الحدث والإشكالية:
بنوع من فن الكلام خلال انعقاد مجلس للحكومة يوم الخميس 08 يناير 2014 وجمالية الأفكار عرض السيد الوزير رؤية 2030 للإصلاح التربوي, والحقيقة أنه جاد وصادق في ما هو فيه من اجتهاد...إلا أنه وبصراحة أبان عن محدوديته في عرضه الذي لم يأتي بجديد في ما يليق ومنطلق الخطاب الملكي المرجعي المطالب بمدرسة مغربية بنموذج بيداغوجي جديد... بحيث أنه بقي في ما هو قائم ربما تحت ذريعة تثمين المكتسب وذلك بقوله:"الارتقاء بجودة التعليم خاصة في المجالات المرتبطة بنظام النموذج البيداغوجي كالتعلمات الأساسية"
الملاحظة:
إن التعلمات الأساسية لم تعد تفيد حتى حيث أثمرت بدليل تراجع فرنسا تربويا, ذلك أن طبيعة الوعي بالمعقد وانعكاساته المنهجية والمعرفية تنمويا وتربويا في العالم المتقدم تتطلب إعادة النظر في أكثر من تزيين مفهوم التعلمات الأساس بل وتجاوزها لأجل مدرسة مغربية متفتحة على العالم وخاصة الأوروبي علما أن ألمانيا كانت تأخذ عن المملكة في معارف الصناعة التي صارت تقليدية ...
خرافات الوزير وحلول الأستاذ:
الخرافة1: الاعتقاد أن تعميم التمدرس، في تحقيق نسبة 98 بالمائة سيؤثر في جودة التعليم بما يعني أنه اختلط لديه السياسي والأكاديمي ذلك أن هذه قد تكون مؤشرا للجودة لو لم تكن حملة المليون محفظة وما رافقها من التودد للعائلات لتدفع بأبنائها إلى مدرسة حتى المتسول يعلم أنها فاشلة وعقمة.
البديل1: أن تكون المدرسة قادرة على فرض متابعة الدراسة بإرادة مسئولة من طرف المتعلم وعائلته وان تكون قادرة على تقديمها عرضا يجعل المتعلم متشبة بها من تلقاء ذاته ,ان لا يغادرها قبل تمكينه بأضعف إيمان رسالة "اقرأ" باعتبار المعيارية الدولية التي ليست في العليم الاساس ولكن في تعليم مسترسل مفتوح على المستقبل بمنطق الرهان بما تقدمه المدرسة من عدة تغير من التجزيئ والانفصال المعرفي
الخرافة 2: الاعتقاد ب" تطوير حكامة التعليم عبر إقرار لامركزية فعلية تستكمل صيرورة اللامركزية وتعزيز استقلالية الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين مع منحها قدرات إدارية وتدبيرية ناجعة... "
البديل2: صحيح أن ألامركزية مهمة جدا ولكن الوزير يتحدث عنها بمنطق "الاستكمال" الذي يحكمه في الأصل ما أفشل التنمية وأفشل المقاربة الماكرو اقتصادية بدليل عجز المقاولة المغربية في الوضع المتقدم لذلك لا أرى "استكمالا" أو حتى تثمينا ولكن تصورا جهويا يليق بالصناعات الثقافية التي تطور الموروث الصناعي علما أن ألمانيا كانت تأخذ عن المملكة في هذا الصدد... جهوية متعددة الوظيفية تسمح بتراكيب تنوع المنتوج في علاقته مع الكل الانتاجي الذي يتفاعل مع التربوي...
وكملحوظة لا يعتقد أحد أن ألا مركزية هي الكل في الكل بدليل أن الجامعات بالصين الشعبية تخترق الصفوف المتقدمة دوليا, وهو الشيء نفسه بكوبا.
الخرافة3: في شأن تخليق المدرسة قال السيد بلمخطار ببرنامج خاص يقوم على محاربة العنف والغش والممارسات السيئة فيما يتعلق بالساعات الإضافية وتغيب المدرسين وتشجيع تلقي القيم الجيدة بالمؤسسات التعليمية.
البديل3: إن هذه المقاربة علاوة على كونها تعكس تناقضات في حديثه عن "الجودة" فإنها أمنية بامتياز تضاف إلى عقلية العقوبة بتنظيف المراحيض (سأعود لها في مقال) والحقيقة أنه من العيب الحديث عن تغيب الأساتذة وفي المملكة جيشا إداريا فيه المدير والمفتش و...الخ
فأما محاربة الساعات الإضافية فلا تحتاج سوى إلى عرض مدرسي جيد يغني المتعلم عنها بالمفهوم السائد الحالي علما أن الساعات الإضافية قد تكون مفيدة أكثر للمجتمع المغربي فقط هذه تتطلب أولا تغيير النموذج التربوي بما فيه على مستوى التخطيط...
أخيرا:
عن التشجيع على القيم فأنصح أن لا يفكر في ذلك لأنه حتى النشيد الوطني بالمدارس صار سخرية من جيل أذكى من خبراء الوزارة...
إنه جيل لا يلق به بقالة التربية التي ستضاف إليها إلكترونيات ربما سبق اعتبارها في أرقام النمو الاقتصادي في مخطط رؤية 2030 ولكنه يحتاج إلى إعادة المنظومة التربوية كلية ذلك أن إصلاح الإصلاح وتثمين ما أصلح أصبح كما سقف المنزل الذي رقع بالمرات إلى درجة أنه يجب هدمه لإعادة بنائه, ولربما في هذه أتفق مع الخيار الأمريكي القائل بالهدم البناء: la destruction constructive وطبعا مع ما أكنه من محبة لرمز الحرية هنالك نحتا شامخا يحمل كتابا رمزا لحرية المعرفة.

مشكور