الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > بنك الاستاذ للمعلومات العامة > سير و شخصيات



إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2014-08-09, 23:08 رقم المشاركة : 1
بالتوفيق
مشرف منتدى التعليم الثانوي التأهيلي
 
الصورة الرمزية بالتوفيق

 

إحصائية العضو







بالتوفيق غير متواجد حالياً


وسام الرتبة الثانية  في مسابقة القرآن الكريم

المرتبة الأولى في مسابقة صور وألغاز

وسام المرتبة الأولى للمسابقة الرمضانية الكبرى 2015

بالتوفيق

افتراضي ابن الياسمين المغربي



هو عبد الله بن محمد بن حجاج الأرديني المعروف بابن الياسمين،



عالم الرياضيات والهندسة والهيئة والمنطق بالإضافة إلى تفوقه في الأدب العالي شعرا ونثرا…



أصله من بني حجاج أهل قلعة فندلاوة.. كذا عرف به صاحب “الذخيرة السنية” ابن أبي زرع الفاسي وحلاه بالفقيه الحاسب.. وبه يعلم أن وصف ابن سعيد المغربي له في كتاب “الغصون اليانعة” بالاشبيلي إنما هو جري على عادتهم من اعتبار الشخص الذي أقام مدة ما بقُطر ما، من أهل ذلك القطر.. لا ندري بالضبط متى ولد ابن الياسمين، لكننا نعرف أنه توفي مقتولا بمراكش عام 601هـ/1204م، وقيل أواخر 600هـ. وسنة 601هـ هي السنة نفسها التي توفي فيها أبو العباس السبتي، أحد رجالات مراكش السبعة

..
والياسمين اسم أمه نسب إليها وكانت سوداء، وكان هو أيضا أسود..


نعرف أيضا أن عبد الله بن الياسمين عاش في مدينة فاس، وأنه كان من المقربين من يعقوب المنصور الموحدي، ثم من ولده الناصر من بعده، وقد نال منزلة كبيرة في عهدهما

..
وقال ابن سعيد في “الغصون اليانعة”: “تخرج باشبيلية في فنون العلم، وكان أول تعلقه بالفقه والتوثيق، حتى صار من أعلام العارفين بالوثيقة، ثم اشتغل بالنظم والنثر وفنون الآداب.. وحلاه بقوله “الجليس المتفنن الكاتب

”..
أفاض ابن سعيد في الحديث عن البراعة الأدبية لصاحبنا ابن الياسمين، لكنه لم يشر إلى تفوقه في علم الرياضات.. تم أشار إلى وفاة ابن الياسمين ذبيحا بداره بمراكش والكيفية البشعة التي وجد عليها بمثل الحال التي وجد عليها الفتح بن خاقان صاحب “قلائد العقيان

”..
ثم قال ابن سعيد في “الغصون اليانعة”: “وله موشحات يغنى بها، وأمداح في المنصور والناصر.. وأمثل ما وقع لي من ذلك قول ابن الياسمين من قصيدة منصورية يذكر فيها قطع المنصور الاشتغال بكتب الفروع والاقتصار على ما ثبت من الأحاديث النبوية:
أسيّدنــا قــد ورَدتم بنــا مواردَ كنا عليها لُحوم
نبذتـم مقالــة هذا وذا فزال المِراء وقلَّ الخُصوم
وأثبتم قول من لفظُــه هــو الحقُّ والشرع منه يقوم
فلازلتم لكمالِ الهدى وإحْياءِ دارِس درسِ العلوم

ولا يخفى ما لهذا النوع من الشعر من إفادات على مستوى التأريخ والاجتماع والمميزات الثقافية لعصر ما، وهذه الأبيات تؤرخ هنا لحدث ثقافي بالغ الأهمية في تاريخ الدولة الموحدية، وهو قرار الملك يعقوب المنصور التخلي عن كتب الفروع والاقتصار على الأصلين.. وبغض النظر عن تداعيات ونتائج هذا القرار؛ فإن اتخاذ هذا الموقف يعكس موقفا فكريا وسياسيا خصوصا إذا استحضرنا تضخم فقه الفروع وسلطة الفقهاء خلال العصر المرابطي

بقيت الناحية العلمية من ترجمته، وهي التي قامت على شهرته بالبراعة في علم الحساب والجبر، وهو لذلك يعد من ألمع علماء العرب شهرة في الرياضيات.. وبما أن صاحبنا ابن الياسمين كان شاعرا، فقد دفعه ولعه بالجبر إلى إبداع تعريف مفهومي الجبر والمقابلة بأرجوزة قرئت عليه بأشبيلية عام 587هـ. وقد اعتبرها مؤرخو الرياضيات العمل الأساسي في دراسة الجبر، ففيها خلاصة الكثير من المبادئ والقوانين والطرق التي تستعمل في الحساب وحل المسائل والمعادلات الجبرية.


يقول العلامة عبد الله كنون في مقاله عن “ابن الياسمين” (مجلة البحث العلمي، العدد 1، 1964) عن أرجوزة ابن الياسمين: “وهي تبدأ بمقدمة في العدد الصحيح وأبواب في الجمع والطرح والضرب والقسمة، وحل العدد إلى أصوله. ثم مقدمة في الكسور وأبواب في الجبر أي جبر الكسور والحط، وهو عكس جبر الكسور والصرف وطرق استخدام المجهولات.. وأخيرا ينتقل إلى علم الجبر والمقابلة وهو أهم أبواب الأرجوزة وأَنفسها.. وفي هذه الأرجوزة توجد خلاصة كثير من القوانين والمعادلات الجبرية التي تتضمنها كتب الجبر الحديثة، وهي تدل على تضلع الناظم في الجبر وبعد غوره فيه، كما تدل على أن ثروته الأدبية لا يستهان بها، فلولا إحاطته بالجبر والشعر إحاطة كلية لما استطاع أن يضعها في قالب جذاب.. وقد أثنى على هذا الكتاب وأبرز أهميته العلمية الأستاذ قدري طوقان في كتابه “تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك”…
وتدل هذه الأرجوزة الفريدة على تمكن ابن الياسمين وثروته الأدبية والعلمية، وقد شاعت بين القراء لسهولتها ودقة عباراتها، وقد عدها مؤرخو العلوم والعلماء الرياضيون العرب والغربيون من الكتب الأصول في الرياضيات…


قال ابن أبي زرع الفاسي في “الذخيرة السنية” (طبعة دار المنصور، 1972): “أن ابن الياسمين أخذ عن أبي عبد الله بن قاسم علم الحساب والعدد”. ونستشف من أرجوزة ابن الياسمين تقديره الكبير لأستاذه وعمدته في علم الحساب محمد بن قاسم، وذلك في قوله:
والشكر للحِبر الزّكي العالــمِ أستاذِنا محمدُ بنُ قاسِمِ
فهو الذي أوضحَ ما قد أشْكلا وقرّب القاصي حتّى سَهُلا

ومن الذين شرحوا أرجوزة ابن الياسمين في الجبر والمقابلة العلامة ابن قنفذ (740-810هـ)، والعلامة ابن الهائم (753-815 هـ) في كتابه “شرح الأرجوزة الياسمينية”. وشرح أرجوزة ابن الياسمين كذلك العلامة سبط المارديني (826-912ه)، وسمى شرحه “اللمعة الماردينية في شرح التحفة الياسمينية”..
ومما جاء في أرجوزة ابن الياسمين:
على ثلاثة يدور الجبرُ المالُ والأعدادُ ثم الجِذر

وواضح أنها المصطلحات التي كان يستخدمها المسلمون قديما في الجبر.. ويشرح “ابن الياسمين” معنى الجبر والمقابلة في أرجوزته، فيقول أن الجبر هو نقل الحدود من طرف إلى طرف، بينما المقابلة هي جمع الحدود المتشابهة، ونحن نجمع الحدود المتشابهة في المعادلة من أجل تبسيطها.


وقد كتب في أرجوزته:
وبعد ما تجبر فلتقابل بطرح ما نظيرُه يماثِل
ومن هذه الأرجوزة أيضا قول ابن الياسمين:
فالمــال كــل عدد مربــع وجذره واحد تلك الأضلع
والعدد المطلق ما لم ينسب للمال والجذر فافهم تصب
والشيء والجذر بمعنى واحد كالقول في لفظ الأب والابن







: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=767080
    رد مع اقتباس
قديم 2014-08-09, 23:09 رقم المشاركة : 2
بالتوفيق
مشرف منتدى التعليم الثانوي التأهيلي
 
الصورة الرمزية بالتوفيق

 

إحصائية العضو







بالتوفيق غير متواجد حالياً


وسام الرتبة الثانية  في مسابقة القرآن الكريم

المرتبة الأولى في مسابقة صور وألغاز

وسام المرتبة الأولى للمسابقة الرمضانية الكبرى 2015

بالتوفيق

افتراضي رد: ابن الياسمين المغربي


ولابن الياسمين أيضا كتاب “تلقيح الأفكار في العمل برسوم الغبار”، وهو كتاب له أهمية علمية وتاريخية كبيرة.. أما أهميته العلمية، فتظهر من محتوياته، وقد جعله على خمسة أبواب تتضمن أربعين فصلا: فالباب الأول في العدد الصحيح وما يتعلق به، وينقسم إلى خمسة فصول وهي: ضرب الأعداد بعضها في بعض، وقسمة الأعداد بعضها على بعض، وتسمية الأعداد بعضها من بعض، وجمع الأعداد بعضها إلى بعض، وطرح الأعداد بعضها من بعض…؛

والباب الثاني في الكسور وما يتعلق بها وينقسم إلى أحد عشر فصلا وهي: ضرب الكسور المتصلة وأخذ بسطها، وضرب الكسور المنفصلة، وضرب الكسور المبعضة على اختلافها، وجمع الكسور بعضها إلى بعض، وطرح الكسور بعضها من بعض، وصرف الكسور من اسم إلى اسم، وقسمة الكسور بعضها على بعض، ومعرفة تسمية الكسور بعضها من بعض، ومعرفة تركيب الكسور، وجبر الكسور؛

والباب الثالث في فوائد لا يستغنى عنها فيما تقدم من المسائل، وينقسم إلى أربعة فصول وهي: في معرفة الطروحات التي يستدل بها على الصواب من الخطأ، ومعرفة ما للعدد من المقامات في القسمة وغيرها، والأجزاء التي لا تنقسم، وحكم التكرار من الآلاف؛

والباب الرابع في استخراج الأحوال المجهولة وينقسم إلى أحد عشر فصلا وهي: جمع الأحوال لمجرد الكسور، وجمع الأموال بزيادة الدراهم، وجمع الأموال باستثناء دراهم من كسورها، وجمع الأموال باستثناء دراهم من كسرها وزيادة دراهم في كسر آخر، وجمع الأموال بلا مثيل، والأموال المختلفة، وطرح الأموال، وضرب الأموال، وجمع الأموال، وأنواع شتى من الأموال، وامتحان الأموال؛

والباب الخامس والأخير في أشياء يحتاج إليها في الجبر والمقابلة وينقسم إلى تسعة فصول وهي: المسائل الستة التي يحتاج إليها في الجبر، وأخذ الجذور، وضرب الأجذار بعضها في بعض، وقسمة الأجذار بعضها على بعض وتسميتها، وجمع الأجذار بعضها إلى بعض، وطرح الأجذار بعضها من بعض، وضرب كسور الأجذار، ومسائل من المساحة مقربة إن شاء الله..


ويعلق العلامة سيدي عبد الله كنون في مقاله السابق الذكر على كتاب “تلقيح الأفكار” بقوله: “والدارس لفصول الكتاب لابد أن يقف على دلائل كثيرة تعرفه بعبقرية صاحبنا في هذا الفن وتظهره منه على ذهنية رياضية قلما توفرت إلا للأفذاذ من العلماء وعلى حسب ما يظهر فإن هذا الكتاب جمعه من مذكراته التي كان يلقيها دروسا على الطلبة؛ فإنه يقول في مقدمته: “كنت في مقدمة تعلمي الحساب أتبث مسألة من كل نوع من أنواعه مخافة اختلاله في حين إهماله.. فأكثر جماعة من الإخوان البحث عنها ورغبوا في انتساخ ما تحصل منها.. فدفعت إليهم ما كان عندي، فلم يعد منها شيء إلي.. وكان من جملة من رغب فيها أخوا صدق، وصديقا حق، فقدر الله عز وجل إهمالها قبل أخذهما لها.. فلم أزل أماطلهما وأسوف، وأعدهما وأخلف، وكل ذلك لا ينقض عهدهما، ولا يحيل ودهما، إلى أن فتح الله العليم في وجوه بعض مسائل منها عند بعض إخواني، فحمدت الله عز وجل على ذلك كثيرا، وصرفت الهمة إلى جمعها، وأضفت مالا غنى عن معرفته منها مثل جمع الأموال وطرحها وضربها، وامتحانها واختلاف أعمالها لاختلاف معانيها، وما يستحيل منها وبعض ما يتصرف فيها من وجوه الأعمال مثل الجبر والقياس ومثل المكعبات…”.


بتصرف من مقال ل
د. جمال بامي
باحث في التاريخ

من ميثاق الرابطة المحمدية للعلماء





آخر تعديل بالتوفيق يوم 2014-08-09 في 23:18.
    رد مع اقتباس
قديم 2014-08-09, 23:14 رقم المشاركة : 3
بالتوفيق
مشرف منتدى التعليم الثانوي التأهيلي
 
الصورة الرمزية بالتوفيق

 

إحصائية العضو







بالتوفيق غير متواجد حالياً


وسام الرتبة الثانية  في مسابقة القرآن الكريم

المرتبة الأولى في مسابقة صور وألغاز

وسام المرتبة الأولى للمسابقة الرمضانية الكبرى 2015

بالتوفيق

افتراضي رد: ابن الياسمين المغربي


حظي تاريخ الرياضيات في منطقة الغرب الإسلامي باهتمام متزايد في العقود الأخيرة، إذ انبرى مجموعة من الباحثين لدراسة التقاليد الرياضية التي شهدتها هذه المنطقة والتعريف بأعلامها، ويندرج هذا المقال الذي نقدمه هنا في هذا الإطار. إذ يعرف فيه الدكتور مهدي عبد الجواد بالرياضي المغاربي ابن الياسمين، هذا الأخير الذي عرفت بعض أعماله انتشارا واسعا في المغرب والمشرق على حد سواء. كما يعرف بمجموعة من أعماله الرياضية وكذا الدراسات البيبليوغرافية التي خصت ابن الياسمين بنصيب منها، هذا بالإضافة إلى إبراز بعض المظاهر الثقافية التي عاش إبانها ابن الياسمين. وتتجلى أهمية هذا المقال في المادة العلمية التي

يوفرها لعموم دارسي التراث العلمي الإسلامي:




رابط تحميل المقال:


http://cf.profvb.com/do.php?id=2176








    رد مع اقتباس
قديم 2014-08-09, 23:16 رقم المشاركة : 4
بالتوفيق
مشرف منتدى التعليم الثانوي التأهيلي
 
الصورة الرمزية بالتوفيق

 

إحصائية العضو







بالتوفيق غير متواجد حالياً


وسام الرتبة الثانية  في مسابقة القرآن الكريم

المرتبة الأولى في مسابقة صور وألغاز

وسام المرتبة الأولى للمسابقة الرمضانية الكبرى 2015

بالتوفيق

افتراضي رد: ابن الياسمين المغربي


دراسات في الأدب المغربي -15- ابن الياسمين
عبد الكريم التواتي
مجلة دعوة الحق

237 العدد


قامت دولة الموحدين - وكما سبق أن أكدنا - على أسس من العلوم الدينية، وانطلقت في ارتيادها مجال الوعظ والإرشاد ثم مجال وميادين الدعوة لتأسيس دولة، من مبدأ التوحيد المطلق، القائم على صفاء العقيدة وخلوص الأعمال لله رب العالمين، وتبنت في أسس دعوتها فكرة علماء السنة من أمثال الغزالي الذي قيل إنه تنبأ بتسلمها زمام السلطة الزمنية من أيدي المرابطين الذين تنكروا لدعوته الإصلاحية بإحراق كتبه وبالأخص كتابه (الإحياء
).
وقضى زعيم الدولة (ابن تومرت) زهرة شبابه بين دور العلم، يتلقى العلم من أفواه شوامخه، ويتتلمذ على فطاحله. وفي إحدى بيوتات طلبة العلم ارتبط مصيرا رجلي هذه الدولة: زعيمها الروحي (ابن تومرت) وباني أسس وجودها السياسي (عبد المومن)، وبها توثقت أواصر العمل المشترك بينهما، فكانت هذه المقدمات إرهاصا بأن الدولة ستحتضن العلم ورجاله، وتتبنى شؤونه وقضاياه، وترعى مصالح أهله واهتماماتهم.
فكانت تلك الصور الخالدة من التشجيع والرعاية التي تجلت في إنشاء دور الطلبة، وقيام ملوك هذه الدولة أنفسهم بحماية هؤلاء الطلبة، وإحلالهم المقامات السامية، من النوع الذي يتحدث عنه المراكشي صاحب المعجب، لدى تعرضه لموقف (يعقوب المنصور) ثالث خلفاء هذه الدولة، موقفه من أولائك الذين يسعون إلى التقليل من شأن الطلبة والعمل على إبعادهم عن اهتمام رئيس الدولة، فقد ذكروا أن (يعقوب المنصور) هذا رد على بعض أولائك المنتقدين لتشجيعه الملحوظ لطلبة العلم ردا عنيفا، سجلته كلمته الخالدة التي جاء فيها - وقد قالها بحضرة كافة كبار الموحدين - يسمعهم بعد أن بلغه حسدهم للطلبة على موقفه منهم وتقريبه لهم بل وخلوته بهم، قال: (يا معشر الموحدين، أنتم قبائل، فمن نابه منكم أمر فزع إلى قبيلته، وهؤلاء لا قبيل لهم، فأنا ملجأهم وإلي فزعهم، وإلي ينتسبون).
ثم كانت العطاءات المغرية للذين قدر لهم أن يتصلوا ببلاط هذه الدولة عن طريق العلم من أمثال: ابن زهر، وابن رشد، وابن طفيل، أو عن طريق الوزارة والكتابة من أمثال: ابن عطية، أو عن طريق الشعر خاصة من أمثال: (الجراوي) و(ابن حبوس ) وأضرابهما.
ولكن لأسباب أشرنا لبعضها فيما سبق، لم تتجسم عظمة هذه الدولة ثقافيا، ولم تبرز عبقرية أفكارها بالدرجة التي تستلفت الأنظار وتسترعي الاهتمام، إلا في الميادين الثقافية التي كان لها أقوى الاتصال بمنطلقها هي نفسها، أعني ميادين العلوم الدينية، وبالأخص علم الكلام والمقاصد وأصول الفقه والتفسير والحديث إلى حد ما، وأما الآداب بوجه عام، والشعر بوجه خاص، فلم يتجاوز نطاق الضروريات، أي الرسائل والخطب فيما يخص عموم الآداب، وغير قصائد المديح - إلا في النادر- فيما يخص مجال الشعر. وهكذا فنحن حين نحاول أن نضع جردا لأبرز الشخصيات الثقافية، في إطارها العام لهذا العهد، نستطيع أن نعدد العشرات من الشخصيات، في مختلف الأنشطة الفكرية، ففي خصوص مثقفي فاس لذلك العهد نجد كمبرزين.
في لائحة الفقهاء:
أبا محمد صالح بن جنون الهسكوري المتوفى سنة 653 هـ، وأبا الحجاج يوسف بن عمران المزدغي المتوفى سنة 655 هـ، وأبا محمد عبد الله بن عيسى التادلي الفاسي المتوفى سنة 604وفي لائحة علماء الحديث والتفسير نجد أمثال:
أبي عبد الله محمد بن قاسم التميمي المتوفي في حدود سنة 604 هـ، وأبا الحسن علي بن محمد المعروف بابن القطان المتوفي سنة 628 هـ، وأبا العباس أحمد بن يوسف السلمي المعروف بابن فرتون المتوفي سنة 666 هـ.
وفي لائحة فطاحل علماء الكلام نقف على أمثال:
أبي عمرو عثمان السلالجي المتوفي سنة 574 هـ، وأبي عبد الله محمد بن عبد الكريم الفندلاوي المعروف بابن الكتاني المتوفى سنة 596 هـ، والسيدة خبرونة.
وفي ميدان الطب والرياضيات:
نقف على العلماء أمثال: أبي محمد عبد الله بن محمد بن حجاج المعروف بابن الياسمين المتوفي سنة 601 هـ، وأبي الحجاج يوسف بن يحيى الإسرائيلي المعروف بابن سمعون المتوفى سنة 623 هـ.
حتى إذا جئنا إلى ميدان الشعر والأدب لم نجد من بين الذين يمكن إدراجهم ضمن قائمة هؤلاء - ولو مع تجاوز- سوى نفر قليل لا يتجاوز عددهم - في عموم المغرب - عدد رؤوس الأصابع، ومن أبرزهم، أو في مقدمتهم: ابن عطية، والجراوي، وابن حبوس، وسليمان الموحدي، وأبو حفص عمر الأغماتي، وابن الياسمين، وميمون الخطابي وابن عبدون المكناسي.
وقد احتضنت فاس من بين هؤلاء الثمانية نصفهم وهم: ابن حبوس المتوفي سنة 570 هـ والذي سبق تدارسه، ثم ابن الياسمين الذي سنحاول إلقاء أضواء عليه في هذا الفصل، ثم أبو حفص عمر الأغماتي المتوفي سنة 604 هـ، وميمون الخطابي المتوفي سنة 658 أو 659 هـ.
ثم إذا نحن أردنا أن نجمل ميزات أسلوب كل أدباء الدولة الموحدية، وأن نضع لها معالم، فما نظن أننا نجد أكثر دقة وأكثر شمولا من الكلمات التي أوردها الشاطبي في كتابه (الإنشادات والإفادات) منسوبة للوزير أبي عبد الله وصفا ابن زمرك، وتلك التي أفضى بها إثر عودته من جولة قام بها إلى المغرب أوائل عهد المرينيين، ذلك لأننا نرى - مع الأستاذ جنون - أن العهد المريني ليس إلا امتدادا لعهد الموحدين، أو بتعبير أصح وأصرح: إن هو إلا نتاج مدرستهم، قال الشاطبي - فيما نقله عنه المقري في نفح الطيب -: (أفادني صاحبنا الفقيه الكاتب أبو عبد الله بن زمرك، إثر إيابه إلى وطنه من رحلة العودة في علم البيان - أي لدى المغاربة - فوائد أذكر منها الآن ثلاثا:
الأولى: الفقه في اللغة: وهو النظر في مواقع الألفاظ، وأين استعملتها العرب، ومن مثل هذا الوجه (قَرِمَ ) [بفتح فكسر] وعَامَ إذا اشتهى، ولكن لا يستعمل (قَرِمَ ) إلا مع اللحم، ولا يستعمل (عام ) إلا مع اللبن فنقول: عمنا إلى اللبن، وكذلك قولهم: أصفر فاقع، وأحمر قان، ولا يقال بالعكس، وهذا كثير.
الثانية: تحري الألفاظ البعيدة عن طرفي الغرابة والابتذال: فلا يستبدل بالحوشي من اللغات، ولا المبتذل في ألسن العامة.
الثالثة: اجتناب كل صيغة تخرج الذهن عن أصل المعنى، أو تشوش عليه: إذ المقصود الوصول في بيان المعنى إلى أقصاه، والإتيان بما يحصله سريعا ويمكنه في الذهن، وتحري كل صيغة تمكن المعنى، وتحرض السامع على الاستماع .. وأخبرني أن كتاب المغرب يحافظون في شعرهم وكتابتهم على طريقة العرب، ويذمون ما عداها من طريقة المولدين، وأنها خارجة عن الفصاحة، قال الشاطبي: وتلك المعاني لا توجد إلا فيها.
وهذه الشهادة تفيد أمرين:
تفيد أولا أن أدباء المغرب: كتابا وشعراء - بالتعابير العربية القديمة - مولعون، وهذا ما يفسر لنا مسحة التقليد المشاهدة في أشكال تناولاتهم الأدبية والتي يصيغون فيها إنتاجهم، ويفسر لنا بالتالي لماذا لم يخترع المغاربة أوزانا للشعر جديدة، على غرار ما فعله الأندلسيون حين ابتكروا الأزجال والموشحات، ولكن باستثناء الملحون طبعا، وتفيدنا تلك الشهادة الشاطبية ثانيا: أن النقد الأدبي لتلك العهود في المغرب والأندلس كان قد قطع مراحل وأشواطا لا بأس بها في ميادين تقييم الإنتاج شكلا ومضمونا، والأمران معا يفيدان أن المغاربة كانوا - وما يزالون - يبرعون في الفقه بمعناه اللغوي العام، أي فقه اللغة وفقه التشريع، وكل العلوم التي تناولوها بالبحث والدرس، وهذا ما يلاحظ - حتى حاليا - في المدارس المسجدية - القرويين وابن يوسف أقدم جامعتين في العالم الإسلامي، وفي كل المعاهد التابعة لهما بالمغرب كمعهد (مكناس) و(الجديدة) و(تارودانت) و(وجدة)- حيث يعتنى في الدراسات المباشرة هناك -وبالدرجة الأولى- وبعد المضمون، يعتنى بالبحث عن مواقع الكلمات ومدلولاتها العينية من موقعها التعبيري إن صح التعبير.
ونرى بعد هذه الإلمامة الخاطفة حول ما أطلقنا عليه مميزات الثقافة الموحدية العامة، وبعد كلمتنا عن قيدوم شعراء هذه الدولة - ابن حبوس - الذي كان له وحده الحق في أن يعقب على القصائد الشعرية التي كانت تلقى أمام الخلفاء الموحدين إما بالمدح والتقريظ أو بالنقد والتجريح، أو نرى أن نشير في إيماءة خاطفة لابن الياسمين وآثاره الأدبية كنموذج لآداب علماء هذه الدولة، لأن ابن الياسمين كما نعلم جميعا هو من جهة الاختصاص يعد من علماء الحساب والرياضيات.
وابن الياسمين هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن حجاج الفندلاوي الفاسي، ينحدر أصله من قلعة (فندلاوة )، تتلمذ على أبي عبد الله بن قاسم التميمي، الذي كان سمع من ابن حنين أثناء رحلته إلى المشرق، وحيث أقام خمسة عشر عاما يتلقى العلوم والإجازات من علمائها الفحول أمثال أبي طاهر السلفي، وأبي عبد الله الحضرمي، وابن بري، وأبي القاسم البوصيري، وأضرابهم.
ويظهر أن ابن الياسمين من الذين كانت لهم ذاكرة علمية تقنية كبيرة وفريدة، فقد تخصص منذ حداثته في الرياضيات: الحساب والعدد والهيئة والهندسة وعلم التنجيم، حتى قالوا عنه: إنه في هذا الميدان لا يشق له غبار، ولا يدرك له شأو، ولا ينازع في الاختصاص بمعرفة دقائق هذه العلوم واستكناه غوامضها، وقد وضع مؤلفات عدة في هذه العلوم، ومن أشهرها وأسيرها أرجوزته في علم الجبر التي كانت تقرأ عليه، في هذا الصدد ذكروا أنها سمعت عليه بإشبيلية سنة 587 هـ، ولطموحه السياسي لم يشأ أن يتقاعس عن الخوض في ميادين الشعر والأدب، إذ كانت تلك الميادين وحدها هي التي تتيح لمتعهديها والسابحين في أفلاكها أن يتسنموا ذرى الوظائف العليا للدولة، واستجابة لهذا الطموح أخذ يعالج بالإضافة إلى اختصاصاته العلمية ميادين الأدب حتى تمكن منها بما أظهره من فرسان حلبتها، ومضى يقطع الأشواط حتى استطاع أن يلفت إليه الأنظار وأن يتمكن من ربط مصيره السياسي بمصير السلطة الزمانية لعهده، واستطاع بالإضافة إلى ذلك أن يحقق مكاسب سياسية هائلة جعلته يرأس مثقفي زمانه، ويختص بخدمة (يعقوب المنصور) ثم بخدمة ولد المنصور من بعده.
وإذا كانت مجالات الثقافة محصورة بالملوك رؤساء الدول ومن يحيط بهم من حاشية الأمراء وكبار المحظوظين فقد أثار استئثار ابن الياسمين بيعقوب المنصور وبابنه عليه حفائظ أقرانه من الأدباء والشعراء والعلماء، مما جعلهم يدبرون له المكائد ويسعون بالوشايات ويدسون الدسائس، ثم ما انفكوا يرمونه بما كان معهودا أيامئذ من الاتهامات التي كان يرمى بها أمثاله، من زندقة وإلحاد وتدبير المؤامرات لمخدومه، وكل ذلك على أن يخلو لهم الجو بالقضاء عليه. وإذا كان قد استطاع أن يفلت من أشراك الدعايات المسمومة التي بنوها حوله فإنه لم يستطع أن ينجو من حبائل المتربصين به الدوائر وأن يصيبوا منه في النهاية مقتلا، حين لم ينالوه بنفث سموم الدعايات المغرضة قرروا تصفيته جسديا، وقد تمكنوا منه في الحمام حيث اغتالوه، إذ توفي ذبيحا بمراكش سنة 601 هـ.
ورجل من هذا الطراز، وفي تلك العهود، ما كان لرجال الطبقات والتراجم أن يحتفظوا بآثاره، وما يمكن أن يكون سجله عن معاصريه، خاصة وليس منهم إلا عدو حاسد أو مناوئ حاقد، ولهذا فإن ما عثر عليه من آثار ابن الياسمين مبثوثا في بعض كتب التراجم والطبقات كان مجرد أبيات متفرقة، وردت في محاورات ومناظرات جرت بينه وبين بعض نظرائه.
وتبدو على تلك الأبيات مسحة توتر الأعصاب، والحدة في الطبع، أما أسلوبها فهو إلى الأساليب العلمية أقرب.
وكان من المقدر المفروض أو المنتظر أن يورد له (ابن القاضي) صاحب الجذوة صورا من شعره يؤيد بها ما قاله عنه في تحليته التي جاء فيها: (وله القدم الراسخة في علوم الأدب، والباع الطويل في نظم الشعر)، وقد يكون عذر ابن القاضي هو نفس ما نعتذر به نحن من اختفاء آثار ابن الياسمين أو إعدامها من أولئك الذين أعدموه هو شخصيا، على أن هذه الظاهرة هي الغالبة في جل آثار أدبائنا إن لم نقل كلهم، وهذا موقف مؤرخي الآداب منها: أفلا تجب إعادة النظر في مقرر منهاج الأدب والنصوص من الآثار المغربية وجميع مؤسساتنا بما يضمن مزيد البحث عن هذه الكنوز المخبوءة التي لا نعرف عنها إلا تحليات مؤرخي آدابنا، حتى يشمل آثار آبائنا وجدودنا كلهم ليعتز بها أبناؤنا وأحفادنا ؟





    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 00:49 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd