الإصلاح: اللغة مشكلة خاطئة
مع كل احترام للمهتمين باللغات اعتقد أن جل المحاولات التي تبذل لأجل دعمها لن تزيدها سوى تشوها.
أولا : زمن اللغة يتراجع إلى الخلفية
يعرف الانسان تطورا متسارعا ومذهلا في القرن الأخير بما جعله في حاجة إلى قيمة معرفية لم تعد تمنحها اللغة أكاديميا كما كانت سابقا ...
فاليوم يعيش الإنسان عصر الصورة في كل تنوعاتها حيث أصبحت المعرفة فيها أهم ثروة تأخذ باهتمام الشعوب من حيث الرأسمال المعرفي.
وفي هذا الصدد فالمعرب جد متخلف يعيش فيه الإنسان نوعا من السلفية التي اسميها السلفية اللغوية.
أكيد أن اللغة العربية تبقى لغة لكل البشرية من منطلق تدايني بحكم أن الرسالة التي تحملها هي رسالة كونية فوق كل اعتبار عنصري...
ولكن أناسها عاجزون عن إنتاج ما يليق بها لأن تكون علاوة على لغة وطنية لغة التدريس.
ثانيا: العالمية ليست باللغة إنها بالمفاهيم والتصورات والموارد الإنتاجية حيث اللغة وسيلة جد بسيطة. بل وزادتها التكنولوجيا الحديثة الرقمية استبعادا إلى خلفية المشهد الإنتاجي ولتنموي.
ثالثا:يليق الأخذ بأي لغة قادرة على إثراء المعرفة لدى المتعلم المغربي وفي هذا الصدد فإن الفرنكوفونية تبقى وبامتياز لغة رياضيات وعلوم وتكنولوجيا وفنون...
فأما أن يطالب البعض بغيرها لأجل المعرفة فهذا فيه شيء آخر غير الانشغال العلمي والفني....
وعن الأمازيغية فثمة لغة وطنية تحتاج أولا إلى إعادة كتابة التاريخ ومعرفة الجذور اللغوية وإلا فإن المسؤولين عنها قد يخطؤون أناسهم بما لايليق وهويتهم. وشخصيا لا أراها جاهزة للانخراط في الأخذ بأبنائها قبل إعادة النظر في تنظيم المملكة بمؤسساتها الكبرى والمحددة للشأن العام.
إنه الحال ذاته بالنسبة للغة العربية بدليل أنها مشردة مستغربة ومفارقة لذاتها في موطنها وقد صارت زخرفية من كثرة الماكياجيات التي يعتقد أنها ستقويها .... وقد صارت متحفية كشيء من الصناعة التقليدية أكثر منه منتجة لما يليق ومسايرة العصر والمساهمة في بلورة المثالي المجتمعي الذي فشلت فيه الدولة ذاتها رغم ستين سنة من الاستقلال.

لا أريد مناقشة إشكالية اللغة بقدر ما أريد أن أثير الانتباه أنها مشكلة خاطئة وتسييسها سيزيدها تعقيدا بما يبعد الإصلاح التربوي صوابه .
فالمشكلة جوهرية, إنها مشكلة عقل (رحم الله الجابري) ومؤسسات...
نحن في حاجة إلى إعادة بناء عقولنا من داخل الأنشطة الخلوية للدماغ... وإذا استعملت كلمة "بناء" في هذا السياق ففقط لأن كل المدرسين بالمملكة لا زالوا يوظفون بياجي من أطلال العلوم الإنسانية والبيولوجية...