2- توظيف البيداغوجيا الفارقية في الفصول الدراسية أ – مستويات التفريق البيداغوجي: إن المدرس حسب البيداغوجيا الفارقية ، مدعو لتنويع المحتويات و الطرائق و الوسائل ، حتى يكيف عملية التعلم مع حاجيات المتعلمين و فروقهم الفردية ، و ذلك على المستويات التالية : • التفريق في المحتويات المعرفية : تستلزم البيداغوجيا الفارقية تنويع محتويات التعلم داخل الصف الواحد لتكييفها مع القدرة الاستيعابية للمتعلمين وإيقاعهم التعلمي ، من أجل اكتساب الكفايات الأساس . فمثلا إذا لاحظ المدرس أن نصا قرائيا من نصوص المقرر يتسم بنوع من الصعوبة ، يمكن أن يستثمره في الدرس فقط بالنسبة للمتفوقين ، بينما ينتقي نصا قرائيا أكثر بساطة بالنسبة للتلاميذ المتعثرين ، على أن تكون الأهداف موحدة . وإذا لاحظ المدرس أن فئة من التلاميذ لم تستوعب موضوعا دراسيا معينا بما فيه الكفاية ، يمكن في هذه الحالة أن يتناول معها فقط عناصره الأساس ، بينما يتناول عناصر الدرس كلها مع المتفوقين . و يمكن مثلا أن يقترح على فريق من التلاميذ إنجاز تمارين بسيطة في مكون النحو مثلا ، في حين يقترح على البعض الآخر إنجاز تمارين أكثر تعقيدا . ونشير في هذا السياق إلى أن المدرس لا ينبغي أن يتعامل مع الكتاب المدرسي ككتاب مقدس ، بل يمكن أن يتصرف فيه بالإضافة و التعديل و الإثراء ، و يغير في محتوياته بحيث تستجيب لحاجيات المتعلمين ، وتنسجم والكفايات الدراسية المنشودة. • التفريق عن طريق الأدوات و الوسائل التعليمية : تكتسي الوسائل التعليمية أهمية خاصة في العملية التعليمية التعلمية لما لها من دور فعال في تقريب المعاني من أذهان المتعلمين ، و مساعدهم على التمثل و الاستيعاب . و إضفاء طابع التشويق على التعلم . و المدرس حسب البيداغوجيا الفارقية ، مطالب بتنويع الوسائل التعليمية لتنسجم مع الأنماط المختلفة للتعلم ، لأن المتعلمين لا يستوعبون الدروس بالكيفية نفسها ؛ فهناك من يستوعب الدرس عن طريق الوسائل اللفظية كالشروح النظرية المعتمدة على الخطاب اللفظي ،ومنهم من يتعلم عن طريق الإدراك البصري ( كالرسوم التوضيحية و الرسوم البيانية و الخرائط و المطبوعات) ، ومنهم من يتعلم بشكل أفضل عن طريق الممارسة الحسية ( إنجاز تجارب – القيام بزيارات ميدانية – الحركات). فتنويع الوسائل التعليمية في الفعل التعليمي تبعا لخصوصيات المتعلمين ، من شأنه أن يرفع من مستوى أدائهم ، ويحسن مستوى تحصيلهم الدراسي . • التفريق على مستوى تنظيم العمل المدرسي : يقتضي العمل التربوي الفارقي إعادة تنظيم الفصل الدراسي ؛ فتارة يتم الاشتغال مع القسم كله لبلوغ الأهداف التربوية نفسها ، و قد يشتغل المدرس مع مجموعة كبيرة، ويمكن أن يتجه إلى مجموعة صغيرة، أو حتى إلى العمل الفردي ، إذا اقتضى الأمر ذلك . • التفريق على مستوى التدبير الزمني : إن المتعلمين لا يتعلمون في المدة الزمنية نفسها، أي على الوتيرة نفسها، فكل واحد منهم يحتاج إلى وقت معين لاستيعاب المعارف الجديدة ، وذلك وفق مكوناته ومكتسباته و مؤهلاته ، مما يحتم على المدرس توزيع الوقت اليومي و الأسبوعي بشكل مرن و متناغم مع مشروعه البيداغوجي ، وعليه أن يضحي بجانب كبير من المحتويات الدراسية لتحقيق الكفايات المنشودة ، لأن المتعلمين مطالبين باكتساب الكفايات اللازمة ، و الوقت لا يجب أن يكون عرقلة في هذا الاتجاه . ب- شروط تطبيق البيداغوجيا الفارقية: إن تفعيل البيداغوجيا الفارقية واستنباتها في الحقل التربوي ليس عملية بسيطة الإنجاز، بل يستلزم ما يأتي: 1- محاربة ظاهرة الاكتظاظ التي تتنافى مع مقتضيات البيداغوجيا الفارقية . 2- وضع استعمالات زمنية تتسم بنوع من المرونة بحيث تتلاءم مع هذه البيداغوجيا ؛ لأن جداول التوقيت التقليدية تقف حاجزا أمام تطبيقها ، إذ تعرقل التعلمات وتحصرها في وقت محدد . وهذا لا ينسجم وهذه المقاربة التي تدعو إلى تخصيص مزيد من الوقت للمتعثرين لتمكينهم من اكتساب الكفايات الأساس . 3- توفير الوسائل الديداكتيكية الضرورية، والحجرات الدراسية اللازمة. 4- تمتيع المدرس بقدر مناسب من الحرية و الاستقلالية بشكل يسمح له بالاجتهاد في الإعداد للدرس و التخطيط له ، و يسعفه على أداء مهمته على الوجه المطلوب ، و تخفيض عدد ساعات التدريس في الأسبوع بالنسبة إليه ، لأن بيداغوجيا التفريد تستدعي تفرغا كبيرا للمدرس . 5- إعادة النظر في التكوين الأساس و المستمر للمدرس بحيث يصبح منشطا و موجها لا ناقلا للمعلومات . 6- التقليص من كثافة المقررات الدراسية حتى يتمكن المدرس من تكييف العملية التعليمية التعلمية مع القدرات الاستيعابية للمتعلمين ووثيرة تعلمهم . 7- الاستعانة بتكنولوجيا التعليم و استخدام الأجهزة الذكية و الموارد الرقمية . يتبع