عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-10-09, 15:35 رقم المشاركة : 1
ابن سوس
أستـــــاذ(ة) ذهبــــي
 
الصورة الرمزية ابن سوس

 

إحصائية العضو







ابن سوس غير متواجد حالياً


افتراضي النمو اللغوي عند طفل التعليم الأولي


النمو اللغوي عند طفل الروضة
إعداد: الدكتور محمد عوض الترتوري
دكتوراه أصول التربية- نظرية المعرفة



مقدمة

يعد الاهتمام باللغة ظاهرة مشتركة بين علم النفس (Psychology)، وعلم اللغة (Linguistics)، ولذلك ظهر ما يسمى حديثاً بعلم النفس اللغوي (Psycholinguistics). وأكد اندرسون (Anderson, 1995) أن علماء اللغة يركزون على جانبين من اللغة هما: انتاج اللغة (******** Productive) من حيث القدرة على تحرير الأصوات، وقابلية اللغة (******** Regularity ) من حيث القدرة على نطق الأصوات وفق قواعد محددة. أما علم النفس اللغوي فيهتم بمعالجة قضايا تركيب اللغة واكتسابها وتطورها وفهمها (العتوم، 2004، ص259).

تعريف اللغة

لقد اجتهد العديد من العلماء سواء في علم النفس، أو في علم التربية أو في علم الاجتماع أو علم اللغة، في تقديم تعريفات كثيرة للغة. وسنتعرض لبعض هذه التعريفات:

اللغة هي: "نظام من الاستجابات يساعد الفرد على الاتصال بغيره من الأفراد، أي أن اللغة تحقق وظيفة الاتصال بين الأفراد بكافة أبعاد عملية الاتصال وجوانبها" (كرم الدين، 1993، ص226).

وهي: "مجموعة من الرموز تمثل المعاني المختلفة وهي مهارة اختص بها الإنسان، واللغة نوعان: لفظية وغير لفظية، وهي وسيلة الاتصال الاجتماعي والعقلي، وهي إحدى وسائل النمو العقلي والتنشئة الاجتماعية والتوافق الانفعالي وهي مظهر قوي من مظاهر النمو العقلي والحسي والحركي، وتحتل اللغة جوهر التفاعل الاجتماعي، ويعتبر تحصيل اللغة أكبر إنجاز في إطار النمو العقلي للطفل" (زهران، 1990، ص170).

وهي "عبارة عن أصوات ورموز تجمع في شكل كلمات وجمل توضع في شكل تراكيب لغوية لتعطي معنى" (Norton, 1993, p. 24).

وهي "نظام للأصوات يستخدمه الفرد للاتصال بالآخرين في مجتمعه شفاهياً أو بشكل مكتوب له سياق" (Kroch, 1994, p. 403).

وقد عرفها ديوي (Dewy) على أنها: أداة اتصال وتعبير تحتوي على عدد من الكلمات بينها علاقات تركيبية؛ تساعد على نقل الثقافة والحضارة عبر الأجيال (العتوم، 2004، ص260).

وعرفها آخرون على أنها: "قدرة ذهنية تتكون من مجموع المعارف اللغوية بما فيها المعاني والمفردات والأصوات والقواعد والأصوات والقواعد التي تنظمها جميعاً، وهذه القدرة تكتسب ولا يولد بها، وإنما يولد ولديه استعداد فطري لاكتسابها (المعتوق، 1996، ص33).

أما ستيرنبرغ (Sternberg, 2003) فقد عرفها على أنها: استخدام منظم للكلمات من أجل تحقيق الاتصال بين الناس.

إذن اللغة هي: "مجموعة من الرموز الصوتية المنطوقة والمكتوبة والتي يحكمها نظام معين، والتي لها دلالات محددة، يتعارف عليها أفراد ذوو ثقافة معينة، ويستخدمونها في التعبير من حاجاتهم وحاجات المجتمع الذي يعيشون فيه، ويحققون بها الاتصال فيما بينهم".





خصائص اللغة

تعددت خصائص اللغة تبعاً للنظريات والتخصصات التي تناولت اللغة. ويمكن ايجاز أهم الخصائص التي أجمع عليها العلماء بالنقاط التالية (العتوم، 2004؛ Sternberg, 2003):

§ اللغة من أهم وسائل الاتصال بين الناس.

§ للغة معان محددة وواضحة في المجتمع الذي يتحدث فيه أفراده بتلك اللغة.

§ اللغة تعبير عن خبرات الإنسان ومعارفه وتجاربه.

§ تتأثر اللغة بعوامل الوراثة وبسلامة أجهزة النطق.

§ اللغة معبّرة عن قوة التماسك بين أفراد الأمة، فهي أحد مقوماتها.

تتأثر اللغة بالمجتمع الذي يعيش فيه الفرد، فبعض القبائل العربية لديهم أكثر من (20) كلمة تدل على اسم الجَمَل، والأسكيمو لديهم (120) كلمة تدل على معنى الثلج، وقبائل الغارو (Garo) في بورما (Burma) لديهم (92) كلمة تصف الأرزّ وأنواعه

§ تنقسم اللغة إلى نوعين: لغة استقبالية وتتطلب السمع والفهم، وأخرى تعبيرية تتطلب انتاج اللغة المنطوقة والمكتوبة وفق قواعد تركيب اللغة وصياغتها.

§ اللغة قابلة للتغير والتطور؛ بل يشير بعضهم إلى أنها تميل نحو التبسيط مع مرور الزمن.

§ اللغة محكومة بقواعد وقوانين تفرضها قواعد اللغة في المجتمع الذي تنتمي إليه.

§ اللغة وسيلة التواصل بين الأجيال؛ فهي وسيلة لنقل التراث الثقافي والحضاري عبر الزمن.

§ اللغة لها معان رمزية حيث تستطيع وصف أشياء غائبة.

§ تحمل اللغة معان ومعلومات ضمنية عن الزمان والمكان.

§ اللغة تحمل قابلية الإبداع لمستخدميها، كما هو الحال في الكتابات الأدبية والفنية والشعرية.

§ اللغة مركبة؛ لأنها تنطلق من الحرف إلى الكلمة ثم الجملة.

وظيفة اللغة

هناك نظرتان مختلفتان بالنسبة لوظائف اللغة، فالنظرة الأولى تركز على الجانب العقلي من اللغة، وهو التعبير عن الأفكار والعواطف والانفعالات، والثانية تركز على الجانب الاجتماعي منها وهو تصريف شئون المجتمع الإنسانية، ولكن نظرة فاحصة إلى هذين الجانبين ترينا أنهما متكاملان، فكما أن الفرد يستخدم اللغة أحياناً لكي يعبر عن نفسه ومشاعره وأفكاره، فهو يستخدمها في الوقت نفسه بهدف الاتصال بغيره من أفراد مجتمعه، ويعني هذا أن للغة مغزى فردياً ومغزى اجتماعياً، فحين يتحدث الفرد إلى نفسه يتخيل أشخاصاً يخاطبهم ويناقشهم يغلبهم أحياناً ويغلبونه أحياناً أخرى، يسر منهم ويغضب، يقرب منهم وينأى عنهم (يونس، 2001، ص15).

فعن طريق اللغة يستطيع الفرد جمع الأفكار التي نشأت عن موقف تعليمي معين، ليتخذها منطلقاً للبحث عن حل للموقف المشكل الذي يواجهه (إبراهيم، 1995، ص104).

فمن وظائف اللغة أنها وسيلة لتنمية التفكير، فالطفل يدرك العالم أولاً عن طريق حواسه، لكنه حين يكبر يستخدم اللغة في تجميع هذه المدركات Perceptions - في صورة مجردة وفي صورة فئات أو عناصر أو مفاهيم Concepts، ولا سبيل إلى ذلك إلا باللغة.

كما يرى البعض أن اللغة وظيفة أخرى وهي التعبير، والمراد بالتعبير هنا تخليص الإنسان من انفعالاته عن طريق اللغة، كما يظهر في الإنتاج الأدبي الذي يعبر فيه الأديب عن خلجات نفسه (يونس، 2001).

للغة وظائف خاصة في حياة الطفل، أهمها الوظيفة الاجتماعية

في ضوء الخصائص السابقة، فإنه يجب توظيف اللغة من خلال مناشط الروضة المتعددة والتي من خلالها يتعلم الطفل ويكتسب المهارات اللغوية اللازمة له، فيجب الاهتمام بالأنشطة التي تساعد على الاستماع والتحدث ثم القراءة والكتابة، فعندما يسمع الطفل أصوات الحروف المختلفة، وكذلك الكلمات الخاصة بالأشياء في محيط اهتماماته أي ربط الشيء المحسوس برمزه أولاً، ثم التدرج للأشياء المجردة وربطها برمزها في ضوء خصائص نمو طفل هذه المرحلة، كما أنه من خلال الأنشطة التمثيلية والدراسية والأنشطة الحركية، والأنشطة الفنية، يكتسب الطفل بعض الأساليب الكلامية كالاستفهام والأمر والنهي وتكوين جملة بسيطة مناسبة لبعض المواقف أو الصور المرسومة. وعندما نقدم للطفل الأنشطة المختلفة فإنه يتفاعل وينفعل فيستمع للقصة ويحاول التعليق عليها ببعض الكلمات، وقد يشير إلى صورة بالحجرة ويحاول قراءة الكلمة التي تحتها، ويمسك بالقلم ويحاول تقليد الاسم المكتوب تحت أي صورة يراها.

الطفـل واللغة

إن النمو اللغوي يسبق النمو القرائي، فالطفل يستطيع أن يصغي إلى اللغة التي يتكلم بها من يحيطون به، ويكوّن فكرة عما يقصدونه، وذلك تبعاً للمواقف التي يستمع بها إلى كلمات معينة، سواء قام أحد بتعليمه أم لم يقم، فكما هو معروف تسبق مرحلة الفهم مرحلة الكلام عند الطفل، والكلام مهارة من مهارات اللغة الأساسية يستعمل فيها الإنسان الكلمات للتعبير عن أفكاره، فهو مزيج من التفكير والإدراك والنشاط الحركي. والاستعداد للكلام فطري، أما اللغة فهي مكتسبة، وهي ملكة اختص بها الإنسان وحده دون سائر المخلوقات، إنها أهم وسائل الاتصال الاجتماعي والعقلي، ومظهر من مظاهر النمو العقلي (زهران، 1990).

الاستعداد للكلام فطري، أما اللغة فهي مكتسبة، وهي ملكة اختص بها الإنسان وحده دون سائر المخلوقات

ولا شك أن رياض الأطفال تعمل جاهدة على تحقيق الاتصال بهذا الطفل فيما بين الرابعة والسادسة من عالمه المحيط به، من خلال الأنشطة الحركية واللعب المتنوع وعن طريق اللغة المحببة إليه وإلى وجدانه. كما أن لها وظيفة جمالية، فالطفل يستمتع بأصوات الكلمات، ويسر من النغمات المصاحبة لاستعماله اللغة، كنشيدة من الأناشيد أو تمثيلية فيها جمل وعبارات يقوم الطفل بتردادها استمتاعاً بها، وصوت المعلمة في حنانه يجذب الطفل، فجمال اللغة بالنسبة للطفل يتجلى في أثناء قراءة المعلمة أمامه ومن أجله قصة، وتقوم المعلمة هنا بدور مهم، ألا وهو ربط الطفل باللغة المسموعة مما يجعله ميالا إليها ومحبا لها، كما أن للغة وظيفة نفسية، فإذا استخدمت اللغة مع الطفل على أنها أداة للتعبير عما يدور في النفس. كان معنى هذا زيادة حصيلته اللغوية التي تمكنه من الانطلاق والحرية في تعبيره، وفي هذا إشباع للطفل، وشعور بالأمن والطمأنينة. كذلك تستخدم اللغة في ضبط مشاعر الأطفال (القضاه والترتوري، 2006؛ كرم الدين، 1993).

اللغة والتفكير

يتفق معظم الناس على أن اللغة والتفكير هما مركز الأنشطة الإنسانية، وهما عنصر أساسي في المعرفة الإنسانية، فالتفكير يوجه نشاطنا في العالم، واللغة توجه تواصلنا مع الآخرين. وقد دارت مناقشات كثيرة حول طبيعة العلاقة بين اللغة والتفكير، فيعتقد بعض السلوكيون أنهما نفس الشيء. بينما يعتقد تشومسكي (Chomsky) والتابعين له بأن اللغة والتفكير شيئين مختلفين. فالتفكير يتحدد باللغة. في حين يعتقد بياجيه (Piaget) أن اللغة هي التي تتحدد بالتفكير. ويشير البعض إلى أن للغة والتفكير قدرات واضحة مستقلة، في حين يرى البعض الآخر أن اللغة والتفكير أساس واحد لنظام تكاملي، ويرى آخرون بأنهما أنظمة تبادلية (Stevenson, 1993, P. 1-2).

ويقدم لنا باندورا (Bandura) شرحاً لكيفية العمل ببعض من وجهات النظر هذه مع صغار الأطفال، حيث يذكر في حديثه عن النمو اللغوي أن العديد من أشكال التفكير الإنسانية ترتكز على اللغة، فبعد أن يتمكن الأطفال من تعلم أسماء الأشياء، وكيفية تعبيرهم عن العلاقات بين المفاهيم باستخدام الكلمات، فإن اللغة يمكن أن تؤثر في كيفية إحراز الأطفال للمعلومات وكيفية تركيبهم للأحداث، وعلى ذلك فاللغة لم تعد فقط وسيلة اتصال وإنما أصبحت وسيلة لتشكيل نمط التفكير. إن القواعد التي تتحكم في العلاقات بين الألفاظ والكلمات قد تم تعلمها من خلال المحادثات، بحيث تعرض أحداثاً ملموسة ذات أهمية عالية لدى الأطفال. وبينما هم يتحكمون في كفاءتهم اللغوية، فإن اللغة تصبح أكثر تجريداً وغير معتمدة على ظهور الأحداث الواقعية، وهذا في حد ذاته يؤكد على قوة اللغة باعتبارها أداة للتفكير (Walker. 2001. p. 14).



يتبع





التوقيع


    رد مع اقتباس