منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى الأسرة (https://www.profvb.com/vb/f5.html)
-   -   الفراغ العاطفي (https://www.profvb.com/vb/t163566.html)

صانعة النهضة 2015-11-08 09:36

الفراغ العاطفي
 

الفراغ العاطفي



http://www.radiosama.net/wp-content/.../12/images.jpg



كلُّ إنسان يبحث عن صدر يرتمي فيه ويبوح له بما يُكنه في نفسه؛ ليتفهمه ويتفاعل معه؛
فهو بحاجة للحب والاحتواء والتقبُّل والتفهم، وجميعها حاجات إنسانية فُطر عليها البشر،
ومتى ما وجد الفرد إشباعا في الاحتياجات السابقة كان أكثر استقرارا واطمئنانا وقدرة على تأدية أدواره في المجتمع بشكل فعال، بينما قد يعاني الفرد كثيرا من المشكلات والخلل في حياته على الصعيد الذاتي والاجتماعي متى ما حدث نقص في تلبية تلك الاحتياجات، ومن تلك المشكلات التي تنشأ من عدم الإشباع بالحب مشكلة "الفراغ العاطفي"، ويعرفه علماء النفس بأنه حالة إنسانية يمرُّ بها الفرد متى ما فقد الحب والاحتواء والتقبل من محيطه، وقد يتخللها الشعور بالملل والاغتراب الاجتماعي واللامبالاة،وقد يصاحبها اكتئاب والعديد من الأعراض النفسية التي تختلف من شخص لآخر في نوعيتها وحدتها.

وهناك إشكالية في مجتمعاتنا العربية وهي عدم التعبير والبوح بمشاعر الحب للآخرين من حولنا، أبناؤنا وأزواجنا وكل من نتعامل معهم ويعنينا أمرهم، وهذا لا يعني أن المشاعر غير موجودة بل هي موجودة لكن تحفظ الفرد على البوح بها والتعبير عنها، وهنا تكمن المشكلة، وترجع هذه المشكلة للثقافة السائدة والمتوارثة في المجتمع والمتأصلة جذورها منذ أزمنة غابرة، فقد لعبت البيئة الصحراوية وظروف الحياة العربية سابقا في تبلورها، ولعب التوارث السلبي من جيل إلى جيل دورا في تأصلها واستمرارها، وأرى من وجهة نظري أنه لا قداسة للعادات السلبية الموروثة أمام الدين؛ فالدين الإسلامي دين المحبة والسلام، وقد وَرَد في الأثر العديد من المواقف التي تحث الفرد للتعبير والبوح بمشاعره للآخر فهو حريٌّ بأن يؤلف القلوب ويشبع هذا الاحتياج الفطري البشري، وقد وَرَدَ عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-

"إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ"، لقد أدرك الحبيب المصطفى بفطرته النقية أهمية التعبير عن الحب للآخر،
وأدرك ذلك الاحتياج البشري فاحترمه وحث عليه ونمذجه في سلوكه عندما سُئل: من أحب الناس لك يا رسول الله؟ قال: عائشة دون تردُّد، ثم من؟
قال: أبوها، ما أروعك يا سيدي يا رسول الله، وما أحوجنا للسير على خطاك في زمن أصبح الاحتواء العاطفي مطلبا أسياسيا لتجنب العديد من المشكلات الحياتية النفسية والاجتماعية.

وبطبيعة الأمر، يُعد عدم الإشباع العاطفي وجفاف المشاعر بين الأفراد هو المسبب الأساسي لمشكلة الفراغ العاطفي، فعندما ينشأ هذا الطفل أو المراهق في أسرة لا تعبر له عن حبها واحتوائها وتقبلها له بالطريقة وبالأسلوب الذي يفهمه ذلك الطفل وذلك المراهق، ينشأ فراغ عاطفي وفجوة عاطفية بينهما، ويعتقد الكثير من الآباء
بأن توفير الأمور المادية هو تعبير عن الحب للأبناء، وهذا وحده لا يكفي لذلك متى ما أردنا أن نربِّي أفرادا مشبعين عاطفيا يجب أن تعبر الأسرة عن حبها لأبنائها بطريقة صحيحة يفهمها الطرف الآخر وهذا يستدعي من الآباء وعيا بطبيعة المرحلة العمرية وخصائصها ليتم تلبية احتياجاتها والتعامل معهم بطريقة صحيحة.

ولا تقتصر مشكلة الفراغ العاطفي على الأطفال والمراهقين، فقد ينشأ بين الأزواج وترجع لنفس الأسباب؛
فإما بسبب عدم التعبير عن المشاعر للطرف الآخر، أو عدم التعبير بالطريقة التي يفهما الرجل أو تفهمها المرأة، وقد يحفز ويدعم هذا الفراغ أسباب أخرى منها:

- عدم تفهم الطرف الآخر وطبيعته النفسية والفكرية.

- عدم تقبل الزواج من البداية.

- الإهمال والوقوع في الرتابة مع استمرارية الحياة الزوجية مع مرور الوقت.

- رفع سقف التوقعات بين الزوجين، خاصة مع ما يرسمه الإعلام من طرق التعبير عن الحب؛
فتغزو هذه الأفكار المعلَّبة أفكار الكثير من الأزواج والزوجات فيصبح عدم الرضا النبرة السائدة بين الزوجين.

ويُعد الفراغ العاطفي بؤرة للعديد من المشكلات النفسية والاجتماعية؛ فقد ينتج عنه الشعور بالوحدة والعزلة والاكتئاب،والمزاج السيئ وسرعة الغضب، ناهيك عن المشاكل الاجتماعية حيث يسبب لدى فئة المراهقين والشباب انحرافات سلوكية واتباع أصدقاء السوء بحثا عن ملء هذا الفراغ؛ مما يؤدي للبحث عن بدائل الشعوربالنشوة والارتياح كالمخدرات والتدخين والإدمان على مواقع التواصل بحثا عن الحب والتقبل مما قد يوقع هذه الفئة في العلاقات العاطفية غير السوية، ويندرجُ على الراشدين نفس الأعراض والمشكلات التي يمكن أن يقع فيها الناشئة، فضلا عن ارتفاع نسب الطلاق الحقيقي، أو ما نسميه أيضا الطلاق العاطفي بحيث يعيش كلا الطرفين تحت سقف واحد مع انعدام التفاعلات الزوجية الصحية.

ومن طرق الوقاية من الفراغ العاطفي:

- الحب غير المشروط للطرف الآخر، وعند النقد نركز على نقد السلوك بعيدا عن ذات الفرد.

- التقدير والثناء والتشجيع وغرس الثقة بين الطرفين.

- الوعي والثقافة حول طبائع الأشخاص الذين نتعامل معهم أطفالا ومراهقين أزواجا وزوجات.

- التوعية المستمرة لجميع أطياف المجتمع خاصة المراهقين والشباب حول قضايا مهمة مثل سيكولوجية الحب وإدارة الانفعالات واختيار شريك الحياة لكي لا نشوه الحب بالتربية الخاطئة.

- الجانب الديني وتعزيزه لدى الأفراد بمختلف أطيافهم خاصة الناشئة.

- الصحبة الصالحة؛ لما لها من تأثير على سلوكيات الفرد.

وتذكروا أنَّ للكلمة الطيبة أثرًا كالرمية إذا رميتها، وأنَّ للحب لغات عديدة لا حصر لها،
فالنظرة المملوءة حبا والابتسامة العطوفة واللمسة الحانية والكلمة الراقية الودودة والفعل المعبر كلها رسائل يمكن أن توصل للطرف الآخر معاني الحب والمودة والتقبل،

جمعكم الله بمن تحبون في بيوت مطمئنة ساكنة في الدنيا والآخرة.



نادية المكتوميَّة
* متخصِّصة في المجال الأسري والتربوي



ab.hassane 2015-11-08 22:11

رد: الفراغ العاطفي
 
مقالة تستحق التنويه . حبذا لو أضيف إليها الضغوطات المادية لتحسين المستوى المعيشي وكثرة الإنشغالات والهموم في تربية الأبناء وتعليمهم لتحقيق المراتب العليا كل هذا يساهم في خلق فجوة عميقة للتعبير عن حب الآخر .

خادم المنتدى 2016-12-03 12:42

رد: الفراغ العاطفي
 
-***********************************************-
انتقاء راااائع،طرح موفق،موضوع قيم..

شكرا جزيلا لك...يارك الله فيك
تحياتي العطرة
-****************************-

رندا عثمان 2017-05-14 19:32

رد: الفراغ العاطفي
 
بوركت الجهود

صانعة النهضة 2017-05-14 21:07

رد: الفراغ العاطفي
 
https://1.bp.blogspot.com/-SS0tsQGfD...97468149_n.png


الساعة الآن 03:15

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd