عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-09-12, 00:23 رقم المشاركة : 1
نورالدين شكردة
أستـــــاذ(ة) متميز
 
الصورة الرمزية نورالدين شكردة

 

إحصائية العضو







نورالدين شكردة غير متواجد حالياً


opinion مؤاخذات على هامش "دفتر التتبع الفردي للتلميذ"


مؤاخذات على هامش "دفتر التتبع الفردي للتلميذ"
نورالدين شكردة ـ
تــقــديــم

لا ينكر جاحد المجهودات والمشاريع الملموسة والمتسارعة و"المستعجلة" التي لا تفتر وزارة التربية الوطنية على بذلها من أجل تفعيل وأجرأة مشاريع المواثيق والمخططات الإصلاحية القائمة، وبالتالي محاولة النهوض بقطاع التربية والتكوين وبالمدرسة المغربية التي لازالت تعاني من أزمات متراكمة. وفي هذا الصدد تعتبر مديرية التربية غير النظامية رائدة في هذا الإطار للوتيرة المحمودة التي تشتغل بها، وللمشاريع العديدة التي أطلقتها. ويعتبر دفتر التتبع الفردي نموذج من أحد نماذج مشاريعها، غير أن هذا لن يمنعنا من مساءلة مردودها وانتقاد أدائها.
I ـ لماذا دفتر التتبع؟ :

أشار مهندسو مشروع دفتر التتبع الفردي في تقديمهم إلى أن الدفتر أداة أساسية ومحورية في عدة التتبع الفردي وأنه سيمكن من الرصد المبكر لكل صعوبة أو عامل يحول يدون متابعة التلاميذ للدراسة بشكل ناجح. ويبدو أنهم اقتنعوا أخيرا وبعد عقود من الدراسات والإحصاءات أن تلميذ المدارس العمومية لا أحد يكترث بمسيرته وبتتبع تعلماته ومشكلاته، وفي هذا الإطار جاء البرنامج الاستعجالي لوزارة التربية الوطنية مدعما لهذا الطرح ولتجربة مديرية التربية غير النظامية في هذا المجال، وذلك عبر المشروع E1P5الخاص ب" محاربة التكرار والانقطاع عن الدراسة " خاصة التدبير الأول منه المتعلق بمحورين أساسين للتدخل أولهما يخص وضع نظام للتتبع الفردي للتلاميذ؛ والثاني يهم وضع عدة للدعم التربوي.
ويهدف المشروع E1P5في مجمله إلى:
• تحقيق نسبة استكمال الدراسة بالتعليم الابتدائي تصل إلى % 90 في أفق 2014-2015 بدون تكرار بالنسبة لفوج 2009-2010؛
• تحقيق نسبة استكمال الدراسة بالتعليم الثانوي الإعدادي تصل إلى % 80 في أفق 2014-2015 بدون تكرار بالنسبة لفوج2009-2010؛
ومنذ أبريل 2008، تاريخ انطلاق ورش الهدر المدرسي، قام الفريق المركزي بالمديرية المعنية، بمساهمة أربعة أكاديميات، بإعداد مجموعة من الأدوات المنهجية التي تساعد باقي الأكاديميات على إعداد خطط جهوية للتصدي للهدر المدرسي، ونذكر منها :
دليل اليقظة التربوية؛ و دليل رصد التلاميذ المهددين بالانقطاع عن الدراسة وعدم الالتحاق.
وقد واصلت المديرية اشتغالها في هذا المجال بإعداد مشروع « عدة للتتبع الفردي للتلميذ " Dispositif de suivi individuel، بمشاركة مجموعة من الأساتذة ومديري المؤسسات التعليمية ومفتشين تربويين، وفي هذا الصدد تبنت المديرية مقاربة شمولية لمعالجة ظاهرة عدم تمدرس الأطفال وانقطاعهم المبكر عن الدراسة، تدمج بين المقاربة العلاجية من خلال برامج الفرصة الثانية، والمقاربة الوقائية من خلال البرنامج الوطني للحد من الانقطاع عن الدراسة. ويتكون هذا البرنامج من:
• اليقظة التربوية كوسيلة تهدف إلى استباق الحدث قبل وقوعه، وذلك من خلال إرساء نظام لرصد التلاميذ المهددين بالانقطاع وإيجاد الدعم المناسب لهم؛
• الدعم التربوي للتلاميذ المهددين بالانقطاع، المتعلق بالجوانب التعليمية والاجتماعية والنفسية.
أما الأهداف النوعية للمشروع فهي :
* المساهمة في القضاء على الإنقطاع عن الدراسة
* المساهمة في تقليص نسبة التكرار إلى 2% بالتعليم الإبتدائي في أفق 2012/2013
* المساهمة في تقليص نسبة التكرار إلى 3% بالتعليم الإعدادي في أفق 2012/2013
ولبلوغ هذه الأهداف حدد المشروع ثلاثة إجراءات
*إرساء نظام للتتبع الفردي للتلاميذ
* إرساء نظام للدعم التربوي
* إرساء دورات لتأهيل التلاميذ المتعثرين .
ومن حسنات مصممي دفاتر التتبع أنهم أغلقوا السجال حول طبيعة المهام الموكولة للأساتذة خلال الفترتين البينيتين، وطبيعة هذه العطلة التي أسالت الكثير من المداد وخلقت مسلسلات من السجال، مؤكدين خلال تسطيرهم للجدولة السنوية الإجمالية لعمليات التتبع الفردي للتلميذ على أن الفترتين ستستغلان لتنظيم حصص الدعم البيداغوجي المكثف لتأهيل التلاميذ المتعثرين لمسايرة زملائهم خلال الفترة البينية الاولى ـ الأسبوع الثاني من نونبر ـ وإلى تنظيم حصص الدعم المكثف لسد ثغرات التعلمات في المراحل السابقة خلال الفترة البينية الثانية ـ الأسبوع الأول من أبريل ـ استنادا على لوائح التلاميذ الذين يعانون من الصعوبات حسب المجالات، وبناء على خطط الدعم البيداغوجي وأشكال التدخلات الاجتماعية المقترحة.
II. مكونات عدة التتبع الفردي

تتكون العدة من دفتر التتبع الفردي ومن دليل للإجراءات التنظيمية يحدد العمليات المرتبطة بتنفيذ التتبع، والمتدخلين، ومهام كل واحد منهم.
1. دفتر التتبع الفردي
يتضمن دفتر التتبع الفردي ثمان وعشرون صفحة تتكرر فيها بطاقة المعلومات السوسيومترية وشبكة تتبع التعلمات إثنتا عشرة مرة لكل بطاقة على حدة، ما يعني أن الدفتر يخول للتلميذ ثلاث سنوات من التكرار لا غير، بالإضافة إلى بطاقة تعريفية بالتلميذ وتقديم موجز ومفتاح لمجالات التعلم.
1.1 بطاقة المعلومات السوسيو تربوية وتتضمن معلومات عن التلميذ منذ تسجيله بالسنة الأولى للتعليم الابتدائي إلى غاية إتمام مرحلة التعليم الثانوي الإعدادي، تعكس هذه البطاقة المسار الدراسي للتلميذ، وتوصيف لحالته الصحية ومحيطه العائلي والمؤسساتي..
2.1 شبكة تتبع التعلمات: تتكون من ثلاث مجالات للكفايا تالتي تشكل موضوع هذا التتبع، وقد تم الحرص على أن تغطي هذه المجالات معظم أوجه النشاط الشخصي والمدرسي التي عادة ما تمثل بعض أبعادها عوامل للتعثر الدراسي والانقطاع عن الدراسة:
ـ مجال الكفايات"الثقافية" المرتبطة بالمواد: و يحيل إلى ما له علاقة بإرساء الموارد ثم إدماجها من أجل تطوير الكفايات؛
ـ مجال الكفايات المنهجية: ويحيل إلى كل ما يتعلق بأساليب البحث و الاستثمار و تدبير التعلم الذاتي؛
ـ مجال الكفايات التواصلية المرتبطة بالجانب الشخصي والاجتماعي:ويتعلق الأمر هنا بالاستقلالية في العمل وتدبيره ثم الجوانب العلائقية من تواصل وتسامح وتنافس شريف، إضافة إلى جانب الاستقلالية في تدبير العمل.
ومن أجل تتبع منظم لهذه التعليمات وتعبئة " شبكة تتبع التعليمات" بالدقة اللازمة، تم وضع مفاتيح ومعايير ومؤشرات وسلم رقمي للتنقيط لكل مجال من المجالات الواردة في هذه المفاتيح يشمل الدرجات "1ـ تحكم عال،2ـ تحكم متوسط،3ـ تحكم ضعيف|.
وقد ذيلت هذه البطاقات بثلاث خانات :
1- المقترحات المتخذة.
2-الإجراءات المتخذة.
3- النتيجة.
ودفتر التتبع الفردي للتلميذ هو بيت القصيد من مقالنا هذا ذلك انه يعتبر تكملة لهذا الحراك الإصلاحي المستعجل الذي يشهده المشهد التعليمي لما بعد حقبة الميثاق الوطني للتربية والتكوين والمخطط الاستعجالي، ونتيجة لمجموعة من الدراسات والأبحاث التي أكدت أن تلميذ المدرس المغربية لايزال يفتقر لآلية منهجية دقيقة ومضبوطة لتتبع مسيرته التحصيلية والاجتماعية والصحية ...
2--الهدف من دليل التتبع:
يهدف الدليل إلى تمكين كل المتدخلين من التحكم في تنفيذ التدبير الأول من المشروع رقم 5 من خلال:
*التعرف على مهامهم في مجال التتبع الفردي للتلاميذ وكيفية تنفيذها .
* رصد التلاميذ المهددين بالإنقطاع ، والأوضاعهم السوسيو اقتصادية ومستوى تعلماتهم المكتسبة.
* وضع خطط لمساعدتهم على تجاوز تعثراثهم .
ويعد الدليل وثيقة أساسية تنظم أدوار كافة المتدخلين في مجال التتبع الفردي للتلاميذ ، لإيجاد حلول للصعوبات والتعثرات التي يعاني منها بعض التلاميذ ، قصد الإحتفاظ بهم داخل المنظومة ودعم تمدرسهم.
ويبدو أن غاية الدفتر هي تتبع حالة المتعلم العائلية والاقتصادية والصحية والتعليمية. وهذا التتبع الدقيق مسند للمدرسين، إذ أصبح عليهم أن يتقصوا ظروف تعلم التلميذ، وأن يبحثوا عن معلومات شخصية تهم المتعلم، مثل اسم الأب والأم ومهنتيهما، وهاتف الأب وعنوان الأسرة. ثم على المدرس أن يعرف هل يستفيد المتعلم من الإطعام المدرسي؟ وهل يستفيد من الداخلية أو دار الطالبة؟ وهل يستفيد من النقل المدرسي؟ كما على المدرس أن يعرف هل يساعد المتعلم في أعمال البيت ورعاية الأخوة الصغار؟ وهل يتوفر على مكان الدراسة في البيت؟ وكم عدد الإخوة الممدرسين والمنقطعين ؟... كما على المدرس أن يتعرف الحالة الصحية للمتعلم: هل يعاني إعاقة جسدية؟ وهل المتعلم مصاب بمرض مزمن؟ هل نظره ضعيف ؟ هل سمعه ضعيف؟ هل له مشاكل في النطق؟ كيف هو سلوكه: عدواني أو انعزالي؟... وعلى المدرس أن يعرف هل المؤسسة بعيدة عن المنزل وعدد الكيلومترات الفاصلة بينها وبين المدرسة؟ وهل المتعلم يجتاز مسالك صعبة؟ وهل في المؤسسة مرافق صحية؟ وهل توجد في منطقته فرص عمل مبكر؟...وعلى المدرس أخيرا أن يقيس مدى تمكن المتعلم من الكفايات المرتبطة بالموارد والكفايات المنهجية، والكفايات التي تخص الجانب الشخصي والاجتماعي، مثل الثقة بالنفس والتعامل مع الآخر والاستقلالية؟...
ويتضح أن التوجهات الجديدة التي يستهدفها البرنامج الاستعجالي عبر هذا المشروع تتلخص في ترسيخ ثقافة الإنصاف وتراكم المعلومات، وتمرير بيداغوجيا الإدماج بشتى الطرق والمعابر .
يرمي إذن برنامج التتبع الفردي للتلاميذ في الأول والآخيرإلى رصد التلاميذ المتعثرين والمهددين بالانقطاع عن الدراسة قصد دعم تعلماتهم وتأهيلهم للاندماج في البرنامج الدراسي. ولهذا الغرض أعدت مديرية التربية غير النظامية هذا الدفتر للتتبع ومواكبة مستوى المتعلم خلال مساره الدراسي، وذلك قصد تكوين نظرة شاملة على مدى امتلاكه للكفايات الأساسية المتعلقة بالمواد الدراسية والكفايات المستعرضة كالكفايات المنهجية والاجتماعية وكذا عن حالته النفسية والصحية والاجتماعية.
اعتماد مديرية التربية غير النظامية لـ" دفتر التتبع الفردي للتلميذ" والذي سيلازم المتعلم طيلة مساره الدراسي بالأسلاك التعليمية الثلاث تفعيلا لمقتضيات البرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم في شقه المتعلق بمعالجة ظاهرة الهـدر المدرسي في أفق 2012.
تتوخى الوزارة من ورائه، حسب الدليل المرفق به، تطوير الحياة المدرسية للتلاميذ والرصد المبكر لكل صعوبة أو عامل يحول دون متابعة التلاميذ للدراسة بشكل ناجح، وإيجاد حلول لها قصد الاحتفاظ بهم لأطول مدة داخل المنظومة ودعم تمدرسهم ...
IIIـ تمرير دفاتر التتبع:

أجمعت أوراش التكوين والتدارس أن نصف يوم لا يكفي لتدريب وتأهيل الأساتذة للتعامل مع هذا المعطى الجديد والعبئ المنضاف على كاهلهم...
ويشار إلى أن تعبئة دفتر وشبكة التتبع تخضع لجدولة سنوية إجمالية لتدبير زمن التعبئة والتدخل الإنمائي أو الوقائي أو العلاجي في أربع مراحل؛" 1ـ الفترة البينية الأولىـ منتصف الأسدس الاول ـ،2ـ نهاية الأسدس الأول، 3ـ الفترة البينية الثانيةـ منتصف الأسدس الثاني ـ
4ـ قبل نهاية السنة الدراسية ـ أي قبل نهاية الأسدس الثاني ـ " مع استغلال العطلتين البينيتين في أنشطة المصادقة ووضع خطط الدعم وتنفيذها بعد استخراج لوائح الدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي والصحي والتربوي...ويحتوي الجدول أيضا على حيز لإثبات زمن الغياب لاستثماره في قياس درجة التحصيل واختبار حجم المساهمة في الهدر المدرسي ،غير أن واضعي الجدولة لم يحددوا الغلاف الزمني لمختلف اجتماعات مجالس الأقسام وخلايا اليقظة وزمن الأنشطة الداعمة هل هو نظامي، أم خارج أوقات العمل، خصوصا وأن التعبئة تتطلب وقتا وجهدا ليس بالهين، وتحتاج إلى إصدار أحكام غير قيمية، على الحالة الاجتماعية والصحية للتلميذ والمرتبطة منها بالمحيط المدرسي، وإذا غدت إصدار الشهادات التربوية والتعليمية في حق التلميذ من اختصاص المدرسين، فإن تقديم شهادات الاحتياج وشهادات طبية وصحية مجازفة تقديرية، لا يمكن أن تنبني على أساس التقدير فيما لا ينبغي التقدير فيه، خاصة وأنها من اختصاصات السلطات المحلية وسلطات الصحة العمومية.
ودفتر التتبع الفردي للتلاميذ، الذي اشتغلت عليه مديرية التربية غير النظامية منذ 2005، وأخرجته مؤخرا إلى حيز التنفيذ. وطالبت من مختلف الفئات الساهرة لتنفيذه، العمل على إرسائه بالمؤسسات التعليمة وتمريره وتعبئته ، والتجند للتصدي لظاهرة الانقطاع والتكرار، لتحقيق نسب محترمة لاستكمال الدراسة بالتعليم الابتدائي والإعدادي. لم تنطلق عملية تهبئته في كثير من المؤسسات بشكل متزامن بل يظهر أن المديرية تراهن على تعبئته وكفى، دون احترام لتسلسل بنائه الكفائي وخططه الداعمة. بل إن هناك من المؤسسات من لم تنطلق فيه عملية التعبئة بمعنييها بعد.
وقد نظمت الوزارة في شخص مصالحها النيابية من أجل ضمان دقة التمرير لقاءات تحسيسية وتكوينية في الموضوع استغرقت نصف يوم، لم تكن كافية لتوضيح كل مواطن اللبس بالقدر الذي كانت كافية لرفع حرارة الاحتجاج على مدة ومضامين التكوين،
هذا ولا تفوتنا الإشارة إلى أن مبدعي ورقات دفتر التتبع الثلاث قد تفتقت قريحتهم على إضافة خانة مهمة أسفل كل بطاقة مؤداها محاولة التصدي لأشكال الضعف والتردي وذلك عبر مطالبة الأستاذـ الطبيب ـ عالم النفس ـ عالم الاجتماع ـ المقدم والشيخ ورجل الاستخبارات والخبير الجغرافي والمنجم...بتدويل المقترحات المتخدة تم تدوين الإجراءات المنجزة وفي الآخير تسجيل النتائج المحققة بعد تنفيد الإنجازات والتي يبدو وكان مهندسي الدفتر يريدونها نتائج إيجابية إلزاما ولزوما...
كما تركوا حيزا كبيرا يمكن اعتباره بمثابة الوصفة الطبية البيداغوجية النفسية ووثيقة العلاج من أمراض المدرسة العديدة عنونوها ب "خلاصة اقتراحات للموسم المقبل".
يبدو إجمالا وحتى لا نتهم بتبخيس مجهود وازن بالرغم من أشكال قصوره التي سنأي على ذكرها لاحقا، أن شبكات التتبع تراهن من جهة على تقييم مدى استيعاب واستثمار وتعبئة الموارد الموارد ـالمعارف والمهارات والمواقف ـ اللازمة لحل وضعيات مركبة أو وضعيات إدماجية . ومن جهة أخرى على رصد حسن التعامل والتنظيم والتعلم الذاتي لدى التلميذ من عدمه. وفي الآخير على تقييم درجة ثقة التلاميذ بأنفسهم وحدود استقلاليتهم ومدى قدرتهم على التعامل مع الآخر عبر تفريغ معقول للكفايات المنهجية والكفايات المرتبطة بالجانب الشخصي والاجتماعي.
IV ـ مؤاخذات على مشروع عدة التتبع:

يتضح إذن أن مديرية التربية غير النظامية منذ اعتكافها لمدة 5 سنوات على إعداد دفتر التتبع الفردي للتلميذ لم تصنع الحدث ولم تبدع جديدا ذي أهمية تذكر طالما أن أزيد من %75 من مضمون دفاتر التتبع سبق للأساتذة أن تعاملوا معها في وثائق رسمية مختلفة، تخص عدة عملهم اليومي المعتاد من قبيل سجل التلاميذ، الدفتر الصحي، سجل النقط، ملف الغياب، الدفتر الأحمر ووثيقة البحث الاجتماعي التي لا يخلو سجل وثائق أحد من الأساتذة منها. ويبدو أن المديرية كبدت نفسها عناء الحذف واللصق وإضافة جديد التقطيع السنوي الجديد ومحاولة إقحام مفاهيم تقويمية جديدة تنهل من قاموس مقاربة الإدماج الجديدة التي يراهن عليها لتمرير وتفعيل مشروع بيداغوجيا الكفايات.
يلزمنا إذن أن نضع مشروع التتبع الفردي للتلميذ على محك النقد، وأن نشير إلى اختلالاته العديدة والإكراهات التي رافقت تنزيل هذا المشروع الوقائي الطموح.
تساؤلات كثيرة تزاحمت على أذهاننا ونحن نعاين ونتجاذب أطراف الحديث مع تلامذتنا خلال تعبئة هذا المطبوع الجديد
ـ هل يكفي دفتر التتبع الفردي للتلميذ ببطائقه ومؤشراته للقضاء على إشكالية الهدر المدرسي المركبة؟
ـ أليست نتائج تفريغه معلومة للقاصي والداني، وفيما يفيد التشخيص تلو التشخيص؟
ـ ماذا ستفرز نتائج تفريغه إن كنا نعلم سلفا أن كل مؤشراته تؤول نحو المنحى السلبي؟
يجمع كثير من الدارسين أن العدة شابتها سلبيات ومثبطات في مهدها من قبيل:
1 ـ عدم إشراك الأساتذة المدرسين والإدارة التربوية في الإعداد وصياغة هذه الدفاتر، وهو إقصاء من شأنه تهديد هذه الآلية في التفعيل الجيد.
2ـ تجاهل دفتر التتبع السؤال عن عدد أفراد الأسرة الحقيقي والمتساكنين أحيانا من أصول وفروع هذه الأسرة في نفس المنزل من أجداد وأعمام وأخوال وكنات...وطبيعة المسكن، وعدد حجراته، وهل يتوفر على الماء والكهرباء وباقي المرافق الضرورية من مرحاض وبيت نوم مستقل وأفرشة وأغطية بالقدر الكافي...
3ـ تقصير الدفتر في السؤال عن طبيعة وجود الأب والأم من عدمها، هل للغياب علاقة بالوفاة أو بالطلاق أو بالهجرة من أجل العمل أو بالفرار غير المبرر...
وهل تتوفر الأسرة على وسائل ووسائط التثقيف والترفيه من قبيل المكتبة والتلفزة والثلاجة والمذياع والفارز الرقمي...وما هو المستوى الثقافي لأولياء الأمور...
4ـ عدم تدقيق المديرية في توضيح طبيعة المعايير والمؤشرات التي سنعتمدها في إعطاء الدرجات 1،2،3 خصوصا بالنسبة للكفايات المرتبطة بالمواد؟وأي نوع من التقويمات سنعتمد في ذلك؟
5ـإن التأخر المسجل في تزويد المؤسسات التعليمية "بدفتر التتبع الفردي للتلميذ"، وتعميمه على جميع الأسلاك، ضرب في الصميم لجودة القيمة العلمية التي تحملها عملية التتبع الفردي للتلميذ، نظرا للكثير من الصفحات الفارغة التي لم تعبأ في أوانها خلال السنوات الدراسية الفارطة، والفترتين السابقتين من الموسم الدراسي الحالي.
6ـ كما يسجل المتفحص لشبكة تتبع الكفايات المرجعية الثلاث عدم مراعاة مديرية التربية غير النظامية للاختلافات ولخصوصيات المواد الثلاث و للفروق الديداكتيكية والمعرفية والأولويات اللغوية الوطنية : العربية لغة رسمية والفرنسية لغة أجنبية أولى بسبب الرؤية الابتسارية وقلة تراكم الخبرة البيداغوجية كما يجد الممارس صعوبة في الانتقال من التقويم الكمي إلى التقويم النوعي بسبب عدم تعرض الدليل إلى عملية موحدة وناجعة لتحويل الدرجة الرقمية إلى حكم تقويمي عددي يعكس درجة التحكم في الكفايات الثلاث : 3-2-1 خاصة بعدما أهمل الدفتر مسألة التطابق مع الملف الأخضر ومع مؤشرات التقويم الجاري بها العمل كتفييئ المتعلمين إلى خمسة فئات...
7ـ عدم تدقيق مصممي الدفتر في تحديد طرق وأشكال تحقيق التكامل والتناغم بين الأستاذ المكلف بعملية التعبئة " أستاذ القسم" والأستاذ المدعم والأستاذ الوصي أوالكفيل والفريق التربوي للمواد ومجلس القسم و مكونات خلية اليقظة للدعم النفسي والاجتماعي والتربوي.
8ـ تعويض خبراء الدفتر ومهندسوه للفظ " يلحق" الشهير بجملة "ينتقل شريطة الاستفادة من دورات التأهيل" الملغومة والمحيلة على سياسة التنجيح القصرية وإكراهات الخرائط المدرسية الملازمة لجيل مدرسة الإنجاح القصري.
9ـ تغافل المديرية عن مأزق مراكمة المهام على أستاذ القسم وجعله طبيبا نفسيا ومساعدا اجتماعيا وعون سلطة وخبير جغرافيا ومتخصص في علم أسرار الأسر وسقوطها من حيث لاتدري في إشكالية تبخيس المهمة المناطة برجال ونساء التعليم وركوبها مغامرة غير محسوبة النتائج ولا يمكن الوثوق في مؤشراتها .
10ـ يجمع أغلب أساتذة التعليم الأساسي أن الدفتر مجرد عبئ إضافي ازداد على كاهلهم. ويتساءلون أين هي الشعارات الرنانة من قبيل التدبير التشاركي والحكامة وفريق العمل ومشروع المؤسسة وانخراط المجالس المحلية والمؤسسات الحكومية الأخرى في تأمين
الزمن المدرسي؟
11ـ يدعي مهندسو الدفتر أن العدة ستمكن من الرصد المبكر لكل صعوبة أو عامل يحول دون متابعة التلاميذ للدراسة بشكل ناجح. وهنا نطرح عليهم السؤال:
كيف يمكن إذن الحؤول دون انقطاع تلميذ يتيم غير متمكن من كفايات المستويات الدراسية الدنيا، يبعد عن شبه مدرسة تفتقر لكل مقومات التمدرس الفعال ب 6 كيلومترات ينتقل إليها راجلا وعبر مسالك وعرة ويعود بعد منتصف النهار بساعتين لمنزله ليجد نفسه مطالبا بالقيام بعملية تنقل أبعد وأضنك صوب منابع المياه أو الرعي ...
12ـ يشدد مؤلفي دليل ودفاتر التتبع في أكثر من موضع على جملتي "تعبئة شبكة تتبع التعلمات بالدقة اللازمة" و "تنظيم حصص الدعم البيداغوجي المكثف". فهل يعقل أن تتم التعبئة الدقيقة والدعم المكثف في ظل ساعتين من التكوين في هذا الصدد أوكلت لمدراء المؤسسات الذين استفادوا بدورهم من نصف يوم تكوين. وفي ظل الاعتماد على معاير واصفة فضفاضة ومؤشرات غير دقيقة لدرجات التمكن.
13ـ يرى مهندسو الدفتر أن جمع المعطيات السوسيومترية لا يطرح مشكلا باعتبارها معطيات موضوعية وملموسة ويعتقدون ان الصعوبة تكمن فقط في كيفية تتبع التعلمات جمع وتفسيرا، وهم بذلك يغفلون عن الصعوبات التي تواجه مدرسي المستويات الدنيا مع تلاميذ لم يسبق لهم أن ارتادوا روضا أو كتابا قرآنيا ومطالبون في نفس الوقت بتقدير المسافة الفاصلة بين مساكنهم والمدرسة بالكيلومتر أو الإجابة عن سؤال مدى قدرة الأسرة على توفير اللوازم المدرسية ورقم هاتف الأب و...و...
14ـ عدم تبرير اعتماد القائمين على هذا المشروع الطموح على تقييم كفايات مواد العربية والفرنسية والرياضيات دونا عن باقي المواد الاساسية الاخرى كالتربية الإسلامية والتربية البدنية...
15ـ أخطاء مطبعية لابأس بها سقطت سهوا يرجى تداركها في الطبعات اللاحقة من قبيل
إصرار المديرية على إسقاط إعجام ذال كلمة "المتخذة" على امتداد صفحات دفتر التتبع والدليل، و تعويض شهر أبريل بشهر مارس في الصفحة 21 من الدليل ...
فهل يمكن اعتبار هذه الوثيقة عدة علمية متكاملة بعدما جردنا نقائصها ومؤاخذاتنا الكثيرة حولها؟.

Vـ تفريغ عينة من دفاتر التتبع:

وعلى الرغم من السلبيات التي عددناها ورصدناها آنفا فإن هذا لن يمنعنا من باب تثمين وتقييم جهد الآخرين وجهدنا من استثمار هذه الكتيبات وما تضمنته من معلومات وإحصائيات مهمة، حتى وإن كنا قد أقررنا بقصورها عن الإحاطة بكل تفاصيل الحياة الحقيقية لأطفال مدارس مغربنا الممتد. هذا دون إحاطتنا بأشكال وأسرار تقنيات التفريغ التي ستقوم بها المديرية والنقط والغايات التي تستهدفها حقيقة من وراء نتائج هذه الكتيبات.
تشير نتائج تفريغ دفتر التتبع الفردي للتلميذ لعينة عشوائية من 100 تلميذ من تلاميذ إحدى المدارس القروية إلى نتائج ونسب مئوية كارثية تذكرنا بالنسب المئوية التي كانت تفوز بها الأحزاب الإدارية خلال الانتخابات المعلومة التي كانت السبب المباشر في الوضع المأسوي الذي تعيشه المدارس المغربية الآن، إن على مستوى الوضع السوسيواقتصادي أو على مستوى المرددودية التعليمية ...وفيما يلي بعض نتائج وإحصائيات تفريغ بطاقات المعلومات السوسيوتربوية :
ـ %100 من التلاميذ لم يسبق لهم ان استفادوا من تعليم أولي،
ـ %90 من التلاميذ يزاول آباءهم مهنا مرتبطة بالقطاع الفلاحي
ـ %85 من التلاميذ تتجاوز أعمارهم الحد والسقف المتعارف عليه في المستوى الذي يتابعون فيه دراستهم.
ـ %100 من التلاميذ لم ولا يستفيدون من النقل المدرسي على الرغم من تراوح المسافة الفاصلة بين مساكنهم ومدرستهم من 1,5 كلم إلى 6 كيلومترات في غياب تاريخي مستمر وغير مبرر لداخلية أو دار للطالب.
ـ %97 من المستجوبين أجابوا بالإيجاب بخصوص مساعدة الأسرة في أعمال سخرة ونظافة البيت ورعاية الإخوة الصغار ومساعدة الوالد في مهام الفلاحة والترميم والبناء والسقي وجلب الحطب...
ـ %99 من الآباء وأولياء الأمور لم يسبق لهم أن زاروا المدرسة للاستفسار عن مواظبة أبنائهم أوالسؤال عن مردودية مسارهم الدراسي.
ـ أبانت خانة الحالة الصحية للتلاميذ أن الكثيرين منهم يحملون عاهات ويتعايشون مع معاناة يومية، حيث أقر أزيد من %15 من التلاميذ أنهم يعانون من مشاكل كبيرة في السمع و%26 يقاسون في صمت من مشكل ضعف البصر، كما رصدنا %4 من الحالات التي تعاني من مشاكل عويصة في النطق، و%5 تظهر عليهم أعراض سلوكيات انعزالية، و%7 تنبئ سلوكياتهم عن توحد أوعدم انضباط.
والمثير للمخاوف وللتساؤلات أن %94 من المستجوبين أعربوا عن تخوفهم من المعاملة السيئة من طرف آبائهم وأساتذتهم وزملائهم، بلوحتى من الجيران والأغيار والحمقى والمشردين...
ـ نسب تكرار جد مرتفعة تطال كل المستويات الدراسية وتعرف ارتفاعا ملحوظا وترددا متزايدا عند المستويين الدراسيين الأول والسادس.
ـ أظهرت إحصائيات خانة الحالة العائلية للتلميذ، والتي نؤكد مجددا أنها أغفلت عن معطيات اجتماعية ضرورية كثيرة، على أن %40 من التلاميذ يعيشون مع أحد والديهم فقط أو بعيدين عنهما معا إما بسبب هجرة الوالد ـ ة ـ وعمله ـ ا ـ بعيدا أو طلاقه ـ ا ـ أو موته ـ ا ـ، وأن الوضعية المادية ل % 66 من أولياء الأمور لا تسمح لهم بالتوفيق بين متطلبات أسرهم المعيشية الضرورية وتوفير اللوازم المدرسية، وفي غالب الأحيان يعود قرار إنهاء دراسة أحد الأبناء لهذا العامل.
ـ يعاني %80 من التلاميذ قبل الوصول إلى المدرسة قاطعين المنحدرات الوعرة والوديان السحيقة، مجتازين المسالك الصعبة، وخلال فترات التساقطات المطرية تمنع فيضانات الوديان والشعاب أزيد من %50 من التلاميذ من الوصول إلى المدرسة. الأمر الذي يؤثر على نسب المواضبة الشهرية ونسب النجاح.
ـ%100 من التلاميذ سبق لهم وأن تغيبوا عن الدراسة خلال النصف الأسدسي المرصود لأسباب عديدة، منها المرض والظروف المناخية المضطربة والبقاء لرعاية أحد الإخوة ومساعدة الوالد في مهام الفلاحة بأنصاف أيام غياب تتراوح ما بين 2 و24 نصف يوم غياب لكل تلميذ. وهدر كبير لأنصاف أيام الدراسة الحقيقية والفعلية المفترضة.
ـ تفتقر المدرسة لجل المرافق الصحية المتعارف عليها، ولداخلية وللماء الصالح للشرب ولقاعة متعددة الوسائط ولمكتبة أو خزانة مدرسية ولقاعة إطعام ولسور يحمي حرمتها... في حين تم مدها منذ سنتين بالكهرباء...
ـ لا تخلو أسر من أسر التلاميذ من ضحية أو أكثرمن ضحايا الهدر المدرسي ويتراوح العدد في المتوسط من فرد واحد إلى خمسة أفراد غادروا فصول المدرسة صوب بطالة العالم القروي غير محسوبة العواقب.
ـأما فيما يخص شبكة تتبع التعلمات، فيبدو أن وحدة التنقيط 1 المواكبة لدرجة التمكن الضعيف لاستيعاب الموارد الأساسية والاستثمار المباشر لها وتعبئتها من أجل حل وضعيات مركبة هي الوحدة الطاغية على تقييم جل الكفايات والمعايير المراد قياسها، والأمر نتيجة طبيعية بالنظر لحجم التردي والخصاص والقصور والمعاناة والهشاشة المرافقة والمحيطة بفضاء تمدرس التلاميذ التي سبق وأن رصدنا بعضها آنفا.
يتضح إذن من خلال قراءة أولية وتفريغ سطحي وجزئي لمضامين دفاتر التتبع أن الوضع الاجتماعي والصحي والاقتصادي والفكري لتلاميذ العالم القروي وضع مترد وعصي على الاستيعاب، وان ظروف التعليم والتعلم غير متوفرة بالمرة وغبر مناسبة تماما، وأن المدرسة نبتت داخل وسط لا يزال يفتقر لأدنى مقومات العيش الكريم والبنيات التحتية الضرورية والأساسية فبالأحرى لمقومات مدرسة جيل النجاح.
VI ـ الـــبــديــــل:

لا يمكننا أن نكتفي بالنقد وجلد ظهور المشاريع والانتقاص من نجاعتها دون أن نتحلى بالجرأة لاقتراح بديل أكثر فاعلية، وإذا كانت الحاجة والوضع الراهن يفرضان ضرورة وجود هذا الدفتر لمواكبة المسار الدراسي للتلميذ فإنه لابد من:
1ـ خلق إطار مكلف به من طرف الوزارة الوصية (مشروع الأستاذ المرشد، والأستاذ الكفيل) ونقترح في هذا الصدد إضافة "الأستاذ المتتبع" يزاوج بين مهام الحارس العام والناظر ومساعد المدير والخبير النفسي والاجتماعي والجغرافي والاقتصادي... حتى لا يعهد به مرة أخرى للمدرس باعتباره إطارا مستهلكا ومثقلا بتعدد المهام الإدارية التي تشغله عن رسالته الأولى في الإعداد الجيد والمستمر للدروس والإجابة عن تساؤلات وحاجيات المتعلم.
2ـ وكما هو معمول به في الوظيفة العمومية، فإن إضافة أتعاب جديدة على كاهل الموظف (المدرس) يقتضي حتما تخصيص تعويض يناسبها، خصوصا أن الأستاذ متابع بإجراء حصص "الدعم المكثف" لمصلحة التلاميذ المتعثرين في الفترات البينية.
3ـ إعادة النظر في مسألة تدبير المسك الوثائقي بما تستدعيه المرحلة من تكنولوجية متطورة تجمع بين إتقان الانجاز داخل الوقت وقلة الكلفة وارتفاع المردودية الداخلية والخارجية لمنظومة التربية والتكوين، وذلك عبر اعتماد وثيقة رقمية في شأن تتبع المسار السوسيوتربوي للتلاميذ تلازمهم طيلة مشوارهم الدراسي على غرار بطاقاتهم الوطنية،
حتى يكون بحوزة كل تلميذ دفترا تقنيا متكاملا يعطي لمعنى التتبع والدعم أبعاده البيداغوجية والسيكوسوسيولوجية الحقيقية.
4ـ كما نتمنى أن يعاد إخراجه بصورة أكثر وضوحا وضبطا وجودة وطبعة أرقى حتى لا يتعرض للتلاشي بعد سنوات قليلة من الاستعمال، ومساحات أرحب لإبداء الاقتراحات والإجراءات الداعمة، وإعادة النظر في مقاساته وأبعاده وجودة الغلاف الكرتوني الرديئ لدفاتر التتبع في الطبعات المقبلة.
5ـ تأهيل مختصين اجتماعيين ونفسيين للتصدي لمشروع دفتر التتبع الأسدسي.
حيت يحتاج الدفتر لتظافر جهود أربع تخصصات من أجل تعبئته بطريقة علمية سليمة وبدقة موضوعية، فلو سلمنا في هذا الصدد أن تعبئة بطاقة تعريف التلميذ من اختصاص المدرس فإن بطاقة المعلومات السوسيومترية يلزمها أربع تخصصات على الأقل في استشارة دائمة بالطبع مع الأستاذ لاستفساره في بعض الحيثيات المساعدة على الحكم النفسي والصحي الأسلم:
أـ مدير مساعد أو حارس عام أو أستاذ متتبع من أجل تعبئة خانة المعلومات حول التلميذ وحول مساره الدراسي.
ب ـ طبيب مدرسي أو ممرض مؤهل من أجل تعبئة المعلومات حول الحالة الصحية للتلميذ.
ج ـ مساعد اجتماعي من أجل تعبئة المعلومات حول الحالة العائلية للتلميذ.
د ـ عون سلطة، مقدم أو شيخ أو منتخب جماعي من أجل تعبئة المعلومات حول المحيط المدرسي.
والأكيد أننا لا ننفي دور الأستاذ في تتبع تعلمات تلاميذه، غير أننا نعتقد أن التفعيل الأمثل لهذا الدفتر يحتاج لفريق تربوي صحي متكامل ولتظافر جهود جمعيات آباء وأولياء التلاميذ وفعاليات المجتمع المدني المهتمة بمجال التعليم والتمدرس وصحة الطفل وحقوقه وكل أشكال التنمية البشرية القروية المتعددة...
خــاتــمــة:

يتضح إذن أن دفتر التتبع الفردي للتلميذ بالصيغة والإخراج والمضمون الذي أنزل به لن يضيف أي جديد للعملية التعليمية التعلمية نظرا لأشكال القصور التي تم رصدها وتعدادها، ونظرا لنتائج وقراءات التفريغ الصادمة والمتوقعة.
ولا يسعنا إذن إلا أن نثمن اهتمام منظومتنا التعليمية ـ مؤخرا ـ بالمنظور النفسي والاجتماعي والاقتصادي والصحي في مجال التربية والتكوين لتلاميذ مدارس مغربنا غير أننا لا زلنا نسجل نقصا في قاعدة المعطيات التي تضيئ كل الجوانب من شخصية التلميذ كالبيانات المتعلقة بالحالة الوجودية للوالدين وبنوع الأسرة التي يعيش فيها التلميذ وبحالة التوفر على الوسائط التربوية وبحالة مكونات محيط المؤسسة الثقافي والاجتماعي والديني والاقتصادي.
غير أن هذا الوضع يقتضي منا ضرورة أن نقترح بديلا عمليا وعلميا مضبوطا قادرا على بلوغ أهداف المنظومة التربوية المغربية.
ويبدو في نهاية المطاف أن دفتر التتبع مجرد استبيان واستمارة معلومة النتائج لم تشتغل عليه اللجنة المكلفة بالشكل المعقول والعمق المطلوب ولم توضح فيه طبيعة الاختصاصات والمهام بشكل علمي دقيق ومضبوط. وأن الواجب والضمير يحتمان على مهندسي هكذا مشاريع الانكباب على توفير البنية التحتية وتجديد المناهج الملغومة وإرساء سياسة متكاملة للبرامج وإعادة التكوين وإرساء دعائم سيرورة تواصلية قوية وناجعة قبيل أي جديد يهم الساحة التعليمية وتحسين أوضاع رجال ونساء التعليم المهنية والاجتماعية والاقتصادية وإعادة النظر في هيكلة الإدارة التربوية بمجموع المدارس الابتدائية وذلك عبر التفكير في خلق منصب مستقل للمدير المساعد معلوم المهام والاختصاصات وتعيين مساعد اجتماعي مقيم وآخر نفسي متنقل بين مؤسسات المقاطعة التربوية، وتفعيل التخصص في السلك الابتدائي...قبل التطبيل والتهليل لرائز وكشف سطحي معلوم النتائج.
ويزداد اليقين إذن بأن محاربة التكرار والانقطاع عن الدراسة والتسرب والرسوب وكل أشكال الهدر المدرسي العديدة هو من صميم مسؤوليات أجهزة متعددة ونتيجة حتمية ومركبة لأسباب متداخلة عديدة تقتضي منا التشمير على سواعد الجد من أجل دعم حقيقي وتتبع صادق لأحوال المدرسة والمدرسين والمتمدرسين وذلك عبر مقاربة إصلاحية شمولية تتجاوز الأوراق إلى الأرزاق وتتخطى مجرد التتبع إلى العضد والسند.
ولن نغالي القول إن نحن قلنا أن دفتر التتبع الفردي نصف الأسدوسي جاء ليكرسمخطط إثقال كاهل رجل التعليم ومراكمة مزيد من المهام والمتاعب على عاتقه عبر جعله كائنا أخطبوطي المسؤوليات.
ونتمنى في نهاية المطاف ألا يركن هذا الدفتر تحت الغبار المتراكم فوق الدفاتر الصحية ومحاضر خلايا اليقظة ومجالس التدبير وأوراش الإصلاح ورزم المقاربات الإصلاحية الورقية...وألا تكون هذه العدة مجرد هدر آخر للمال والوقت والجهد في غياب الارضية المناسبة للتنزيل والتطبيق والاستثمار... وأن تلتفت الدولة بكل وزاراتها ومؤسساتها لعضد وترميم الوضع النفسي والصحي والبيداغوجي والاجتماعي والاقتصادي لساكنة وأطفال وأساتذة العالم القروي الذي لايزال في حاجة ماسة للترميم والتإهيل وإعادة الاعتبار..
هذا دون التنصل من ضرورة تحلي رجال ونساء التعليم بقدر من الإخلاص والتفان في أداء واجباتهم المهنية اليومية والانخراط والتجاوب مع مشاريع مديريات الوزارة الوصية بمزيد من الإيجابية والدينامية لمزيد من التشخيص ورصد مكامن الخلل والقصور الحقيقية والمتزايدة.
ومما ينبغي الإشارة إليه أخيرا هو أن دفتر " التتبع الفردي للمتعلم" يحتاج إلى تفرغ تام لتعبئته، وإلى طاقم متخصص للتصدي إلى متابعة نتائجه.

المراجع:
ورشة حول التتبع الفردي للتلاميذ الرباط، 20 و 21 نونبر 2008 .
المخطط الاستعجالي للتربية والتكوين ـ 2009ـ2012
دليل التتبع الفردي ـ المملكة المغربية ـ وزارة التربية الوطنية.
4ـ دفتر التتبع الفردي للتلميذ ـ المملكة المغربيةـ وزارة التربية الوطنية.
5ـ دفتر التتبع الفردي للتلميذ ـ التوصيف والأجرأة ـ 30/04/2010
محمد ابراهمي ـ موقع وجدة سيتي نت





    رد مع اقتباس