عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-07-28, 09:32 رقم المشاركة : 3
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: حوار حول جدلية العلاقة بين التربية الإسلامية والفلسفة


مجلة تربيتنا: في إطار هذا التوجه كيف تقيمون العوامل الثقافية التي مازالت في وقتنا الحالي تدعو إلى استمرار مواقف الرفض المتبادل بين المواد النقلية والمواد العقلية؟


من الواضح أن أبرز العوامل الثقافية التي تكمن وراء هذا التنازع والشقاق الذي لا يزال قائما بين المواد النقلية والمواد العقلية، يتمثل في افتقاد المجتمع إلى استراتيجية موحدة على مستوى البناء التربوي والثقافي، وإلى سيادة الاضطراب والتذبذب على مستوى تدبير دواليب المنظومة التربوية، التي تتميز بميزة ذميمة هي كونها تجمع في تلافيفها بين شركاء متشاكسين، فأنى لمنظومة هذا ديدنها وهذه طبيعتها أن يقوم بداخلها سلام بين المعارف والمواد؟

إن فقدان البوصلة، وضياع الربابنة بين اختيارات متناقضة لا ينجم عنه رفض متبادل بين الفرقاء على ساحة ” المنظومة” المنكوبة، فحسب، بل إنها لمرشحة لاقتتال دموي عنيف، واستنزاف رهيب للطاقات، يخلف وراءه ركاما من الضحايا والأشلاء.







مجلة تربيتنا: باعتباركم أحد الدارسين للفلسفة إلى جانب الفكر الإسلامي ألا يمكن اعتبار موقف بعض الفاعلين المنتمين لمادة الفلسفة ومادة التربية الإسلامية ما زال يعكس صعوبة معينة لتحقيق التكامل المعرفي بين المادتين؟





أعتقد أن المعضلة أبعد بكثير من مجرد تعارض بين فئتين متعارضتين من الأساتذة، يختص كل منهما بمادة من المواد الحساسة داخل مواد المنهاج الدراسي، إنها مشكلة نظام بأكمله، فاقد لبوصلة السير والإبحار، وسط خضم متلاطم الأمواج، متعدد التيارات، منذر بالأعاصير. إن ما يمثل خطوة إيجابية للانطلاق في الحل والوفاق، هو توحيد الغذاء، على أن يكون هذا الغذاء خاليا من السموم والمنغصات، محملا بعناصر القوة، خاضعا لعملية دائمة من التعهد والرقابة والتجديد.


مجلة تربيتنا: ما رأيكم في الحوار بين قيادات الجمعيتين على أرضية المشترك وتنظيم لقاءات وندوات مشتركة كحل لتجاوز هذه الوضعية، علما بأن الجمعية سبق لها أن استدعت ممثلي جمعية مدرسي الفلسفة في بعض أنشطتها وفي الجلسات الافتتاحية لاثنين من مؤتمراتها.



مما لا شك فيه، أن الحوار على صعيد واحد، لا يأتي إلا بخير، وكما قلت سابقا، فإن مما يعين على نجاح مثل هذا الحوار، الاحتكام للمرجعيات والمواثيق التي تحكم منظومة التربية والتعليم في البلاد، ومعرفة كل الأساتذة على حد سواء، بما فيهم أساتذة التربية الإسلامية وأساتذة الفلسفة، أن الضحية الأولى لأي تنازع وشقاق بين المدرسين، هم الناشئون، الذين ينعكس ذلك على نفسياتهم الغضة تمزقا وتذبذبا واضطرابا، خاصة وأنهم في مرحلة حساسة من العمر، يخشى عليهم فيها من الانحراف والشعور بالإحباط، الأمر الذي يجعل هؤلاء الأساتذة في قفص الاتهام، إن هم أساؤوا التصرف، ويصمهم بالأنانية وضيق الأفق الفكري، وعدم تقديرهم لمصلحة الأجيال، ومصلحة الوطن العليا.



مجلة تربيتنا: من القيم التي يلزم أن تحكم التفاعل الفكري بين مختلف الاتجاهات داخل المدرسة كما داخل المجتمع احترام الحق في الاختلاف والقبول بالآخر والاتجاه نحو المتفق عليه، فكيف تفسرون تجاهل هذه القيم في الدفاع عن أي مادة دراسية؟


المفروض في المدرسة المغربية، لو سارت الأمور على ما كان ينبغي أن تسير عليه، أن تكون موحدة الوجهة، محددة المقاصد، وفقا لهوية الوطن الأصيلة المصونة باللغة والدين، إذ لا رسوخ لها ولا تألق بغير ذلك، والمفروض في التفاعل الفكري وحرية الابتكار والتجديد والإبداع، أن تجري في ظل ذلك الإطار المسيج المتين، المصون من أي اختراقات تنخر الوحدة وتنقض الإجماع، والمفروض في الاختلاف على صعيد الوطن أن يكون اختلاف رحمة لا اختلاف فرقة وعذاب، يتمزق في ظله الوعاء الثقافي، فيتحول إلى ما يشبه ثوبا ضم سبعين رقعة مشكلة الألوان مختلفات، ولكن وقد وقع ونزل، وتعرض الوطن إلى بلاء التشتت الفكري والإيديولوجي، على مستوى النخب المثقفة التي بيدها أمر التربية والتشكيل، فلم يعد هناك من اختيار إزاء واجب الحوار الهادف البناء، الذي يحترم فيه الرأي والرأي الآخر، ويتم فيه الالتقاء على المشترك والمتفق عليه كما تفضلتم بالإشارة إليه، في اتجاه رأب الصدوع والتشققات، والسعي الصادق إلى استعادة الوحدة القائمة على ثوابت الأمة العقدية والثقافية، بما يحفظ لها وجودها في معترك التدافع بين الهويات والتكتلات.


مجلة تربيتنا: هل لديكم إضافة تودون إبرازها في نهاية هذا الحوار؟


ما يمكن أن يضاف كثير، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق كما يقال، وأجدني مدينا لكم بالشكر الجزيل، على هذه الفرصة التي أتحتموها لي للإدلاء بدلوي في شأن تربوي ذي بال، وعلى ما تبذلونه في إطار جمعيتكم العتيدة، الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، من أجل الإسهام البناء في الارتقاء بتدريس التربية الإسلامية، حتى تؤدي وظيفتها، بل ورسالتها في تحصين الأجيال، وإعدادهم لمستقبل الوطن، والله الموفق للصواب، وهو يهدي السبيل.





مجلة تربيتنا: في الختام نشكركم على رحابة صدركم وعلى تفاعلكم الإيجابي مع دعوة المجلة لإجراء هذا الحوار المهم والمثمر.




الهوامش

1 – ينظر في هذا الموضوع كتاب تهافت الفلاسفة على سبيل المثال،
2 – نقلا عن كتاب:” تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية لمصطفى عبد الرازق ط3 مطبعة النهضة المصرية. ص: 67.





التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس