2012-11-20, 23:15
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | مقرر وزراة التربية الوطنية.. بين التسرع وقصور الرؤية | مقرر وزراة التربية الوطنية.. بين التسرع وقصور الرؤية محمد أوعلي كثيرة هي المواقف التي يحتار الإنسان في تفسيرها أو تأويلها، وتزداد الحيرة حينما تصدر مثل هذه المواقف عن مسؤول على قطاع حيويّ يرهـــن مستقبل البلاد والعباد، ويتعلـق الأمر بمقــرر وزارة التربية الوطنيــة، الصادر بتاريخ
-04 -09 2012، والحامل لرقم -199 12، والداعي إلى إبطال مفعول المذكــرة الوزاريـــة رقم
-03 -09 2008 م، والهادف إلى منع نساء ورجال التعليم العموميّ من التدريس في مؤسسات التعليم الخصوصيّ خارج المذكرة المنظمة لذلك، أي بدون ترخيص أو بإعطاء حصص يفوق عددها ما تم التنصيص عليـــه.
وإذا سبق وعبرت العديد من الشرائح الاجتماعية عــن مساندتها المطلقة لهذا المقرر، على اعتبار أنه ينمّ عــن جرأة كبيرة -من وجهة نظرها- فإنه في المقابل عبّرت شرائح أخرى عن رفضها له بحجة أنه ينمّ عن تسرع كبير، ما جعل المجتمع ينقسم إلى قسمين متعارضين، في وقت يُفترَض أن تكون القرارات المتخذة في هذا القطاع الإستراتيجيّ، بل في كل القضايا المصيرية، تحظى بالإجماع، لتتــم أجرأتها وتنفيذها بكل يسـر وسلاسة.
ولكي لا ننساق وراء هذا الموقف أو ذاك، وجب أولا أن نتحرى الموضوعية ونضع المصلحة العليا لأبنائنا وبلدنا فــوق كل اعتبار، ومناسبة إثــارة المصلحة العليا تنبثــق من كون العديد من المعارضين هم مــن المستفيدين من وضع مــا قبــل صدور المقرر: مستثمرون في التعليم الخصوصي، آبــاء وأولياء تلاميذ هــذا التعليم... كما أن الكثير من المؤيدين هم من المتضررين من هذا الواقــع المراد تغييره، كآباء وأولياء تلاميــذ التعليم العمومي.. وعليه يبقى الانتماء إلى أحد الخندقين مجازفة خطيرة، لأنه سيزيد من حدة إنقسام المجتمع، من جهة، وسيجعلنا نؤيد بالضرورة -شئنا أم أبينا- أصحاب المواقف المصلحية الضيّقة، من جهة أخرى.
إن للسلطات التربوية الحق في إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية واسترجاع هيبتها بفرض احترام القوانيــن، ولكنْ عليها أن تتحــلى بالحكمة والتبصر، ذلك أنّ المقرر الذي نحــن بصدد تحليله ينطــوي على الكثير من التسرع والقصور.. أما التسرع فيتجلى في كونه «نزل» في وقت غير مناسب، حيث تزامن مع الدخول المدرسي الذي يحتاج إلـى التعبئة الشاملـــة لإنجاحه، لأن الإنطلاقة الخاطئة قـــد تربك السنة الدراسية بكاملها، ومــن يدري فما زالت تبعات هذا المقرر تتفاعل على الساحة التعليمية، فلوبيات التعليــم الخصوصي يطالبون بإلغائــه ويوزعون التهديدات يمينا وشمالا، بل يُلوّحون بإقفال المدارس الخصوصية.. بينما يتضح قصور المقرر وعدم شموليته في التفسيرات التي رافقت صدوره، والتي أشارت غير ما مرة إلى أن التعليم الخصوصي يعيش على حساب التعليم العمومي من خلال «تهريب» العديد من نساء ورجال هــذا الأخير نحــو التعليم الخصوصي دون احتــرام للمذكرات المنظمة، وهـذا هو مربط الفرس أو سبــب نزول المقرر، الذي يحمل في طياته -من حيث يدري واضعوه أو لا يدرون- تصحيح خطأ بخطأ أكبر منه.. ذلك أنه لم يقترح حلا للمشكل بقدْر ما عمل على تغيير موقعه عبر نقله وتصديره للتعليم الخصوصيّ، وهو ما أعطى الانطباع بأنّ وزارة التربية الوطنية هـــي وزارة للتعليم العمومــي فقط، بيد أن المدرســة العموميــة والخصوصية هما وجهان لعملة واحدة، لذا وجب على أي مقارَبة أن تكــون وطنية قبل كل شيء وتأخذ في الحسبان مصلحة كل المتمدرسين، بغضّ النظر عـــن انتمائهم إلى هذه المدرسة أو تلك، وإلا ستكون قاصرة مهْمَا عبّأنا لها من أسباب النجاح..
إن المزيد من التمحيص في هذا المقرر الصادر عن مسؤول سياسيّ متمرّس، أو مفترض فيه أن يكون كذلك، لتدفعنا إلــى القول بسطحيته، بل إنــه يشكل قنبلة موقوتة قد تصيب شظاياها كل الجسم التربويّ في حــال تفجرها، فلنتصور أن المقرر نفذ حرفيا -وهـــو مالم يحذث إلى حـــد الساعة- ونفذ إثــر ذلك أصحــاب المدارس الخصوصية تهديدَهم بإقفال هــذه المدارس أو تقليص عددها، فكيف يمكن للمدرسة العمومية أن تستوعب تلاميذ التعليم الخصوصي؟ ألدينا ما يكفي من الأطر لمواجهة هذه المسألة؟ وهل للوزارة الوصية الإمكانات الضرورية لتحمل هذا الوضع؟..
إن الجميع يعرفون أن الجواب بالنفي عن هذه الأسئلة ليست فيه أي مزايدة، بالنظر إلـــى المشاكل العويصة التي يتخبط فيها تعليمنا، وأفقه القاتــم -على المدى القصير والمتوسط على الأقل- ونتمنى أن لانكون علــى صواب في قولنا بسطحية هذا المقرر، لأن القائمين على التعليم في بلادنا لا يمكــن أن يكونوا بهذه السداجة، وهــذا ما يجرّنا إلى تأويل آخر، يتمثل في أن المقرر برمتــه ربما هو مناورة لليّ ذارع أرباب التعليــم الخصوصي ومواجهة «عقوقهم»، بل وسيلة لقياس مــدى قوتهم وقابليتهم لتنفيذ أوامر ومقررات الوزارة في الحال والمستقبل، وقد تكون هناك خلفيات وتأويلات أخرى لهذا المقرر لا يعلمها إلا الله وواضعوه.
وخلاصة القول إن المقرر -وإنْ كان يتمتع بالجرأة في طرحه- فإنه فاقــد للشمولية في مضمونه. لذا ارتأينا -انطلاقا مــن غيرتنا- ألا نكتفي بالتحليل والنقـــد، بل ندلــي بدلونا علـّنا نساهم فـــي سد بعض الثغــرات بالاقتراحات المتواضعة الآتية :
-1 إشراك المعنيين قبل اتخاذ القرار، مع استحضار مصلحة أبنائنا وبلدنا (وزارة وصيـــة، أرباب التعليم الخصوصي، نقابات، جمعية آباء وأولياء التلاميذ)..
-2 الإسراع بفتح مراكز التكوين في وجه حمَلة الشهادات المعطـّـَلين من شبابنا لسد حاجة التعليم الخصوصي من الأطر التربوية .
-3 إخضاع نساء ورجال التعليم الخصوصي الممارسين للتكوين المستمر، لأن أغلبهم فاقدون للتكويــن التربويّ، وفاقد الشيء لا يعطيه..
-4 الاتفاق بين الوزارة الوصية وأرباب التعليم الخصوصيّ على حيثيات هذه التكوينات مـــن حيث التمويل والمضمون والمدة الزمنية... وكذا الاتفاق على دفتر تحملات جديد، معقول وواقعيّ.
-5 ضمان حقوق الأطــر الإدارية والتربويــة العاملة في التعليم الخصوصيّ بشكل يرفـع عنهم الغبن، إنْ علـــى مستوى الأجور وعدد ساعات العمل أو على مستوى العسف والشطط.
-6 تسوية وضعية المستحقين للترقية، من نساء ورجال التعليم العموميّ، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع الشركاء الاجتماعيين في هذا الصدد، لأن الحاجة هي التي تدفع العديد منهم إلى التعليم الخصوصي.
-7 وضع سقف زمنيّ يتراوح بين 3 إلى 5 سنوات لتفيذ وأجرأة النقط التي سبق ذكرها..
وأعتقد، في الأخير، أن التعامل مع هذه الاقتراحات -إذا كانت مجدية- ومع اقتراحات العديد من الغيورين بروح من المسؤولية والوطنية من شأنــه أن يُعيد الثقة إلــى النفوس ويعمــل على رصّ الصفوف وتعبئة الطاقات لمواجهة أمهات المشاكل التي يعاني منها تعليمنا، بل ويفتح آفاقا واسعــة أمام العاطلين من شبابنا، فضلا على القضاء -وهذا هو بيت القصيد- على ظاهرة «ترحال» أساتذة التعليم العموميّ نحو نظيره الخصوصيّ، لأن هذا الأخير ستصبح له أطره الكفؤة والكافية .
رجل التعليم | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=602833 |
| |