واقع تدريس الأمازيغية في الابتدائي وضرورة توسيع دائرة الاهتمام بها



عبدالقادر كتـــرة


سجل محمد التومي، مفتش التعليم الابتدائي في نيابة إقليم جرادة «بكل ارتياح واعتزاز اعتبار اللغة الأمازيغية مكونا أساسيا من مكونات المناهج والمقررات الدراسية الرسمية»، حيث
أصبح التخطيط لتدريسها أمرا ضروريا في المؤسسات التعليمية، سواء على مستوى الإعداد والتنظيم أو على مستوى الممارسة والتقديم، كما نصّت المراسلات الوزارية الرسمية على تدريس هذه المادة والاشتغال على محتوياتها بصيغة الأستاذ المتخصص فيها .
وحاول التومي، من خلال مداخلته التي ألقاها بمناسبة حلول رأس السنة الامازيغية، مساهمة منه في توسيع دائرة البحث والاهتمام بهذا الموروث الثقافي الوطني، الكشف عن واقع تدريس المادة في السلك الابتدائي في نيابة إقليم جرادة في الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين للجهة الشرقية من خلال التركيز على المداخلات الأساسية، من أطر تربوية ومنهاج دراسيّ وطرق تدريسها، ليخلـُص الى استنتاجات عامة واقتراحات يمكن أن تساهم في التوسيع والإغناء .
وأشار المحاضرُ ذاتـُه إلى أن «المنظومة التربوية تعتمد في تدريس الأمازيغية حاليا على مجموعة من الأساتذة والأستاذات الذين غالبا ما تم اختيارهم بناء على نتائج مقابلات شكلية اعتمدت على معايير ذات صبغة عامة تفتقر الى مؤشرات دقيقة وواضحة، تكشف مدى امتلاك الأستاذ الكفايات الأساسية التي تؤهل لأداء هذه المهمة، في الوقت الذي لا تخرج هذه المقابلات أو بالأحرى الأسئلة المقترحة، عن قراءة النصوص وفهمها».
أما المكلفون بالتأطير التربوي فيكفي أن يحملوا صفة مؤطر تربوي (مفتش) وفي أي تخصص كان ضرورة القدرة على التواصل بالأمازيغية شفهيا (أمازيغي) فهم يفتقرون، بدورهم، الى تكوين عميق يؤهّلهم إلى الاطلاع على خصوصيات هذه المادة ومتطلباتها (تاريخها -طرق تدريسها)..
وعلى مستوى المنهاج الدراسي، اعتبر أن الأساتذة يعتمدون في اختيار المادة الدراسية لهذه الوحدة على مبادراتهم الشخصية في البحث، حيث يجدون صعوبة في تحقيق ذلك لندرة المراجع الأساسية أو عدم توفرها، ما يجعل العملية التعليمية/ التعلمية المرتبطة بهذا التخصص لا تعتمد على توزيع ملائم وتخطيط واضح للأنشطة المقترحة، الأمر الذي يؤثر سلبا على طرق تدريسها وعلى مختلف الممارسات المرتبطة بها، وبالتالي على النتائج المرجوة منها .
وذكر التومي، مفتش التعليم الابتدائي لمادة اللغة الأمازيغية، أن طرق التدريس (الديداكتيك) رغم خصوصية كل مادة دراسية لا تختلف كذلك في طرق تدريسها والممارسات المُقترَحة لإرساء مواردها، مشيرا إلى إنه إذا كان أساتذة مختلف التخصصات الأخرى قد استفادوا من تكوينات (رسمية أو مستمرة) لتأهيلهم لعملية التدريس (الإعداد -الأنشطة والممارسات) فإن أساتذة الأمازيغية على عكس ذلك، لا تستجيب ممارساتهم لمتطلبات المادة المدرسة، إذ يعتمدون في الغالب على إسقاط واعتماد منهجيات تدريس مواد أخرى، رغم عدم ملاءمتها لهذا التخصص ..
واستنتج المحاضر ذاتـُه، من خلال قراءة سريعة في المراسلة الوزارية رقم 252/ 12 بتاريخ 2 يونيو 2112، المتعلقة بتدريس الأمازيغية في التعليم الابتدائي، أنّ الأستاذ المتخصص في هذه المادة أصبح معطى قارا في البنية التربوية من خلال التفرغ التام لهذه المهمة، ثم إن توسيع دائرة المستفيدين من منهاج الأمازيغية وضمان تدريسها بات أمرا ضروريا في جميع مؤسسات التعليم الابتدائي، الأمر الذي يستوجب التكوين المستمرَّ للأساتذة ووضع إستراتيجية واضحة لهذه المهمة، سواء على المستوى الأكاديميات أو النيابة، فضلا على التفكير في الاستفادة من تكوينات رسمية في المراكز التربوية وتوفير الوسائل الديداكتيكية اللازمة والفضاءات الملائمة لمساعدة الأساتذة على أداء مهامهم على أحسن وجه .
وركز المفتش المتدخل على ضرورة تشجيع الأساتذة والأستاذات على البحث في هذا التخصص لتوسيع دائرة المصادر والمراجع في إصدار مذكرات ومراسلات جهوية وإقليمية الى المؤسسات التعليمية، تستمد مرجعيتها من المذكرات الوزارية قصد التذكير والتوضيح والحثّ على إيلاء هذا الجانب ما يستحق من اهتمام، والعمل على تخصيص قاعات خاصة للتدريس تـُراعَى في اختيار محتوياتها وتنظيم فضائها خصوصيات المادة (الأمازيغية) والتفكير في إيجاد نموذج موحّـَد لتقرير زيارة الأساتذة من طرف المؤطرين، ما سيساهم -دون شكّ- في تدليل مجموعة من الصعوبات وفي توجيه الأساتذة وفتح باب النقاش حول واقع هذا التخصص ومتطلباتها.
وفي الأخير، اقترح المفتش توسيع المعجم الأمازيغيّ للاستجابة للمصطلحات المحلية (أمازيغية القبائل المجاورة) والتفكير في إستراتيجية واضحة وجادّة تضمن استمرارية تدريس هذه المادة في الأسلاك الأخرى، واستثمار نتائج التتبع والبحوث في هذا التخصص لإثراء الجانب الديداكتيكيّ والبيداغوجي المرتبط به .

• المساء التربوي