2016-03-29, 11:16
|
رقم المشاركة : 27 |
إحصائية
العضو | | | رد: مهلا:ما الذي ينبغي مراجعته في مناهج ومقررات التربية الدينية؟ | مراجعة برامج التربية الإسلامية..إصلاحات منهجية أم تهديد للهوية ؟
العرائش سيتي: السبت 12 مارس 2016 غصة مريرة تلك التي شعرت بها ، وأنا أطالع هنا وهناك موضوعا أسال كثيرا من المداد ، وأثار زوبعة إعلامية جعلت منه مادة دسمة ، الأمر متعلق بدعوة من جهات رسمية إلى مراجعة لبرامج مادة التربية الاسلامية ، دعوة فهمت فهمًا مغلوطا عند البعض -من الذين ليس بينهم وبين التربية الإسلامية إلا الخير والإحسان – فسلطوا ألسنتهم ، وأشهروا أقلامهم في وجه برامج المادة وأساتذتها ، زاعمين بلا حجة – قل هاتوا برهانكم إن كُنتُم صادقين – أن مقرارات التربية الإسلامية في المدارس الثانوية بسلكيها الإعدادي والثانوي تحوي دروسا تشجع على التطرف وتساهم في صنع الإرهابين . افتراء وبهتان ينم عن تطرف أرباب هذا الكلام ، وعن بعدهم بسنوات ضوئية عن المادة خاصة وعن المجال عامة . إن الناظر إلى عناوين وموضوعات الدروس النسقية (نظري – أنشطة – تطبيقي) لن يحتاج إلى كثير من الوقت ليستنتج أن ما يطبع هذه الدروس هي خصائص الاعتدال والانفتاح ، وقيم التسامح والسلام والقبول بالآخر . دروس انتظمت في وحدات ( تعبدية -تواصلية-منهجية-حقوقية …) تقدم في حصص نظرية يكتسب فيها المتعلم الموارد الأساس التي يتم استثمارها في دروس الأنشطة ( ندوات ، ورشات ، مطويات ، زيارات ميدانية …) وفي تحليل ومقاربة الدروس التطبيقية . هذا التسلسل المنطقي للدروس تؤطره كفاية نوعية واحدة تروم تحقيقها عند المتعلم . وفيما يلي عناوين بعض الدروس المبرمجة في السلك الثانوي التأهيلي والكفايات التي تروم تحقيقها حتى يتضح بما لا يدع مجالا للشك أن مادة التربية الإسلامية لا تشم منها رائحة التطرّف والإرهاب ، وإنما روائح الانفتاح والتسامح والاعتدال والوسطية . الوحدة التعبدية : فقه الصلاة ، فقه الزكاة … الوحدة الاعتقادية : الخصائص العامة للإسلام :العالمية والتوازن والاعتدال، التجديد والانفتاح الوحدة التواصلية : أدب الاختلاف – من أساليب الحوار في القرآن والسنة … الوحدة الحقوقية : حفظ الضروريات الخمس ، حقوق الإنسان في الإسلام … الكفايات المستهدفة : -استيعاب المتعلم للتصورات الإسلامية عن الكون والحياة والمصير ،لتعديل مواقفه وسلوكه وفق هذه التصورات – استثمار المتعلم لمفاهيمه وقيمه الإسلامية المكتسبة في علاقاته مع محيطه الداخلي والخارجي ، وانفتاحه الإيجابي على الثقافات الأخرى -تعميق وتأصيل المتعلم لمفاهيمه الإسلامية في مختلف مجالاتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ، مع الانفتاح على الثقافات الأخرى .. هذه نماذج لبعض الدروس والكفايات التي تقدمها مادة التربية الاسلامية إلى التلاميذ . فهل بهذه الدروس نصنع المتطرفين والإرهابيين ؟ إنه الحمق بعينيه . لا أعارض شخصيا دعوة الإصلاح والمراجعة ، بشرط أن تلامس الجوهر لا الشكل ، وأن يساهم فيه أهل مكة لأنهم أدرى بشعابها، وأن يكون مدخل الإصلاح هو إعادة الاعتبار للمادة ولمدرسيها ، وذلك بالحفاظ على تسميتها ” التربية الإسلامية ” فيها يتلقى المتعلم تعاليم دينه الحنيف ، وعبرها نرمي إلى تكوين متعلم متشبع بقيم الدين الإسلامي ،ومعتزا بهويته الدينية والوطنية ،محافظا على تراثه الحضاري ،محصنا ضد كل أنواع الاستلاب الفكري ،منفتحا على قيم الحضارة المعاصرة في أبعادها الإنسانية،ملما بقيم الحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان المنسجمة مع خصوصيته الدينية والوطنية والحضارية ،متمسكا بالسلوك الإسلامي القويم والمثل العليا المستمدة من روح الدين الإسلامي. فلماذا تصرون على تسميتها “التربية الدينية ” ؟ هل هذا منطق الاعتدال والوسطية أم تهديد للهوية ؟ بل هو كذلك تهديد للهوية “تريدون أن تطفؤوا نور الله والله متم نوره ولو كرهتم ” . وإصلاح مادة التربية الإسلامية لن تنضج ثماره إلا بإعادة الحياة إلى روحها ، وروحها هو القرآن الكريم الذي لا يحضر في المادة إلا كنصوص إنطلاق لبناء الدروس ، أو دعامات لشرح المحاور أو للاستدلال والاستشهاد .. إن ربط المتعلمين بالمادة يمر عبر ربط قلوبهم بالقرآن الكريم حفظا وتلاوة وتدبرا . وهذا لن يتأتى إلا بتخصيص غلاف زمني أكبر للمادة بمختلف المستويات الدراسية . إن الحصيص الزمني المخصص لمادة التربية الإسلامية أكاد أجزم أنه غير كاف ، خذ على سبيل المثال فقط تلاميذ السنة الثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية لا يدرسون إلا ساعة واحدة التربية الإسلامية .. فهل ساعة واحدة كافية لتلقين هؤلاء المتعلمين قيم ومبادئ ديننا الحنيف؟! أكيد لا تكفي . مداخيل إصلاح ومراجعة مقررات مادة التربية الإسلامية كثيرة ، لكن ينبغي أن تنصب على الجوهر لا الشكل ، على الكيف لا الكم ، ولن يكتب لأي مبادرة في هذا الباب النجاح إلا بإشراك أهل الاختصاص من أساتذة المادة وعلماء الأمة الأفاضل لما راكموه من تجربة وخبرة في مجال التربية والتعليم ،تشفع لهم بمراجعة منهجية لواقع تدريس مادة التربية الإسلامية في الأسلاك التعليمية وإعادة الاعتبار لمدرسيها . قلم: ذ.نورالدين الطبيلي | التوقيع | أيها المساء ...كم أنت هادئ | |
| |