ففي البيت التالي : نرى الشاعر قد حرص على أن يكون معه من يشركه في اجتلاء الربيع ، فأتى بكاف الخطاب في أول حديثه ؛ لينبه هذا الرفيق ، وكأنه يزف إليه البشرى بحلول الربيع ، ويدعوه إلى الإحتفاء به ، والابتهاج بمقدمه . وتعريف الربيع ( بألـ ) العهدية ، يفيد أن للنفس إلفاً بهذا الفصل ، وأن التصريح به يذكرها بما تعهد فيه من جمال وحياة . ووصف الربيع بكلمة " الطلق " يوحي بمعنى الحرية ، التي تضفيها الطبيعة على الناس ، فهم أيام الربيع أحرار فيما يتخذون من ملبس ، لا يتقيدون بما خف منه أو ثقل ، وهم أحرار ـ كذلك ـ في سعيهم ، لا تحسبهم المنازل يتقون بها الهجير أو الزمهرير ، أو الأمطار وأوحال الطريق . وجملة " يختال ضاحكاً " تصور الجو النفسي للشاعر ، وكأنها صدى لما يتردد في نفسه من خفقات الفرحة والبهجة بالربيع ، كما تصور أرجاء الكون ، وقد تنادت بالبشرى السارة ، وتدفقت بالحياة الهانئة الباسمة . وينثر الربيع أيات حسنه على الكون سافرة ، واضحة الدلالة ، قوية التعبير ، فيتخيل الشاعر الربيع يكاد يتكلم ويفصح ويبين .