سأقرؤها عندما أعود من رحلتي .....
أي رحلة ..? ...لا تتعجل ..ستعرفها ..
لكن عفوا ...لن أقرأ رسالتك ....اتعرف لماذا...لانك نصف إنسان ..بل ربع إنسان ....عذرا لقد أخطات ....فلم تعد إنسانا ....
غضبت ....?...لا لا تغضب...ولما الغضب وقد قبلت أن تكون بقايا إنسان ...تبا لقد أخطأت مجددا ....أنت مجرد ذكرى لإنسان ...
أتريد أن تعرف لماذا ...لأنك لو كنت كما تزعم...لما طرقت باب بيتي....
أتريد أن تكون إنسانا ...نعم ..أعلم أنك مثلي ...سأمت أن تحمل صفة ليس لك نصيب منها إلا الحروف ....
لا..بل الحروف سئمت أن تمنحك تلك الصفة ...إنسان ...
تبا ..أنت مصر على إنسانيتك المزعومة ....إذا فأتبعني وألحق بي ...فأنت تعرف مكاني بعدما خرجت من بيتي ....
أنا في تلك الرحلة التي لا يكابد أهوالها إلا أولئك الذين بات يتسلل لهم ذلك الشعور القاتل....
أي شعور .... ? ...ألا تعرفه ....?
الشعور الذي يراودنا نحن الاثنان ...ليننا ونهارنا ..حركتنا وسكوننا....
إنه الخجل ...نعم الخجل ....يا حضرة الإنسان السابق..
الخجل من جيراننا في الكوكب ...الذين حاكمناهم غيابيا وأسميناهم دوابا وحيوانات ...
ولو كتب لهم النطق ...لقالوا ..يشرفنا أن نكون كذلك ...
أتعرف لماذا ...?...انت تسأل كثيرا ...أعرف ..أعرف ..أنت تتحسر على تلك الإنسانية التي دفناها أنا وأنت و بنو البشر دون تأبين ..لا بل دون عزاء حتى...
أتعلم لما يشرفهم أن يكونوا حيوانات ودواب ...?
لأنهم ببساطة ..حافظوا على طبيعتهم التي جبلوا عليها ...وهاهم يتفانون في واجبهم ...
ويخدمون بني البشر دون كلل ولا ملل ..
أما أنا وانت ....وأبناء جلدتك من بني الإنسان الذين تغيبوا كعادتهم عن هذه الرحلة ....فهم.....
أما أنا وأنت وهم ..أقصد تلك الكائنات المسماة جزافا بالبشر ...
عفوا ..نسيت أن اكلمك عن تلك الرحلة ...
لقد جمعت أمتعتي ...وعدت إلى الخلف في حياتي ..عاما بعام ..لا يوما بيوم ...لا بل ساعة بساعة ...
لماذا عدت إلى ذلك الماضي السحيق ...? سأجيبك ..
ياحضرة الإنسان السابق ....لقد عدت إليه
لكي أقول لكل إنسان أخطأت في حقه ...عفوا ..لم اكن اقصد إيذائك..
كي أقاسم لقمتي ..كل بشر جائع مررت بجانبه يوما ...وانا أتلذذ بتلك اللقمة الميتة من كل قيمة معنوية ..سوى تلك الحريرات التي كنت سأستعملها لإيذاء إنسان اخر...
كي أكف فمي عن الضحك والقهقهة ....بينما هناك أخر بجواري يجد عناء بل كل العناء في تغطية ألمه .أو همه ..وحزنه..
وأقول له عفوا ..لم أعلم أنك تتألم ...
كي أسرع بكل قوتي لأساعد شخصا أخر إستحى أن يطلب عوني ....ولا أدير له ظهري بينما كان هو يامل أن أمد له يدي ...في مشهد يتقزز منه أولئك اللذين حاكمناهم غيابيا ..أقصد الدواب والحيوانات ....
لكل أولئك أقول لقد تفرق دم إنسانيتي يبنكم ....واصبحت انا الذي أدين لكم بها...
إليكم أنتم جميعا ..عفوا ثم عفوا ..من اليوم فصاعدا ...ساتضامن معكم ...ساقاسمكم همومكم واشجانكم ....لن أدير لكم ظهري...
ساعود إنسانا كما كنت ذات يوم...سأعود ...
أين انت ..ياحضرة الإنسان السابق....أين ذهبت...
لماذا تركتني أكلم شضايا بشريتك....التي تطايرت منك وأنت تهرب ....
فهمت ..لم تحتمل كلامي ..أخذ منك الخزي والخجل كل ماخذ...
أعلم.... ستذهب انت أيضا في نفس الرحلة..
كنت متأكدا أنك إنسان ولم تمت بعد ...كنت متأكدا ....
الان وفقط سأقرؤ رسالتك ....
ولكن بعدما اعود من رحلتي ....
( عفوا ليست محاكمة لكل البشر ...لست قاسيا لهذه الدرجة )