2015-10-12, 09:50
|
رقم المشاركة : 17 |
إحصائية
العضو | | | رد: ملف عن التربية الجنسية وفق رؤية إسلامية | 2/ السياق العلمي من خلال آيات الخلق والنشأة: من خلال آيات الخلق المتكررة في القرآن الكريم، والواردة لترسيخ العقيدة في النفوس والتدليل على عظمة الخالق وقدرته، تحضر المفردة الجنسية بقوة في سياق إعجازي علمي بيولوجي من خلال الحديث عن تشكل الأجنة وعن رحلة الخلق من الحيوان المنوي إلى البعث. ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ ﴿خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب﴾ ﴿أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ﴾ ﴿أنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى﴾ ﴿قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ۖ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا ۚ وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا﴾. والملاحظة الكبرى، أنه حتى في سياق تقديم المعلومة العلمية، ظل النص القرآن وفيا لخطه الأصيل في احترام الآداب العامة وعدم المس بالحياء العام باصطناع لغة حيية، ليضرب المثال على طريقة التناول البيداغوجي التي يمكن يعالج بها موضوع الجنس. 3/ السياق التاريخي// من خلال القصص القرأني: في سياق تأسيسه الحضاري لمجتمع قائم على القيم، حرص الإسلام دائما ومن خلال القرآن الكريم على عرض نماذج من سلوكات اجتماعية واقتصادية وثقافية لمجتمعات سابقة، للاستفادة من دروس التاريخ وعبره. ومن أهم الوقائع التاريخية التي خصها القرآن بالذكر، والتي لها علاقة بموضوع الجنس قصتي قوم لوط ويوسف، والتي أوردها في سياق التمثيل والانتقاد لممارستين جنسيتين منحرفتين هي الشذوذ الجنسي والخيانة الزوجية، أو ظاهرة الفوضى الجنسية التي كانت نتائجها وخيمة على تفكيك بنيات المجتمعات السابقة ودمارها كمدينتي سدوم وغومورا، وردت قصة لوط مع قومه في الكتب السماوية كلها وتكررت في عدة مواضع في القرآن الكريم: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ العَالَمِيْنَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ ربُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَومٌ عَادُونَ) (الشعراء: 160-168).( وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَومِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِيْنَ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ) (العنكبوت: 28-29) .( قَالَ إِنَّ هَؤُلآءِ ضَيْفِيْ فَلاَ تَفْضَحُونِ وَاتَّقُوْا اللهَ وَلاَ تُخْزُونِ ) (الحجر: 68-69) (وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ) (القمر: 37-38) ( وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِيْنَ إِنَّكُم لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّنْ دُونِ النِّسآءِ بَلْ أَنْتُم قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ) (الأعراف: 80-84) . وفي هذه الآيات نجد المفردة الجنسية حاضرة بشكل مكثف إتيان, شهوة, ذكران, النساء, مراودة, الفاحشة, الفضيحة, الطهرانية, الرجال,الحب,الشغف,القبل,الدبر. السياق اللغوي/ عفة في اللفظ وانتقائية بالغة وتكثيف للمصطلح. إن من أول الملاحظات التي يمكن تسجيلها على الخطاب القرآني حين معالجته للسياقات السابقة إما تشريعا أو تأريخا هي اختياره الدقيق للمفردة الجنسية المبلغة غير الخادشة للحياء بخلاف الكتب السماوية السابقة المحرفة التي تحدثت بشكل فج عن الجنس، فالقرآن الكريم وهو "المعلم الأكبر"، تطرق لمواضيع حساسة للغاية في موضوع الجنس بمنتهى البلاغة مع منتهى الوقار والحشمة، في سياق تربوي عبادي توجيهي عام " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين" فهذه الآية مثلا جمعت كل فنون وضروب الجنس بأسلوب فيه كناية ومجاز في سياق عبادي، فهي شبهت عملية الجنس بالحرث الذي يتطلب مهارة وعلما ومتابعة وتعهدا وتوكلا حقيقيا، وأيضا ارتباطا عاطفيا ووجدانيا كما يرتبط الفلاح بالأرض، كما أنها جعلت العملية غير محددة لا بزمان ولا بمكان ولا بوضعيات معينة، وليس مثل جنس "الكوشر" عند بعض طوائف الأورتذوكس "أنى شئتم" أي متى وكيف، "وقدموا لأنفسكم" أي حث على الملاعبة والمداعبة وفنون التغنج ومقدمات الجماع, من مص وتقبيل وحديث وإثارة قبل المواقعة،"واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين" وضع للجنس في إطاره باعتباره جزء من منظومة وجودية واجتماعية متكاملة، كما في كل الثقافاث والديانات. ففي الغرب مثلا تشكلت الرؤية للجنس "في حوض الفلسفة الفرويدية وروافد الانحلال الإغريقي، والخلاعة الأوربية الأصيلة،... ففي فلسفة فرويد تأخذ رموز الطوطم والطابو مكان الرمزية الإغريقية التي كانت تستأنس بفحشاء الآلهة وتنصب في الأماكن العامة تماثيل الفعل اللوطي. كل أصول التركيبة الاجتماعية البشرية هي في فلسفة فرويد راجعة للشهوانية. وإن أزمة الحضارات منبعها الصراع بين شهوة الأفراد البهيمية وبين النظام الاجتماعي القامع". هذه العفة البالغة في انتقاء مفردة الجنس في القرآن، الذي كنى عن الممارسة بالمباشرة واللمس والمس والتغشي والإفضاء، لن ندركها إلا حين نقابلها ونقارنها بمشاهد جنسية عاهرة في النصوص الدينية الأخرى. كما ينبغي تسجيل ملاحظة أنه بالرغم من نسبة الأفعال إلى المذكر بحسب لغة العرب غير أن الفعل الجنسي هو فعل تشاركي وبالاختيار بين الجنسين "وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ". يتبع
| التوقيع | أيها المساء ...كم أنت هادئ | |
| |