2016-02-02, 20:43
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | فوق السحاب ...التقينا قصة قصيرة | فوق السحاب ...التقينا قصة قصيرة كعادة العشاق إذا ما تم لقاء ، تكون الصدفة العامل الرئيسي لهذا اللقاء . لتضفي على المشهد الطابع الدرامي الذي يزيد من احتدامه ، و تشويقه ، خصوصا في لحظات الصمت الأولى قبل أول كلمة يتفوه فيها أحدهم . ركب كلاهما الطائرة ذاتها ، دون علم الآخر ، و أنا على يقين لو أن أحدهم علم بوجود الآخر لتراجع عن الصعود ، و ألغى فكرة السفر ، و أصبحت الطائرة تمثل هاجس اللقاء .
و لأنه القدر منكر بهيئة "الصدفة" جلس كلاهما في ذات المقعد . لتتعانق النظرات ، و لو من خلف عدسات نظاراتهم المكبرة ، ولو أن العيون أحاطتها تجاعيد السنين ، ولو أن الهيئة اختلفت كثيراً ..
الحب الحقيقي "عنقاء " يعود للحياة مع أول نظرة ، و يعود لشبابه مع أول همسة . - يوماً لم أتوقع أن تسرج رحلة الخيال خيلها ، و تسري بي إلى أرض الأحلام ، و أرى الأماني تتحقق أمامي .
حقاً إنه لعالم غريب و مدهش ، من كان يتوقع أننا سنلتقي ، و حين نلتقي فوق السحاب يكون لقاؤنا !؟
و اللهِ إني أراني فارساً فر من أساطير ملوك الشرق .. أو أنني في وسط مشهد إدرامي ؛ حيث هناك على شرفة الزمان نافذة تتراقص فوقها ستارة حريرية شفافة تطل على عالم لحب الساحر ،
و نحن الإثنان أبطال هذا المشهد و ترافق لقاءنا فرقة أوركسترا تعزف لحناً يزيد من توتر اللحظة و احتدام المشهد .
إنها الحياة بكل ثقة الأيام ، و بانكسارات الأحلام ، و فوضى الآمال العارمة المطلة على عينيكِ حيث تمتد شواطئ أحلامي المبعثرة كحبات مسبحة مقطوعة .
كم مر على آخر لقاءٍ لنا ؟! منذ ذلك الوقت و ضمير الكون يتمتم لي بأننا سنلتقي و لن نفترق أبداً ، و لا زالت أم كلثوم بأغنية "أغداً ألقاك " تخبر قلبي أن كل صبح له موعد مع الغد و إن لم يشأ ؛
تلك التمتمات تحيك لي الكثير من أمنيات اللقاء ، و التي أرتبها فوق رفٍ من الدعوات الليلة .
لطالما كنت مؤمنا بأن الأقدار ستجمع شملنا ، و تنتهي من بعدنا أحزان العشاق ، و تتحقق بقايا الأمنيات في القلوب المنكسرة ، و تعود الحياة للبيوت المهجورة و ستفتح الشمس نوافذها . - دعك من مفردات الشعراء ، و من جمل الروايات المزركشة بخيال العشاق الرومنسي ، لم أعد المراهقة الواقعة في الحب ، و لم تعد الحياة قصة حب " لقاء و فراق "
البيوت هُجرت لأن قدم مستعمر دبت في البلاد ، و الشمس غيّمت عليها غمامة سوداء تتغذى على دخان القنابل ،
و هذه الطائرة التي جمعتنا بعد كل تلك السنين لم أمتطيها رغبة في السفر غير أني أجد كل العواصم أصغر من زنزانة المحتل ، و أشد فتكاً منها على ثائر أبعد عن وطنه ,
ذلك الوطن و قضيته التي عرفتني عليك ؛ لعل شهرتك كشاعر أنستك إياه . - لا بل هي عيناك ، أنستني قضيتي ، وحتى إسمي . لا تتهربي من الموضوع . - عن أي موضوع تتحدث ، يا رفيق الغضب غزا الشيب شعري ، و قلبي الذي طرح أرضاً بغية الهلاك لو أعيد تدويره للمرة الألف لن يصبح صالحا للإستعمال البشري .
الزنزانة و المنفى بتواطئ مع الزمن جعلوا مني خردا .
إذا ما شاب الثائر المهزوم نشب في داخله شعور بالإختفاء ، ولا أعني تلك الرغبة الناجمة عن موقف ، بل رغبة بالاختفاء و كأنك لم تخلق .. دون سبب .
بل هناك سببٌ و مسببات كلانا يعرفها جيداً ، إنها تدفعنا إلى التلاشي كالوميض ؛
لا تاريخ يحمل مولدك ، لا عمراً يتمدد بداخلك ، لا مشاعر ، لا أحلام ، لا أوهام ولا آمال ، لا حضور ولا غياب ، ولا حتى قبر لك بين القبور ، لا شئ أبداً . - لا بل شعور آخر شعور أعمق و أوجع يتلخص في غربتين و الحنين لوطنين ، من الغباء بمكان أن يعتقد أحدهم أن الشهرة قد تنسي الغريب وطنه ، أو العاشق حبيبه ، يقول الشاعر :- نقــل فــؤادك حيـث شـئت من الهـوى ... فما الحب إلا للحيبيب الأولــــي وكم من منزل في الارض يألفه الفتى ... و حنينه أبد الدهر للمنزل الأولي لا زلت أحتفظ بالكثير من المعاني التي خبأتها لقصائد سأكتبها مستقبلاً ، و حين أقول الكثير فهذا يعني بأن جعبتي تغصُ بالكثير من المفرادات الملفوفة بالشرائط الحمراء و لا تليق إلا بقصيدة ينظمها شاعر مغوار مع القليل من المشاعر لإمرآة باذخة الجمال ، أو وطن حُر ..
و أخشى ما أخشى أن أموت قبل أن تُنظم تلك القصائد . لقد كنت ولا تزالين جزءاً من أدبي ، و وطني ،
لم تغيبي عن بالي يوماً أنت الغائب الحاضر في كل مناسبة ، وكل مكان في حلي و ترحالي ، أنت الماضي ، و فيكِ يتجلى المستقبل المنتظر ،
و لشدة تفكيري بهذا المستقبل لقد اخترت المشط الذي سيداعب شعركِ وقد غزاه الشيب كهدية لعيد ميلادكِ الستين ،
و رأيت مشهداً يحمل لمعة عينيكِ حين رؤيتكِ لأول شعرة بيضاء ستنال من شعرك ، فكان هذا المشهد السبب الرئيسي للتحول الذي يثير غضبكِ الآن ، و أكتب قصائد الغرام بدلاً من شعر الثورة و الإنتقام .
أنا أكثر تفائلا ، كما التقينا بعد كل تلك السنين لا بد أن يزول عن بلادنا بلاء الاحتلال ولو بعد حين ، سيزول هذا الهم لا محالة سيزول ! طال الحديث بينهما عن الوطن تارة ، و عن العشق تارة إلى أن غلب النعاس كلاهما ، دون أن يغلب الأمنية المعلقة فوق رأسيهما .
فهل ستحط الطائر بهما على أرضٍ تتوق إليها الأفئدة ؟!
فيكملان حياتهما معاً من مهد الحب إلى لحد الحياة ، وقد حققا الأمنية الأهم في مسار وجودهما "حرية الوطن" .
؟ الكاتبة :حَنيّـن نِضال | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=825185 التوقيع | أيها المساء ...كم أنت هادئ | آخر تعديل صانعة النهضة يوم 2016-02-02 في 23:42. |
| |