطعام الطعام". وكان مالك إذا دخل رمضان، يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويقبل على تلاوة القرآن، من المصحف. وقال عبد الرزاق: "كان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادات وأقبل على تلاوة القرآن". وقال سفيان: "كان زيد اليامي إذا حضر رمضان، أحضر المصاحف، وجمع إليه أصحابه".
4- صلاة التراويح: عن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه)(9) . فينبغي الاعتناء بها, واحتساب الأجر والثواب من الله عليها, وما هي إلا ليالِ معدودةٍ، ينتهزها المؤمن العاقل قبل فواتها. فكم من الصائمين والقائمين كانوا قد صلوها في الأعوام الماضية، فجاءهم الأجل؟!. فحيل بينهم وبين قيام هذا الشهر!! والنبي-صلى الله عليه وسلم-أول من سن الجماعة في صلاة التراويح في المسجد، ثم تركها خوفاً من أن تفرض على أمته. وينبغي صلاتها كاملة مع الإمام؛ لأن من قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلة كاملة. فما أحلاها من ساعات تقوم فيها لله رب العالمين، وما أعظمها من دقائق تقضيها بين يدي أرحم الراحمين، تمضي هذا الدقائق والثواني وأنت في طاعة، وخشوع وعبادة لله-تعالى-، وغيرك يقضيها في معاصي، وذنوب، تصليها خوفاً من الله، وطمعاً في رحمته, تصليها مع المسلمين، فتحيي بها ليلك فيحيى بها قلبك، إنها صلاة التراويح حياة القلوب في رمضان.
5- الاعتكاف: إن التفرغ للعبادة في بيت من بيوت الله-تعالى-بعيداً عن الأهل والأصحاب, والأحباب، والأقارب, والأولاد، يجعل القلب يعيش مع الله سبحانه-تعالى-يناجيه, ويدعوه, ويتضرع إليه، وإن هذا لمن أفضل وانجع العلاج لحياة القلوب، كيف لا تحيى وهي تناجي المولى-تبارك وتعالى-؟ كيف لا تحيى وهي قد تخلت عن كل ما يشغلها عن خالقها ورازقها؟ كيف لا تحيى وهي تعيش في بيت من بيوت الله لا يخرجها منه إلا الحاجة الضرورية، كيف لا يحيى وقد انقطع عن الدنيا وملذاتها, وشهواتها، وزخارفها؟ إنه الاعتكاف الذي تحيى معه القلوب، قلوب المؤمنين الطائعين لله-تبارك وتعالى-. فالمدار في الأعمال على القلب، كما قال الرسول-صلى الله عليه وسلم-ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)(10). وأكثر ما يفسد القلب الملهياتُ، والشواغل التي تصرفه عن الإقبال على الله-عز وجل-من شهوات المطاعم، والمشارب، والمناكح، وفضول الكلام، والخلطة، والنوم، والصحبة، وغير ذلك من الصوارف التي تفرق أمر القلب، وتفسد جمعيته على طاعة الله، فشرع الله-تعالى-قربات تحمي القلب من غائلة تلك الصوارف. فكيف لا يحيى القلب وقد ابتعد عن هذه الصوارف والمشاغل التي تشغله عن مولاه وخالقه-سبحانه وتعالى-؟.
6- الإنفاق: إن الإنفاق من أسباب القربات إلى الله-تعالى-ودخول الجنة، وهي لا تُنقص من مال المنفق شيئاً، بل تزيده كما قال النبي-صلى الله عليه وسلم-ما نقصت صدقة من مالٍ، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزّاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه)(11)، فشهر رمضان تُضاعف فيه الحسنات، وتُرفع الدرجات، فيتقرب العبد إلى مولاه بكثرة الأعمال الصالحة، فالمسلم عندما ينفق من ماله لا يكون ذلك إلا بعد صفاء قلبه, ورضا نفسه، فلما تتعود النفوس على بذل الأموال في سبيل الله, فإن ذلك من أهم العوامل في إحياء القلوب، وذلك لما يحس من عطف, ورحمة، وشفقة على المساكين، ولما يرى من معاناتهم الشديدة لهذه الحياة، فيرق قلبه, فيدفع من ماله الحلال الذي كد وتعب في جمعه لا لشيء إنما لوجه الله-سبحانه وتعالى-طمعاً في مرضاته، وهذا دليلٌ على أن هذا القلب حيٌ, ويزيد بهذا الإنفاق حياة أكثر وأكبر.
7- الجهاد: إن الجهاد ذروة سنام الإسلام، وفضله جدُ عظيم، ولقد كان شهر رمضان في حياة الرسول-عليه الصلاة والسلام-والسلف الصالح هو شهر الجهاد، فإن أعظم معركتين-على سبيل المثال-في حياة الرسول-صلى الله عليه وسلم-كانتا في هذا الشهر الكريم؛ شهر الجهاد والتضحيات. الأولى معركة بدر الكبرى، المعركة التي كانت فرقاناً فرق الله-تعالى-به بين عهد الذل والاستضعاف, وعهد العزة والتمكين للرسول-صلى الله عليه وسلم-والمؤمنين. والمعركة الثانية: هي فتح مكة, والتي هي من أخطر وأهم المعارك في حياة الرسول الله-صلى الله عليه وسلم-؛ لأن مكة كانت مركز الجزيرة العربية، ومكان الحج والعمرة, ومهوى أفئدة الناس من كل مكان. إن كثيراً من المسلمين اليوم انعكست هذه المفاهيم في نفوسهم، فلم يعد رمضان عندهم شهر الجهاد والعمل والتضحية، وإنما أصبح شهر الكسل والبطالة، وفضول النوم، وهذا-بلا ريب-خطأ كبير، وانتكاس خطير، فالواجب أن يصحّح هؤلاء الناس نظرتهم، ويسعوا لإحياء الجهاد في ذلك الشهر خاصة، وفي سائر الأوقات عامة, والجهاد باب واسع يدخل تحته أعمال كثيرة: فهو يكون بالسلاح، ويكون بالمال، ويكون باللسان: أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، وتعليماً للخير، ونشراً للدعوة إلى غير ذلك من سبل الجهاد(12)، فالجهاد حياة للقلوب، إذ لا يقدم على فعله إلا من عرف ما أعد الله له من أجر عظيم، وثواب جزيل في جنات النعيم، فالقلب الحي متعلق بالله-سبحانه وتعالى-، متيقن بما أعده الله لمن أطاعه، وعمل في مرضاته.
اللهم اجعل رمضان حياة لقلوبنا، اللهم وفقنا لقيامه وصيامه إنك سميع الدعاء.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين،،،
1- البخاري (5583)، ومسلم(2/806)(1151).

2- راجع: مفاتيح الغيب(5/70).

3- متفق عليه.

4- البخاري.

5- متفق عليه.

6- البخاري ومسلم.

7- حياة القلوب في رمضان ص (16).

8- متفق عليه.

9- متفق عليه.

10- البخاري(52)، ومسلم(1599).

11- مسلم(2588) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه-.

12- راجع: دروس رمضان للشيخ سلمان بن فهد العودة.





    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 15:33 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd