2013-04-04, 12:42
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | المدرسون ... منهم البناؤون والنجارون | مـعـلـم في الأرياف: المدرسون ... منهم البناؤون والنجارون الأربعاء, 03 أبريل 2013 10:12 زاوية يكتبها الزملاء الصحافيون والمراسلون بالتناوب ترصد واقع التدريس بالوسط القروي من خلال شهادات حية لمدرسين ومدرسات ينحتون الصخر لإنجاح هذا الشيء الذي اسمه "مدرسة النجاح"..فتحية لهم ولهن. تفتقد جل المؤسسات التعليمية، خاصة بالعالم القروي أدنى شروط التربية والتعليم. القليل من قاعات الدرس تتوفر على أبواب ونوافذ وما تبقى منها عبارة عن بنايات مفتوحة عن الخارج، اقتلعت أبوابها وتلاشت نوافذها، واهترأت أسقفها، مما يسمح لمياه الأمطار بالتسرب إلى داخلها. هذه الوضعية تفرض على المدرس التعامل معها بحكمة وروية. وإذا لم يتدبر أموره سيجد نفسه مريضا باللوزتين والزكام وأشياء أخرى. النيابات لا علم لها بواقع الفرعيات والمدير ليس بإمكانه التدخل لإصلاحها وبالتالي من يوجد في وجه العاصفة هو المدرس.
يوميات اليوم، تحكي بعضا من معاناة المدرسين بالعالم القروي. سعيد فرضت عليه ظروف العمل الانتقال إلى بادية دكالة للعمل على الحدود بين أولاد عمران وقلعة السراغنة. حط الرحال في أحد أيام شتنبر من سنة 1986، بفرعية من الفرعيات المنسية. لا ماء ولا شجر على حد تعبير شاعر الجاهلية الحطيئة. بدأت الدراسة، فوجد نفسه في قاعة منعزلة شبيهة بكوخ في حقل للألغام رفقة بضعة أطفال لا يعرفون ولم يسبق لهم أن مسكوا قلما أو حتى طبشورة. استجمع كل ما تعلمه نظريا من أساتذته خلال فترة التكوين وقر عزمه على التعامل مع وضعه الجديد.
دعا الآباء والأمهات إلى جمع طارئ لتدارس وضعية الفرعية التي لا تتوفر على سكن يقيه حر شتنبر وريح نونبر وبرد وأمطار يناير وفبراير. بسط أمامهم الوضعية التي يعرفونها حق المعرفة. واقترح عليهم المشاركة في جمع بعض المال لبناء سكن قرب القاعة المنعزلة. لم يبخل الآباء والأمهات عن ذلك، سيما أنهم لمسوا رغبة سعيد في العمل بهذا المكان البعيد عن المدنية. بني السكن، عبارة عن بيت صغير ومرحاض، وجد فيه المدرس الجديد مكانا آمنا يرتاح فيه.
بعد توالي الأيام، فكر في إصلاح النوافذ والباب ورتق الشقوق الموجودة في الجدار وتبليط الثقوب التي في السقف. توجه ذات سبت إلى الفيلاج وطلب من أحد البقالين جمع العلب الكرطونية. اشترى المسمار ومطرقة واشترى الجبص والجير وعاد إلى الفرعية. ناد على ثلاثة من التلاميذ القريبين من الفرعية وطلب منهم الالتحاق به يوم الأحد.
استيقظ سعيد باكرا وشمر على ساعديه رفقة تلاميذه وشرع في تقطيع الكرطون وإلصاقه على إطارات النوافذ. خمر الجير في برميل صغير ومزج قليلا من الإسمنت مع الرمل وبدأ في إغلاق الثقوب والشقوق. صعد إلى سطح القاعة محاولا «تزفيت» التصدعات عبر سلم مهترئ. تمكن من سد البعض منها. طلب من أحد التلاميذ تثبيت السلم للهبوط. وضع رجله الأولى فوق إحدى درجاته، ولم يكد يضع الثانية، حتى وجد نفسه ممددا على الأرض. حاول النهوض من مكانه، فلم يستطع. أحس بألم حاد في أسفل رجله. نظر إلى التلميذ الواقف بجانبه دون أن ينبس ببنت شفة. قاوم الألم والحرج ونهض بصعوبة بالغة مستندا على كتف رفيقه. حاول التقدم نحو باب القاعة على رجليه، لكنه لم يفلح في ذلك.
لم ينم تلك الليلة، وفي الصباح الموالي، وجد رجله منفوخة. طلب من التلميذ الذي حضر واقعة السقوط المناداة على مقدم الدوار. ركب سعيد على ظهر عربة مجرورة بحمار وتحمل ردود الاهتزازات إلى أن وصل عند «سي علي» المعروف بدلك «الفداع». طمأنه بأن الأمر لا يدعو إلى قلق. حمد الله على أن العواقب جاءت سليمة. لف «سي علي» رجل سعيد بطرف من الكتان الممزوج بالبيض والدقيق وطلب منه عدم التوكؤ عليه مدة يومين على الأقل. أحمد ذو الرشاد (الجديدة) | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=635817 |
| |