التشكيلي المغربي بوشعيب خلدون لـ"بوابة الأهرام": الفنان سفير لبلده ولأمته.. ينقل الموروث الثقافي والفكري قال التشكيلي المغربي بو شعيب خلدون، إنه يتابع عددا من الفنانين المصريين، وعلى اتصال دائم بهم، "يتبادل معهم المعرفة"، من بينهم كمال قنديل وجمال الموجي وعزة مصطفى وطاهر عبدالعظيم وعبد الرازق عكاشة وهشام قنديل ومصطفى عبدالوهاب، ومن الشباب الفنان عادل مصطفى. وأضاف خلدون في حوار لـ"بوابة الأهرام": إنه يتمنى أن يكون للفن العربي "إشعاع، كما هو موجود في باريس ونيويورك وأن يكون لنا مجمع تشكيلي عربي يشمل كل المبدعين العرب، يكون تحت لواء جامعة الدول العربية، وأن يكون للفنان وضع خاص يمكنه من الاشتغال في الفن ليساهم في تطوير مجتمعه، والمساهمة في نشر الوعي الجمالي، الذي ما أحوجنا له في أوطاننا العربية!". وتابع: وقد أسسنا لملتقى دولي للفنون المعاصرة، كانت دورته الأولى قد عقدت بمراكش بالمملكة المغربية، ونستعد لإطلاق الدورة الثانية، ونتمنى حضورًا كبيرًا لمصر ومبدعيها، وقد اقترحنا حضور مصر باتفاق مع إيمان نجم، وكيل وزارة الثقافة المصرية، لكن لم نكمل المشوار، ولكن الدورة الثانية سيكون هناك حضور جيد لفناني مصر، الذين لهم مسار كبير، وحضور قوي، ليس على المستوى العربي فحسب، لكن على مستوى العالم. وعن قضيته، والرسائل التي يود أن يوجهها من خلال لوحاته يقول: للفنان رسائل متعددة، بأوجه مختلفة، هناك قضايا الوطن، وقضايا الأمة، والفنان كذلك سفير لبلده ولأمته، وهو ينقل الموروث الثقافي والفكري ويترجمه عبر أعماله، يساهم ف نقد العقل الغرب، ويساهم في نقل صورة حضارية لفنوننا للعالم، وفي قضية الوطن. وأضاف أن لكل فنان هواجس تسكنه، وقضايا تكون موشومة في ذاكرته، ومن خلال فنه ينقلها للآخر، يساهم بها، كقضية الصحراء المغربية، التى تناولتها في وقت ما في أعمالي، ويبقى لطابع القومية في أعمالي وجود لا أستطيع الانسلاخ منه، لذلك تجدني في أعمالي، أتناول الحرف العربي كتيمة رئيسة في أعمالي الأخيرة، وأسلط من خلالها الضوء على موروث فني غني، يتمازج بين اللون والشكل، مساحة للحرية ومساحة لإلقاء الضوء على العشق للإنسانية والسلام. ويقول خلدون: إذا لم تكن لنا هوية ورؤى واضحة فلماذا إذن هذا الفن٬ فأنا كمغربي أعتز بذلك، وبصفتي فنانا فلابد أن تكون لأعمالي هذه الهوية. وعن لغة التشكيل ولغة الكتابة يرى خلدون أن لغة التشكيل تختلف عن لغة القول والكتابة وكل أصناف الفنون الأخرى٬ فـ"انطلاقا من اللون إلى الأشكال إلى الفضاءات يمكننا أن نخاطب في الإنسان إحساسه، ونجعله يعيش فترات من الحوار الثنائي مع هذه الألوان والأشكال بكل تفاصيلها٬ وجزئياتها٬ يعيش معك لحظة الولادة للعمل الفني٬ الذي ما هو إلا حمولة ثقافية متعددة الأبعاد٬ ولعل الجانب الاستيطيقي للعمل الفني يكون حاضرا بقوة، وهو ما تفرضه علينا اللغة التشكيلية". وعن نُضج الفنان، هل يظهر داخل اللوحة أم خارجها؟ يقول بوشعيب: في الحالين معا؛ لأن ما نعيشه خارج إطار اللوحة ينعكس في العمل الفني، ولو أننا خلال العملية الإبداعية ننسلخ من حسنا الإدراكى إلى عوالم أخرى، يختلط فيها اللاشعور بالوجدان، وبخزان مداركنا ومعارفنا وموضوعات الساعة، وهي مسألة في نظرى متوازية. ويستطرد: فلا يمكننا أن نجرد عمل الفنان عن محيطه الخارجى، النضج نضج فكري، والعمل عمل إبداعي يعكس هذا النضج. ويقول عن الفنان الراحل نور الشريف: لقد سلمني جائزة الإبداع الدولية للفنون التشكيلية بشرم الشيخ، وعرفته عن قرب هناك، حيث كان لي شرف المشاركة في السمبوزيوم الدولي للفنون التشكيلية هناك، وكان يسكن بغرفة بجواري فرافقته طيلة مقامه، وعرفته إنسانا ومثقفا، وكنا نجالس بعضنا البعض كثيرا، وقال لي إن له عشرة أطقم من الجلابيب المغربية، ثلاثة منها أهداها له الملك محمد السادس. وتابع: وكان معجبًا بأعمالي، رحمة الله عليه، وهذا شرف لي، وقد افتقده العالم العربي والفنانون، لأنه كان صديقا مخلصا لكل الفنانين، وكنت كلما ذهبت لغرفة الفندق للسلام عليه أجده منهمكا في القراءة، ومحاطا بالكتب، يدون كل التفاصيل، تلك المشاهد لم أنسها أبدا، فقد كان الراحل فخرا للأمة العربية كفنان وكإنسان، يومها قلت له مازحا: يانور أنت قرأت كل شيء ولم تترك لنا ما نقرأ، فكفاك قراءة واخرج لترى جمال شرم، فضحك وخرج، فكانت هذه الصورة التي أقف معه فيها وهي تؤرخ لتواضعه وإنسانيته. ويقول عن مصر إن لها "محبة خاصة"، ولشعبها كذلك؛ فهي في القلب، وليس كلامي عنها مجاملة، لكنه حب راسخ، وخلال زيارتي الأخيرة عشت خلال الزيارة مع كل أصناف الناس، فوجدت كل الحب، من مسئولين حتى ذلك الإنسان البسيط الذي يقدم لك ماعنده بمحبة كبيرة، ونسأل الله أن تنجلي مآس ما يعيشه عالمنا العربي لتعود الابتسامة للمواطن البسيط الذي يبقى هو الضحية. وأردف: فالشعوب لا تفرقها السياسات التي تتغير بتغير الأشخاص، والإعلام يقرب بين الشعوب، والمبدعين بالخصوص، والمغرب سيحل ضيف شرف السنة المقبلة على معرض القاهرة الدولي للكتاب. بوشعيب خلدون فنان ومصصم محترف، له كتابات نقدية حول الفن التشكيلي، وأقام العديد من المعارض في المغرب وأوروبا.