عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-08-13, 15:28 رقم المشاركة : 5
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي رد: تفسير سورة الزمر


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق

{ قُلْ يظ°عِبَادِيَ ظ±لَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىظ° أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ظ±للَّهِ إِنَّ ظ±للَّهَ يَغْفِرُ ظ±لذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ظ±لْغَفُورُ ظ±لرَّحِيمُ } * { وَأَنِـيبُوغ¤اْ إِلَىظ° رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ظ±لْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } * { وَظ±تَّبِعُـوغ¤اْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُـمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ ظ±لْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } * { أَن تَقُولَ نَفْسٌ يظ°حَسْرَتَا عَلَىظ° مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ ظ±للَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ظ±لسَّاخِرِينَ } * { أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ظ±للَّهَ هَدَانِي لَكُـنتُ مِنَ ظ±لْمُتَّقِينَ } * { أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ظ±لْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَـرَّةً فَأَكُونَ مِنَ ظ±لْمُحْسِنِينَ } * { بَلَىظ° قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَظ±سْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ ظ±لْكَافِرِينَ } * { وَيَوْمَ ظ±لْقِيَامَةِ تَرَى ظ±لَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ظ±للَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ } * { وَيُنَجِّي ظ±للَّهُ ظ±لَّذِينَ ظ±تَّقَوْاْ بِمَفَازَتِهِمْ لاَ يَمَسُّهُمُ ظ±لسُّوغ¤ءُ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { ظ±للَّهُ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَىظ° كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } * { لَّهُ مَقَالِيدُ ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضِ وَظ±لَّذِينَ كَفَرُواْ بِـآيَاتِ ظ±للَّهِ أُوْلَـظ°ئِكَ هُمُ ظ±لْخَاسِرُونَ } * { قُلْ أَفَغَيْرَ ظ±للَّهِ تَأْمُرُونِّيغ¤ أَعْبُدُ أَيُّهَا ظ±لْجَاهِلُونَ } * { وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى ظ±لَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ظ±لْخَاسِرِينَ } * { بَلِ ظ±للَّهَ فَظ±عْبُدْ وَكُن مِّنَ ظ±لشَّاكِرِينَ } * { وَمَا قَدَرُواْ ظ±للَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَظ±لأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ظ±لْقِيَـظ°مَةِ وَظ±لسَّمَظ°وَظ°تُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىظ° عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { وَنُفِخَ فِي ظ±لصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَمَن فِي ظ±لأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ظ±للَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىظ° فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } * { وَأَشْرَقَتِ ظ±لأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ظ±لْكِتَابُ وَجِـيءَ بِظ±لنَّبِيِّيْنَ وَظ±لشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِظ±لْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } * { وَسِيقَ ظ±لَّذِينَ كَـفَرُوغ¤اْ إِلَىظ° جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّىظ° إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـظ°ذَا قَالُواْ بَلَىظ° وَلَـظ°كِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ظ±لْعَذَابِ عَلَى ظ±لْكَافِرِينَ } * { قِيلَ ظ±دْخُلُوغ¤اْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ظ±لْمُتَكَـبِّرِينَ } * { وَسِيقَ ظ±لَّذِينَ ظ±تَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ظ±لّجَنَّةِ زُمَراً حَتَّىظ° إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَظ±دْخُلُوهَا خَالِدِينَ } * { وَقَـالُواْ ظ±لْحَـمْدُ للَّهِ ظ±لَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا ظ±لأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ظ±لْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ فَنِعْمَ أَجْرُ ظ±لْعَامِلِينَ } * { وَتَرَى ظ±لْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ ظ±لْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِظ±لْحَقِّ وَقِيلَ ظ±لْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ظ±لْعَالَمِينَ }

المنَاسَبَة:
لما ذكر تعالى أحوال الفجرة المشركين، وذكر ما يكونون عليه في الآخرة من الذل والهوان، دعا المؤمنين إلى الإِنابة والتوبة قبل فوات الأوان، وختم السورة بذكر عظمة الله وجلاله يوم الحشر الأكبر، حيث يكون العدل الإِلهي والقسطاسُ المستقيم، ويساق السعداء إلى الجنة زمراً، والأشقياء إلى النار زمراً { وَسِيقَ ظ±لَّذِينَ ظ±تَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ظ±لّجَنَّةِ زُمَراً.. } الآية.

اللغَة:

{ بَغْتَةً } فجأة { مَثْوَى } مكان إقامة يقال: ثوى بالمكان أقام فيه { مَقَالِيدُ } خزائن ومفاتيح { زُمَراً } جماعات جماعات جمع زُمرة وهي الجماعة { خَزَنَتُهَا } حُرَّاسها الموكلون عليها { نَتَبَوَّأُ } تبوأ المكانَ حلَّ ونزل فيه { حَآفِّينَ } محيطين به من أطرافه وجهاته.

التفسِير:
{ قُلْ يظ°عِبَادِيَ ظ±لَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىظ° أَنفُسِهِمْ } أخبر يا محمد عبادي المؤمنين الذين أفرطوا في الجناية على أنفسهم بالمعاصي والآثام { لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ظ±للَّهِ } أي لا تيأسوا من مغفرة الله ورحمته { إِنَّ ظ±للَّهَ يَغْفِرُ ظ±لذُّنُوبَ جَمِيعاً } أي إنه تعالى يعفو عن جميع الذنوب لمن شاء، وإِن كانت مثل زبد البحر { إِنَّهُ هُوَ ظ±لْغَفُورُ ظ±لرَّحِيمُ } أي عظيم المغفرة واسع الرحمة، وظاهر الآية أنها دعوة للمؤمنين إلى عدم اليأس من رحمة الله لقوله { يظ°عِبَادِيَ } وقال ابن كثير: هي دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإِنابة، وإِخبارٌ بأن الله يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب منها ورجع عنها مهما كثرت { وَأَنِـيبُوغ¤اْ إِلَىظ° رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ } أي ارجعوا إلى الله واستسلموا له بالطاعة والخضوع والعمل الصالح { مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ظ±لْعَذَابُ } من قبل حلول نقمته تعالى بكم { ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } أي ثم لا تجدون من يمنعكم من عذابه { وَظ±تَّبِعُـوغ¤اْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُـمْ } أي اتبعوا القرآن العظيم، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، والزموا أحسن كتاب أنزل إليكم فيه سعادتكم وفلاحكم { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ ظ±لْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } أي من قبل أن ينزل بكم العذاب فجأة وأنتم غافلون، لا تدرون بمجيئه لتتداركوا وتتأهبوا { أَن تَقُولَ نَفْسٌ } أي لئلا تقول بعض النفوس التي أسرفت في العصيان { يظ°حَسْرَتَا عَلَىظ° مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ ظ±للَّهِ } أي يا حسرتي وندامتي على تفريطي وتقصيري في طاعة الله وفي حقه قال مجاهد: يا حسرتا على ما ضيعت من أمر الله { وَإِن كُنتُ لَمِنَ ظ±لسَّاخِرِينَ } أي وإِنَّ الحال والشأن أنني كنت من المستهزئين بشريعة الله ودينه قال قتادة: لم يكفه أن ضيَّع طاعة الله حتى سخر من أهلها { أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ظ±للَّهَ هَدَانِي لَكُـنتُ مِنَ ظ±لْمُتَّقِينَ } " أو " للتنويع أي يقول الكافر والفاجر هذا أو هذا والمعنى لو أن الله هداني لاهتديت إلى الحق، وأطعت الله، وكنت من عباده الصالحين قال ابن كثير: يتحسر المجرم ويودُّ لو كان من المحسنين المخلصين، المطيعين لله عزَّ وجل { أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ظ±لْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَـرَّةً فَأَكُونَ مِنَ ظ±لْمُحْسِنِينَ } أي أو تقول تلك النفس الفاجرة حين مشاهدتها العذاب لو أنَّ لي رجعةً إلى الدنيا لأعمل بطاعة الله، وأُحسن سيرتي وعملي { بَلَىظ° قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي } هو جواب قوله { لَوْ أَنَّ ظ±للَّهَ هَدَانِي } والمعنى بلى قد جاءك الهدى من الله بإرساله الرسل، وإِنزاله الكتب { فَكَذَّبْتَ بِهَا وَظ±سْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ ظ±لْكَافِرِينَ } أي فكذبت بالآيات، وتكبرت عن الإِيمان، وكنت من الجاحدين قال الصاوي: إن الكافر أولاً يتسحر، ثم يحتج بحجج واهية، ثم يتمنى الرجوع إلى الدنيا، ولو رُدَّ لعاد إلى ضلاله كما قال تعالى {*وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ*}
[الأنعام: 28] { وَيَوْمَ ظ±لْقِيَامَةِ تَرَى ظ±لَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ظ±للَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } أي ويوم القيامة ترى أيها المخاطب الذين كذبوا على الله بنسبة الشريك له والولد وجوههم سوداء مظلمة بكذبهم وافترائهم { أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ } استفهام تقريري أي أليس في جهنم مقام ومأوى للمستكبرين عن الإِيمان، وعن طاعة الرحمن؟ بلى إنَّ لهم منزلاً ومأوى في دار الجحيم.. ولما ذكر حال الكاذبين على الله، ذكر حال المتقين لله فقال { وَيُنَجِّي ظ±للَّهُ ظ±لَّذِينَ ظ±تَّقَوْاْ بِمَفَازَتِهِمْ } أي وينجي الله المتقين بسبب سعادتهم وفوزهم بمطلوبهم وهو الجنة دار الأبرار { لاَ يَمَسُّهُمُ ظ±لسُّوغ¤ءُ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } أي لا ينالهم هلعٌ ولا جزع، ولا هم يحزنون في الآخرة، بل هم آمنون
{*فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ*}
[القمر: 55] ثم عاد إلى دلائل الألوهية والتوحيد، بعد أن أفاض في الوعد والوعيد فقال { ظ±للَّهُ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ } أي الله جل وعلا خالق جميع الأشياء وموجد جميع المخلوقات، والمتصرف فيها كيف يشاء، لا إله غيره ولا ربَّ سواه { وَهُوَ عَلَىظ° كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } أي هو القائم بتدبير كل شيء { لَّهُ مَقَالِيدُ ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضِ } أي بيده جل وعلا مفاتيح خزائن كل الأشياء، لا يملك أمرها ولا يتصرف فيها غيره قال ابن عباس: " مقاليد " مفاتيح، وقال السدي: خزائن السماواتِ والأرض بيده { وَظ±لَّذِينَ كَفَرُواْ بِـآيَاتِ ظ±للَّهِ أُوْلَـظ°ئِكَ هُمُ ظ±لْخَاسِرُونَ } أي والذين كذَّبوا بآيات القرآن الظاهرة، والمعجزات الباهرة، أولئك هم الخاسرون أشدَّ الخسران { قُلْ أَفَغَيْرَ ظ±للَّهِ تَأْمُرُونِّيغ¤ أَعْبُدُ أَيُّهَا ظ±لْجَاهِلُونَ }؟ أي قل يا محمد أتأمرونني أن أعبد غير الله بعد سطوع الآيات والدلائل على وحدانيته يا أيها الجاهلون؟ قال ابن كثير: إن المشركين من جهلهم دعوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة آلهتهم، ويعبدوا معه إلهَه فنزلت الآية { وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى ظ±لَّذِينَ مِن قَبْلِكَ } اللام موطئة للقسم أي واللهِ لقد أوحي إليك وإِلى الأنبياء قبلك { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } أي لئن أشركت يا محمد ليبطلنَّ ويفسدنَّ عملك الصالح { وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ظ±لْخَاسِرِينَ } أي ولتكونَنَّ في الآخرة من جملة الخاسرين بسبب ذلك.
. وهذا على سبيل الفرض والتقدير، وإِلاّ فالرسول صلى الله عليه وسلم قد عصمه الله، وحاشا له أن يشرك بالله، وهو الذي جاء لإِقامة صرح الإِيمان والتوحيد قال أبو السعود: والكلام واردٌ على طريقة الفرض لتهييج الرسل، وإِقناط الكفرة، والإِيذان بغاية شناعة الإِشراك وقبحه { بَلِ ظ±للَّهَ فَظ±عْبُدْ } أي أخلص العبادة لله وحده، ولا تعبد أحداً سواه. { وَكُن مِّنَ ظ±لشَّاكِرِينَ } أي وكن من الشاكرين لإِنعام ربك { وَمَا قَدَرُواْ ظ±للَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } أي وما عرفوا الله حق معرفته، ولا عظّموه حقَّ تعظيمه قال أبو حيان: أي ما عظّموه حقَّ تعظيمه، وما قدروه في أنفسهم حقَّ تقديره، إذ أشركوا معه غيره، وساووا بينه وبين الحجر والخشب في العبادة.. ثم نبههم على عظمته وجلالة شأنه فقال { وَظ±لأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ظ±لْقِيَامَةِ } الجملة حالية والمعنى ما عظَّموه حقَّ تعظيمه والحال أنه موصوف بهذه القدرة الباهرة، التي هي غاية العظمة والجلال، فالأرضُ مع سعتها وبسطتها يوم القيامة تحت قبضته وسلطانه { وَظ±لسَّمَظ°وَظ°تُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } أي والسماوات مضمومات ومجموعات بقدرته تعالى قال الزمخشري: والغرضُ من هذا الكلام تصويرُ عظمته والتوقيف على كنه جلاله لا غير، من غير ذهابٍ بالقبضة واليمين إلى جهة وفي الحديث " يقبضُ اللهُ تعالى الأرض ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملكُ أين ملوكُ الأرض؟ " { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىظ° عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي تنزَّه الله وتقدس عما يصفه به المشركون من صفاتِ العجز والنقص، ثم ذكر تعالى أهوال الآخرة فقال { وَنُفِخَ فِي ظ±لصُّورِ } هو قرنٌ ينفخ فيه إِسرافيل عليه السلام بأمر الله، والمراد بالنفخة هنا " نفخة الصَّعق " التي تكون بعد نفخة الفزع قال ابن كثير: وهي النفخة الثانية التي يموت بها الأحياء من أهل السماواتِ والأرض { فَصَعِقَ مَن فِي ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَمَن فِي ظ±لأَرْضِ } أي فخَّر ميتاً كل من في السماوات والأرض { إِلاَّ مَن شَآءَ ظ±للَّهُ } أي إلاَّ من شاء الله بقاءه كحملة العرش، والحور العين والولدان { ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىظ° } أي نُفخ فيه نفخةٌ أخرى وهي نفخةُ الإِحياء { فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } أي فإِذا جميع الخلائق الأموات يقومون من القبور ينظرون ماذا يُؤمرون { وَأَشْرَقَتِ ظ±لأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا } أي وأضاءت أرض المحشر بنور الله يوم القيامة، حين تجلى الباري جل وعلا لفصل القضاء بين العباد { وَوُضِعَ ظ±لْكِتَابُ } أي أحضرت صحائف أعمال الخلائق للحساب { وَجِـيءَ بِظ±لنَّبِيِّيْنَ وَظ±لشُّهَدَآءِ } أي وجيء بالأنبياء ليسألهم رب العزة عما أجابتهم به أممهم، وبالشهداء وهم الحفظة الذين يشهدون على الناس بأعمالهم، وقال السدي: هم الذين استشهدوا في سبيل الله { وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِظ±لْحَقِّ } أي وقُضي بين العباد جميعاً بالقسط والعدل { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } أي وهم في الآخرة لا يظلمون شيئاً من أعمالهم، لا بنقص ثواب، ولا بزيادة عقاب قال ابن جبير: لا يُنقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ } أي جوزي كل إنسانٍ بما عمل من خير أو شر { وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } أي هو تعالى أعلم بما عمل كل إنسان، ولا حاجة به إلى كتاب ولا إلى شاهد، ومع ذلك تشهد الكتب إلزاماً للحجة.
. ثم فصَّل تعالى مآل كلٍ من الأشقياء والسعداء فقال { وَسِيقَ ظ±لَّذِينَ كَـفَرُوغ¤اْ إِلَىظ° جَهَنَّمَ زُمَراً } أي وسيق الكفرة المجرمون إلى نار جهنم جماعاتٍ جماعات، كما يساق الأشقياء في الدنيا إلى السجون { حَتَّىظ° إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } أي حتى إِذا وصلوا إليها فتحت أبواب جهنم فجأة لتستقبلهم { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ }؟ أي وقال لهم خزنة جهنم تقريعاً وتوبيخاً: ألم يأتكم رسلٌ من البشر يتلون عليكم الكتب المنزلة من السماء؟ { وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـظ°ذَا }؟ أي ويخوفونكم من شر هذا اليوم العصيب؟ { قَالُواْ بَلَىظ° وَلَـظ°كِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ظ±لْعَذَابِ عَلَى ظ±لْكَافِرِينَ } أي قالوا بلى قد جاءونا وأنذرونا، وأقاموا علينا الحجج والبراهين، ولكننا كذبناهم وخالفناهم لما سبق لنا من الشقاوة قال القرطبي: وهذا اعتراف منهم بقيام الحجة عليهم، والمراد بكلمة العذاب قوله تعالى
{*لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ظ±لْجِنَّةِ وَظ±لنَّاسِ أَجْمَعِينَ*}
[هود: 119] { قِيلَ ظ±دْخُلُوغ¤اْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا } أي قيل لهم ادخلوا جهنَّم لتصلوا سعيرها ماكثين فيها أبداً، بلا زوال ولا انتقال { فَبِئْسَ مَثْوَى ظ±لْمُتَكَـبِّرِينَ } أي فبئس المقام والمأوى جهنم للمتكبرين عن الإِيمان بالله وتصديق رسله { وَسِيقَ ظ±لَّذِينَ ظ±تَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ظ±لّجَنَّةِ زُمَراً } أي وسيق الأبرار المتقون لله إلى الجنة جماعاتٍ جماعات راكبين على النجائب قال القرطبي: سوقُ أهل النار طردُهم إليها بالخزي والهوان، كما يفعل بالمجرمين الخارجين على السلطان، وسوقُ أهل الجنان سوقُ مراكبهم إلى دار الكرامة والرضوان، لأنه لا يُذهب بهم إلا راكبين، كما يفعل بالوافدين على الملوك، فشتَّان ما بين السوقين { حَتَّىظ° إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } أي حتى إِذا جاءوها وقد فتحت أبوابُها كقوله تعالى
{*جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ظ±لأَبْوَابُ*}
[ص: 50] قال الصاوي: والحكمةُ في زيادة الواو هنا " وفُتحت " دون التي قبلها، أن أبواب السجون تكون مغلقة إلى أن يجيئها أصحاب الجرائم، فتفتح لهم ثم تُغلق عليهم، بخلاف أبواب السرور والفرح فإِنها تفتح انتظاراً لمن يدخلها فناسب دخول الواو هنا دون التي قبلها { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَظ±دْخُلُوهَا خَالِدِينَ } أي وقال لهم حراس الجنة: سلامٌ عليكم أيها المتقون الأبرار { طِبْتُمْ } أي طهرتم من دنس المعاصي والذنوب، فادخلوا الجنة دار الخلود، قال البيضاوي: وجواب " إذا " محذوف، للدلالة على أنَّ لهم من الكرامة والتعظيم، ما لا يحيط به الوصف والبيان قال ابن كثير: وتقديره إِذا كان هذا سُعِدوا، وطابوا، وسُرّوا وفرحوا بقدر ما يكون لهم من النعيم { وَقَـالُواْ ظ±لْحَـمْدُ للَّهِ ظ±لَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ } أي وقالوا عند دخولهم الجنة واستقرارهم فيها: الحمد لله الذي حقَّق لنا ما وعدنا به من دخول الجنة قال المفسرون: والإِشارة إلى وعده تعالى لهم بقوله

البَلاَغَة:
تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:

1- الطباق بين (تَكْفُرُوغ¤اْ..و.. تَشْكُرُواْ) وبين { يَرْجُواْ.. ويَحْذَرُ } وبين { فَوْقِهِمْ.. وتَحْتِهِمْ } وبين { ضُرٍّ.. ورَحْمَةٍ } وبين { ظ±لْغَيْبِ.. وَظ±لشَّهَادَةِ } وبين { يَبْسُطُ.. وَيَقْدِرُ } وبين { ظ±هْتَـدَىظ°.. وضَـلَّ } الخ.

2- جناس الاشتقاق
{*يَتَوَكَّـلُ ظ±لْمُتَوَكِّلُونَ*}
[الزمر: 38] وكذلك في قوله
{*أَحْسَنُواْ فِي هَـظ°ذِهِ ظ±لدُّنْيَا حَسَنَةٌ*}
[الزمر: 10].

3- الأسلوب التهكمي
{*لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ ظ±لنَّارِ*}
[الزمر: 16] إطلاق الظلة عليها تهكم لأنها محرقة، والظلة تقي من الحر.

4- المقابلة الرائعة
{*وَإِذَا ذُكِرَ ظ±للَّهُ وَحْدَهُ ظ±شْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ظ±لَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِظ±لآخِرَةِ..*}
[الزمر: 45] الآية فقد قابل بين الله والأصنام، وبين السرور والاشمئزاز، وكذلك توجد مقابلة بين آيتي السعداء والأشقياء { وَسِيقَ ظ±لَّذِينَ كَـفَرُوغ¤اْ إِلَىظ° جَهَنَّمَ زُمَراً } وقابل ذلك بقوله { وَسِيقَ ظ±لَّذِينَ ظ±تَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ظ±لّجَنَّةِ زُمَراً.. } والمقابلةُ أن يؤتى بمعنيين أو أكثر، ثم يُؤتى بما يقابل ذلك على الترتيب وهو من المحسنات البديعية.

5- الإِيجاز بالحذف لدلالة السياق عليه
{*أَفَمَن شَرَحَ ظ±للَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ*}
[الزمر: 22] حذف خبره وتقديره كمن طبع الله على قلبه؟ ومثله
{*أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ ظ±لَّيلِ*}
[الزمر: 9] أي كمن هو كافرٌ جاحدٌ لربه؟

6- الأمر الذي يراد منه التهديد
{*قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ*}
[الزمر: 8] ومثله
{*ظ±عْمَلُواْ عَلَىظ° مَكَانَتِكُـمْ*}
[الزمر: 39] للمبالغة في الوعيد.

7- المجاز المرسل
{*أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ظ±لنَّارِ*}
[الزمر: 19] أطلق المسبب وأراد السبب، لأن الضلال سبب لدخول النار.

8- الاستعارة { لَّهُ مَقَالِيدُ ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضِ } أي مفاتيح خيراتهما، ومعادن بركاتهما فشبَّه الخيرات والبركات بخزائن واستعار لها لفظ المقاليد، بمعنى المفاتيح، ومعنى الآية خزائن رحمته وفضله بيده تعالى.

9- الاستعارة التمثيلية { وَظ±لأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ظ±لْقِيَامَةِ وَظ±لسَّمَظ°وَظ°تُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } مثَّل لعظمته وكمال قدرته، وحقارة الأجرام العظام التي تتحير فيها الأوهام بالنسبة لقدرته تعالى بمن قبض شيئاً عظيماً بكفه، وطوى السماوات بيمينه بطريق الاستعارة التمثيلية، قال في تلخيص البيان: وفي الآية استعارة ومعنى ذلك أن الأرض في مقدوره كالذي يقبض عليه القابض، فتستولي عليه كفه، ويحوزه ملكه، ولا يشاركه غيره، والسماوات مجموعات في ملكه ومضمومات بقدرته وقال الزمخشري: والآية لتصوير عظمته والتوقيف على كنه جلاله، من غير ذهاب بالقبضة واليمين إلى جهة، لأن الغرض الدلالة على القدرة الباهرة، ولا ترى باباً في علم البيان أدق ولا أرقَّ ولا ألطف من هذا الباب.

10- الكناية { أَن تَقُولَ نَفْسٌ يظ°حَسْرَتَا عَلَىظ° مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ ظ±للَّهِ } جنبُ الله كنايةٌ عن حقِّ الله وطاعته، وهذا من لطيف الكنايات.

11- الالتفات من التكلم إلى الغيبة { لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ظ±للَّهِ } والأصل: لا تقنطوا من رحمتي قال علماء البيان: وفي الآية الكريمة { قُلْ يظ°عِبَادِيَ ظ±لَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىظ° أَنفُسِهِمْ... } الآية من أنواع المعاني والبيان أمور حسان: منها إقباله تعالى على خلقه ونداؤه لهم، ومنها إضافتهم إليه إضافة تشريف، ومنها الالتفات من المتكلم إلى الغيبة { مِن رَّحْمَةِ ظ±للَّهِ } ومنها إضافة الرحمة للفظ الجلالة الجامع لجميع الأسماء والصفات، ومنها الإِتيان بالجملة المعرَّفة الطرفين المؤكدة بإِن وضمير الفصل { إِنَّهُ هُوَ ظ±لْغَفُورُ ظ±لرَّحِيمُ }.

12- توافق الفواصل في الحرف الأخير، وهو نهاية في الروعة والجمال اقرأ مثلاً قوله تعالى { وَنُفِخَ فِي ظ±لصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَمَن فِي ظ±لأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ظ±للَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىظ° فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ * وَأَشْرَقَتِ ظ±لأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ظ±لْكِتَابُ وَجِـيءَ بِظ±لنَّبِيِّيْنَ وَظ±لشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِظ±لْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ * وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } ألا تأخذك روعة هذا البيان، برونقه، وجماله، وأدائه، فينطلق لسانك بذكر الرحمن؟!






التوقيع

    رد مع اقتباس