وم ( 12-27 ) هو اليوم المخصًص عندنا في كل عام للعلم . وفيه تشعً المدارس والدوائر والطرقات الوانا و بهجة ' إذ يذهب الكل ( من الالف الى الياء ' طلابا و مدراء و مدرسين و موظفين و وزراءا ' ) بزيهًم الوطني ( اللباس الكوردي الجميل) الى مقرات عملهم .
و هنا لا تتوقًعوا مني ان اكتب إنشاء عن حب الوطن و الوطنية . ولكن همًي ان اربط هذا اليوم بدوافع وجوده و الطائل من ورائه.
كانت حماستي المعهودة و حماسة اخرى منبثقة من خصوصية هذا اليوم ' تسيران بي الى العمل ' وكنت افكر بيني و بين نفسي ( يجب ان اجوًد في ما اقدمه اليوم' انه يوم العلم فليكن اذن يوم العمل ' فيجب ان اضع الاحجار فوق الاحجار ( كما نقول نحن ) ' إستمعت في طريقي مأخوذة بنشوة كل مايحيط بي وكان في هذا اليوم اكثر ما يلفت النظر هما العلم والزّي الرسميين.
وبعد ان رأيت نفسي داخل المدرسة ' رنً الجرس وما إن دخلت الصًف فإذا بالطلاب هاجموني بثيابهم الانيقه المزركشة ' إحتضنوني : ( مس .. مس ... مس ...فلنلعب ' فلنحتفل ' فلنرقص ' فلنعمل ايً شئ ولكن لا نقرأ ' لقد مللنا الدراسة ' هيًا مس لماذا لا نمرح قليلا. اليس اليوم يوم العلم ؟ فكيف يطاوعك قلبك ان تدرًسنا اليوم ) ؟!
وبعد عناء اعدت التلاميذ إلى مقاعدهم ' و هدأت من حماستهم ' و جاهدت كي يسود الصمت على جوً الشعبة ' ' حتى سألت : ماذا يعني يوم العلم لكم ؟
قال تلميذ :
يعني ان نرفع العلم. وقال اخر : يعني ان نرفع العلم. وقال اخر : يعني ان نرفع العلم و نغني انشودة الوطنية... باختصار لم اخرج باكثر من هاتين الجوابين او ماشابه على سؤالي . فادركت حينها ( كما كنت ادرك من قبل ) بان هذا اليوم وجوه كعدمه ' و كلاهما لا يقدم شيئا ولا يؤخر ' مادمنا لم نستخرج منه حكمة سامية 'ولم نتعلم منه درسا غاليا اوحتى متواضعا.
فلم يوم العلم مادام ليس له اي فضل على اداءنا وتفكيرنا بل و إنجازنا ؟
ما جدواه ان لم يرسًخ فينا حبنا للعمل والتقدم ولم تجدد عهدنا لبلدنا ؟
فهل هناك معنى لشموخ العلم ونحن في الحضيض ؟
هل هناك معنى لرفع العلم ونحن في الدرك الاسفل من الجهل ؟
هل هناك معنى لتحليق العلم مرفرفا في الفضاء و عقولنا في سجنها المقفل ؟
فالكل بمقدوره رفع العلم كقماش '
الكل بمقدوره ترديد النشيد الوطني ( ولو ان هناك البعض ليسوا فالحين حتى في هذا ) ههه .
باختصار العلم شئ و المواطنة المسئولة شئ اخر تماما . و كتابة الانشاء شيء وما يمليه علينا ضمائرنا شئ اخر تماما.
لذا وجب علينا اخراج هذا اليوم من دائرته الضيقة الى عالم ارحب من التقدم والازدهار ' وعلينا استجلاء القيم والمعاني من وجود يوم للعلم ونحاول قدر المستطاع تصحيح مساره .‘ وان ننظر اليه بعين الحكمة و الهمًة ' ولو كان القصد وراءه هو الاحتفال فقط فهو ليس منعدما في باقي الايام .
نعم قد تفيض المشاعر و تثور الاحاسيس في هذا اليوم ولكن تظل أذهاننا غائبة عن المغزى .
فما قيمة ان نهتف ونغني للوطن و عقولنا بليدة منفاة الى ابعد مداها ؟ حسنا اظن بانكم ايها الاستاذيون والاستاذيات تفهمونني تماما ' ولكن قولو لي كيف افهم تلاميذي ذلك ؟ !

كوردية