الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > منتدى التنمية البشرية والتغيير نحو الأفضل > التشجيع على القراءة: إقرأ وارتق...



إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2016-02-06, 11:40 رقم المشاركة : 31
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: سلسلة كتب أعجبتني ...متجدد


كتاب النبأ العظيم




" النبأ العظيم " كتابٌ عظيم في موضوعه وفي أسلوبه وفي حججه!
فمن يقرأ هذا الكتاب ، سيجد نفسه في مواطن كثيرة يقف وقفات طويلة تأملية ، وسبب ذلك ليس حُسن السبك أو التبحر العلمي أو الأسلوب الحجاجي ، ولكنه كل ذلك ويزيد!

فإن أردت الأسلوب البلاغي فإن لصاحب الكتاب قلماً عجيباً ، يطرب له الفؤاد ، ويهتز له رأس القارئ ذهولاً أمام روعة ما تقرأ عيناه ، فكأنما القلم قلم الرافعي في يد عالمِ شريعة ، وهذا محلٌ رفيعٌ صعب المنال لا يكاد يُحصِّلُ طرفيه إلا القلة القليلة من الناس ، فإن الأديب غالباً فقيرٌ في علم الشرع لأن الأدب أخذ وقته ، وعالم الشريعة ربما فاته حسن السبك لانشغاله ببعض التفريعات والجزئيات الفقهية التي صفتها الجمود اللغوي ، أما صاحبنا فهو يملك من هذا وذاك حظاً وفيراً..

وقد تأملتُ في سبب هذا فوجدته والله أعلم ثمرة لعملٍ كان الشيخ يواظب عليه منذ صغره إلى أن وافته المنية ، وهو أنه - كما رأيت ذلك في سيرته - كان يقرأ ستة أجزاء يومياً لا يترك تلك العادة البتة!

بل يُنقلُ عن الشيخ طلبه من طلابه الحضور إلى محاضرة التفسير في الجامعة وهم متوضئون ، فإن مر في تفسيره في الفصل الجامعي بآية سجدة سجد !

وقد أورثته تلك العادة بالإضافة إلى حُسن السبك والأسلوب البلاغي الساحر ؛ حُسن الاستدلال واستحضار الآيات في كتاباته بطريقة عجيبة ! حتى إن القارئ ربما ظن أن الآية المُستشهد بها لم تمر به من قبل ، وهو ربما قد قرأ القرآن مرات ومرات بل ربما حفظه عن ظهر قلب ، إلا أنه وبسبب حسن موضع الاستشهاد الذي يختاره الشيخ لتلك الآية ، يُخيلُ للقارئ أنها جديدة عليه وما هي بجديدة !

وهذا التوفيق لُحسن الاستشهاد بالآيات مقامٌ عظيم ودرجة عالية لا يُوفقُ لها إلا الموفق حقاً ، ولا عجب أن يكون الشيخ - رحمه الله - من أولئك الموفقين ، فقد قضى حياته منافحاً عن القرآن ، سائحاً في جناته ، غائصاً في بحره ، متأملاً في جواهره ولآلئه التي لا تنتهي مهما كثر الغواصون.

وإن أردت الأسلوب الحجاجي ، فالشيخ فيها مُقدم ، وله فيها السبقُ المُحتم ..

فهو يسرد حجج الخصم حتى يقول القائل يا ويْلَتَى ! وأنّى للشيخ أن يدحض تلك الحجج !

فلا يكاد هذا القائل ينتهي من ظنه الآثم ، إلا و يرى القلم الدرازي يأتي على تلك الحجج كلها فيحيلها قاعاً صفصفاً ، فلا يلبث أن يتعجب من ضعف حجة الخصم وتهافتها!
وهذا كله بفضل مطالعة القرآن والتأمل فيه ، فهو كتابٌ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، مُعجزٌ ، يُخاطب العقول بالحجج الظاهرة والآيات الباهرة ، فمن فيه تأمل لا شك آخذٌ ببعض ما فيه ..

يأتي هذا الجمال وحسن الاستدلال من الشيخ والشيخ في فرنسا - حيث كان هذا الكتاب هو أطروحته للدكتوراه في جامعة السوربون - والحرب العالمية الثانية مشتعلة ، والطائرات تدك الأرض دكاً ، والدبابات في منعطفات باريس والناس من الخوف هلكى ، والشيخ تحت الأرض يكتب ! فيالها من مُهمة ويالها من همة!




النبأ العظيم نظرات جديدة في القرآن الكريم



إعداد: ذ. طه الراضي
مركز الدراسات القرآنية


كتاب "النبأ العظيم: نظرات جديدة في القرآن الكريم" لمؤلفه الأستاذ الدكتور محمد عبد الله دراز، أحد أعلام الأزهر الشريف، وعالم من علماء اللإسلام المبرزين في القرن الماضي، لقي كتابه هذا قبولا واسعا بين أوساط الدارسين والباحثين في مجال الدراسات القرآنية، وهو كتاب متوسط الحجم كانت منه اقتباسات جمة واستشهادات كثيرة في مصنفاتهم وأبحاثهم. كما لقي ترحابا خاصا في الأوساط الجامعية حيث جُعل مقررا في بعض فصول الكليات الشرعية. واحتل مكانة مرموقة في الجامعات العربية والإسلامية. إلى حد أن كثير من علماء الإسلام ودعاته يوصون جمهرة المسلمين والباحثين خاصة بأهمية مؤلفات العلامة دراز، وعلى قمتها "النبأ العظيم".


وقد قُدم الكتاب بمقدمتين: الأولى لفضيلة أ.د. عبد العظيم إبراهيم المطعنين، والثانية لفضيلة الشيخ أحمد مصطفى فضلية. وهما شيخان عالمان أزهريان.


وجاء في تقديمه الأول من لدن أ.د. عبد العظيم إبراهيم المطعني ما نصه: «وكتابه النبأ العظيم واحد مما دبجه قلمه القدير وأفرزته قريحته الصافية. وهو موقوف على بيان وجوه جديدة من وجوه «الإعجاز القرآني البياني واللغوي والعقلي». وما ورد في هذا الكتاب من إعجاز القرآن، وإثبات أنه كلام الله لو لم يكن في موضوع الإعجاز كتاب غيره، لا سابق عليه، ولا لاحق له، لكان كتابه كافيا في هذا المجال الحيوي، ولقامت به الحجة لله قوية على منكري سماوية القرآن من قدامى ومحدثين، فقد أثبت ـ رحمه الله ـ أن هذا القرآن يستحيل عقلا وعلما وواقعا أن يكون له مصدر غير الله عز وجل».
وفي تعرضه لسماوية القرآن يقول أ. د. عبد العظيم: «وهذا هو الذي قام به أستاذنا محمد عبد الله دراز بالنسبة لـ "سماوية القرآن" فقد جلاها أمام العقل والقلب حتى لكأن من ينكرها ينكر نفسه وهو في هذا الموقف. وكفى بمن ينكر وجود نفسه رعونة وجهلا وحماقة وتخريفا».


لينتقل بنا المقدم إلى صنوف الإعجاز القرآني التي دبجها الدكتور عبد الله دراز كتابه من إعجاز بياني وبلاغي، والإيقاع الصوتي، وفي هذا يقول الشيخ: «إنك إذا فعلت ذلك سمعت إيقاعا صوتيا عجيبا غريبا، يترك آثارا في وجدان السامع لا عهد له به، ولا يمكن صدور هذا الإيقاع الصوتي الذي يسميه الشيخ دراز بـ «القشرة السطحية» لا يمكن حدوثه عن كلام آخر من غير القرآن.».


وعن منهجه الذي سار عليه يقول: «وهذا منهج مستمر في دراسة القرآن ترسّم فيه الشيخ دراز خطى الإمام عبد القاهر الجرجاني منهجه التحليلي الممتع المقنع في كتابيه: "أسار البلاغة" و"دلائل الإعجاز".
وبعد.. فإن هذا الكتاب فتح جديد فتحه الله على يد الشيخ محمد عبد الله دراز، الذي كافأه الله على جهاده في سبيله لهدايته إلى الحق والدفاع عنه».


ليشهد في الأخيرة شهادة في حق مؤلفه الشيخ عبد الله دراز نصها: «وكلمة أخيرة نقولها عن أستاذ الجيل بحق، الشيخ الدكتور الإمام محمد عبد الله دراز: «إنه لو لم ينجب الأزهر الشريف عالما سواه في القرن الماضي لكفاه هذا الإنجاب».انتهى.
وفي التقديم الثاني للشيخ أحمد مصطفى فضلية يقول فيه: «ويأتي كتاب "النبأ العظيم" مصباحا يضيء السبيل القويم لدراسة القرآن الكريم، وهو برهان باهر على ربانية مصدره، ولمعة براقة من لمعات إعجازه البياني.».



وقد ضمّن تقديمه اقتباسات جاءت في شكل شهادات في حق هذا الكتاب وصاحبه، منها شهادة الشيخ الأستاذ الدكتور محمد رجب البيومي في كتابيه "البيان القرآني" و"النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين" جاء فيها: «لقد أصدر الدكتور دراز "النبأ العظيم نظرات جديدة في القرآن الكريم" ليتحدث عن القرآن حديث الفاقة الدارس الألمعي، فجاء كتابه آية الآيات في ميدان الدراسات القرآنية بما ملك من ناصية القول وقوة المنطق وجهارة الدليل...». انتهى.


وعنه وعن كتاب "التصوير الفني في القرآن" للشهيد سيد قطب رحمه الله ـ يقول: «وأنا أعرف أن الكاتب الشهيد: سيد قطب ـ رحمه الله ـ قد كتب مؤلفه الرائع "التصوير الفني في القرآن" فأتى بمذهب جديد في اكتناه التعبير الفني، لم يسبق إليه سواه. ولكن كتاب "النبأ العظيم" لم يقتصر على التصوير الفني وحده باعتباره الأداة المفضلة للتعبير، كما ذهب الأستاذ سيد قطب، بل نظر إلى القرآن فكرة، وصورة، وتعبيرا، وجدالا، وبذلك يكون سالكا منهجا غير منهج التصوير الفني، وما من الرجلين إلا له مقام معلوم.» انتهى.


وفي تباين كتابه بكتاب سيد قطب ينقل الشيخ أحمد مصطفى فضلية اقتباسا من كلام محمد أمين أبو شبهة في رسالته للماجستير بعنوان: "محمد عبد الله دراز وجهوده البلاغية" ما نصه: «...انشغل المرحوم سيد قطب بخصيصة واحدة وهي أن التصوير الفني قاعدة التعبير القرآني المتبعة في جميع أغراضه حتى التشريع، وهي الخصيصة التي لا يخطئها الباحث في جميع الأجزاء، ثم عكف على معنى التصوير، وأدواته وألوان التناسق الفني محللا، ومستشهدا لما يقول.
بينما أقام الدكتور دراز بحثه على خصائص البناء الصوتي، ثم خصائص البناء المعنوي للقرآن في قطعة قطعة منه، وفي سورة سورة منه، وفيما بين سورة وسورة، ثم في جملته».



وعن منهج الدكتور دراز في هذا الكتاب يقول هو عن كتابه: «راعيت في أكثر هذه البحوث شيئا من التفصيل والتحليل، وشيئا من التطبيق والتمثيل، قلم أكتف بالإشارة حيث تمكن العبارة، ولا بالبرهان إذا أمكن العيان، راجيا بذلك أن تنفتح لها عيون الغافلين فيجدون نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم، وأن تنشرح بها صدور المؤمنين، فيزدادوا إيمانا مع إيمانهم.» انتهى.


وفي هذا المقام يقول المقدم: «ويمكننا تحديد أهم مرتكزات منهج الشيخ في النقاط الآتية:


1- القدرة على الإفادة من تجارب السابقين واعتماده التذوق والتفكر في الدراسة.


2- امتلاك الشيخ للنفس الحساسة الذواقة البصيرة، فقد كانت له قدرة فائقة على الإحساس والتذوق.


3- امتلاكه أدوات الذوق والمعرفة والقدرة على التمييز بين الأنماط البيانية المختلفة.


4- اعتماده فكرة البيانية في دراسة الإعجاز البياني والبحث عن الخصائص التي انفرد بها القرآن.


5- النظر الطويل والتأمل العميق في تراث سلفنا، لاسيما في ميدان التفسير، وعلوم القرآن وإعجازه.


6- النظر في جميع عناصر السورة وضبط أجزائها.


7- إشراك أهل العلم فيما كتب من موضوعات هذا الكتاب». انتهى.



ومن خصائص ومميزات هذا الكتاب التي جاءت في كلمة التقديم هاته ما نصه:
«وكتاب النبأ العظيم من دون كتب إعجاز القرآن ـ يتميز بعدة مميزات:


1- أسلوب علمي رصين، ومنهج مرتب الأفكار، وخطوات متئدة متصاعدة.


2- بيان رائق، سلس العبارة، مشرق الديباجة.


3- لا يمل منه القارئ ولا يستطيله، رغم عمق الأفكار التي عالجها والخطوات المتعددة التي سار الكتاب بها.


4- مخاطبة أبناء هذا الجيل، الذين بعُد عهدهم بكتب السلف الصالح والعلماء السابقين بأسلوبهم المعروف، فجاء هذا الكتاب جامعا بين ما أفاده من السابقين، وبين ما يفهم ويحرك الحاضرين والمعاصرين...


5- الإهتمام بدراسة التناسب في السور القرآنية والإثبات بالحجة والبرهان ...» انتهى.


وفي تقديم صاحب الكتاب لكتابه جاء مستعرضا بعضا من غايات تصنيفه بقوله: «فهذه البحوث في القرآن الكريم، قدمتها بين يدي دروس التفسير لطلبة كلية أصول الدين بالجامع الأزهر المعمور، أردت بها أن أنعت كتاب الله بحليته وخصائصه، وأن أرفع النقاب عن جانب من الحقائق المتصلة به، وأن أرسم الخطة التي ينبغي سلوكها في دراسته.


وقد راعيت في أكثر هذه البحوث شيئا من التفصيل والتحليل، وشيئا من التطبيق والتمثيل، فلم أكتف بالإشارة حيث تمكن العبارة، ولا بالبرهان إذا أمكن العيان، راجيا بذلك أن تنفتح لها عيون الغافلين؛ فيجدوا نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم، وأن تنشرح بها صدور المؤمنين، فيزدادوا إيمانا إلى إيمانهم.».


وقد انتظمت محاور هذا الكتاب القيم وفق التراتبية الآتية:


المبحث الأول: تحدث فيه عن تحديد معنى القرآن؛ المعنى اللغوي والإشتقاقي لكلمتي القرآن والكتاب مع بيان سر هذه التسمية، وسر اختصاص القرآن بالخلود، وعدم التحريف. وقد جاء عقب مقدمتين استهل بهما المؤلف كتابه: الأولى خصها بالطبعة الثانية، أوضح من خلالها ظروف ميلاد الجزء الأول من كتاب "النبأ العظيم"، والثانية خصها بالطبعة الأولى أوجز فيها مراده من التصنيف.





المبحث الثاني: في بيان مصدر القرآن، ضمّن في ثناياه جملة من المواضيع في شكل براهين تدل على أن القرآن كلام الله معنى ولفظا وليس من عند محمد صلى الله عليه وسلم.
لينتقل في خضم بحثه إلى مراحل متوالية لكل مرحلة مبحث علمي خاص. استهل الأولى بالبحث عن مصدر القرآن، والثانية خصها ببيان أن محمدا صلى الله عليه وسلم أخذ القرآن عن معلم، وفي هذا يقول: «نعم إن صاحب هذا القرآن لم يكن ممن يرجع بنفسه إلى كتب العلم ودواوينه، لأنه باعتراف الخصوم كما ولد أميّا نشأ وعاش أميّا، فما كان يوما من الأيام يتلو كتابا في قرطاس ولا يخطه بيمينه، فلابد له من معلم يكون قد وقفه على هذه المعاني لا بطريق الكتابة والتدوين بل بطريق الإملاء والتلقين. هذا هو حكم المنطق.».


وثالث المراحل: البحث في ظروف الوحي وملابساته الخاصة عن مصدر القرآن.


ورابع المراحل: البحث في جوهر القرآن نفسه عن حقيقة مصدره، وفي هذه المرحلة تفرع بالحديث عن النواحي الثلاث للإعجاز، وفيه يقول: «ها نحن أولاء ندعو كل من يطلب الحق بإنصاف، أن ينظر معنا في القرآن من أي النواحي أحب: من ناحية أسلوبه، أو من ناحية علومه، أو من ناحية الأثر الذي أحدثه في العالَم وغير به وجه التاريخ، أو من تلك النواحي مجتمعة..». وفي السياق ذاته أحال الحديث بالمناسبة عن القرآن معجزة لغوية مستقصيا لبعض الشبه الحائمة حول هذه القضية مفندا وماحيا لها واحدة واحدة.


لينتقل بنا إلى مبحث جمالي ذوقي لصيق بالقرآن الكريم، وخصيصة من خصائصه الصوتية، وأسلوب من أساليبه البديعة الإعجازية، واضعا إياه تحت عنوان: "نظرتان في القشرة السطحية للفظ القرآن" أجملها في الآتي:


1- الجمال التوقيعي في توزيع حركاته وسكناته، ومدّاته وغنّاته.


2- الجمال التنسيقي في رصف حروفه وتأليفها من مجموعات مؤتلفة مختلفة.


وفي مبتدأ هذا المبحث يقول: «دع القارئ المجوِّد يقرأ القرآن يرتله حق ترتيله نازلا بنفسه على هوى القرآن، وليس نازلا بالقرآن على هوى نفسه، ثم انتبذ منه مكانا قصيّا لا تسمع فيه جرْس حروفه، ولكن تسمع حركاتها وسكناتها، مدّاتها وغنّاتها، واتصالاتها وسكتاتها، ثم ألق سمعك إلى هذه المجموعة الصوتية، وقد جرِّدت تجريدا وأرسلت ساذجة في الهواء. فستجد نفسك منها بإزاء لحن غريب عجيب لا تجده في كلام آخر لو جرد هذا التجريد، وجوِّد هذا التجويد.».



يتبع







التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
قديم 2016-02-06, 11:42 رقم المشاركة : 32
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: سلسلة كتب أعجبتني ...متجدد




فبعد هذا العرض الفوقي يغوص بنا في عوالم القرآن الكريم ولبّ بيانه السحري مقتطفا لنا شأوا من شؤون إعجازاته اللغوية تحت مسمى "خصائص القرآن البيانية"، ليجول بنا فاتحا أعيننا عن زخائر قرآنية، ونلتقط نظرات في لب البيان القرآني وخصائصه التي امتاز بها عن سائر الكلام، وفي هذا يقول: «لا نريد أن نحدثك هاهنا عن معاني القرآن وما حوته من العلوم الخارجة عن متناول البشر، فإن لهذا الحديث موضعا يجيء ـ إن شاء الله تعالى ـ في بحث "الإعجاز العلمي" وحديثنا كما ترى لا يزال في شأن "الإعجاز اللغوي" وإنما اللغة ألفاظ.


بيد أن هذه الألفاظ ينظر فيها تارة من حيث هي أبنية صوتية مادتها الحروف وصورتها الحركات والسكنات من غير نظر إلى دلالتها. وهذه الناحية قد مضى لنا القول فيها آنفا، وتارة من حيث هي أداة لتصوير المعاني ونقلها من نفس المتكلم إلى نفس المخاطب بها، وهذه هي الناحية التي سنعالجها الآن، ولا شك أنها هي أعظم الناحيتين أثرا في الأعجاز اللغوي الذي نحن بصدده؛ إذ اللغات تتفاضل من حيث هي بيان أكثر من تفاضلها من حيث هي أجراس وأنغام.» انتهى.


وليضع نصب أعيننا وأمام أفهامنا صورة من صور القرآن الإبداعية لأسلوبه السامق الرفيع بمسمّى "القرآن إيجاز كله"، سواء مواضع إجماله ومواضع تفصيله، وفي هذا يقول: «إن القرآن الكريم يستثمر دائما برفق أقل ما يمكن من اللفظ في توليد أكثر ما يمكن من المعاني. أجل تلك ظاهرة بارزة فيه كله؛ يستوي فيها مواضع إجماله التي يسميها الناس مقام الإطناب. ولذلك نسميه إيجازا كله؛ لأننا نراه في كلا المقامين لا يجاوز سبيل القصد، ولا يميل إلى الإسراف ميلا ما...» انتهى.


ليؤكد لنا كذلك في ما بعد بأن ليس في القرآن كلمة مقحمة ولا حرف زائد زيادة معنوية، ويبين لنا في عرضٍ لاحق تآليف القرآن البيانية، مبرزا زينة ثروته تلك وجمالها وتناسق أوضاعها وائتلاف عناصرها لتنتظم منها وحدة محكمة لا انفصام لها، وفي هذا الشأن يقول: «فإن كنت قد أعجبك من القرآن نظام تأليفه البياني في القطعة منه، حيث الموضوع واحد بطبيعته، فهلم إلى النظر في السورة منه حيث الموضوعات شتى والظروف متفاوتة، لترى من هذا النظام ما هو أدخل في الإعجاب والإعجاز.


ألست تعلم أن ما امتاز به أسلوب القرآن من اجتناب سبيل الإطالة والتزام جانب الإيجاز ـ بقدر ما يتسع له جمال اللغة ـ قد جعله هو أكثر الكلام افتنانا، نعني أكثره تناولا لشؤون القول وأسرعه تنقلا بينها، من وصف إلى قصص إلى تشريع إلى جدل إلى ضروب شتى، بل جعل الفن الواحد منه يتشعب إلى فنون، والشأن الواحد فيه تنطوي تحته شؤون وشؤون.» انتهى.


ليعرض فيما يلي نماذج على تماسك بنيان القرآن وإحكامه وتناسب حِلقه من خلال سورة البقرة، وفي ذلك يقول: «أما إن طلبت شاهدا من العيان على صحة ما أصلناه في هذا الفصل من نظام الوحدات في السور على كثرة أسباب اختلافها، وأما إن أحببت أن نريك نموذجا من السور المتجمعة كيف التأمت منها سلسلة واحدة من الفكر تتلاحق فيها الفصول والحلقات، ونسق واحد من البيان تتعانق فيه الجمل والكلمات، فأي شيء أكبر شهادة وأصدق مثالا من سورة نعرضها عليك هي أطول سور القرآن كافة، وهي أكثرها جمعا للمعاني المختلفة، وهي أكثرها في التنزيل نجوما، وهي أبعدها في هذا التنجيم تراخيا.».انتهى.


وذاك وفق نقط شاهدة مثبتة لما أصّله ليخلص بالقول: «تلك هي سورة البقرة.. أرأيت وحدتها في كثرتها؟ أعرفت اتجاه خطوطها في لوحتها؟ أرأيت كيف اِلتحمت لبناتها من غير ملاط يمسكها، وارتفعت سماؤها بغير عمد تسندها؟ أرأيت كيف انتظم من رأسها وصدرها وأحشائها وأطرافها، لا أقول أحسن دمية، بل أجمل صورة حية. كل ذرة في خليتها، وكل خلية في عضوها، وكل عضو في جهازها، وكل جهاز في جسمه، ينادي بأنه قد أخذ مكانه المقسوم، وفقا لخط جامع مرسوم، رسمه مربي النفوس ومزكيها، ومنور العقول وهاديها، ومرشد الأرواح وحاديها.. فتالله لو أن هذه السورة رتبت بعد تمام نزولها، لكان جمع أشتاتها على هذه الصورة معجزة، فكيف وكل نجم منها ـ كسائر النجوم في سائر السور ـ كان يوضع في رتبته من فور نزوله، وكان يحفظ لغيره مكانه انتظارا لحلوله؛ وهكذا كان ما لم ينزل منها معروف الرتبة محدد الموقع قبل أن ينزل؟. ثم كيف وقد اختصت من بين السور المنجمة بأنها حددت مواقع نجومها لا قبل نزولها بعام أو بعض عام، بل بتسعة أعوام؟». انتهى.


وهو تطبيق إجرائي دقيق لمباحث هذا الكتاب، صوّره مؤلفه تطبيقيا على أجزاء سورة البقرة وعلى وحداتها الموضوعية ونتاسقها البياني البديع، ليتمثّل لنا عمليا ما دوّنه في كتابه وسطّره في بحثه. وليقول فيما بعد هذا: «لعمري لئن كانت للقرآن في بلاغة تعبيره معجزات، وفي أساليب تربيته معجزات وفي نبوءاته الصادقة معجزات، وفي تشريعاته الخالدة معجزات، وفي كل ما استخدمه من حقائق العلوم النفيسة والكونية معجزات ومعجزات، لعمري إنه في ترتيب آية على هذا الوجه لهو معجزة المعجزات!.» انتهى.


وفي الختام لا يسعنا إلا أن نأمل أن ينفع الله بهذا الكتاب كل متصفح له طالب لما حويه من علم وسبق تدوين في هذا المضمار، فهو وإن سمي بعنوانه الفرعي "نظرات جديدة.." فهو أحق بهذه التسمية وأجدر، سائلينه عز وجل أن يكتب لصاحبه الأجر الوافر وأن يشمله ممن قيل فيهم "أو علم ينتفع به"





التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
قديم 2016-02-12, 20:20 رقم المشاركة : 33
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي رد: سلسلة كتب أعجبتني ...متجدد


"بداية المجتهد ونهاية المقتصد" أحد أهم مؤلفات ابن رشد الحفيد.
هو كتاب فقه، اتبع فيه ابن رشد تبويب الفقهاء للمسائل الفقهية، لكن ما يجعل فائدة الكتاب كبيرة هو أنه يدخل في الفقه المقارن. فابن رشد ذكر أقوال الفقهاء والمذاهب في كل مسألة، مع تبيين سبب الخلاف حين يكون هناك خلاف.
ومن أجمل ما يتعلق بمسألة الخلاف هاته، أن أصل الخلاف بين الفقهاء في كثير من المسائل، حسب ابن رشد، هو ورود النص أو الدليل. مثلا حين تكلم عن القصر في الصلاة وذكر الخلاف بين المذاهب، فسر الخلاف بكون كل مذهب يتبنى رأيا لأنه بلغه عليه دليل، دون أن يعني أن المذاهب الأخرى خاطئة، إذ هي الأخرى بلغتها أدلة بنت عليها رأيها الفقهي. فحين يقول أحد المذاهب أن مدة القصر ثلاثة أيام، فذلك لأن فقهاء المذهب بلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر وقصر لمدة ثلاثة أيام، وهناك من رأى المدة أكثر لأنه بلغه سفره صلى الله عليه وسلم وقصره لمدة أطول.
ومن أجمل ما في الكتاب كذلك المقدمة الغنية بالنقاش الأصولي العميق.







    رد مع اقتباس
قديم 2016-02-28, 11:35 رقم المشاركة : 34
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي رد: سلسلة كتب أعجبتني ...متجدد


يتناول كتاب "They dare to speak out" (هؤلاء تجرأوا على الكلام) أحد أهم محددات السياسة الخارجية الأمريكية، خصوصا ما يتعلق بإسرائيل وفلسطين والعالم العربي والإسلامي ككل.

انطلق فيه الكاتب السيناتور المريكي
Paul Findley من تجربته السياسية وما لاحظه خلال اشتغاله كنائب عن الحزب الجمهوري من تكتم شديد وتحفظ من طرف السياسيين حين يتعلق الأمر بأحد "المحرمات" وهو موضوع إسرائيل.

قراءة هذا المؤلف تسعف القارئ في فهم إشكاليات السياسة الأمريكية وأسباب الانحياز التام لإسرائيل في شجاعة لم تتوفر لكثير من السياسيين الذين لم يستطيعوا التعبير عن انتقادهم لموقف بلادهم بخصوص القضايا المذكورة.

لا أريد الذهاب بعيدا في التفاصيل حتى لا أحرم من يريد قراءة الكتاب لذة وفائدة القراءة، لكن هذا لا يمنعني من الإشارة إلى بعض الأشياء بالغة الأهمية ذكرها الكاتب في المقدمة، من قبيل الصعوبة التي وجدها من أجل طبع الكتاب، حيث عبر أصحاب دور النشر عن خوفهم من اللوبي اليهودي والصهيوني في بلد الحرية، وايضا من قبيل توجه المؤلف بالشكر للذين قدموا له المساعدة، إذ شكر أشخاصا بأسمائهم، وآخرين طلبوا عدم ذكر أسمائهم لحساسية الموضوع وإمكانية قضاء ذلك على حياتهم السياسية ـ كما حدث لبول فيندلي نفسه ـ وحياتهم الشخصية.








    رد مع اقتباس
قديم 2016-03-01, 11:01 رقم المشاركة : 35
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: سلسلة كتب أعجبتني ...متجدد


كتاب : من الإنسان الأبتر إلى الإنسان الكوثر - الدكتور طه عبد الرحمن 2016





الكتاب من جمع وتقديم رضوان مرحوم [1، 2016]


وهو عمل تجميعي لفصلين اثنين مرفق بأربع مقالات، وهكذا جاء الفصل الأول تحت عنوان:
"فقه التربية: تأسيس فلسفي"، وتفرع على بابين اثنين: شروط تأسيس النظرية التربوية الإسلامية، والمبادئ الفلسفية للنظرية التربوية الإسلامية؛



أما الفصل الثاني، فجاء تحت عنوان: "فقه الفلسفة: تأسيس علمي"، وتفرع على باين اثنين: علم الفلسفة (وتضمن بدوره علم القول الفلسفي وعلم الفعل الفلسفي)، ثم فقه الفلسفة، وتفرع بدوره على مسلّمة تداولية الفلسفة واستنباط التقنية الفلسفية، ومسلمة نقدية الفلسفة الإسلامية وإنشاء فلسفة إسلامية).


أما ملحق الكتاب، فقد تضمن أربعة مقالات، أقرب إلى شهادات، وألقاها طه عبد الرحمن في بعض المناسبات الاحتفالية التي تطرقت لمشروعه العلمي، وجاءت هذه المقالات تحت العناوين التالية: الوجود شاهد ومشهود؛ الكلمة غامرة كالبحر وسامقة كالشجر؛ إنسانية واسعة وإيمانية فاعلة؛ وأخيراً لماذا تأخرنا وتقدم غيرنا؟


واعتبر الباحث رضوان مرحوم الذي جمع هذا العمل، في معرض التعليق على هذه المقالات الأربعة، أو الورقات الأربعة كما نقرأ في التقديم [ص 19] أنه امتزج فيها الذوق بالعقل امتزاج الروح بالتجليات؛ إذ أن مضائمه المحررة جاءت مرصوصة جامعة بين حسّ شاعري وأسلوب غاية في الجمال، وبين استدلال منطقي وكلمات قمة في الجلال؛ أو قُلْ، إن لغة هذه الضمائم جمعت بين لغة ذوقية منسابة انسياب الماء الدافق، وبين لغة عقلية صارمة صرامة البناء الشاهق، ونحن في الواقع، إزاء سمة غلبت على المكتوب الطاهائي منذ بداية تشكله؛ فعلى خلاف ما يُعتقد، فإن طه عبد الرحمن لم يبرح أرض الشعر قَطّ، وذلك منذ أن انقطع عنه وهو طالب في الثالثة والعشرين من عمره، بعد الهزيمة النكراء للعرب في حربهم ضد العدو الصهيوني سنة 1967؛ لكن شاعرية مكتوبِه بعد انقطاعه عن الشعر إنما كانت، هذه المرة، ثمرةً لانفعاله الوجداني القوي ومكابدته الصادقة لما آل إليه حال الأمة من هدر الطاقات وضيق العقل وقصور النظر وتضييع الإيمان واستلاب الإرادة وخور العزم؛ وهو الحال الذي استحثه، كمفكر يستهدف إحياء "الإنسان الكوثر" [عنوان الكتاب] فينا، لكي يفتح الأمة على طور جديد من أطوار "السؤال الفلسفي المسؤول".




بخصوص سياقات إصدار هذا العمل، نرى ضرورة التوقف عند إشارة توقف عندها مُحرّر التقديم، مفادها أن طه عبد الرحمن أخرج منتوجه الفكري إلى جمهور قرائه منذ سنوات مضت ونشره في صيغ متعددة، حيث وزع هذا العقد على أشكال أحصى منها ثلاثة أنواع:


1 أولهما صيغة الكتب المتسلسلة، حيث أصدر نتائج تأملاته ونظراته في شكل مشاريع أعلنها، وتولى هو نفسه الاشتغال عليها كما هو الحال بالنسبة لمشروع "فقه الفلسفة" [صدر منه حتى الآن جزءان اثنان: الأول بعنوان "الفلسفة والترجمة (1995)؛ والثاني بعنوان "القول الفلسفي، كتاب المفهوم والتأثيل" (1999)]، فضلاً عن كتابي "اللغة والفلسفة" (بالفرنسية، 1979)، و"الحق العربي في الاختلاف الفلسفي" (2002)، وفصول كثيرة بين هذا الكتاب أو ذاك.


2 والثاني، صيغة الكتاب الجامع، فقد يكتفي د. طه، في طرْق مسألة أو معالجة استشكال أساسي، بكتاب واحد كما هو الحال مع كتاب "تجديد المنهج في تقويم التراث (1994)، وكتاب "في أصول الحوار وتجديد علم الكلام" (1987) بالنسبة لمشروع "تكامل التراث".


3 والثالث، صيغة المحاضرات أو الورقات؛ ونذكر منها مما أخرجه الأستاذ طه في هذه الصيغة المختصرة جملة من الدراسات تطرق فيها، على سبيل التمثيل لا الحصر، لبعض المواضيع الهامة كاشتغالهبـ"الأسس الأخلاقية لنظرية المقاصد في أصول الفقه" أو "الأصول المنطقية لنظرية الدلالة في أصول الفقه"، أو "الصياغة المنطقية لمنهج المناظرة في علم الكلام"، واللائحة تطول.


وواضح أن الكتاب الذي نتوقف عنه في هذه المقالة، من الصنف الثالث سالف الذكر، أي صنف المحاضرات أو الورقات التي تفتح للقارئ [ونخص بالذكر منهم الأساتذة الباحثين والطلبة] السير على نهج لم يُقتَفَ من قبل في دراستهم الجامعية وبحوثهم الأكاديمية.


النظرية التربوية بين المشروعية والشرعية



في تمهيد الفصل الأول من الكتاب، يتوقف طه عبد الرحمن عند حاجة كل نظرية تربوية إلى تأسيس فلسفي، لأن هذا التأسيس يتضمن المبادئ الأساسية التي تنبني عليها هذه النظرية، والتي تجعل وجودها مشروعاً وبناءها معقولاً؛ وعليه، فإن النظرية التربوية الإسلامية وكغيرها من النظريات التربوية، تحتاج إلى مثل هذا التأسيس الفلسفي، حتى تكتسب مشروعيتها العقلية، فضلاً عن شرعيتها الدينية.


يروم هذا الفصل استجلاء بعض ملامح هذا التأسيس، متوقفاً عند أربعة شروط لتأسيس هذه النظرية اللصيقة لمجالنا التداولي، وجاءت كالتالي:


1 ـ أن هذا التأسيس تأسيس من داخل الدين، لا من خارجه؛



2 ـ أنه مقيّد بالتاريخ، غير مستقل عنه؛



3 ـ أنه تأسيس تربوي، لا تأمل تجريدي؛ وأخيراً،


4 ـ أنه تأسيس ضروري، لا تعليل كمالي.


وبعد ذلك، ينتقل بنا المؤلف، الفيلسوف المُجدد طه عبد الرحمن إلى استعراض المبادئ الفلسفية للنظرية التربوية الإسلامية، وهذه الأصول هي عبارة عن مبادئ عليا خمسة تندرج تحتها مبادئ أخرى تفصلها، وجاءت كالتالي:


1 فأما المبدأ الأعلى الموجه:


ينبغي أن يكون كل مقوِّم تربوي إسلامي عنصراً ثابتاً ومستقلاً وحياً ومبدعاً، ليبسط حينها الكلام في مضامين هذه المبادئ الأربعة: مبدأ الثبات ومبدأ الاستقلال ومبدأ الحياة ومبدأ الإبداع.


2 يُفيد المبدأ الأعلى الثاني



أنه ينبغي أن تشتغل النظرية التربوية الإسلامية بالتأصيل الإيماني للخطاب التربوي، وعند عرض المؤلف الخطاب التربوي المتداول على ميزان النقد الإيماني، يتبين أن هناك آفات ثلاث دخلت عليه، وينبغي للنظرية التربوية الإسلامية [المرجوة] العمل على دفعها، وهي كالتالي:


أ ـ فصل الحداثة لكثير من المقولات والمسائل التربوية عن أصلها الديني؛


ب ـ إهمال جملة من المفاهيم والأحكام التربوية الواردة في النصوص الدينية؛ يذكر منها طه لائحة عريضة من المفاهيم، ومنهل، على سبيل المثال لا الحصر: الحكمة، التدبير، التفكر، التذكر، الاعتبار، التطهر، النور، الفؤاد، الكن، أولوا الألباب، أولوا الأبصار.. إلخ [ص 39]؛


ج ـ تجاهل التحريفات التي لحقت جملة من المفاهيم والأحكام الدينية الأساسية.
الإنسان الكوثر والإنسان الأبتر


3 أما المبدأ الأعلى الثالث، فصاغه المؤلف كما يأتي:


ينبغي أن تُجدّد النظرية التربوية الإسلامية، في المتعلّم المسلم، الإنسان بكليته، ومرد هذا المبدأ الأعلى، أن المتعلم المسلم يحمل رسالة وجودية لا يحملها غيره، وهي رسالة استكمال الإنسان لإنسانيته، وفي تفاصيل الترحال التأملي مع هذا المبدأ الأعلى الثالث، سوف نُعرج على عنوان الكتاب، حيث يتحدث طه عبد الرحمن هنا عن الإنسان الجديد المؤيّد الذي تريد هذه النظرية إخراجه إلى الوجود بصفتين جامعتين:


نحن إزاء إنسان كوثر، لا إنسان أبتر، والمقصود بالإنسان الأبتر هو الإنسان الذي لا يستثمر من قواه ولا يُحقق من إمكاناته إلا قدراً ضئيلاً، إما لتعطل بعض قدراته واستعداداته أو لصرفها كلها في وجهة مخصوصة أو لوجود ضيق في تصوُّره لمكنونات الإنسان الواسعة، ويبدو، يضيف المؤلف، أن العصر الحديث حصَّل تقدمه المادي بفضل هذا الإنسان الأبتر. [ص 44]
أما الإنسان الكوثر، فهو، بخلاف الإنسان الأبتر، لا يكتفي بأن يستثمر كل قواه وملكاته، إحساساً ووجداناً، خيالاً وعقلاً، ذاكرة وإرادة، ويحقق مختلف إمكاناته ومكنوناته، بل يذهب بهذا الاستثمار للقوى والتحقيق للإمكانات إلى أقصاهما، بحيث يُتاح له أن يتقلب في أطوار سلوكية مختلفة، وينهض بوظائف متعددة، كل ذلك يورِّثه القدرة على أن يحقق التكامل لذاته. [ص 45]


ويبدو أن مصطلح "الإنسان الكوثر" أدل مقصود النظرية التربوية الإسلامية من مصطلح: "الإنسان المتعدد الأدوار" المنقول عن اللغة الأجنبية، لاعتبارات عدة، أهمها أن الإنسان الكوثر يجعل للإيمان دوراً جوهرياً، بل ينزله منزلة الأصل الذي تتفرع عليه كل الأدوار، بحيث لا عبرة لهذه الأدوار ما لم تتجلَّ فيها آثار هذا الإيمان.


4 بالنسبة للمبدأ الأعلى الرابع، فصيغته كالتالي:


يقتضي تجديدُ الإنسان، في المتعلّم المسلم، الاشتغال بإحياء روحه، ولذلك بات من اللازم وضع مبدإ جديد يعارض "مبدأ التفريغ" الحداثي، ويُسمى هذا المبدأ بمبدإ الربط، ومقتضاه أن كل فعل إدراكي موصول بالقلب، أياً كان هذا الفعل، ضداً في مبدأ التفريغ، ويقضي بفصل قِوَى الإدراك لدى الإنسان عن مصدرها الأصلي الذي هو الروح أو القلب باعتباره محلاً للروح.


5 وأما المبدأ الأعلى الخامس والأخير، فصيغته كالتالي:


يقتضي إحياء الروح، عند المتعلّم المسلم، توسيع عقله وتثبيت إرادته.


يتعين على النظرية التربوية الإسلامية ترويض عقل المتعلم المسلم وتربيته على أن يزدوج بعقل ثان يؤسِّس ما أدركه عقله الأول، مستمداً هذا التأسيس من الأصل نفسه الذي انقطع عنه قله أي القلب؛ ويكون هذا الاستمداد عبارة عن مقاصد ومعان وقيم ومُثُل تعيد إلى العقل اتساعه؛ ولا عجب أن يستعمل الخطاب القرآني بهذا الشأن أفعالاً لها أبنية تفيد التكثير والأخذ بقوة مثل "تفكَّر" و"تدبَّر" و"تذكَّر". [ص 55].


ويشير فيلسوف الأخلاق في هذا السياق أن العلم الذي لا تصحبه أخلاق مؤسِّسة يضر أكثر مما ينفع؛ ويجري هذا الحكم على العلم الشرعي كما يجري على العلم الوضعي، ذلك أن العقل المضيَّق، كما أنه ينشئ العلم الوضعي بالجمود على ظاهر الأشياء، فكذلك ينشئ العلم الشرعي بالجمود على ظاهر الأخلاق، ومعلوم أن الظاهر، خَلقياً كان أو خُلقياً، لا تثبت فائدته إلا إذا تأسس على الباطن؛ ولما لم يكن هذا الباطن إلا جملة المعاني والقيم التي ينبغي أن توجِّه العلم في مساره، فإنه، متى تحقق بها العلم، ثبتت منفعته ثبوتاً قطيعاً".[ص 63]


نحو فهم الفلسفة وفقه الفلسفة




نأتي للفصل الثاني من الكتاب، وجاء تحت عنوان: "فقه الفلسفة: تنظير علمي"، حيث افتتح الفصل بالإشارة إلى تفرع اشتغال المسلمين، منذ القرن الثاني من الهجرة، بالفلسفة، ترجمة وتأليفاً، لولا ن مجال الفلسفة أضحى منحصراً في الجزء الفكري من المعارف الإنسانية، وصار التقليد والتبعية السمة المميزة للفلسفة الإسلامي برمتها، قديماً وحديثاً، إلى درجة أن بعض المتقدمين من فلاسفة الإسلام قرَّر الفصل بين المعرفة التي ينطوي عليها الدين الإسلامي والمعرفة التي ينتجها الفكر الفلسفي كما لو أن الأصل في العلاقة بين المعرفتين هو التعارض، داعياً إلى الاكتفاء بحفظ المنقول الفلسفي اليوناني على وجهه الأصلي كما يُحفظ المنقول العلمي. [هامش ص 71].




ومن باب دفع هذا الموت الفلسفي الذي بات يُهدد الفلسفة الإسلامية، يرى المؤلف أنه لا سبيل إلى دفعه إلا بأن يُحصل مفكروها القدرة على الاستقلال عما ينقلون وعلى الإبداع فيما ينتجون، علماً بأنه لا إبداع إلا مع وجود الاستقلال، ولا استقلال إلا مع وجود الإبداع. [ص 72]




والقول الجامع في هذا الفصل، أنه ليس بمقدور أهل الاشتغال بالفلسفة من مثقفي الأمة أن يُحصلوا القدرة على الإبداع فلسفي مستقل ما لم يتعاطوا، بكل ما أوتوا من وسائل، تأسيسَ "علم الفلسفة" بفرعيه: أحدهما، فرع "فهم الفلسفة"، وهو علم ينظر في سياقات إنتاج الفيلسوف لأقواله وأفعاله قصدَ التوصل إلى بيان مضامين هذه الأقوال والأفعال؛ والثاني، فرع "فقه الفلسفة"، وهو علم ينظر في آليات إنتاج الفيلسوف لأقواله وأفعاله قصْدَ إلى كشف بنيات هذه الأقوال والأفعال؛ وتشمل هذه الآليات "الترجمة"، نقلاً وتحويلاً؛ و"المفهوم"، اصطلاحاً وتأثيلاً؛ و"التعريف"، تقريراً وتمثيلاً؛ و"الدليل"، استنتاجاً وتخييلاً؛ كما تشمل "السيرة"، نموذجاً وشذوذاً.




ليس هذا وحسب، بل إن فقيه الفلسفة، بحكم توجُّهه العملي، لا يشتغل بعلم الفلسفة لذاته، وإنما لكي يُدرك رتبة الفيلسوف المبدع والمستقل؛ لذلك، لا يقف عند حدّ استخراج هذه الأليات الفلسفية، بل يتعداه إلى استخدامها في وضع فلسفة فيها من الإبداع بقدر ما هي عليه من الاستقلال؛ وقد أخذَتْ أعمال طه عبد الرحمن هذه الآليات بقوة، موضحة كيف أنه يمكن الانطلاق من نقد الواقع العالمي، "حداثة" و"عولمة" و"عَلمانية" و"دهرانية" و"ما بعد دهرانية"؛ ومن ثَمَّ، إنشاءُ فلسفة أخلاقية إسلامية بديلة من الفلسفة غير الإسلامية التي تأسّس عليها الواقع العالمي، فلسفة تكون قادرة على التصدي لما يكتنف هذا الواقع من التحديات الخُلُقية والأزمات الروحية. [ص 92]






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 12:23 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd