عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-07-24, 10:17 رقم المشاركة : 2
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: حوار حول جدلية العلاقة بين التربية الإسلامية والفلسفة


مجلة تربيتنا:: ما هي في رأيكم الاعتبارات المعرفية التي تجعل بعض الفقهاء يحذرون من دراسة الفلسفة واتباع منهجها في التفكير عندما يتعلق الأمر بقضايا إيمانية صرفة؟


أعتقد أن مضمون الجواب على السؤال السابق يفيد في تسليط الضوء على تلك الاعتبارات، وخلاصة ذلك، أن منهج التفكير الفلسفي يقوم على التأمل والاستدلال العقلي بشتى أنواعه، وهذا الاستدلال يتأسس على معطيات الحس والتجربة، التي تزود العقل بمادة مقدماته التي ينبني عليها ما يخلص إليه من نتائج، لا تتجاوز في طبيعتها الطابع الكلي العام. فالعقل الإنساني من خلال ممارسته التفكير الفلسفي، يستطيع أن يخلص إلى فكرة وجود إله وراء هذا الكون، ولكنه يعجز تماما عن الوصول إلى تفاصيل الصفات المتعلقة بذلك الإله المدبر للوجود، فعلى سبيل المثال، أرسطو، وهو من أعظم العقول في تاريخ الفلسفة، ويسمى بالمعلم الأول، يصف الله بأنه يعلم الكليات دون الجزئيات، وهي فكرة تتنافى مع حقيقة الألوهية وصفاتها الحقة التي منها أن الله عز وجل لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، يقول الله عز وجل:”(وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) سورة الأنعام: 59.


ومن ثم فإن ممارسة التفكير الفلسفي لا يخلو من محاذير، ما لم تتوفر الشروط لدى من يقوم بذلك.



مجلة تربيتنا: يدعو الفكر التربوي المعاصر إلى ضرورة انفتاح المواد بعضها على بعض، ونعتقد أن الإسلام سبق لذلك نظريا وعمليا، فهل لكم أن تحدثونا عن الأسس والغايات التربوية لهذا التوجه العالمي؟




مما لا شك فيه أن هذا التوجه العالمي إلى ضرورة الانفتاح المتبادل بين المواد والعلوم، أو ما يسمى بالتكامل المعرفي، قد تبلور لدى القيادات الفكرية والعلمية، نتيجة لوعي حاد منها بجملة من المشاكل والاختلالات، التي نجمت على مستوى كل علم أو حقل معرفي على حدة، نتيجة خلل في الرؤية المنهجية التجزيئية، فكان ذلك مظهرا ليقظة علمية وفكرية شكلت انعطافا هاما في مجال بناء المنهجية المعرفية، تمخض عن ثمار طيبة، إن على الصعيد المنهجي النظري، أو المستوى النظري التطبيقي.

والتكامل المعرفي قد يتخذ مستويات متعددة من حيث سعة المجال الذي يستغرقه ويستهدف العمل في نطاقه، وفق مقاصد محددة.


فقد يكون الحقل الذي يجري فيه التكامل مرتبطا بموضوع التربية والتعليم، والتكوين، وفي هذه الحالة نكون أمام جملة متكاملة من العلوم والتخصصات، تستثمر مبادئها وحقائقها وقوانينها في سبيل البناء الرصين لاستراتيجية التربية والتكوين، من أجل الارتقاء بالمخرجات المتوخاة من البرامج والمدخلات، وكذا التمشيات والتقنيات، في أفق الحصول على مردود يتسم بالجودة والفاعلية.

هذا على سبيل التأطير النظري الذي يصطلح عليه بعلوم التربية بمختلف تشعباته، وهناك مستوى آخر يتجلى فيه التكامل المعرفي، هو مستوى المواد المقررة في المنظومة التربوية التعليمية، بحيث يفترض أن تندرج تلك المواد ضمن نسق تربوي متراص العناصر، بسبب استرشاده بفلسفة تربوية واضحة المعالم ثابتة الأركان.

وغير خاف على العارفين بطبيعة الحضارة الإسلامية، أنها حضارة المنهجية، وحضارة التكامل المعرفي بامتياز، وحضارة التي هي أقوم في كل شيء، بموجب كتابها (القرآن الكريم) الذي يهدي للتي هي أقوم، مصداقا لقول الله تعالى:

” إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ”. سورة الإسراء: 9.


والذي يحكم خاصية التكامل، بل خاصية الوحدة، هو مبدأ التوحيد الذي يقتضي الاجتماع على كلمة سواء، والدخول في السلم كافة، ومبدأ الجمع والانسجام بين آيات الكتاب المسطور، وآيات الكتاب المنظور. وإن من شأن الخروج على هذه السنن والمقتضيات، أن يؤدي إلى سقوط كارثي مهول في فصام نكد، وتشوه ذميم، تتجرع الإنسانية عواقبه المشؤومة.




مجلة تربيتنا: في إطار هذا التوجه كيف تقيمون العوامل الثقافية التي مازالت في وقتنا الحالي تدعو إلى استمرار مواقف الرفض المتبادل بين المواد النقلية والمواد العقلية؟




يتبع






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس