إن مسألة تعدد الزوجات كثر فيه الحديث والخلاف ، وقد عرفت الأمم القديمة كالصين واليونان ، واليهودية والنصرانية تعدد الزوجات ،وكذا عرفها العرب في الجاهلية قبل الإسلام ، فكان يحق للرجل أن يتزوج ما يشاء .
ثم جاء الإسلام بتسامحه ويسره وتيسيره ومقاصده الحكيمة ، ليسمو بالزواج إلى أعلى درجة عرفتها الإنسانية ، وجعل ذلك آية من علامات رُبُوبِيَّتِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ ووضح المقصد الشرعي من الزواج ، يقول جل جلاله :
" وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " . الروم /21

(( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا )) الأعراف /189

فمثل هذا المقصد العظيم – السكن إلى بعضهم بعضا - يكاد يكون اليوم غائبا عن الأذهان ،
وقد ضرب لنا الرسول صلى الله عليه وسلم مثلا عظيما في الوفاء فلم يتزوج على خديجة - رضي الله عنها - في حياتها ، ومن وفائه لها كان يصرح بحبه لها حتى بعد وفاتها ويصل صديقاتها ، فعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - ، قَالَتْ:

مَا غِرْتُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا عَلَى خَدِيجَةَ وَإِنِّي لَمْ أُدْرِكْهَا، قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ، فَيَقُولُ: «أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ» قَالَتْ: فَأَغْضَبْتُهُ يَوْمًا، فَقُلْتُ: خَدِيجَةَ ، فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا» أخرجه مسلم .
وكذلك لم يتزوج بكرا إلا عائشة - رضي الله عنها - ، وبقية زوجاته _ رضي الله عنهن - كنّ ثيبات وأرامل ، فإذا قارنا ذلك مع قوله عليه الصلاة والسلام :
(( حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ )) - أخرجه النسائي - ، لبرز سؤال ، لماذا لم يتزوج بكرا غير عائشة رضي الله عنها ، مع أن الشرع على استحباب الزواج ببكر .


محاور أخرى للنقاش :
- إذا كانت المقاصد الشرعية لا تؤيد تعدد الزوجات من غير مقصد شرعي نبيل ، فهل يجوز للحاكم تشريع قوانين ، للحد من تعدد الزوجات ؟ وخصوصا في ظل ما يرى من مفاسد التعدد . وكذلك معظم التعدد اليوم يناقض مقاصد تعدد الزوجات للرسول صلى الله عليه وسلم .

- إذا كانت المقاصد الشرعية تؤيد التعدد ، فهل السكن النفسي – الذي هو مقصد ومطلب شرعي - خاص للرجل فقط ؛ ولا يحق للزوجة أن تنعم به ، إذ كيف لها أن تنعم به !! وهناك من تشاركها في زوجها من غير مقصد شرعي نبيل ، بل كثيرا ما يقع الظلم لإحداهن .

ملحوظة :
تم إضافة استطلاع وهو خاص للنساء فقط ، والمعذرة للرجال .

مشكور على طرح ،، بانتضار مزيد ، وجزاك الله خيرا