الحــلقـــة 32 تزامن تسلم رئيس الحكومة لمهامه على رأس النسخة الثانية من حكومته، مع ميلاد إطار تنسيقي لمواجهة الفساد في التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية لفضح الاختلالات الإدارية والمالية والقانونية التي يقترفها الرئيس الماسك بخناق هذه المؤسسة الاجتماعية وتوصل من هذه الهيئة، إلى جانب وزيري التشغيل والمالية، بالعديد من المراسلات في الموضوع من هذه اللجنة ومن المنظمات السياسية والنقابية وهيئات حماية المال العام، في خطوة لإثارة انتباه الحكومة ودعوتها للتدخل واتخاذ التدابير التي تقتضيها خطورة الوضعية التي أوصل إليها الرئيس التعاضدية العامة. وبالفعل كاتبت الهيئات التي تم الاتصال بهارئيس الحكومة ووزراء العدل والمالية والتشغيل من أجل التدخل وتحمل المسؤولية المنوطة بهم دستوريا وتنظيميا وأخلاقيا وإنسانيا، لاسيما وأن ما يرتكب داخل التعاضدية العامة يهدد التطبيق السليم لمدونة التغطية الصحية، ويمس بحق أساسي من حقوق الإنسان وهو الحق في الصحة، ويٌجهز على قيم التضامن والتعاضد والتآزر، من خلال نشر الزبونية والمحسوبية وثقافة الانتهازية وتقاسم المصالح والريع التعاضدي، على حساب المصلحة العامة، مما يعد خرقا لمبادئ تخليق الحياة العامة. غير أن الحكومة لم تتحرك بما فيه الكفاية، رغم هذه المراسلات وعشرات المقالات الصادرة في العديد من المنابر الإعلاميةوالإلكترونية، التي تفضح مختلف مظاهر وتجليات الفساد داخل التعاضدية. وإذا كان رئيس الحكومة قد قام ببعض الخطوات الخجولة فإن سلطتي الوصاية ( وهما وزارتي التشغيل والمالية حسب الظهير المنظم للتعاضد – نونبر 1963 ) لم تُفعل بالشكل المطلوب وعلى الوجه الأكمل جميع المقتضيات القانونية والتنظيمية التي تحمي المنخرطين وحقوقهم ومصالحهم المادية والاجتماعية، بل مازالت الأوضاع تتفاقم والفساد يستشري بوثيرة متسارعة وتُغتال الديمقراطية على مرأى ومسمع الجميع، رغم المساعي التي قامت بها مركزيات نقابية لدى رئيس الحكومة، بناء على التزاماته الصريحة والواضحة خلال جلسات الحوار الاجتماعي .... بل إن التعاضدية العامة ولجت متاهات غير قانونية منذ مدة طويلة أدخلتها إلى لٌجة اللامشروعية .........ورغم ذلك وحتى اليوم مازال الرئيس الحالي متماديا في خرق القانون وتعميق الاختلالات، حيث لا تجتمع الأجهزة التقريرية، وينفرد باتخاذ القرارات الإدارية والمالية، مما ينعكس سلبا على حقوق ومصالح المنخرطين. لذا فإن هذا الملف الساخن والثقيل ينتظر البث فيه من طرف رئيس الحكومة والوزيرين الوصيين ( التشغيل والمالية ) بمقتضى ظهير 1963 الخاص بالتعاضد، ومعالجته بشكل جذري ومناسب بما يحفظ مصالح ومكتسبات المنخرطين وذوي حقوقهم من الأيتام والأرامل والمتقاعدين والمعاقين...... طبقا لمقتضيات مدونة التغطية الصحية. وبذلك تُفرض حرمة القانون ومتطلبات الشرعية والمشروعية لاسيما وأن الرئيس، الذي اقترف كل هذا الكم الهائل من التجاوزات دلف إلى متاهة مظلمة مثقلا بهذه " المنجزات ....". لكن هناك ضمائر حية وقوى متنورة ومناضلون وهيآت... كلهم مُجندون لمتابعة هذا الملف بإصرار حتى ينتصر القانون والمشروعية. توضيح لابد منه هذه الحلقة تكتسي صبغة خاصة لأن مضامينها كُتبت سنة 2007 ونُشرت في أسبوعية "الوطن الآن"، العدد 264 بتاريخ 27 أكتوبر- 2 نونبر2007 ، أي ست سنوات قبل اليوم، وإذا كان الزمن بعيدا فإن الممارسات تتشابه وتتقاطع، وكأن التاريخ يُعيد نفسه، وما قُمت بتغييره قليل جدا ( كتبته باللون الأزرق ) مثل تغيير إسم الوزير الأول برئيس الحكومة تماشيا مع مقتضيات الدستور الجديد، ووضع نقط مسترسلة مكان فقرات قصيرة غير ملائمة للسياق الراهن. وقد اخترت اعتماد هذا التوضيح عوض الجملة الشهيرة التي تٌكتب عادة في مقدمة روايات وقصص وأفلام تقول: "إن أي تشابه في الأسماء أو الوقائع هو محض صُدفة"وذلك لأن تشابه المسارات ليس أبدا نتاجا محضا للصدفة في واقع التعاضدية العامة للموظفين.